كشفت مصادر عراقية استخبارية في 17 اوكست 2013 رسالة تعود لتنظم
"الدولة الاسلامية في العراق والشام "، وكانت موجهة من العاصي بن أبي
بكر، فرع التنظيم الجديد في مصر الى أبو بكر البغدادي في العراق،
يناشده فيها المساعدة على مواجهة القوات الأمنية المصرية والأقباط.
الرسالة تعكس مخالفة تنظيم العراق الى القاعدة ألمركزي والى زعيمه
الظواهري في اعقاب الخلافات مابين الظواهري وابو بكر البغدادي حول
تبعية جبهة النصرة في ابريل 2013. وهي اعلان تنظيم العراق تشكيل فرعه
في مصر بدون استشارة او موافقة الظواهري، حيث اعتمد البغدادي على
التشاور مع " القيادة الراشدة " في تنظيمه ومخاطبة زعيم فرع التنظيم في
مصر بكلمة " ابننا البار" وهي دلالة على المرجعية التنظيمية. واختتم
رسالته بعبارة " اما الرايات الأخرى على الارض ـ سيناء ـ فنحن في حل
منها "، ويقصد بالرايات، راية القاعدة والتنظيمات الجهادية في سيناء
أبرزها مجلس شورى المجاهدين واكناف بيت المقدس وأنصار بيت المقدس
وغيرها.
وأصدر تنظيم " الدولة الاسلامية في العراق والشام " رسالة توعد بها
الثأر الى ضحايا مجزرة الغوطة الشرقية، ذلك في اعقاب استخدام السلاح
الكيمياوي ضد الابرياء من الاطفال والابرياء الذي راح ضحيته اكثر من
1500، وسط اتهامات دولية للنظام السوري. واعتبر الضربة الاميركية
المحتملة الى النظام السوري قادمة لا محال وان تأخرت. وتناولتها
المواقع الاعلامية الجهادية للتنظيم منها مركز الفرقان. ويجدر الاشارة
الى ان تنظيم القاعدة في العراق اعتبر المسيحيين "أهدافا مشروعة " وسبق
أن تورط بجريمة كنيسة سيدة النجاة في بغداد نوفمبر 2010.
فقد أصدر الظواهري في 10 يونيو 2013 بيانا قرر فيه إلغاء الدمج بين
جبهة النصرة في سوريا و"دولة العراق الاسلامية". وقال الظواهري إن أبو
بكر البغدادي ارتكب خطأ بإعلانه إلحاق جبهة النصرة بتنظيم العراق.
وقرّر الظواهري أن تلغى "دولة العراق والشام الإسلامية"، ويستمر العمل
باسم دولة العراق الإسلامية". لكن أبو بكر البغدادي أعلن في 15 يونيو
2013، رفضه قرار الظواهري.
انقسام " النصرة"
انقسمت جبهة ألنصرة إلى فصيلين بعد إعلان ابو محمد الجولاني ولائه
الى الظواهري في ابريل 2013، وقالت مصادر ميدانية، إن بعض مقاتلي جبهة
النصرة تم تجنيدهم من قبل تنظيمات أقل تطرفا مقابل وعود بتنظيم وتسليح
وتمويل أفضل. ان انقسام جبهة النصرة اكده أيضاً قياديون في الكتائب
العسكرية ومسؤولون ينتمون إلى الوحدات المدنية التي تدير الخدمات في
مدينة حلب. فبعد انضمام أعداد من المقاتلين إلى جبهة النصرة، فإن المد
بدأ يتحول في الاتجاه المعاكس، بانشقاق مئات المقاتلين من النصرة
وانضمامهم الى تنظيمات اقل تطرفا.
ان الانقسامات التي شهدتها جبهة النصرة بإعلان بيعتها الى الظواهري،
ممكن اعتباره تراجعا في التنظيم وفي نفس الوقت يمثل ارباكا واحراجا الى
الجهات الداعمة له والى ائتلاف المعارضة السورية والاخوان. إن انكسار
جبهة النصرة واضعافها ربما يخدم التوجه الجديد من قبل أطراف دولية
واقليمية بتهميش دور المجموعات "الجهادية " ودعم تنظيمات معارضة غير
متطرفة لمقاتلة النظام السوري من الداخل. ان احتمالات توجيه الضربة
العسكرية الى النظام السوري من شأنه ان يعزل جبهة النصرة عن غيرها من
تنظيمات المعارضة التي تقاتل ضد النظام السوري. وسبق أن رحبت المعارضة
السورية والجيش السوري الحر بتوجيه الضربة من اجل اضعاف النظام وزعزعته
رغم وقوف النصرة في الطرف الاخر.
استقواء تنظيم "الدولة الاسلامية " على
الظواهري
ان تنظيم "دولة العراق الإسلامية " أعاد القاعدة الى ألعراق بعد
مقتل الزرقاوي 2006 ليصبح أكثر شراسة، ليبرهن بأنه واحدا من أكثر
التنظيمات المحلية تطرفا في المنطقة، وهو يعيد للأذهان استراتيجية
الزرقاوي العنيفة التي خرج فيها حتى عن شيخه المقدسي في تحليل دماء
المسلمين.
ان الخطوات التي يتخذها أبو بكر البغدادي تكشف استقواء هذا التنظيم
وربما فروعا اخرى للقاعدة على الظواهري في اعقاب مقتل اسامة بن لادن في
مايس 2011. سبق أن شكل ابو بكر البغدادي تنظيم الشام والان فرع مصر
بزعامة "العاص" في اعقاب سقوط الاخوان في مصر والثورة التصحيحية في 4
يوليو 2013، ليبرهن استراتيجية تنظيم العراق في التوسع على حساب
الظواهري والقاعدة وتمدده جغرافيا. وان تشكيل تنظيم جديد في سيناء مصر
يعني تحديا الى الظواهري وخروجا عن راية القاعدة، خاصة ان هذه الخطوة
جاءت في معقل الظواهري، سيناء. مايحصل الان من تطورات يجعل من البغدادي
منافسا جديدا للظواهري وتنظيم القاعدة المركزي.
ان ما تشهده سيناء اليوم من استقطاب الرايات السوداء " الجهادية "
ينذر بتحولها الى حاضنة وارض جهاد جديدة بديلا عن معاقل القاعدة في
افغانستان والباكستان. ان سيناء لها دلالات رمزية في أيدلوجية هذه
التنظيمات "الجهادية" ماعدا موقعها الجغرافي التي يمكنها من تهديد
الممر البحري للتجارة العالمية وحدودها مع اسرائيل. وتشهد سيناء حمى
سباق الجهاديين خاصة من ليبيا والمغرب العربي ومناطق اخرى.
يحرص تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام " على تعزيز تمويله
من خلال سيطرته على مصادر الطاقة والبترول في العراق وسوريا. لقد كشفت
التحقيقات في العراق الى ان التنظيم يستلم حصة من مصافي نفط بيجي
بالاتفاق مع ادارة المصفى مقابل عدم ضربه. ويستولي التنظيم على صهاريج
نقل نفط حكومية ليعيد بيعها في محطات وقوود يسيطر عليها.
المعلومات من داخل المعارضة السورية اكدت استيلاء التنظيم ايضا على
عدد من ابار النفط في سوريا والتي يتم اخراج النفط منها وبيعه بطريقة
بدائية. وبسب هذه الاستراتيجية دخل التنظيم بمواجهة مع اكراد سوريا
بسبب خضوع ابار النفط لمناطقهم وسيطرتهم. وهذا ماكان وراء المواجهات
مابين التنظيم والاكراد خاصة في منطقة الحسكة والسويدية ورميلان وراس
العين الممتدة مع الحدود العراقية.
يبدو ان التنظيم بدأ يستقوي على التنظيم المركزي من خلال اعتماده
على ركيزة العمل الاستخباري والتمويل ليعلن انشقاقات جديدة في تنظيم
القاعدة المركزي.
http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/JasimMohamad.htm |