إصدارات جديدة: الوهابية في مصر.. التسلل ثم الاستيلاء

 

 

 

 

الكتاب: الوهابية في مصر من محمد علي الى مبارك

الكاتب: محمود جابر

الناشر: دار الميزان

عدد الصفحات: 370 صفحة القطع الكبير

 

 

 

 

 

شبكة النبأ: لعلنـا جميعا عرفنا وطالعنا الأيدولوجيا الصهيونية الجديدة التي تسمى بـ "المسيحية الصهيونية"، إلا أننا لم نسمع عن الصهيونية الإسلامية، لكن هناك من يتحدث عن أنه من الممكن أن يحدث اختراقا ما للفكر الإسلامي المعاصر، أو للإسلاميين من قبل الصهاينة أو الصهيونية، وخاصة في قضايا الصراع مع العدو الصهيوني والأمريكي، هذا في الوقت الذي يدعى آخرون أن هذا الاختراق حدث بالفعل، بشكل أو بآخر من قبل هؤلاء الذين دخلوا الإسلام وهم متأثرين بثقافتهم اليهودية، ومن هنا كان للثقافة اليهودية والتشريعات اليهودية أثرا في الاعتقاد والفقه، بل ومجمل الثقافة الإسلامية، بيد أننا نرى مثل مجموعة أخرى من الباحثين والكتاب والمفكرين أن هناك اختراقا وليس تأثرا، وهذا الاختراق اختراقا صهيونيا وليس تسربا يهوديا حدث، إلا أن الخلاف بين هذا الفريق ليس حول الاختراق من عدمه بل حول الوقت الذي حدث فيه هذا الاختراق، ومدى التأثير الصهيوني اليهودي على مجمل الأوضاع والثقافة والاعتقاد الإسلامي ككل.

وبناء على ما سبق، فنحن نعتقد أن التيار الفكري الذي يبلور الرؤية الإسلامية الصهيونية هم"الوهابية" حصرا بكل تياراتهم وأشكالهم، وقد انطلقت "الوهابية" في العصر الحديث والمعاصر من العربية السعودية إلى كافة أرجاء المعمورة .

في النظام السعودي يمثل الحالة السياسية التي أنتجتها الوهابية، وقبل التعرض لقضايا الاختراق اليهودي للإسلام عن طريق الوهابية في مسائل الاعتقاد، نستعرض في هذا المدخل بعض من المواقف السياسية للوهابية السعودية التي تضع أقدامنا على أول طريق بحث ودراسة هذا الموضوع.

جاء النظام السعودي الوهابي – اليهودي الأصل، في ضوء عملية تزاوجية بين حركة دينية أسسها محمد بن عبد الوهاب بمساعد العميل المخابراتي الإنجليزي اليهودي "مستر همفر" وقوة مسلحة كانت على هيئة عصابة غزو وقتل وتدمير وتآمر بقيادة محمد بن سعود، استطاعت أن تلحق بها كل مناطق شبه الجزيرة بعد أن قضت على النفوذ الهاشمي في منطقة الحجاز، وبعد أن انتهت وعود الإنجليز للشريف حسين إلى "سايكس بيكو"، ووعد بلفور، وتم إجهاض المشروع الوحدوي العربي، وبعد استولى آل سعود على مقاليد السلطة في شبه الجزيرة العربية بدأت ممارستهم الخيانية خدمة لحلفائهم الصهيو- صليبيين وعلى رأسهم الإنجليز ثم الأمريكان والصهاينة، وقد ساهمت الثروة النفطية في استخدام المال لشراء الذمم والضمائر العميلة والدنيئة وجاءت كل ممارستهم في الاتجاه المضاد لأي مشروع مقاوم وضد أي حركة نهضوية عربية،يضاف إلى ذلك أنهم مارسوا العدوان على كل ما وصلت إليه أياديهم السوداء القذرة.

ومن جرائم هذا النظام اعتدائه على كل دول الجوار وقضم بعض من أرضها، ففي اليمن قام بتمويل نظام الإمامة الفاسد ودعمه من أجل القضاء على قوات وأنصار الثورة اليمنية، ثم قام باغتصاب الأرض ووقف ضد تطلعات والأماني الوحدوية لشعب اليمن وقاوم توجهاته التقدمية.

ومن هذه الجرائم تنازله – النظام السعودي الوهابي-  طوعا عن الحدود التي تربطه بأرض فلسطين ( المحتلة) حتى لا يكون من دول المواجهة مع دولة الكيان الصهيوني، وعلى مدى أكثر من ستين عاما من عمر الصراع العربي-الصهيوني لم يشارك بطلقة واحدة ولا بجندي واحد، ومع هذا لم تسلم فلسطين من مؤامراته.

أما في سوريا فقد وقف نظام الخيانة لآل سعود ضد الوحدة السورية-المصرية وقام بتمويل عملية الانفصال، وقد هرب كل قادة الانفصال للالتجاء إليه بعد قيام حركة الثامن من آذار- مارس 1958.

كما قدم فهد بن عبد العزيز(الملك السابق) مشروع الاستسلام للتصالح مع العدو الصهيوني والذي سُمي فيما بعد بمشروع فاس عام 1982، ثم قدم عبدالله بن عبد العزيز(الملك الحالي) مشروعا آخر للصلح مع دولة الكيان الصهيوني والمعروف بالمبادرة العربية للسلام في قمة بيروت قبل سنوات، ويبدو أن آل سعود يتنافس ملوكهم وأمراؤهم على تسجيل أسمائهم في سجلات الخيانة، فمن مشروع فهد إلى مشروع عبد الله.

على مدار الثمانينيات من القرن الماضي مول النظام السعودي الوهابي الصراع الدائر في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي تحت لافتة الجهاد، ودفع ما يقارب العشرين مليار دولار في سبيل ذلك، ليس من أجل الجهاد بل لخدمة الأمريكان وعلى مدار نفس الفترة لم يدفع آل سعود دولارا واحدا لتمويل الثورة الفلسطينية، وكل الأموال التي كانت تصل منظمة التحرير الفلسطينية كانت أموال تجبى من العاملين الفلسطينيين على أرض شبه الجزيرة العربية.

شارك في غزو العراق بتقديم الأرض والماء والسماء والمال لتدمير العراق تحت عنوان تحرير الكويت، وبذلك فتح الباب من أمام الجيوش الغربية للإقامة في المنطقة، شارك في غزو العراق عام 2003 وقدم كل التسهيلات للقوات الأمريكية الغازية.

وإذا نظرنا إلى الموقف السعودي الوهابي من المقاومة الإسلامية المشتبكة مع العدو الصهيوني في لبنان والتي هزمت هذا العدو في حرب يوليو 2006 نجد أنه لا يختلف عما سبق، وكما يعرف الجميع أن علاقة النظام السعودي بأمريكا هي علاقة تابع ومتبوع أو علاقة آمر ومأمور .. إن ما يجمع هذا المثلث (السعودية وإسرائيل وأمريكا) هو هدف واحد للجميع ، فإسرائيل تسيطر على فلسطين وأجزاء من دول عربية، وأميركا تسيطر على العراق وعينها على الباقي وآل سعود يسيطرون على الجزيرة العربية، إذا القاسم المشترك في هذا المثلث هو السيطرة على المنطقة العربية، وقد يستنكر البعض من الساذجين حشد النظام السعودي في هذا المثلث، لكنني أتحدى هؤلاء أن يأتوا بمكرمة واحدة للنظام السعودي قام خلالها بتقديم خدمة للأمة العربية أو الإسلامية، وفي المقابل يمكن أن يورد المرء سجلاً حافلاً بالعمالة والخيانـة، وطعن الأمة العربية والإسلامية من الخلف تلك السياسات التي دأب النظام السعودي على انتهاجها منذ علاقة روزفلت-عبد العزيز نهاية بعلاقة عبد الله- بوش الأكثر شبهة.

لقد دأب النظام السعودي على تنفيذ الأوامر الأمريكية في المنطقة، وتحول بذلك هذا النظام إلى أداة أمريكية يتم من خلالها قمع كل معارض عربي أو غيره لسياسة أمريكا في منطقة الشرق الأوسط ، فمن خلال النظام السعودي دخلت أمريكا بجيوشها إلى الجزيرة العربية والكويت والعراق، خلال المدة الماضية تحول هذا النظام إلى جوقة تردد ما تنادي به السياسة الأمريكية حول تجريد إيران من حقها في استخدام الطاقة النووية.

في المقابل ينسى النظام السعودي أو يتناسى أن إسرائيل على بعد مرمى حجر من المملكة وأنها ترسانة نووية تعج بأسلحة الدمار الشامل ، لكن هذا النظام لا يستطيع أن يقول كلمة حق ويستطيع أن يشهد بالباطل ألف مرة مادام ذلك يرضي الولايات المتحدة الأمريكية، فالمهم بالنسبة لهذا النظام هو أن يبقى مسيطراً على الجزيرة العربية وثرواتها ولو تحالف مع الشيطان.

ليست المصالح السياسية الآنية فقط التي تجعل التقارب السعودي ـ الإسرائيلي أمراً حتميا ظهرت ملامحه في توافق الطرفان في رؤيتهما السياسية خلال حرب لبنان الأخيرة وأشادت القيادة الإسرائيلية بالمواقف السعودية وتحولت الفتاوى السعودية إلى مادة دسمة تستهلكها الصحافة الإسرائيلية وتم الإعلان عن لقاءات سرية بين القيادات في الدولتين تحت مظلة وسيط عربي.

إن لهذا التقارب جذور وقواسم مشتركة تؤلف قلوب القيادات في كل من إسرائيل والسعودية. وليس قرار النظام السعودي إنشاء جدار عازل بين السعودية والعراق إلا رمزا لحالة التقارب الفكرية بين دولة صهيونية عنصرية وأخرى عربية تشاركها بعض البنية الفكرية والخلفية التاريخية. هذا التقارب نابع من مشتركات تجعل الكيان الإسرائيلي أكثر تشابها مع نظيره السعودي. لهذا التقارب عدة وجـوه:

أولاً: قامت دولة إسرائيل والدولة السعودية على علاقة متشنجة مع الدين. الأولي استغلت نصوصا قديمة دينية في سبيل مشروع حديث طعم بالفكر القومي الأوروبي وخاصة المتصل بمفهوم الدولة القومية وجمعها لشتات اليهود المنتشرين في العالم وتصدرت إسرائيل تمثيل هؤلاء في المركز الجغرافي والذي يحمل الرمزية الدينية وبذلك يستطيع توحيد الصفوف. كذلك السعودية والتي قامت هي أيضاً على تفعيل الخطاب الديني في مشروع سياسي بحت مستغلة بذلك رمزية الموقع الجغرافي وثقله عند المسلمين لتكسب شرعية ولو آنية حتى يتم تثبيت الدولة وهيمنتها.

ثانياً: قامت الدولتان السعودية والإسرائيلية على تفعيل الخلاف بين جغرافيتين الأولى جغرافية الداخل النقي الطاهر الذي يمثل روح المجموعة والخارج المعادي والآخر المتربص. ديمومة المشروعين الإسرائيلي والسعودي تعتمد على هذا الانفصال حيث تتكون نظرة للعالم وكأنه جاهز للانقضاض على الداخل الصافي.

ثالثاً: تقسيم الجغرافيا إلى مناطق يقطنها الطاهر وأخرى يقطنها المدنس تجد تكريسا صريحا في فكرة الجدار العازل الذي يفصل بين الجغرافيتين إسرائيل تبني جدارا يفصل بين الداخل والذي يصورهم على أنهم تحت التهديد والخطر من الخارج الفلسطيني. كذلك السعودية بجدارها ذي الكلفة المرتفعة يفصل ما يصور على أنه الداخل السعودي الآمن والخارج العراقي الملتهب الجدارين يقلبا ويصور الجلاد في صورة الضحية.

رابعاً: يتميز الكيانان الإسرائيلي والسعودي بالعنصرية أولا تجاه أطراف في داخل الكيانين وبين الكيان نفسه ومن هو خارجه. نجد أن في الداخل الإسرائيلي تمايزا بين اليهود أنفسهم حيث يتصدر يهود أوروبا المقام الأول لأنهم أصحاب المشروع منذ بدايته ويأتي اليهود الشرقيون والفلاشا وحتى الروس القادمون بعد إتمام المشروع في مراتب متدنية ويشكل هؤلاء حلقات بعضها يعاني من التمييز والدونية التي تعبر عن ذاتها في الإقصاء والابتعاد عن مركز القرار السياسي والاقتصادي ورغم محاولات إسرائيلية لدمج هؤلاء إلا أن التمايز و الاقصائية لم يقض عليهما بعد بشكل تام. وفي الداخل السعودي نجد أيضا إن العنصرية والتمايز يلازمان تطور الدولة وتكريس هويتها الضيقة حيث تستثني وتستبعد هويات هامشية أخرى لم تكن ضمن الجوقة والتي يعتقد أنها اختيرت وانتخبت إلهيا لبلورة المشروع الديني الأزلي.

وكما في إسرائيل يبقي الجدل حاميا بخصوص من هو اليهودي الحقيقي الأصلي نجد أن في السعودية أيضا لا يصمت الجدل لمختص بتعريف من هو المسلم الحقيقي مع الاستنتاج المسبق أن رعية الدولة الضيقة هي صاحبة الحق والكلمة الفصل في تحديد مواصفات هذا المسلم وخصائصه وصفاته.

خامساً: التقارب في الخصائص بين السعودية وإسرائيل ينطلق من كون الكيانين نتجا عن العنف ضد الغير. قامت دولة إسرائيل على عنف منظم تحت مظلة ومباركة خارجية "بريطانيا" حتى نتجت عن هذا العنف حركة توسعية تستمد شرعيتها من الدين وجنودها من المستوعبين للخطاب الديني أو الانتهازيين الذين يقتنصون الفرص التاريخية وكذلك كانت السعودية منذ بدايتها دولة اعتمدت على الدعم الخارجي البريطاني والعنف المحلي لتثبيت مشروع متلبس بالدين ولكنه سياسيا بالدرجة الأولي.

لم ينشأ الكيانان عن عقد اجتماعي أو تكافؤ اقتصادي بين أطراف جغرافية متفرقة أو وحدة ثقافية بين هذه الأطراف بل قام الكيانان على العنف التوسعي وبسط الهيمنة بحد السيف وشرعية النص الديني المستغل للمشروع السياسي الآني.

سادساً: يعتمد الكيان السعودي والإسرائيلي على العنصر الخارجي ليس فقط في بداية المشروع بل من اجل استمرارية هذا لمشروع. حتى هذه اللحظة لا تستطيع السعودية أو إسرائيل أن تقف على قدمين صلبين دون الدعم والمساندة من الخارج. هشاشة الكيانين تتطلب العنصر الخارجي لأنهما مشروعان يتصفا بهشاشة الشرعية وتزويرها. تنبع هذه الهشاشة من تجنيد الخطاب القديم الديني في سبيل مشروع حديث لا يمت بصلة إلى هذا الخطاب القديم وتنبع أيضا من تزوير الحقائق التاريخية وربطها بمحاولات شرعنة العنف الموجه ضد الآخر.

وبدون الدعم الخارجي المعنوي والمادي والعسكري تسقط المنظومة الإسرائيلية ونظيرتها السعودية ولا يبقي سوى كيانات مرتجفة تعتاش على تصوير نفسها وكأنها تكثيف لمعني الطهر والنقاء الذي يعاني من مخاطر أزلية وقوي شريرة تحاول النيل منه وتقويض دعائمه.

التقارب السعودي الإسرائيلي الحالي ما هو إلا تقارب لكيانات تشترك في خصائص معينة تجعل من دول الجوار والجدار منظومة شاذة عن تاريخ الأمم ونهضتها، ولعل فضيحة تقرير ويكيليكس الذي خرج إلى العلن نهاية نوفمبر 2010،عن تعاون إسرائيلي سعودي أمريكي من أجل شن هجوما على الجمهورية الإسلامية الإيرانية خير شاهد على ذلك .

الدافع الثاني وراء هذا الكتاب: خطورة الوهابية يقيناً، وهذا اليقين جاء من هذا الكم الهائل من الكتب والأبحاث والمقالات والوثائق والأحداث والوقائع التى تثبت هذا الأمر، وتكمن هذه الخطورة في أنها تريد غزو الإسلام والقضاء عليه ثم تتحدث باسمه، وأيضا فى أنها تطور للعديد من الانحرافات العقائدية الإبراهيمية من (اليهودية والمسيحية والإسلامية) وغير الإبراهيمية مثل (الغنوصية والمانوية). وخطورتها ثالثاً: في تسميتها بالحركة الإسلامية أو الدعوية أو الحملة التجديدية.

وخطورتها أخيراً: وليس آخرا تكمن في أنها تمثل أسوء نموذج لتقديم الإسلام، وخير معين لتفتيت وتفكيك الأمة والوحدة الإسلامية، وأنها الصياغة الفريدة التي تنفر الناس من الإسلام وتكفى أعداء الإسلام مئونة الجهد والاجتهاد لضرب الأمثال وإيضاح الصورة لماذا يكرهون الإسلام.

إقليم نجد: يحتوى الكتاب على دراسة فريدة من نوعها لإقليم نجد جغرافيا وثقافيا وعلاقة هذا الإقليم وسكانه بالنبي وموضع أهله من الدعوة الإسلامية في مراحلها الأولى، وكذلك دورهم فى الصراع الإسلامي سواء في عصر الخلافة الأولى و الدولة الأموية والعباسيين وكذلك دورهم وعلاقتهم مع الدولة الفاطمية في مصر وحتى اليوم.

وهذا الكتاب دراسة في التاريخ السياسي والاجتماع للوهابية ذاتها وأثرها فى الإقليم بشكل عام وفى مصر بوجه خاص، والكتاب ينقسم إلى قسمين رئيسيين:

الأول: عرض وتأريخ لتطور الوهابية على الصعيد الفكري والسياسي للدولة السعودية.

ورصدنا كيف قامت الدولة والعلاقة بين الوهابية كجناح فكرى وأيديولجى والسعوديين كجناح سياسي.

وأهمية هذا الفصل تكمن أيضا أنها تمثل مقاومة مشروعة لاحتلال الوهابية السعودية للعقول عن طريق تفتيت الفكرة والتأريخ من كتاب إلى كتاب وقد دأب هذا العقل - المجرم - على هذا من خلال إعادة طباعة الكتب التي تتناوله أو من خلال التواصل مع المؤلفين والمؤرخين من أجل حرفهم عن الطريق الصحيح، وأيضا من خلال التواصل مع الأكاديميين من أجل أن لا يصل طالب الحقيقة إلى وجهته؛ من أجل هذا أرخنا لهذه الفترة.

وقد جعلنا هذا الفصل مقدمة تفسيرية لغزو الوهابية لمصر واستهدافها، ولعل السبب يكمن في قوة مصر وتسامحها الذي يمكن أن يمثل قوة ضاربة وقاضية على الوهابية أو أية قوى حاملة للخطاب الوهابي وهى إشكالية ربما ترتبط بمصر وحدها على وجه الخصوص.

الجزء الثاني: وهو تأريخ للوجود الوهابي في مصر عقب القضاء على الدولة الأولى، وأثناء الدولة الثانية، وكيف استطاع الإنجليز ترسيخ دعاة للوهابية في مصر وجعلهم رموزا للثقافة وللفكر أمثال رشيد رضا ومحب الدين الخطيب، وكيف استطاع الأول أن يقوم بإعداد دعاة للوهابية في مصر وطبع الكتب التراثية تارة وتزويرها تارة أخرى ونشر تعاليم ابن عبد الوهاب على أوسع نطاق في مصر عبر مؤسسات ثقافية ودينية واجتماعية، بل، عبر الأزهر ذاته.

كما نرصد المعارك التي دارت بين الوهابية وعلماء الأزهر الشريف ومنهم على سبيل المثال العلامة يوسف الدجوى، وهنا نرصد الوجود الوهابي في مصر وانتشاره ومدى تأثيره على الأوضاع المصرية.

والجزء الآخر من هذا الفصل هو رصد وتاريخ لتطور الوجود الوهابي من عصر الثورة المصرية ( فى عهد جمال عبد الناصر)، وكذلك عصر السادات ومدى ارتباط السادات بالسياسات السعودية وضلوعها في الاتفاقية المصرية الصهيونية (كامب ديفيد)، ودور الوهابية في اغتيال السادات، وفي هذه المرحلة استطاعت الوهابية التسلط على المزاج العام خاصة في عهد مبارك بعد أن استطاعت بشكل منقطع النظير تفكيك الخطاب القومي، وفى هذه الحقبة نسلط الضوء على الكيانات الوهابية في مصر سواء كانت مؤسسات أو أفرادا وصولا لغزوهم الأزهر ووسائل الإعلام المختلفة بل العقل المصري العام.

والنتيجة التي نستهدفها في نهاية الكتاب دراسة مدى التأثير الوهابي فى الوضع المصري سياسيا وثقافيا، ودور الوهابية في تغير مصر، بل وتغير العديد من التقاليد والعادات المصرية وكذلك سلوك الناس اليومي، ومع أن الكتاب لا يقوم بالدور الوعظي أو الخطابي أو حتى الارشادي المباشر، بيد أن فى ثنايا موضوعاته إشارات عن كيفية مقاومة هذا الغزو وطريقة تفكيك هذه النحلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/آب/2013 - 19/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م