النشاط الشعبي وغياب التنظيم

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: مع الاتهامات التي يتعرض لها الشعب العراقي، بأنه شعب متلكّئ في المطالبة بحقوقه، وأن الاخرون يتجاوزون على حرمته، ساسة وقادة في الداخل والخارج، إلا أن النشاط الشعبي لعامة الناس له حضوره ايضا، لاسيما اننا نلاحظ مدى الغبن الذي يتعرض له العراقيون، من لدن دولتهم ومؤسساتها التي لم تستطع حتى هذه اللحظة ان تنصف هذا الشعب بما يستحقه من حقوق متنوعة، ومنها الخدمات الاساسية التي لامناص منها لأي تجمع بشري في العالم.

وقد وعى العراقيون، مدى الحيف الذي لحق ولا يزال يلحق بهم، وأخذت الانشطة الشعبية التي تأخذ شكل الاحتجاجات والمطالبات، تظهر على نحو متتابع وجلي، لتعلن عن رفض الشعب، وخاصة الطبقة الفقيرة، لما يتعرضون له من ظلم بخصوص توزيع الثروات، وهبوط مستوى المعيشة والدخل الشهري، مع الميزانية المالية الضخمة التي تتمتع بها دولة العراق بسبب التزايد الملحوظ في تصدير النفط.

ولكن ثمة ملاحظة رصدها المراقبون المعنيون بالأنشطة الشعبية، وهي تتعلق بغياب التنظيم في الحراك الشعبي العراقي، وعدم التنسيق السليم بين قياداته، فيبدو للمتابع وكأنه متشرذم غير منسجم ولا يؤدي الى النتائج المطلوبة منه او المتوقعة، الامر الذي يدل على اهمية التنسيق في هذا الشأن، ومغادرة التشظي، وعدم اخضاع النشاطات الشعبية الى المزاج، او حالات التفتيت التي ستجعل من جميع هذه النشاطات غير ذات جدوى، وتفقدها اهميتها كوسيلة ضاغطة على مؤسسات الدولة والسلطتين التنفيذية والتشريعية لكي تحترم حقوق الشعب.

هذا يعني أن قادة الانشطة الشعبية والمنظمات المعنية بهذا الامر، والنخب عموما، تفتقر لحالة الانسجام والتنسيق فيما بينها، والمثال الاقرب لدينا، هو الاعداد الحالي للتظاهر في حملة اطلق عليها (حملة الغاء الرواتب التقاعدية لاعضاء مجلس النواب او البرلمان العراقي)، هذه الحملة التي يجري الاعداد لها للضغط على السلطة التشريعية من اجل اصدار قانون يلغي الرواتب التقاعدية الضخمة لاعضاء مجلس النواب والوزراء والرئاسات واعضاء مجالس المحافظات، والتي تستنزف خزينة الدولة خاصة وانها لا تقف عند حد، أي انها مستمرة لجميع الدورات الانتخابية السابقة واللاحقة، وهو امر غير معمول به في جميع دول العالم، ويعد سابقة خطيرة لابد من ايقافها والقضاء عليها وعلى اضرارها الفادحة التي تلحق بالشعب العراقي.

ومع قوة حملة (الغاء رواتب اعضاء مجلس النواب التقاعدية)، وشمولها لجميع محافظات العراق، إلا ان غياب التعاون بين القيادات القائمة عليها واضح، وتكاد كل محافظة او مدينة تعمل في معزل عن الاخرى، وكذلك في معزل عن حملة العاصمة، الامر الذي يؤدي الى اضعافها واحتمال عدم تحقيق الاهداف المتوخاة منها، او تعويقها، خاصة ان هناك حملات مضادة لها تقوم بها الاطراف والجهات والشخصيات التي تعبر (التقاعد) لأربع سنوات فقط (مدة الدورة الانتخابية)، حق لها، كما يصرح بذلك بعض النواب ومنهم حسن العلوي الذي يقول في تصريح له ما معناه: (لا اسمح لاحد بإلغاء راتبي التقاعدي عن البرلمان لانه حقي وحقي اولادي!!)، وهو يعرف تماما ان خدمة السنوات الاربع لا يجوز ان تؤدي به الى الراتب التقاعدي لانها تناقض جميع التشريعات في العالم اجمع، فضلا عن الراتب الضخم الذي يتقاضاه، من دون وجه حق قانوني او وظيفي.

وهكذا نلاحظ حراكا شعبيا حاضرا في معظم المحافظات، لكنه ليس خاضعا للتنظيم، الامر الذي يضعف من تأثيره كثيرا، ولذلك لابد أن يكون هناك تنسيق واضح المعالم، في أي نشاط شعبي يهدف الى توضيح رأي معين، كي يشكل حالة ضغط لتصحيح خطأ معين، او لدعم حقوق الشعب العراقي، أما أن تبقى هذه الانشطة مبعثرة عشوائية، فإنها حتى لو كانت كثيرة وكبيرة، لا يمكنها تحقيق اهدافها، على العكس مما لو اتحدت القيادات ونسقت اعمالها واقوالها واهدافها مع بعضها، لتوحيد جهودها وتحقيق قوة ضغط اكبر على الجهات الحكومية او التشريعية المعنية بتحقيق مطالب الشعب، فإن النتائج ستكون افضل بكثير حتما.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/آب/2013 - 10/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م