حسابات إدارة أوباما ومعركة إتخاذ قرار الحرب

شبكة النبأ: طغت المساعي التي يبذلها الرئيس الأميركي باراك أوباما وفريق معاونيه لشؤون الأمن القومي من أجل إقناع الكونغرس بشن عمل عسكري ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، على كافة القضايا والأحداث التي تناولتها وسائل الاعلام العربية والعالمية.

غير أن بعض النواب المخضرمين أبدوا شكوكهم من أنه حتى القرار الجديد باستخدام القوة بعد إعادة صياغته قد لا يحظى بموافقة الكونغرس، ولا سيما مجلس النواب.

ويرى محللون أن إدارة أوباما تواجه على ما يبدو معركة على جبهتين فهي بحاجة لكسب تأييد النواب المشككين الممثلين لقطاعات من الشعب أضنتها الحروب، وفي نفس الوقت لإقناع النواب الآخرين الأكثر تشدداً والساعين لقرار يقضي برد أشد صرامة.

وإن كبار المسؤولين في الإدارة ألمحوا إلى أنهم سيصيغون قراراً شديد اللهجة يقضي -كما قال كيري - بالعمل على معاقبة طاغية أو بعدم تحمل المسؤولية مقابل تراجع مصداقية الولايات المتحدة.

ويرى محللون أن الحملة الرامية لحشد التأييد لقرار من الإدارة الأميركية بضرب سوريا امتدت من مبني كابيتول هيل، الذي يضم بين جنباته مقر الكونغرس، إلى العاصمة المصرية القاهرة حيث تواصل وزير الخارجية جون كيري عبر الهاتف مع نظرائه العرب الذين كانوا يعقدون اجتماعاً طارئاً بمقر الجامعة العربية ساعياً لكسب دعمهم لرد حاسم على الهجوم الكيميائي على ريف دمشق في 21 أغسطس/آب.

وقد ظلت حسابات إدارة أوباما تقوم على أن أي مطالبة من جانب الوزراء العرب لاتخاذ إجراء صارم من شأنه أن يعزز من حجج البيت الأبيض لأعضاء الكونغرس بأنها تحظى بدعم إقليمي من أجل القيام بعمل عسكري، ويسد نقصاً -على الأقل سياسياً- ناجماً عن  قرار بريطانيا بعدم الانضمام لهجوم بقيادة أميركية.

مواجهة العدوان

الرئيس السوري بشار من جهته قال ان سوريا قادرة على مواجهة اي عدوان خارجي وان التهديدات بضربة امريكية لن تثني البلاد عن الحرب ضد ما وصفه بالارهاب.

وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما قال يوم السبت إنه يتعين توجيه ضربة عسكرية لسوريا ردا على الهجوم بغاز سام في 21 اغسطس آب والذي قال مسؤولو المخابرات الامريكية انه اودى بحياة اكثر من 1400 شخص.

غير ان اوباما لمح الى تأجيل ما بدا انها ضربة وشيكة لسوريا بالقول انه سيطلب موافقة الكونجرس قبل القيام بعمل عسكري ضد دمشق وهي خطوة وصفتها صحيفة حكومية سورية بأنها بداية لرحلة الانكفاء الامريكي التاريخي.

وفي اول تعليق له منذ خطاب اوباما قال الاسد خلال لقائه بمسؤولين ايرانيين في تصريحات نقلها التلفزيون السوري سوريا ..قادرة على مواجهة اي عدوان خارجي.

التهديدات الامريكية بشن عدوان على سوريا لن تثني سوريا عن تمسكها بمبادئها وثوابتها ومحاربتها للارهاب المدعوم من قبل بعض الدول الاقليمية والغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.

وعادة ما تشير سوريا للمعارضين الذين يقاتلون للاطاحة بالاسد على انهم ارهابيون.

وقال فيصل مقداد نائب وزير الخارجية السوري يوم الاحد ان خطاب اوباما اظهر ترددا وارتباكا.

واضاف للصحفيين في دمشق ان هناك احساسا واضحا بالتردد والارتباك وخيبة الامل فيما قاله اوباما امس.

وانتقدت صحيفة الثورة في افتتاحيتها تحرك اوباما بالذهاب الى الكونجرس. حسب رويترز

وقالت  سواء اضاء الكونجرس الضوء الاخضر او الاحمر لمشروع العدوان.  و سواء تعززت نذر الحرب او تلاشت. فقد اعلن الرئيس اوباما امس. بالمواربة او التلميح...بدء رحلة الانكفاء الامريكي التاريخي. و النزول

روسيا غير مقتنعة

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من جهته قال إن توجيه ضربة لسوريا سيؤجل عقد مؤتمر السلام لمدة طويلة، إن لم يكن للأبد .

كما اعتبر أن الأدلة التي قدمتها الولايات المتحدة لتأكيد استخدام نظام الرئيس السوري بشار الأسد أسلحة كيميائية في هجوم وقع بغوطة دمشق يوم 21 أغسطس/آب غير مقنعة إطلاقا. من جانبها أعربت الصين عن قلقها من أي تحرك عسكري منفرد بعد أن قدمت واشنطن لها أدلتها، لكن بكين لم تعرب عن موقفها من تلك الأدلة.

وفي محاضرة أمام معهد العلاقات الدولية في موسكو قال لافروف ما عرضه علينا شركاؤنا الأميركيون وكذلك البريطانيون والفرنسيون في الماضي وفي الآونة الأخيرة لا يقنعنا على الإطلاق. حسب أسوشيتد برس

وأعرب عن استغرابه من إعلان نظيره الأميركي جون كيري أن موسكو تجاهلت أدلة زودتها بها واشنطن تثبت استخدام نظام دمشق الأسلحة الكيميائية. وأشار إلى أن الأدلة التي قدمتها واشنطن لروسيا غير محددة وغير مقنعة حيث لم تتضمن إحداثيات جغرافية أو أسماء أو أي أدلة تشير إلى أن العينات أخذها خبراء، كما لم تتضمن أي تعليقات على تشكيك الخبراء في ما يتعلق بأشرطة الفيديو التي نشرت في الإنترنت في هذا الشأن.

وفي هذا السياق وصف ما عرض على موسكو من أدلة بأنه بعض الصور الخالية فيها الكثير من المفارقات والكثير من الشكوك. وأوضح لافروف أنه حين نطلب المزيد من التفاصيل يقولون إن الأمر سري ولا يمكنهم عرضه، مشيرا إلى أنه لا يمكن استخدام ذريعة السرية عندما يدور الحديث عن الحرب والسلام.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض بشدة السبت الاتهامات الأميركية الموجهة للنظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية، معتبرا أنها محض هراء وطالب الولايات المتحدة بتقديم أدلة.

وفي ظل توتر العلاقات الروسية الأميركية على خلفية الأزمة السورية يصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى روسيا للمشاركة في قمة مجموعة العشرين دون أن يتضمن جدول أعماله اجتماعا على انفراد مع نظيره الروسي.

وعرقلت روسيا -التي تدعم نظام دمشق منذ بدء النزاع في سوريا قبل سنتين ونصف- حتى الآن مع الصين أي قرارات في مجلس الأمن تدين دمشق أو تجيز التحرك ضد الرئيس الأسد.

موقف الصين

من جانبها قالت الصين اليوم إن الولايات المتحدة شرحت لها أدلتها على استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، لكن المتحدث باسم الخارجية في بكين هونغ لي لم يفصح عن موقف بلاده من تلك الأدلة، بيد أنه أعرب عن قلق الصين العميق من أي تحرك عسكري منفرد ضد سوريا بعد أن أرجأ الرئيس الأميركي الرد العسكري إلى حين إجراء اقتراع عليه في الكونغرس.

واعتبر أن أي تحرك من قبل المجموعة الدولية يجب أن يحترم ميثاق الأمم المتحدة ويتلافى حصول تعقيد إضافي في الأزمة السورية ويمنع وقوع كارثة في الشرق الأوسط، على حد تعبير المتحدث الصيني.

وفي السابق قالت الصين إنه يجب ألا يخلص أي جانب إلى نتائج التحقيق الذي يجريه خبراء الأمم المتحدة في سوريا، وطالبت الخبراء الدوليين بإجراء تحقيق موضوعي محايد بالتشاور مع الحكومة السورية.

ونشرت الإدارة الأميركية الأسبوع الماضي تقريرا لأجهزة الاستخبارات يعدد مجموعة من الأدلة التي تثبت استخدام غاز السارين في هجوم الغوطة. وأكد وزير الخارجية الأميركي أمس أن بلاده تلقت وحللت عينات شعر ودم مما أثبت استخدام غاز السارين، مجددا اتهام دمشق باستخدامه في الهجوم الأخير.

تأجيل الضربة

من جهتة أخرى شكل تصويت البرلمان البريطاني لصالح عدم التدخل العسكري البريطاني في سوريا ضربة صادمة ومفاجئة للولايات المتحدة

ما أدى إلى تصاعد الأصوات المنادية بوقف الحرب على سوريا ، فقد تظاهر الآلاف في الولايات المتحدة و العديد من العواصم الغربية

التحرك الأمريكي لضرب سوريا بحجة استخدام النظام للسلاح الكيماوي المحظور عرف نوعا من الفتور بعدما صرح أوباما أنه ينتظر الضوء الأخضر من الكونغرس الذي سيجتمع في التاسع من أيلول سبتمبر المقبل

أما في فرنسا فيتعرض فرنسوا هولاند منذ السبت لضغوط المعارضة لتنظيم تصويت في البرلمان حول مشاركة فرنسا في عمل عسكري ضد نظام بشار الأسد

كما تحرك الشارع الفرنسي في مظاهرات منددة بالموقف الفرنسي من الأزمة في سوريا عكس ما حدث في عهد جاك شيراك حين اعترضت فرنسا على التدخل الأمريكي في العراق.

البابا يدعو للصوم

ودعا البابا فرانسيس إلى أن يكون السبت المقبل يوما للصلاة والصوم من أجل سوريا، داعيا إلى سلام يقوم على الحوار والتفاوض.

وخصص البابا أغلب عظته الأحد للحرب السورية ودعا فيها "جميع أصحاب النوايا الطيبة إلى الانضمام للكاثوليك في الصوم يوم السابع من سبتمبر/أيلول من أجل السلام في سوريا.

وندّد البابا بشدّة باستخدام أسلحة كيماوية قائلا إنّ الصور الأخيرة التي تم تناقلها "حرقت فكري وقلبي وسيكون هناك حساب من الرب والتاريخ بشأن أعمالنا. حسب سي ان ان

وفي الوقت الذي لم يشر فيه إلى جهة أو دولة بعينها، دعا البابا المجموعة الدولية إلى بذل كل جهد ممكن للحشد من أجل مقترحات واضحة للسلام في سوريا دون تأخير، سلام يقوم على الحوار والتفاوض.

وقال إنّه الناس سيجتمعون في السابع من سبتمبر/أيلول في ساحة سانت بيتر من السابعة مساء حتى منتصف الليل، وفي نفس الوقت ستشهد الكنائس تجمعات مماثلة، مضيفا أنّه البشرية بحاجة إلى رؤية مثل بوادر السلام هذه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/أيلول/2013 - 26/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م