|
شبكة النبأ: ان الإنسان السليم نفسيا
وسلوكيا هو الذي يتم تفاعله في نطاق الجماعة وعلاقاته مع أفرادها
بأسلوب صحي مستقيم يحترم حقوق الآخرين ومشاعرهم.. ويكون متكيفا مع
معايير الخلق وآداب السلوك.
بيد أن كل مجتمع لا يخلو من أفراد ينحرفون بسلوكهم عن السواء
وينقصهم التكيف الصحي في محيط المنزل أو المدرسة أو المجتمع أو مراكز
العمل.. هؤلاء يمثلون بسلوكهم الشاذ مشكلة اجتماعية.
هذه المشكلات ذات تكوين يختلف من واحدة الى أخرى، كما أنها ليست
بدرجة واحدة من الخطورة. لكنها تظل مصدر قلق في حياة الفرد نفسه وفي
حياة مجتمعه. والغرض وقائي في تلاقي أسبابها وأيضا الى غرض علاجي نفسي،
منها مشكلة عدم التأهيل المهني أو الحرفي أو التجاري أو الصناعي.
يمكن تعريف التأهيل المهني، هو بمعناه الواسع، عملية تعلم وتعليم،هو
حسن اختيار المهنة المناسبة والاعداد العلمي والعملي لها، تمكن الفرد
من اتقان مهنته والتكيف لظروف عمله.
التكيف لا يكفي له أن يكتسب المتدرب، الذي يريد العمل في مصنع أو
مؤسسة، المهارات الفنية الخاصة اللازمة لأداء عمله، بل لابد له فوق ذلك
من اكتساب عادات اجتماعية واتجاهات نفسية جديدة.. أو التخلي عن عادات
واتجاهات قديمة تعوقه عن هذا التكيف. ان التدريب المهني بمعناه الشامل
لا يقتصر على الاعداد الفني للعامل، بل يتجاوزه الى الاعداد النفسي له.
كذلك لا يقتصر التدريب على المبتدئين وغير ذوي الخبرة من العمال
والموظفين، بل يشمل فوق ذلك قدامى العاملين وذوي الخبرة لرفع مستواهم
أو تأهيل من يرقى منهم الى مناصب أعلى. وقد ظهر أن الإنسان مهما طالت
خبرته فانه يستطيع رفع كفايته الانتاجية عن طريق التدريب.
ومن مميزات ملاءمة العمل وحسن التأهيل للشباب أو تجزية كسبا أوفر،
وأجرا أعلى، فضلا عن ضمان الراحة النفسية حين يستمتع الفرد بأداء عمله،
كما يضمن له نجاحا اجتماعيا في محيطه. فالفرد الذي يعمل في الأسبوع
أربعين ساعة مثلا سيظل كذلك مدى اربعين سنة تقريبا لا بد أن يكون عمله
منسجما مع مواهبه ومزاجه واعداده وطموحه وحاجة المجتمع اليه.
هذا التأهيل للفرد السليم يوفر عليه ضرورة انقطاعه عن العمل بعد
قضائه فترة طويلة فيه ثم ليبدا عملا آخر في مجال جديد، هنا يتعاون
الاختصاصيون الاجتماعيون والنفسيون في برامج التوجيه التربوي والتأهيل
المهني، على أسس علمية فنية عملية.
ليس كل أفراد المجتمع يتمتعون بدرجة كافية من السلامة، ففي المجتمع
العادي نسبة قد لا تقل عن 5% من أفراد مصابين بأحد أنواع الاعاقة
الحسية أو العضوية داخليا أم خارجيا.. كما هو الحال لدى الكفيف وضعيف
البصر أو الأصم وضعف السمع أو الأبكم والمصاب بأحد عيوب النطق، أو حالة
فقد عضو أو جزء منه أو حالة مرض القلب أو الشلل النصفي أو حالات التخلف
العقلي.
هؤلاء يجب على المجتمع في مؤسساته النفسية الاجتماعية التربوية أن
يقدم لهم تأهيلا مهنيا مناسبا يضمن لهم الاحترام والتقدير والانتاج دون
أن يكون عالة. فهم ذووا طاقات كثيرة ورغبات متعددة ولهم قدرات على
التوافق والمرونة بالنسبة لظروف العمل بعد التأهيل. بذلك تجنب الفرد
المصاب مشاعر الحقد والألم والاهمال أو العدوان وتحقق مجالات السعادة
والكرامة والاشباع المهني كعضو نشيط في مركزه ودوره في المجتمع. كم من
أفراد مصابين بأحد أنواع الإعاقة كان فخرا لأمته في أحد مجالات الحياة
النفسية أو الاجتماعية أو العملية أو الاقتصادية.
ان عدم التأهيل أصلا كثيرا ما يضع الفرد في غير مكانه المناسب ثم ان
التنقل من عمل الى آخر والبدء كل مرة من اول السلم فيه مضيعة للجهد
والوقت والمال وعمر الإنسان وأعصابه.
ان اهمال التأهيل أو خطأه أو عدم تحقيقه في مجاله ذو آثار سيئة
مريرة وأهمها ما يلي:
1ـ آثار نفسية : حيث الفرد يعاني من آلام الفشل وما يصاحبه من توتر
نفسي واحباط انفعالي نتيجة لمحاولاته الفاشلة في مختلف الاعمال والمهن،
ودون أن يحقق ذاتيته بنجاح في حياة مستقرة.
2ـ آثار اجتماعية: أن الفرد الذي لم يؤهل مهنيا سيشغل مكانا غير
مكانه اذا كان ذا سند اجتماعي وبذلك يحرم الأكفاء المؤهلين، وهذه بطالة
مزدوجة مقنعة للمؤهل وغير المؤهل معا.
3ـ آثار اقتصادية: تسند الأعمال الى غير أهلها، مما يعرقل الانتاج
أو يشوه العمل أو ينشر البطالة وسوء الادارة ولبعض ذلك أو كله آثار
سيئة في كمية الاقتصاد ونوعيته مما يؤثر في حياة الأشخاص فرادى
ومجتمعين نفسيا واجتماعيا. |
