سوريا والأسلحة الكيماوية... التطبيل لحرب وشيكة

 

شبكة النبأ: في الاونة الأخيرة شهدت الحرب السورية الدائرة منذ عامين ونصف أدمى حادث عنف وهو ما يشتبه بأنه هجوم بأسلحة كيماوية في سوريا، مع تصاعد التوترات المضطردة المتسمة بالأجندات والمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة، وبين سوريا وحلفائها من جهة أخرى، في محاولة لقلب موازين الحرب وترجيح كفة طرف على حساب آخر، بعد ما عجزت جميع الاطراف المتخالف في فتح كوة بجدار الازمة السورية بل تضفي خلافاتهم المحتدمة بواعث خطر الانزلاق الى حرب كارثية، نظرا لشراسة المواجهة الدائرة بين أطراف الخصام حول سوريا، مما يعني قرع طبول الحرب بات عاجلا ام أجلا.

حيث صعد الهجوم الاخير العداء السياسي الممزوج بالمماطلة السياسية، وأذكى الخطاب الحربي المدمج بالجدل الدبلوماسي والاتهامات المتبادلة، ليكشف صورة في غاية الوضوح للتباينات في المواقف الدولية بشان التعامل مع النزاع في سوريا ومحاولة تغير مساره باتجاه حرب وشيكة باستخدام الأسلحة الكيميائية كذرائع تهدف لعرقلة جهود السلام.

إذ يرى أغلب المحليين أن لعب ورقة الأسلحة الكيماوية في هذا التوقيت تحديدا هو من أجل أن تبقى الأزمة السورية مائعة بين التضليل والتهويل، خصوصا بعدما حققت القوات السورية انتصارات متتالية على قوى المعارضة المسلحة خاصة خلال الاونة الاخيرة، ويعتقد هؤلاء المحللين ان هذه الذريعة ربما تكون تكرار السيناريو العراقي في سوريا والمتعلق باستخدام وتقصي وجود الاسلحة الكيمياوية في البلد كحجة للاطاحة بالنظام السوري، فأن اتهام امريكا وحلفائها لسوريا باستخدام الكيميائي قد يكون ذريعة للحرب، بعد فشل محاولاتها مؤخرا في تحقيق أجنداتها لاستكمال مشروع الديمقراطيات الجديدة والتي بدورها ستعيد تشكيل وجه العالم العربي بما يضمن هيمنتها المطلقة.

في المقابل تنضم كل من روسيا وإيران الحلفاء الأساسين لسوريا الى الغربيين في مسألة الأسلحة الكيميائية، لتكسب هذه قضية مزيدا من التعقيد او التوازن، فقد حذرا من اي تدخل عسكري غربي في النزاع السوري بعدما اعلنت الولايات المتحدة انها تدرس مثل هذا الاحتمال، ليشكل النزاع في سوريا حاليا اكبر تهديد للسلام في العالم.

وعليه فقد أوضحت المعطيات آنفة الذكر ان الصراع في سوريا بات في حيلولة دون وصول الى حل يرضي أي طرف، فلم تعد الحرب بالوكالة خافية على أحد ولم تعد تنطلي المزاعم والأجندات الدولية التي يتخفى وراءها ما يجري في سوريا، بعد أن اتضحت من خلال الحادث الاخير أبعاد المؤامرة الكبرى على سوريا، وهو ما يذكي مخاوف تحول الصراع في سوريا إلى حرب إقليمية أو ربما أوسع من ذلك.

أسوأ هجوم كيماوي في ربع قرن

في سياق متصل كلما طال انتظار مفتشي الأسلحة الكيماوية التابعين للأمم المتحدة في فندق فاخر بدمشق للحصول على تصريح بزيارة موقع ما يبدو أنه أسوأ هجوم بغاز سام في ربع قرن كلما قلت احتمالات تعرفهم على حقيقة ما جرى.

وجاء موت المئات جراء الغازات السامة بعد ثلاثة أيام فقط من وصول فريق من خبراء الأسلحة الكيماوية تابع للأمم المتحدة إلى سوريا. لكن تفويضهم المحدود يعني أن المفتشين عاجزون حتى الآن عن الوصول إلى الموقع القريب من مقر اقامتهم، وقال الناشط براء عبد الرحمن في احدى ضواحي دمشق حيث تقول قوات المعارضة إن صواريخ القوات الحكومية حملت الغاز السام الذي قتل المئات قبل فجر الأربعاء الماضي "كنا نباد بالغاز السام بينما يتناولون هم قهوتهم ويجلسون في فندقهم" مشيرا الى اعضاء الفريق الدولي.

وتنفي الحكومة السورية مسؤوليتها عن القتل الجماعي وطالبت الأمم المتحدة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد بالسماح لمفتشيها بزيارة موقع الهجوم وقال الأمين العام بان جي مون انه يجب التحقيق في الهجوم "بلا تأخير"، وذكر مفتشو أسلحة سابقون أن كل ساعة تمضي تحدث فرقا، وقال ديمتريوس بيريكوس الذي رأس فريق مفتشي الأمم المتحدة في العراق في العقد الأول من الألفية الجديدة "كلما طال الوقت كلما كان أسهل على من قام باستخدامها اخفاء الأمر"، وأضاف "وكلما تمكنت من اخفاء الواقعة كلما زاد الوقت المطلوب لكشف حقيقة الأمر. لذلك الوقت بالتأكيد ليس أمرا تريد اضاعته ..لا تريد أن تفعل هذا ببطء".

ويقول خبراء في الأسلحة الكيماوية إنه ليس هناك شك تقريبا ان التعرض لغاز سام من نوع ما كان السبب وراء مقتل مئات الضحايا بالرغم من أنه لا يمكن تحديد نوع الكيماويات المستخدمة من مجرد النظر للصور، ويقول دان كاسزيته الضابط الأمريكي السابق في سلاح الحرب الكيماوية والخبير السابق بوزارة الأمن الداخلي "من الواضح..قتل شيء ما الكثير من الناس. لن نعرف ما هو حتى يحصل شخص ما على عينة".

وأشار ستيفن جونسون الضابط السابق بالجيش البريطاني والمتخصص في الحرب الكيماوية والبيولوجية والنووية ويعمل حاليا زميلا في وحدة الطب الشرعي في جامعة كرانفيلد الى ان الهجوم كان أيضا "فعالا بشكل مذهل إذا كان هجوما كيماويا وهو ما يوحي بأكثر من صاروخ عارض أو اثنين"، لكن ما لم يحصل فريق الأمم المتحدة على أدلة خاصة به فسيكون من الصعب بناء قضية دبلوماسية دولية. وقد يتطلب اثبات من يقف وراء الهجوم دون اي شك أدلة مثل تحليل للمقذوفات يظهر من أين أطلقت الصواريخ.

وكشف الهجوم حدود التفويض الممنوح لفريق الأمم المتحدة الذي يقوده الخبير السويدي آكي سيلستروم والذي لم تعلن عن تفاصيله بالكامل، وتحركات أعضاء الفريق العشرين مقصورة على مواقع وافقت حكومة الأسد عليها سلفا. والفريق مخول بالتحقق في ثلاثة حوادث مزعومة فقط احدها على الأقل حادث تقول الحكومة إن مقاتلي المعارضة استخدموا خلاله الأسلحة الكيماوية ولم يكشف عن الحادثين الآخرين.

ويقول دبلوماسيون غربيون إنهم يأملون في أن يتمكن الفريق من استغلال وجوده على الأرض لتوسيع التفويض الممنوح له، وقال هانز بليكس الذي رأس فريقا لمفتشي الأسلحة في العراق "قد تكون أيديهم مكبلة فيما يتعلق بأين يمكنهم الذهاب لأن طرفا ما لديه سيطرة على الأرض...يمكنني جيدا تخيل الاعتراضات التي ستثار على الأرض من أنه لا يمكن ضمان أمن المفتشين في المنطقة المعنية". بحسب رويترز.

وذكر رولف ايكيوس الدبلوماسي السويدي الذي عمل مع سيلستروم في العراق ان سيلستروم لديه الخبرة المطلوبة لتحديد ما حدث إذا ما سمح له بالوصول للموقع، وأضاف لرويترز "سيلستروم على دراية كبيرة للغاية بكل هذه القدرات..هذا هو تخصصه"، وقادت فرنسا المطالب الدولية باستخدام القوة إذا ما ثبتت مسؤولية الحكومة عن الهجوم.، وقبل عام أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن استخدام الأسلحة الكيماوية "خط أحمر" سيؤدي الى تحرك دولي جاد. ومنذ ثلاثة شهور خلص أوباما إلى أن سوريا تجاوزت هذا الخط باستخدامها غاز السارين وقال إن واشنطن سترد بتقديم المساعدات العسكرية للمعارضة لكن السلاح الأمريكي لم يصل بعد.

تأكيد استخدام السلاح الكيميائي

فيما اكدت منظمة اطباء بلا حدود وفاة 355 شخصا من اصل 3600 نقلوا الى مستشفيات في ريف دمشق بعدما ظهرت عليهم "عوارض سمية تضرب الجهاز العصبي"، في أول تأكيد من مصدر مستقل لاستخدام السلاح الكيميائي في الغوطة الذي تبادل النظام والمعارضة الاتهامات باللجوء اليه، في الوقت الذي يدرس فيه الرئيس الاميركي باراك اوباما مع فريقه الامني سبل الرد على هذا الامر، واعلن مسؤول في البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما عقد اجتماعا مع فريقه الامني لبحث كيفية الرد على الاستخدام المفترض لاسلحة كيميائية في سوريا، وقال المسؤول "لدينا خيارات عدة مطروحة وسنتحرك بسرعة تامة لكي نتخذ قرارات تتوافق مع مصالحنا القومية وكذلك مع تقييمنا لما يمكن ان يحقق اهدافنا في سوريا".

وقال ان اوباما امر اجهزة الاستخبارات "بجمع الادلة بهدف تحديد ما حصل في سوريا"، وتابع "حين نتحقق من كل الوقائع، سيصدر الرئيس قرارا حول طريقة الرد عليها"، وكان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل اعلن ان البنتاغون يقوم بعملية تحريك للقوات كي تكون جاهزة في حال قرر الرئيس باراك اوباما تنفيذ عمل عسكري ضد سوريا.

واتى تصريح هيغل بعيد اعلان مسؤول عسكري اميركي ان البحرية الاميركية نشرت في البحر المتوسط مدمرة رابعة مجهزة بصواريخ كروز، وذلك بعد الاتهامات الاخيرة التي وجهت الى النظام السوري باستخدام اسلحة كيميائية ضد مناطق في ريف العاصمة، وسيجتمع رؤساء اركان الجيوش في دول غربية وعربية عدة بينها الولايات المتحدة والسعودية في الايام المقبلة في الاردن لبحث تداعيات النزاع السوري، وفق مسؤول اردني.

من جهة ثانية جاء في بيان صادر عن منظمة اطباء بلا حدود غير الحكومية "ان ثلاثة مستشفيات تقع في محافظة دمشق تتلقى دعما من منظمة اطباء بلا حدود، تلقت خلال اقل من ثلاث ساعات نحو 3600 مريض يعانون من عوارض سمية تضرب الجهاز العصبي توفي 355 منهم"، وتعتبر منظمة اطباء بلا حدود بذلك اول مصدر مستقل يؤكد استخدام اسلحة كيميائية قرب دمشق، ولم تتمكن فرق منظمة اطباء بلا حدود من التوجه الى المكان الا انها على اتصال مباشر بالطاقم الطبي في المستشفيات الثلاثة وتقدم له الادوية والمعدات الطبية والدعم التقني.

واضاف بيان المنظمة "ان العوارض التي نقلت الينا، والرسم البياني الوبائي لهذا الحدث الذي تجسد بتدفق كثيف لمرضى في وقت قصير جدا، واصابة بعض المسعفين والعاملين الذين قدموا الاسعافات الاولية بالعدوى، كل ذلك يرجح بقوة حصول تعرض شامل لعنصر سمي يضرب الجهاز العصبي".

واعتبرت المنظمة ان هذا الامر "يشكل خرقا للقانون الدولي الانساني الذي يحظر تماما استخدام الاسلحة الكيميائية والبيولوجية" من دون ان تتهم اي طرف باستخدامه، واضاف البيان "لقد عولج المرضى بدواء الاتروبين الذي تقدمه منظمة اطباء بلا حدود ويستخدم لمعالجة العوارض السمية التي تضرب الجهاز العصبي. والمنظمة تقوم بكل ما بوسعها حاليا لتعويض المخزون الذي استهلك من هذا الدواء في المستشفيات".

من ناحيته اتهم النظام السوري المعارضة باستخدام اسلحة كيميائية في المعارك المستمرة في حي جوبر عند اطراف دمشق. الا ان المعارضة نفت في بيان على لسان ائتلاف قوى المعارضة هذا الامر، وقال الجيش السوري في بيان انه ضبط "في منطقة جوبر بريف دمشق مستودعا يحتوي على مواد أولية لتصنيع السلاح الكيميائي وعلى أقنعة واقية وكميات كبيرة من الأدوية التي تستخدم للعلاج من آثار استنشاق المواد الكيميائية السامة"، واضاف ان "وجود مثل هذه المواد الكيميائية بحوزة العصابات الإرهابية المسلحة يعد دليلا قاطعا على استخدام تلك العصابات للسلاح الكيميائي ضد أبناء شعبنا وقواتنا المسلحة ويؤكد تورط جهات خارجية في تزويد الإرهابيين بكل مستلزمات استخدام السلاح الكيميائي". بحسب فرانس برس.

اما وزير الاعلام السوري عمران الزعبي فاكد في حديث تلفزيوني ان سوريا "لم تستخدم على الاطلاق" اي سلاح كيميائي، من جهته اكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اثر محادثة هاتفية مع نظيره السوري وليد المعلم ان سوريا ستسمح لمراقبي الامم المتحدة بزيارة موقع في ريف دمشق حصل فيه هجوم مفترض بالاسلحة الكيميائية ادى الى مقتل المئات،

في المقابل اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي يقوم بزيارة لرام الله في الضفة الغربية ان كل المعلومات تدل على ان النظام السوري ارتكب "مجزرة كيميائية" في ريف دمشق، وقال فابيوس اثر لقائه رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدلله "كل المعلومات التي لدينا تتقاطع لتؤكد حصول مجزرة كيميائية قرب دمشق ولتدل على ان نظام (الرئيس) بشار الاسد يقف وراء هذا الامر"، وكان المجتمع الدولي دعا الى السماح للامم المتحدة بالتحقيق في منطقتي الغوطة الشرقية ومعضمية الشام لمعرفة ما حدث بالتحديد، ووصلت مسؤولة عن المنظمة الدولية الى دمشق وهي تحاول الحصول على اذن لتمكين خبراء الامم المتحدة الموجودين اصلا في سوريا، من الانتقال الى مكان الحادث واجراء التحقيقات اللازمة.

اوباما وكاميرون يدرسان خيارات عسكرية ضد سوريا

على الصعيد نفسه اتفق الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مكالمة خيارات عسكرية ضد دمشق، وقالت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان ان اوباما وكاميرون "عبرا عن قلقهما العميق (...) من تزايد المؤشرات على ان النظام السوري شن هجوما كبيرا بأسلحة كيميائية ضد شعبه".

من جهته، اعلن البيت الابيض في بيان ان اوباما وكاميرون "سيواصلان التشاور من كثب" في شأن الهجوم الكيميائي الذي تتهم المعارضة قوات النظام السوري بشنه في الغوطة في ريف دمشق، كما بحثا في "الردود المحتملة من جانب المجتمع الدولي على استخدام الاسلحة الكيميائية"، كما ورد في بيان الرئاسة الاميركية.

وصدر بيان البيت الابيض بعيد اعلانه في بيان سابق عن اجتماع بين الرئيس الاميركي وكبار مساعديه في مجلس الامن القومي، حضره نائب الرئيس جو بايدن وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والامنيين في البلاد، وقالت الرئاسة الاميركية ان اوباما "تلقى ايضا عرضا مفصلا كان طلب اعداده، لمجموعة من الخيارات المحتملة للرد من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على استخدام الاسحة الكيميائية"، واضاف البيان ان "اجهزة الاستخبارات الاميركية وبالتنسيق مع شركائها الدوليين ومع الاخذ في الاعتبار شهادات عشرات الشهود الذين عاينوا ما جرى وسجل عوارض اولئك الذين توفوا، فانها تواصل جمع الوقائع للتأكد مما جرى"، وقال المسؤول ان كيري ابلغ المعلم انه "لو لم يكن لدى النظام السوري شيء يخفيه كما يزعم لكان عليه ان يسمح بوصول فوري وبلا عراقيل الى موقع" الهجوم الكيميائي المفترض الذي استهدف الاربعاء الغوطتين الشرقية والغربية في ريف العاصمة السورية.

واضاف ان الوزير الاميركي قال لنظيره السوري انه عوضا عن هذا فان نظام الرئيس بشار الاسد "واصل هجومه على المنطقة المعنية من اجل منع الوصول اليها وتدمير الادلة"، وبحسب المسؤول نفسه فان كيري "اكد للمعلم انه تلقى كامل الضمانات من قادة الجيش الحر لناحية تأمينهم سلامة محققي الامم المتحدة في المنطقة المعنية". بحسب فرانس برس.

وينفي النظام السوري نفيا قاطعا هذه الاتهامات ويتهم بالمقابل مقاتلي المعارضة باستخدام اسلحة كيميائية قرب العاصمة، ولم تنقطع رسميا العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن ودمشق غير ان الولايات المتحدة اغلقت سفارتها في سوريا واستدعت سفير روبرت فورد من دمشق قبل 18 شهرا، الا ان واشنطن ما زالت تلتزم الحذر، فقد اكد البيت الابيض ان "الاستخبارات الاميركية ما زالت تقوم بجمع الوقائع لتحديد ما حدث بشكل مؤكد"، الا ان هذا لم يمنع وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل من الحديث ضمنا عن نشر وسائل عسكرية لمنح اوباما "خيارات" في حال اصدر امرا بالتدخل في سوريا.

أي تدخل عسكري سيشعل الشرق الأوسط

من جهتها حذرت السلطات السورية الولايات المتحدة من أي عمل عسكري بسبب ما يشتبه بأنه هجوم بأسلحة كيماوية في الحرب الاهلية السورية قائلة ان ذلك سيوجد "كتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الاوسط". بحسب رويترز.

وقالت سوريا ان اي عمل عسكري لن يكون "نزهة" للقوات الامريكية، وقال وزير الاعلام السوري عمران الزعبي في تصريحات نشرتها الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) كان قد ادلى بها لقناة الميادين التي تتخذ من لبنان مقرا لها "في حال حدوث اي تدخل عسكري خارجي امريكي فإن ذلك سيترك تداعيات خطيرة جدا في مقدمتها فوضى وكتلة من النار واللهب ستحرق الشرق الاوسط برمته"، وأحجم اوباما عن التدخل في سوريا لكن الانباء عن استخدام اسلحة كيماوية بالقرب من دمشق زادت من الضغوط على البيت الابيض للتصرف بعد عام من تصريح لاوباما قال فيه ان استخدام الاسلحة الكيماوية "خط أحمر" بالنسبة للولايات المتحدة.

ادلة على استخدام مسلحي المعارضة السورية اسلحة كيميائية

من جهتها اعلنت ايران، ابرز حليف اقليمي لسوريا، ان هناك "ادلة" على استخدام مسلحي المعارضة السورية اسلحة كيميائية وحذرت من اي تدخل عسكري غربي في النزاع السوري، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية عباس عراقجي "نحن قلقون جدا ازاء المعلومات حول استخدام اسلحة كيميائية في سوريا وندين بشدة استخدام مثل هذه الاسلحة"، واضاف "هناك ادلة على ان المجموعات الارهابية قامت بهذا العمل" في اشارة الى الهجوم الذي وقع في ريف دمشق.

وشن هجوم على الغوطة الشرقية ومعضمية الشام اللتين يسيطر عليهما مقاتلو المعارضة في ريف دمشق. وتحدثت المعارضة عن مقتل 1300 شخص متهمة النظام بارتكاب هذه "المجزرة" مستخدما سلاحا كيميائيا، الامر الذي سارعت دمشق الى نفيه.

وكان الرئيس الايراني حسن روحاني تحدث عن استخدام "عناصر كيميائية" في سوريا. وقال روحاني ان "الوضع السائد اليوم في سوريا ومقتل عدد من الاشخاص الابرباء بسبب عناصر كيميائية امر مؤلم جدا" بحسب ما اورد موقع الحكومة، مضيفا ان ايران "تدين بشدة استخدام اسلحة كيميائية"، ولم يتطرق روحاني الى المسؤولين عن استخدام اسلحة كيميائية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية كما نقلت عنه وكالة الانباء الطلابية "ليس هناك اي تفويض دولي لتدخل عسكري في سوريا. ونحن نحذر من اي عمل او اعلان لا يؤدي الا الى مزيد من التوتر في المنطقة. آمل في ان يبدي مسؤولو البيت الابيض ما يكفي من الحكمة لعدم الدخول في مثل هذه البلبلة الخطيرة".

وتابع ان "التصريحات المستفزة من مسؤولين اميركيين او ارسال سفينة حربية لا يساعدان باي شكل كان في تسوية المشكلة، لكن يجعلان الوضع في المنطقة اكثر خطورة" مضيفا ان ايران "اعلنت مرات عدة ان الازمة السورية لا يمكن ان تحل عسكريا (...) ولا يمكن ان تحل الا عبر وسائل سلمية والحوار"، وكان وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل اعلن ان البنتاغون يعمل حاليا على تحريك قوات في منطقة المتوسط لمنح الرئيس باراك اوباما "خيارات" في حال امر بتنفيذ عمل عسكري ضد سوريا.

روسيا تعتبر الدعوات في اوروبا الى استخدام القوة ضد سوريا غير مقبولة

كما اعتبرت روسيا  ان الدعوات في اوروبا للضغط على الامم المتحدة ومن اجل استخدام القوم ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد بعد معلومات عن استخدام اسلحة كيميائية "غير مقبولة"، وفيما وجه مسؤولون اوروبيون كبار اصابع الاتهام الى النظام السوري شددت وزارة الخارجية الروسية على ان ذلك يشكل "استفزازا"، وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "في اجواء موجة جديدة من دعاية اعلامية معادية لسوريا، نعتقد ان دعوات بعض العواصم الاوروبية الى الضغط على مجلس الامن الدولي واتخاذ قرار باللجوء الى القوة من الآن امور غير مقبولة"، ورأت الخارجية ان الهجوم الكيميائي المفترض في سوريا كان "عملا استفزازيا بشكل واضح"، متهمة المعارضة السورية ب "منع" اجراء تحقيق موضوعي في استخدام اسلحة كيميائية، وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ اليوم ان الحكومة البريطانية تعتقد ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد يقف وراء هجوم باسلحة كيميائية بالقرب من دمشق، وقال "نعتقد انه هجوم كيميائي شنه نظام الاسد على نطاق واسع لكننا نود ان تتمكن الامم المتحدة من التحقق من ذلك".

لكن روسيا تشكك بقوة بهذه الرواية حيث اكدت الوزارة في بيانها ان معلومات على الانترنت تتهم النظام السوري بهذا الهجوم نشرت "قبل ساعات" من الحدث، من جهته، قال وزير الخارجية السويدي كارل بيلت انه شبه متأكد من أن سوريا استخدمت اسلحة كيميائية في قصف على مدنيين قرب دمشق.

وقالت الخارجية الروسية "للاسف، ليست هناك اشارات" تدل على ان المعارضة السورية "مستعدة لضمان امن وفاعلية الخبراء (الامم المتحدة) في اعمالهم على هذه الارض التي يسيطر عليها" مقاتلو المعارضة، واضاف ان "هذا يمنع فعليا اجراء تحقيق في لجوء محتمل الى اسلحة كيمائية في سوريا تدعو اليه دول عدة وروسيا". بحسب فرانس برس.

وتابع ان "روسيا تتابع عن كثب التطورات حول الاسلحة الكيميائية المزعومة" واضاف ان "الادلة تظهر المزيد من الشهادات التي تفيد ان هذا العمل الاجرامي كان طابعه استفزازيا بشكل واضح .. انه عمل تم التخطيط له مسبقا".

وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان في وقت سابق الجمعة ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الاميركي جون كيري اكدا في اتصال هاتفي فور كشف معلومات تحدثت عن هذا الهجوم ان لديهما "مصلحة مشتركة" في اجراء "تحقيق موضوعي" من قبل الامم المتحدة في الهجوم، واعلنت وزارة الخارجية الروسية في بيان ان لافروف تلقى اتصالين هاتفيين من نظيريه الفرنسي والبريطاني "بخصوص الوضع في سوريا" بدون اعطاء تفاصيل.

النزاع في سوريا اكبر تهديد للسلام في العالم

الى ذلك قال الابراهيمي في مقابلة بثتها قنان تلفزيون الامم المتحدة ان "سوريا هي بلا شك التهديد الاكبر للسلام والامن في العالم اليوم"، داعيا مختلف الاطراف الى الجلوس على طاولة المفاوضات. بحسب فرانس برس.

واضاف ان "الادعاءات التي تفيد ان اسلحة كيميائية استخدمت على بعد كيلومترات عن قلب دمشق تؤكد اهمية هذه الازمة ومخاطرها، ليس على الشعب السوري وحده بل على العالم ايضا"، ويحاول الابراهيمي منذ اشهر عقد مؤتمر للسلام باسم جنيف-2 لجمع المعارضة ونظام بشار الاسد، وقال ان "المشكلة هي ان كل طرف مشارك في هذه الحرب يعتقد انه يتقدم على الصعيد العسكري بينما تعتقد الامم المتحدة انه لا يمكن ان يكون هناك حل عسكري"، مشددا على انه "لن ينتصر احد"، واضاف "لا يمكن ان يكون هانك سوى حل سياسي وبقدر ما نعمل عليه مبكر يكون ذلك افضل"، وسيلتقي ممثلون اميركيون وروس في لاهاي لمناقشة عقد مؤتمر جنيف-2 في المستقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 26/آب/2013 - 18/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م