التمييز العنصري... ظاهرة لا يسقطها التحضر

 

شبكة النبأ: لاتزال مشكلة التمييز العنصري من اهم القضايا لدى العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية في مختلف دول العالم، والتمييز العنصري يشمل العنصرية في أشياء كثيرة منها التمييز في اللون والأجناس واللغة والدين، ولايزال الكثير من البشر وعلى الرغم من ان جميع الاتفاقية الدولية تنص على احترام الحقوق والحريات يعاني من هذه المشكلة، وفي هذا الشأن فقد أصدرت ويني مانديلا زوجة نلسون مانديلا السابقة كتابا حول اعتقالها في ظل نظام الفصل العنصري وهي اكثر المراحل صعوبة في حياتي. والكتاب بعنوان "491 يوما المعتقلة رقم 1323/69" وضع استنادا الى دفتر اليوميات الذي كتبته عندما كانت معتقلة في بريتوريا من قبل النظام الجنوب افريقي العنصري بين عامي 1969 و1970. وتورد ويني ماديكيزيلا مانديلا في الكتاب مقاطع من يومياتها فضلا عن رسائل تبادلتها مع زوجها نلسون الذي كان مسجونا في تلك الفترة منذ سبع سنوات.

وقالت خلال اطلاق الكتاب في جوهانسبورغ اعتبرت انه ينبغي ان اروي هذه القصة للاجيال المقبلة حتى لا يتكرر ما حصل. وقد اوقفت ويني مانديلا في 12 ايار/مايو 1969 بصفتها ناشطة مناهضة لنظام الفصل العنصري واعتقلت في زنزانة انفرادية في سجن بريتوريا المركزي حتى الافراج عنها في 14 ايلول/سبتمبر 1970.و تقول الحبس الانفرادي اسوأ من الاشغال الشاقة. عندما يمدد المرء ذراعيه يلمس الجدران ويشعر بانه نكرة. وكانت ارملة احد محاميها احتفظت بدفتر اليوميات هذا واعادته اليها بعد 41 عاما.

وشكلت اعادة قراءة هذه اليوميات تجربة مؤلمة جدا لمانديلا معيدة اليها ذكريات معاناة عائلتها ولاسيما ابنتاها الطفلتان يومها زيندزي وزيناني. وتروي كنت اقرأ مقطعا واحدا ومن ثم اطرحه جانبا. لا يمكنني ان اصف بكلمات المشاعر والالم خصوصا في هذا الوقت فيما والد ابنائي موجود في المستشفى. وقد حصل الطلاق بين نلسون وويني في العام 1996 بعد سنتين على انتخابه اول رئيس اسود لجنوب افريقيا.

على صعيد متصل اعتبرت مقدمة البرامج التلفزيونية الشهيرة أوبرا وينفري أنها تعرضت للتمييز العنصري في متجر للسلع الفاخرة في مدينة زيورخ السويسرية التي قصدتها بمناسبة زواج المغنية تينا ترنر. وفي مقابلة مع لاري كينغ بثت على المحطة التلفزيونية الإلكترونية "أورا.تي في"، أخبرت أوبرا وينفري أن إحدى البائعات رفضت أن تريها حقيبة يد بحجة أنها جد غالية بالنسبة إليها. وكشفت مقدمة البرامج الشهيرة قلت للبائعة إنني أريد رؤية حقيبة اليد المعروضة على الرف، فأجابتني أنها جد غالية. بحسب فرانس برس.

وأقرت أوبرا وينفري للاري كينغ بأنها رغبت في أن تشتري المتجر برمته نكاية في البائعة، لكنها تخلت عن هذه الفكرة إذ خطر على بالها أن البائعة ستتقاضى عمولة في مقابل المبيعات. وقد قدرت مجلة "فوربز" الأميركية ثروة أوبرا وينفري ب 2,8 مليار دولار. وأكدت ترودي غوتس صاحبة سلسلة متاجر "تروا بوم" السويسرية الفاخرة حدوث سوء تفاهم. وشرحت أن تصرف البائعة كان لمصلحة الزبونة، فهي قالت لها إن هذه الحقيبة غالية جدا ويمكنها أن تريها حقائب أخرى أقل كلفة. ولا تعتزم صاحبة المتجر اتخاذ أي تدابير تأديبية في حق البائعة، وهي تتباحث مع محاميها في طريقة الرد على هذه الاتهامات. وقد اعتذرت الهيئة المعنية بشؤون السياحة في سويسرا سويس توريسم عن هذه الحادثة على موقع تويتر كاتبة أن البائعة لم تتصرف كما ينبغي، ونحن متأسفون.

عربات الكراهية

في السياق ذاته سعى أكبر اتحاد تجاري في بريطانيا إلى الحصول على استشارة قانونية بشأن إن كانت وزارة الداخلية البريطانية تحرض على العنصرية بإرسال سيارات للنقل تجوب لندن كتب عليها إذا كنت مهاجرا غير شرعي عد إلى بلادك. وقال لين ماكلسكي، رئيس اتحاد يونايت، إن الملصقات التي غطت السيارت حولتها إلى عربات للكراهية. ونفت الداخلية البريطانية أن تكون رسائلها اتسمت بالعنصرية. وقالت دورين لورانس، والدة المراهق الأسود الذي قتل بسبب لونه عام 1993 وأثارت قضيته جدلا واسعا، إن الشرطة البريطانية تشتبه دائما في الأشخاص الملونين. بحسب بي بي سي.

وتعالت أصوات معارضة بعد الكشف عن إلقاء القبض على نحو 140 شخصا في موجة اعتقالات استهدفت العاملين بصورة غير شرعية في المملكة المتحدة. وأشارت لورانس إلى أن "التنميط العنصري" جزء من حملة "الاشتباه والتفتيش". وقالت الخارجية إنها ليست مضطرة للاعتذار عن تطبيقها لقوانين البلاد المتعلقة بالهجرة.

وذكر متحدث باسم الشرطة البريطانية أن السلطات تلقت شكوى بهذا الشأن لكن تم تقييد الواقعة على أنها ليست جريمة. لكن نيك كليج نائب رئيس الوزراء البريطاني قال إنه "فوجئ بتلك العربات التي كانت تجوب شمالي لندن بلا هدف سوى نشر هذه الرسائل غير المباشرة".

العنصرية في المغرب

من جانب اخر وداخل غرفة ضيقة ومظلمة وسط حي شبه عشوائي في العاصمة الرباط، تجمع مهاجرون غير شرعيين للحديث عن سنغالي قتله مواطن مغربي طعنا بسكين، ما أعاد المخاوف من تنامي العنف والعنصرية. ويبدو على وجوه ستة من شباب ينحدر أغلبهم من الكاميرون حزن وأسى على ما حدث للشاب اسماعيلا فاي قرب المحطة الطرقية للرباط عندما كان يستعد للسفر الى مدينة فاس وسط المغرب حيث الزاوية التيجانية محج السنغاليين. وأصيب الشاب بطعنات أردته قتيلا وأعادت الحديث عن تنامي العنف والعنصرية تجاه المهاجرين ذوي البشرة السوداء من طرف السلطات المغربية وبعض المغاربة.

ويقول ايريك وليامز وهو كاميروني يقيم في المغرب منذ عامين ويرأس جمعية إضاءة على الهجرة السرية في الدول المغاربية انه لو لم تكن هناك مشكلة صديقنا اسماعيلا لما تذكر أحد ما يحدث لنا. وضعنا هنا سيء جدا، فخلال أسبوع اعتدي على ما يقرب من 15 مهاجرا. ويوضح ايريك عندما تقوم الشرطة بحملاتها التمشيطية تطلب من شباب الحي كسر أبوابنا وإخراجنا عنوة من أجل اعتقالنا، وبعد ذلك يدخل الشباب الى غرفنا ويسرقون كل ما اشتريناه، فيما يتم رمينا على الحدود الجزائرية. ويضيف متسائلا بحرقة هل كوني مهاجرا في بلد ما هو جريمة؟ حينما تركت بلدي وجئت الى المغرب كنت أعلم اني لا أهاجر في أفريقيا وإنما أذهب عند جاري وهو يأتي عند ونعيش في تناغم، لكن حينما تصل ينعتك المغاربة بالأفريقي، ويمارسون سلوكيات عنصرية تصل حد الاعتداء والقتل.

وأثار موت الشاب السنغالي غضب المهاجرين السنغالين الذين يوجد أغلبهم في وضعية قانونية في المغرب، خاصة يوم نقل جثمانه من مشرحة وسط العاصمة الرباط من اجل ترحيله ليدفن في بلده. يومها قالت أنا باينس التي تتابع دراستها في المغرب نلاحظ تزايدا في الاعتداءات التي تستهدف السود أقل ما تسمعه من مغربي حين تمر من قربه هو أيها الأسود او أيها الصرصور.

ويومها أيضا رفض سفير السنغال لدى الرباط التعليق على الحادث، فيما اعتبر جوب أداما، أحد ممثلي الجالية السنغالية ان الأمر حادث معزول لا يمكن التحدث معه عن تصاعد للعنصرية. لكن 15 جمعية حقوقية وناشطة في مجال الهجرة ومن بينها جمعية المواطنين السنغاليين في المغرب، عبرت في بيان لها عن إدانتها الشديدة للأعمال العنصرية والمقيتة ضد المهاجرين.

ويظل وضع السنغاليين القانوني أفضل بكثير، رغم وفاة اسماعيلا، مقارنة بالمهاجرين السود غير الشرعيين في حي التقدم شبه العشوائي، الذي يوصف بالخزان الانتخابي للعاصمة، ومن بين هؤلاء المهاجرين الكاميروني جون ماري ميجونجي. وداخل الغرفة المختنقة والرطبة نفسها، حيث تحوم عشرات الصراصير على الجدران وتختلط رائحة البول بالعرق، يصف جون ما يحصل لأصحاب البشرة السوداء بكونه مثل معاملة العبيد. فلا يمكنك ان تمر في الطريق دون ان تسمع كلمة أسود أو تسمع عبارات السب والقذف. ويضيف متسائلا تصور معي لحظة ان جميع الجنسيات التي يمثلها المهاجرون المتواجدون على الأراضي المغربية، رجعت الى بلدانها بالنظرة السيئية والسلبية نفسها عن هذا البلد، فهل سيكون بإمكان أي مواطن مغربي ان يتجول في أفريقيا بسلام؟.

وتقدر الجمعيات العاملة في مجال الهجرة في المغرب عدد المهاجرين غير النظاميين بأكثر من 20 ألفا يتوزعون على كبرى المدن المغربية في انتظار فرصة العبور الى الإيلدورادو الأوروبي. وتتهم هذه الجمعيات السلطات المغربية بالترحيل القسري للمهاجرين وممارسة العنف ضدهم. ويشرح ستيفان جوليني، المكلف ببرنامج حقوق الأجانب والترافع داخل مجموعة مناهضة العنصرية ومرافقة الأجانب والمهاجرين والدفاع عنهم، ان السلطان المغربية تلجأ الى توقيفات جماعية عشوائية للمهاجرين، بدون التأكد من حالات الموقوفين

ويضيف جوليني الذي ترفض السلطات المغربية منح الجمعية التي ينتمي إليها وضعا قانونيا بسبب كلمة مناهضة العنصرية في تسميتها رغم وجودها في الميدان منذ عدة سنوات، التوقيف يتم على أساس لون البشرة السوداء دون تميز.

وممارسات السلطات التي تقلل من إنسانية المهاجرين حسب جوليني لا يمكنها الا ان تشجع العنصرية وأفعال العنف لدى الساكنة التي يفعل بعضها الشيء نفسه. لكن بالنسبة لخالد الزروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود في وزارة الداخلية المغربية فإن هذا كلام مردود عليه، وإن كانت هناك استثناءات فهذا يتم التعامل معه بشكل قانوني، مؤكدا ان المغرب ليس بدركي لأحد بل دولة مسؤولة تقوم بحماية حدودها.

ويوضح المسؤول المغربي انه من الضروري حماية مواطنينا والمساهمة في استقرار وسلم المنطقة فمنظومتنا الأمنية موجهة ضد الشبكات الإجرامية، وفي استراتيجيتنا لا نخلط بين الضحية وبين المهرب. ويوضح الزروالي انه"بفضل سياسة مراقبة الحدود، صار من المستحيل اليوم مثلا العبور من الشواطيء المغربية الى الشواطىء الإسبانية، فإحصائيات السنوات الخمس الماضية تظهر تقلص عدد المهاجرين ب90% فيما تقلصت السنة الماضية ب76%". بحسب فرانس برس.

والحل بالنسبة للمغرب هو الرجوع الطوعي باعتباره أداة فعالة لحماية الضحية، ومحاربة غير مباشرة للذين ينشطون في تهريب البشر، عن طريق تحدث الضحايا عن معاناتهم. وبلغ عدد الذين تم ترحيلهم بشكل طوعي وبتعاون مع الشركاء ومن بينهم المنظمة الدولية للهجرة، 14 ألف شخص الى حدود اليوم، حسب المسؤول المغربي. ويقول الزروالي ان ما نطلبه من الناس المشتغلين في هذا الميدان هو العمل من أجل هدف واحد هو الضحية، وليس من أجل المزايدات وخدمة اجندات معينة، دون ان يحدد ما هي هذه الأجندات. ورغم ان الزروالي يعتبر"الإخوان الأفارقة مرحب بهم لكن بطريقة شرعية، لكن ابراهيما فال، الشاب السنغالي (29 سنة) الذي جاء للرباط قبل تسعة أشهر بطريقة شرعية، حيث يبيع ديكورات خشبية وسط العاصمة، يقول هناك عنصرية في المغرب، وأنا أقول هذا لأنه حقيقة.

حكم قضائي

من جهة أخرى صدر حكم على رجلين من المنادين بتفوق الجنس الأبيض بالسجن لضربهما رجلين من أصل مصري وشتمهما بعبارات مناهضة للعرب في ولاية نيوجيرزي الأميركية. وقال ممثل الادعاء الأميركي بول فيشمان في بيان إن الرجلين من أعضاء فرقة الرعب الآرية وخططا للهجوم خلال حفل عطلة لقاء وتحية حيث شربا الخمر واستمعا إلى موسيقى تفوق البيض. وحكم قاضي المحكمة الجزئية الأميركية جويل بيسانو على ميشال جانر بالسجن 33 شهرا وكايل باول 15 شهرا.

وأقر جانر (29 عاما) وهو من ايست وندسور بولاية نيوجيرزي بأنه مذنب بارتكابه جريمة كراهية والتآمر للقيام بذلك. وأقر أيضا باول (24 عاما) وهو من وست كولينغسوود بنيوجيرزي بأنه مذنب بالتآمر لارتكاب جريمة كراهية. وكان الرجلان يواجهان السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات بتهم الاعتداء وخمس سنوات بتهمة التآمر.

وقال ممثل الادعاء ان الرجلين انطلقا مع شخص ثالث يدعى كريستوفر إيسينغ (31 عاما) من وورتاون في نيوجيرزي في طريقهم إلى مجمع سكني في سايرفيل وكانا يعتزمان الهجوم العشوائي على أفراد من غير البيض. وقال فيشمان إن جانر هاجم رجلين مصريين وهو يلوح بسكين وسحب احدهما من السيارة ولكمه في وجهه ورأسه فأحدث به إصابات. وقال ممثلو الادعاء إن إيسينغ هاجم أحد الضحايا بقبضات حديد. بحسب رويترز.

وقال ممثلو الادعاء انه بعد يومين من الهجوم وضع باول وشما على ذراعه الأيسر يرمز إلى قبوله في مجموعة الكراهية الدولية التي تضم مئات الأعضاء وأكبر تجمع لها في ولاية نيوجيرزي. وقالت ريبيكا كارمايكل المتحدثة باسم ممثل الادعاء الأميركي في بيان هذا المكتب يأخذ على محمل الجد مزاعم العنف والتهديد والتخريب ضد الأميركيين العرب والمسلمين وغيرهم ممن يتعرضون للتهديد بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم أو جنسهم أو توجههم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/أيلول/2013 - 27/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م