التكنولوجيا النووية... وخطر الارهاب

 

شبكة النبأ: التكنولوجيا النووية وعلى الرغم من فوائدها الكثير أصبحت اليوم مصدر قلق لدى الكثير من دول العالم التي تخشى من استغلالها في اعمال ارهابية مدمرة يمكن ان تسهم بزعزعة الامن والاستقرار العالمي، خصوصا وان هناك تقارير مؤكدة تشير الى إن الجماعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة والتي أصبحت تمتلك قدرات علمية وعسكرية متطورة، تحاول الحصول على الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية في سبيل استخدمها في هجمات نوعية لأجل ايقاع عدد كبير من الخسائر وهو ما قد يغير نتائج المعركة الحالية. وفي هذا الخصوص قال خبراء نوويون ومسؤولون حكوميون إن ثمة حاجة لاتخاذ مزيد من الاجراءات لمنع متشددين من امتلاك بلوتونيوم أو يورانيوم عالي التخصيب يمكن استخدامه في صنع قنابل ذرية. وحذر يوكيا أمانو رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اجتماع بفيينا من "الاحساس الزائف بالامن" بشأن خطر الارهاب النووي.

وقال أمانو وهو يمسك بحاوية صغيرة من الرصاص تردد انها استخدمت لنقل يورانيوم عالي التخصيب في جمهورية مولدوفا السوفيتية سابقا قبل عامين انها تظهر "مستوى يثير القلق من المعرفة من جانب المهربين". وقال ان هذه الحالة انتهت على ما يرام." وأضاف "لكن مع الاسف لا يمكن التأكد مما اذا كانت مثل هذه الحالات مجرد قمة جبل الجليد."

ويقول محللون ان الجماعات المتشددة يمكنها من الناحية النظرية ان تصنع قنبلة نووية أولية لكنها فتاكة اذا توفرت لها الاموال والمعرفة الفنية وكمية المادة الانشطارية اللازمة. وقال أمانو لمندوبين ان الكثير من الدول اتخذ خطوات لمنع مثل هذه الاعمال الشريرة مثل حدوث سرقة نووية أو تخريب. وأضاف أمانو "نتيجة لهذه الجهود لم يقع هجوم ارهابي يشمل مادة نووية أو مادة مشعة اخرى." وتابع "لكن هذا ينبغي الا يجعلنا نستكين وينتابنا احساس زائف بالامن."

ويقول خبراء ان الحصول على مادة انشطارية بالدرجة المستخدمة في صنع اسلحة يورانيوم أو بلوتونيوم عالي التخصيب يمثل أكبر تحد للمنظمات المتشددة ولذلك فان حفظها في امان أمر حيوي في أي من المنشآت المدنية أو العسكرية. وقالت مجموعة خبراء التحكيم في الامان النووي ان كمية من البلوتونيوم في حجم التفاحة في سلاح نووي يتم تفجيرها في منطقة بها كثافة سكنية يمكن ان يقتل أو يصيب على الفور مئات الالاف من الاشخاص. ولانه ينظر الى العثور على مادة مشعة على انه اقل صعوبة والى ان صنع السلاح أسهل يقول خبراء ان ما يطلق عليه "قنبلة قذرة" هو الخطر الأكثر ترجيحا من القنبلة النووية.

في السياق ذاته قال مسؤول كبير في الامم المتحدة ان المواد النووية والمشعة مازالت تتعرض للفقد وان المعلومات التي تتلقاها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للمنظمة الدولية عن هذه الحوادث قد تمثل قمة جبل جليد. وقال خمار مرابط وهو مدير بالوكالة الدولية للطاقة الذرية انه حدث تقدم في منع هذه الحوادث خلال السنوات القليلة الماضية. لكنه قال ان هناك حاجة لعمل المزيد لتعزيز الامن النووي. وقال مرابط "عليك ان تتحسن دوما لانه على الجانب الاخر يحاول الاشرار التوصل الى سبل لتفادي عمليات الرصد هذه، الخطر على مستوى العالم لان هؤلاء الناس يعملون عبر الحدود."

وتتلقى الادارة التي يرأسها مرابط وهي إدارة قاعدة بيانات الحوادث والتهريب في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ما بين 150 و200 حالة. وتشارك اكثر من 120 دولة في مشروع تبادل المعلومات هذا الذي يشمل السرقات والتخريب والدخول الى مواقع دون تصريح وعمليات نقل غير قانونية. وبينما أوضح مرابط ان اغلب هذه الحوادث لا تعتبر هامة من وجهة نظر الامن النووي الا انه قال ان بعضها حوادث خطيرة متعلقة بمواد نووية مثل اليورانيوم والبلوتونيوم. وقال مرابط ان هذه الحوادث تبين ان هناك "مواد مازالت خارج السيطرة التنظيمية." واستطرد "ربما هذه مجرد قمة جبل جليد.. لا نعرف هذا هو ما تبلغنا به الدول." بحسب رويترز.

وفي واحدة من الحوادث التي تم الإبلاغ عنها ضبطت الشرطة في مولدوفا وهي جمهورية سوفيتية سابقة منذ عامين يوارنيوم عالي التخصيب وضعه المهربون في حاوية مدرعة حتى يصعب رصده وهو ما يشير الى التطور الذي حدث في مثل هذه العصابات. ويقول خبراء انه من الناحية النظرية يمكن لجماعات متشددة ان تصنع شحنة نووية بدائية لكنها فتاكة اذا امتلكت المال والمعرفة التقنية والكمية المطلوبة من المادة الانشطارية.

مخاطر المفاعلات القديمة

على صعيد متصل قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة في تقريرها السنوي ان العام الماضي شهد تقدما ملموسا في تعزيز السلامة النووية في انحاء العالم رغم "التحدي" الذي يمثله عدد كبير من المفاعلات القديمة. ونشرت الوكالة تقريرها قبل احتجاج نظمته جماعة السلام الاخضر (جرينبيس) المدافعة عن البيئة التي قالت ان أكثر من 20 من نشطائها تسلقوا الحواجز لاقتحام محطة نووية تابعة لشركة كهرباء فرنسا في تريكاستان بجنوب فرنسا لمطالبة الحكومة باغلاقها.

وقال يانيك روسيليه المسؤول عن القضايا النووية في جرينبيس بفرنسا في بيان "بهذه الخطوة تطلب جرينبيس من (الرئيس) فرانسوا اولوند اغلاق محطة تريكاستان وهي واحدة من بين أخطر خمس محطات في فرنسا."

وبنيت محطة تريكاستان منذ أكثر من 30 عاما وأظهر المسح الذي أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان هناك الكثير من المنشآت النووية التي بنيت أيضا منذ فترة مماثلة. لكن جاء تقرير الوكالة التابعة للامم المتحدة ايجابيا في مجمله وقال "المجتمع النووي العالمي حقق تقدما ملحوظا في تعزيز السلامة النووية عام 2012." وجاء التقرير بعد أكثر من عامين من انصهار قلب مفاعل في محطة فوكوشيما النووية اليابانية عقب زلزال وأمواج مد في مارس آذار عام 2011. وأثار الحادث قلق الصناعة النووية وتساؤلات بشأن سلامة الطاقة النووية.

وذكرت وكالة الطاقة الذرية انه بعد كارثة فوكوشيما أجرت غالبية كبيرة من الدول الاعضاء فيها اختبارات تعرف باسم اختبارات السلامة تحت الضغط. وجاء في التقرير الذي نشر على موقع الوكالة الالكتروني "الكثير طبق اجراءات سلامة اضافية." بحسب رويترز.

وقالت الوكالة ان هناك 437 محطة نووية على مستوى العالم من بينها 162 محطة تعمل منذ أكثر من 30 عاما و22 محطة تعمل منذ اكثر من 40 عاما. وأضافت ان المحطات النووية القديمة "تحد مستمر للجهات المنظمة لهذا القطاع وللشركات التي تديرها وشركات المرافق."

أزمة ثقة

من جانب اخر قالت هيئة رقابية حكومية في تايوان إن من المحتمل أن مياها ملوثة بالإشعاع تتسرب من محطة للطاقة النووية في تايوان منذ ثلاثة أعوام الأمر الذي يزيد من أزمة ثقة بشمال آسيا في السلامة النووية. كما أقر مسؤولون يابانيون بأن مياها مشعة من محطة فوكوشيما النووية المتعطلة تتسرب بمعدل 300 طن في اليوم وأمر رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي الحكومة بالتدخل والمشاركة في عمليات التطهير. وفي كوريا الجنوبية يجري الادعاء تحقيقا موسعا في شهادات سلامة مزورة وقطع غيار دون المستوى في العديد من المفاعلات النووية.

ولطالما اعتمدت دول آسيوية مثل اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية على الطاقة النووية كبديل يعتد به للوقود الاحفوري خاصة في المناطق التي تعوزها الموارد لكن المخاوف المتعلقة بالسلامة اضطرتها لاعادة التفكير. وتعطل إنشاء محطة رابعة للطاقة النووية في تايوان منذ سنوات بسبب احتجاجات الشوارع. ونشبت مشادات بين النواب في مناقشة برلمانية بشأن المحطة وقضية السلامة.

ولا تزال معظم المحطات النووية في اليابان مغلقة كما أغلقت تسعة مفاعلات نووية في كوريا الجنوبية ستة لاعمال الصيانة وثلاثة لاستبدال كابلات تم توريدها باستخدام شهادات سلامة مزورة. وقالت هيئة الرقابة الحكومية التايوانية ان محطة الطاقة النووية الأولى التي توجد في منطقة كثيفة السكان بشمال تايوان تتسرب منها مياه ملوثة من مستودعات التخزين في اثنين من المفاعلات.

وقال مسؤول في شركة كهرباء تايوان التي تبني محطات الطاقة النووية في تايوان ان المياه لا تأتي من مستودعات التخزين لكنها قد تأتي من عملية التكثف او استخدام المياه في تطهير الأرضية. وقال المسؤول الذي طلب ألا ينشر اسمه "شرحنا لهيئة الرقابة الوضع ورفضوا تفسيرنا. وطلبوا منا دراسة مسائل اخرى ربما تكون السبب في المشكلة."

وقد ازداد الجدال بشأن خطط بناء محطة رابعة للطاقة النووية في تايوان. ويوجد في تايوان حاليا ثلاث محطات عاملة للطاقة النووية وستة مفاعلات. وفي اليابان كان ما أعلن عن معدل تسرب المياه المشعة في فوكوشيما بمثابة اعتراف بأن مخاطر حادث فوكوشيما أسوأ مما كان متصورا وأن المحطة التي تديرها شركة كهرباء طوكيو (تيبكو) لم تعرف بعد أبعاد الكارثة رغم مرور عامين ونصف العام على تعرض المحطة لزلزال وأمواج مد لاحقة. ولم تعترف تيبكو الا مؤخرا فقط بتسرب المياه. بحسب رويترز.

ووصف ابي مسألة احتواء مشكلة تسرب المياه من محطة فوكوشيما بأنها "مسألة ملحة" وأصدر أوامره للحكومة لأول مرة بالتدخل ومساعدة تيبكو على معالجة الازمة. وتسرب المياه المشعة من محطة فوكوشيما الواقعة على بعد 220 كيلومترا الى الشمال الشرقي من العاصمة طوكيو يكفي لملء حمام سباحة أوليمبي في أسبوع واحد. وتتسرب المياه المشعة الى المحيط الهادي لكن لم يتضح حجم الخطر الذي تشكله.

في السياق ذاته قالت شركة طوكيو إلكتريك باور (تيبكو) ان البخار تصاعد من مبنى مدمر يوجد به مفاعل في محطة فوكوشيما داييتشي للطاقة النووية بشمال شرق اليابان. واضافت الشركة المشغلة للمحطة ان مستويات النشاط الاشعاعي حول المحطة مستقرة وانها مازالت تعكف على معرفة سبب انبعاث البخار.

وقالت مايمي يوشيدا المتحدثة باسم تيبكو "نعتقد ان من المحتمل ان المطر وجد طريقه خلال مبنى المفاعل وسقط على وعاء الاحتواء الاساسي وهو ساخن وتبخر مما ادى لانبعاث البخار."

وكل المفاعلات محاطة بأوعية احتواء اساسية. وهي مصنوعة من الصلب المقوى الذي يتراوح سمكه من أربع الي ثماني بوصات وتمثل خط الدفاع الاساسي لمنع التسرب الاشعاعي من المفاعل. وقالت يوشيندا ان البخار المتصاعد من المفاعل رقم 3 تم رصده بواسطة مقاول كان يقوم بتصوير المبنى المدمر والتمهيد لازالة الانقاض من الموقع. واضافت انه كان بالامكان رؤية البخار بعد حوالي ساعتين من رصده.

اسرائيل تحذر العرب

على صعيد متصل قال دبلوماسيون عرب انهم سيسعون لتكثيف الضغط على إسرائيل بشأن ترسانتها النووية المفترضة لكن إسرائيل قالت ان أي محاولة "لانتقادها" ستكون لها نتائج عكسية. وقال مبعوث عربي في فيينا حيث يوجد مقر الوكالة الذرية "نحتاج ان نعلن عن احباطنا. نحتاج ان نثير بواعث قلقنا إزاء هذه القضية." وقال سفير إسرائيل لدى الوكالة ايهود ازولاي ان الدول العربية "تسلك مسارا يأتي بنتيجة عكسية من خلال إثارة هذه القضية. ومحاولة انتقاد إسرائيل."

وطالبت 18 دولة عربية في رسالة وجهتها إلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا امانو ونشرت بموقع الوكالة على الانترنت بإدراج "القدرات النووية الإسرائيلية" على جدول أعمال الاجتماع الذي سيعقد ايلول في العاصمة النمساوية. وجاء في الرسالة "يجب اتخاذ اجراءات مناسبة خلال اجتماع الوكالة لضمان ان تضع إسرائيل جميع منشآتها النووية تحت نظام الضمانات التابع للوكالة وتنضم إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية."

وقال دبلوماسيون عرب إن الدول العربية تبحث التقدم بقرار غير ملزم لكنه مهم من الناحية الرمزية بشأن القضية بعد ان امتنعوا عن ذلك خلال الاجتماعين السنويين السابقين للدول الاعضاء بالوكالة وعددهم 159 دولة. ومن المرجح ان تنتقد الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون مثل هذه الخطوة حيث يقولون إن توجيه اللوم لإسرائيل على نحو الخصوص قد يقوض خطوات أوسع نطاقا تهدف إلى حظر أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة. ومن المعتقد على نطاق واسع ان إسرائيل تمتلك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط وهو ما تدينه الدول العربية وإيران كما ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة في المنطقة غير الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. بحسب رويترز.

وتعتبر إسرائيل والولايات المتحدة ان إيران مصدر الخطر الرئيسي في العالم لانتشار الأسلحة النووية وتتهمان طهران بالسعي سرا لاكتساب القدرة على تصنيع أسلحة نووية وهو ما تنفيه إيران. واتفق خلال مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي عام 2010 على خطة مصرية لعقد اجتماع دولي لوضع أسس جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. ويقول المسؤولون الأمريكيون والإسرائيليون انه لا يمكن جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية إلا بعد التوصل الى اتفاق سلام موسع بين العرب وإسرائيل ووقف إيران برنامجها النووي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/آب/2013 - 10/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م