متى تغضب؛ فالحقوق سلبت والأعراض انتهكت؟

علي ال غراش

 

الغضب والثورة نتيجة طبيعية لتراكم المسببات لذلك، وحتما سياسة السلطات الحاكمة المستبدة الظالمة، مثل سلب حقوق المواطنين من تقرير الدستور واختيار النظام وانتخاب الحاكم وتبادل السلطة، والسيطرة على البلاد والعباد من قبل فئة محددة، وانتشار الفساد في ارجاء الوطن، والقهر والفقر، والظلم وانتهاك الأعراض،... أسباب كافية للغضب والثورة.

هل الإعتداء على الأعراض من الوطنية والدين والعادات والتقاليد في المجتمع العربي والاسلامي، وهل من يمارس الاعتقالات والاعتداءات على الإعراض اهلا للثقة والبقاء في الحكم؟.

ماذا يسمى النظام الذي يحكم بلا دستور يمثل إرادة الشعب وبدون انتخابات وبدون فصل للسلطات؟. نظام يتعامل مع الشعب انهم مجرد قطيع تابع كالعبيد، ويمارس معهم سياسة التجويع والفقر، بينما هو يسرق الأراضي والثروات، ويمنع المواطنين من التعبير عن مواقفهم، ويعتقل كل من يعبر عن رأيه، و ينكل ويعذب ويجرم كل من يتظاهر، ويشوه سمعتهم بانهم خونة وعملاء..، بل وصلت الأمور الى انتهاك الأعراض، ماذا يسمى هذا النظام الذي يسلب حقوق المواطنين؟.

الجريمة الكبرى

الأكثر جرما بحق الشعب، هو ان معظم افراد مجتمعاتنا الخليجي والعربي، لم يحركوا ساكنا حول الإنتهاكات الصارخة التي يتعرض لها الشعب من النساء والرجال - كما نشرت وسائل الإعلام مقابلات مع الضحايا -، وتعاطيه بعدم مبالاة..، لعله تنازل عن رجولته وشهامته، أو باع غيرته للحكومات الشمولية والإستبدادية!.

و نريد هنا ان نؤكد على اننا ندافع عن كرامة وحرية المواطن - الإنسان في اي مكان - والدفاع عن كل مظلوم وكل من يتعرض للانتهاك، مهما كان فكره وعقيدته وطائفته، فليس هناك أهم من كرامة الإنسان.

وبلا شك ولا ريب إن الشعب الذي لا يتحرك للدفاع عن انسانيته وحقوقه وأعراضه، وأعراض أمهاته وبناته ونساء وطنه ومجتمعه، - من أي فئة أو طائفة أو تيار أو عرق..، فهو مجتمع لا يستحق الحياة والعيش بكرامة. ونطالب كل حر شريف ان يدافع عن المظلومين وان يكون له مواقف اتجاه الانتهاكات.

متى تغضب؟

ماذا بقى أكثر من الإعتداء على الأعراض وتحطيم الكرامة لأبناء الوطن، هل ينتظر كل مواطن أن يكون هو الضحية أو والده أو أبنه أو اخوه، أو تكون أمه أو بنته أو زوجته هي الضحية التالية ليغضب ويتحرك؟.

وإلى متى ستبقى بعض النخب وأفراد المجتمع تمارس نفس الأساليب والطرق السابقة من خلال الإكتفاء بالتنديد والخطابات الخجولة في التعاطي مع جرائم واعتداءات السلطة، وعدم التحرك بشكل عملي للدفاع عن كرامة المواطنين، وإنقاذ المواطنين والوطن من العار، هل وصل افراد المجتمع لهذه الدرجة من الانانية وحب الذات وحب المصالح الشخصية والمناصب، وأين ذهبت النخوة والشهامة العربية والغيرة الدينية، هل ماتت، أم هو الجبن والخوف من الإنظمة الحاكمة، أم هو العار الحقيقي عندما صمتوا على اعتقال النشطاء ومحاكمتهم وبالخصوص النساء في مجتمع له عاداته وتقاليده في التعامل مع النساء، واعتقال كل من يطالب بالإصلاح؟.

إلا الأعراض كذبة كبرى

إلا الأعراض شعار رفعه البعض في وجه السلطة، ولكن هل الاكتفاء بالتهديد والوعيد للنظام وزمرته بـ ( إلا الأعراض، والأعراض خط أحمر) !!. كافية لردع النظام عن ارتكاب الإنتهاكات وهتك الأعراض؟.

وماذا سيكون رد هولاء بعدما أصبح الاعتداء وإنتهاك الأعراض حقيقة معروفة لدى القريب والبعيد، وهناك العديد من الضحايا، وقد نقلت وكالات الأنباء عن بعضها؟؟.

تحطيم كرامة الإنسان

إن الإنظمة التي تقوم بالاعتقالات والانتهاكات للرجال والنساء بسبب نشاطهم السلمي، تحاول أن تحطم روح الإرادة والثقة وقتل كرامة الانسان وغرس الخوف لدى أفراد المجتمع، عبر إستهداف الرجل الشريف الحر، وكذلك المرأة الواعية الحرة، والأم المطالبة بحقوقها وبحقوق ابنائها، إذا إن المرأة - الأم - هي أكبر وأعظم مدرسة لبناء جيل واعي ثائر ضد الظلم والفساد، وان لجوء الأنظمة لضرب وسحل وإهانة وإعتقال وسجن وإختطاف والاعتداء على الأعراض وتشويه سمعة المرأة، - لتحقيق ماربها لاستمرار حكمها- في الحقيقة هي تولد حالة الغيرة والتحدي والصمود، والاصرار بالتضحية بالارواح للدفاع عن الشرف والنيل من يقوم بتلك الانتهاكات وعلى رأسها النظام، طبعا في المجتمع الذي يملك ضميرا حيا لا يساوم على الأعراض.

المرأة وصناعة جيل الثورة

تحية لكل امرأة تطالب بحقها وحقوق أبنائها وأهلها لتشييد العدالة، تحية للمرأة المقاومة التي ترفض الظلم والعدوان والحرمان، وللأم القادرة على صناعة جيل مقاوم قادر على التغيير والإصلاح، جيل لا يساوم على الكرامة والعزة، والدفاع عن تراب وطنه وعن العدالة والحرية، وعن أعز وأشرف وأهم كائن وهو الأم. والمرأة مطالبة في هذه المرحلة بالتحرك أكثر وأكثر، لنيل حقوقها ومكانتها، وتحرير المعتقلات والمعتقلين والدفاع عن شرف امهاتهن واخواتهن، بعدما عجز بعض الرجال عن فعل ذلك!. وتحية للنشطاء والمؤسسات الحقوقية في الخليج والعالم الذين استنكروا ونددوا بعمليات الاعتقال للرجال والنساء، وطالبوا باحترام حقوق الإنسان ومنها حق التعبير والتظاهر السلمي والمطالبة بالحقوق، والمطلوب من النشطاء والحقوقيين أكثر من ذلك.

الأنظمة وسقوط الأقنعة

إن هذه الأحداث - الاعتقالات والانتهاكات للرجال والنساء- كشفت حقيقة السلطة التي لا تلتزم بالأوامر الالهية، ولا تحترم العادات والتقاليد الاجتماعية، ولا القوانين والاتفاقيات الدولية مثل مناهضة العنف ضد المرأة؛ وكشفت كذلك دور بعض النخب والشرائح الإجتماعية الصامتة، التي هي أكبر داعما لتسلط واستبداد واستمرار السلطات الجائرة في المنطقة، وكشفت كذلك عن الدور المزدوج والمشاركة الذي لعبته بعض الدول ومنها الغربية التي تتغنى بدعم الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان وبالخصوص عن حقوق المرأة في العالم، التي صمتت أمام هذه الاعتداءات!!.

هل من عادات مجتمعاتنا ان يتعرض الرجل لأقسى انواع الانتهاكات، وتتعرض المرأة للاعتقال والانتهاك والتعذيب والسجن لأسباب التعبير عن الرأي والمطالبة بالإصلاح؟.

إن غيرة الشعب الحي لا تقبل بالعار، وإنها تغضب وتتحرك وتثور لأجل الحق وتطبيق العدالة ونيل حقوقها. قل لي متى تغضب؟؟؟.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/alialgarash.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/آب/2013 - 12/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م