حرب نووية من جانب واحد ضد سوريا... فما الحل؟

علي الأسدي

 

(1)

في الرابع من أيار\مايو الماضي شنت اسرائيل غارة جوية مستخدمة صواريخ صغيرة برؤوس نووية تاكتيكية The Israeli attacks on Syria, which even appear to have involved the use of mini-nukes, appear to have been a colossal blunder. وفي نفس اليوم أسقطت الدفاعات السورية طائرتين حربيتين.(1)

الخسائر البشرية والمادية كانت كبيرة بالتأكيد، لكن لم يعلن الا عن 300 قتيل ولاشيء عن الخسائر المادية، بينما تقول تقديرات اخرى أن الضحايا البشرية قد كانت بالالاف. كانت الغارة الاسرائيلية حول دمشق، وبحسب شهود عيان فان كرة من اللهب الساطع كأشعة الشمس قد شوهدت من على بعد أكثر من ثلاثة كيلومترات، بينما قدر ارتفاع الشعلة بحوالي كيلومتر واحد في الفضاء.

الإرهابيون الأوباش احتفوا بهتاف ألله أكبر سعداء باحتراق مئات الناس امام أنظارهم، فأي رب ذاك الذي يبارك أكلة القلوب مقلدي بنت ابي سفيان آكلة الأكباد.

الحادثة هي الأولى من نوعها من حيث حجم التفجير، والثالثة بعد القنبلتين النوويتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما وناكزاكي اليابانيتين خلال الحرب العالمية الثانية.

فما سبب تلك الغارة، ولماذا استخدم فيها ذلك السلاح المحرم في وقت كان بإمكان اسرائيل استخدام الاسلحة التقليدية كما كانت تفعل دائما في اعتداءاتها على الدول المجاورة بدءا بالأراضي الفلسطينية ثم السورية واللبنانية والسودانية والعراقية عبر السنين الماضية؟؟

استخدام اسرائيل لأسلحة الدمار الشامل شكل خرقا صارخا للقانون الدولي، اضافة لكونه تدخلا سافرا في أزمة سوريا الداخلية ليست هي طرفا فيها. استخدامها لهذا السلاح ضد دولة لم تعتد عليها يطرح أسئلة كثيرة حول واقعية معاهدة عدم الانتشار النووي.

في مقال للكاتب Condon Duff في موقع Vetran Today بتاريخ 18\6\2013 بعنوان " هل كان الهجوم الاسرائيلي بالسلاح النووي ردا ثأريا؟؟

ذكر فيه،.بأن الغارة جاءت ردا على اغراق سوريا للغواصة الاسرائيلية دولفين في 2\5\2013 في المياه الاقليمية السورية على بعد 150 كيلومترا من الشواطئ السورية، كانت حينها رابضة على عمق 150 مترا تحت سطح البحر. الغواصة الغارقة من صنع ألماني وتعمل بالديزل والكهرباء، وليس بعيدا عن موقع غرق السفينة كانت هناك سفينة تجسس ألمانية متطورة لم تستطع رصد اطلاق الطوربيد السوري الذي أغرق الغواصة الاسرائيلية. (2)

لم يجرِ تداول خبر اغراق الغواصة في الاعلام الدولي بشكل واسع، بنفس الوقت لم يجرِ تداول خبر الغارة الاسرائيلية على سوريا التي جاءت بعد يومين من اغراق الغواصة دولفين. وكما اعتادت دائما لم تعترف اسرائيل بقيامها بتلك الغارة ولا بالغارات الثلاثة الأخرى التي شنتها على سوريا التي كان آخرها في الخامس من شهر تموز – يوليو الماضي بغارة على ميناء اللاذقية السوري.

الصواريخ التي استخدمتها اسرائيل في غارتها النووية على سوريا هي صناعة امريكية كانت قد زودتها بها الولايات المتحدة خصيصا واستعدادا لشن غارات على المنشآت النووية الايرانية الموجودة في عنابر اسمنتية تحت الأرض. ما يعني أن اسرائيل قد تلقت الضوء الأخضر من الادارة الأمريكية لاستخدام ذلك السلاح المحرم دوليا واخلاقيا وسياسيا.

وربما قامت اسرائيل باستخدام تلك الصواريخ لاختبار فيما اذا ستكون فعالة لتدمير المنشآت الايرانية المحصنة، واذا ما استهدفته في دمشق كان منطقة مدنية وليست هدفا عسكريا فهي تعيد بذلك التجربة الأمريكية بحذافيرها عندما أسقطت قنابلها النووية على مدينتي هيروشيما وناكزاكي الآمنتين، حيث لم يكن هناك حينها اية أهداف عسكرية.

لكن الأمر لم ينتهي عند هذا، فقد أحدثت الغارة ردود فعل سياسية عاصفة في روسيا الصديق والحليف المعتمد لسوريا. رد الفعل الروسي على الغارة النووية كان سريعا كما ذكر، فاسرائيل بذلك قد تجاوزت الخط الأحمر في الحسابات الاستراتيجية الروسية. وبناء عليه أعادوا الاسطول الروسي للمنطقة بعدد كثيف من السفن الحربية بما يتناسب والتهديد النووي الأخير.

وتبعا لذلك أعادت سوريا توزيع صواريخها الدفاعية في اماكن أكثر امانا تحسبا لغارة اسرائيلية جديدة، وتحسبا ايضا لما يهيأ له اليمين الأمريكي بزعامة الجمهوري المغامر جون ماكين لفرض منطقة حظر الطيران في الأجواء السورية اقتداءا بالحظر الجوي الناجح الذي فرض على ليبيا الذي قاد الى انهيار ثم ازالة الدولة الليبية من خارطة العالم السياسية.

هو بالضبط ما يسعى اليه جون ماكين، اعادة تنفيذ نفس السيناريو الليبي لتسليم سوريا على طبق من ذهب لمنظمة النصرة الارهابية كما سلموا ليبيا لنفس العصابات الارهابية والتخريبية التي تعيث اليوم فسادا في طول ليبيا وعرضها. الحظر الجوي يقود الى اللادولة وهو ما يريده اليمين الامريكي.

وبحسب ما ذكره غوردون داف في مقاله المشار اليه اعلاه فقد زودت روسيا سوريا بصواريخ أس - 300 المضادة للصورايخ والمكافئة لصواريخ باتريوت الأمريكية، على أن تتبعها بصواريخ أس – 400 المتقدمة بعشرة سنوات على صواريخ باتريوت الأمريكية. وكان فلاديمير بوتين قد وعد سوريا أيضا بتزويدها باسلحة قادرة على تحقيق التوازن العسكري مع اسرائيل بحسب ما جاء في المقال.

وردا على قرار الرئيس أوباما وقادة الاتحاد الأوربي برفع الحظر عن تزويد النصرة والمتمردين بأسلحة متقدمة أوضح بوتين بأن روسيا ستزود سوريا باسلحة لم يعرف بها من قبل بما فيها صواريخ مقادة الكترونيا عبر الكومبيوتر لن تخطأ أهدافها أبدا. وستزود ايضا بصواريخ SKEAN 5 (أرض – بحر) قادرة على ضرب واغراق أي هدف بحري على بعد 250 كم من الشواطئ السورية. واذا صح ما نقل عن بوتين فما الحكمة من ذكر ذلك للصحافة الدولية، فخبر كهذا هو دعوة للمغامرين الاسرائيليين لاستهدافها وتدميرها قبل وصولها أو نصبها في المواقع المخططة لها.

وكنتيجة مباشرة لهذا التطور أشارت أنباء من تركيا أن أردوغان يحاول الانسحاب من تعهداته السابقة بدعم المتمردين السوريين ضد النظام السوري لخشيته من المواجهة مع الروس. ويذكر أيضا بأن أردوغان قد أعلم الرئيس الأمريكي أوباما بأن تركيا لن تكون ممرا للأسلحة والمتمردين الى سوريا.

ومع أن مثل هذا الموقف لم يؤكد بعد، غير أن اهتزاز موقع الحكومة التركية داخل المجتمع التركي الذي نتج عن احتجاجات أصدقاء البيئة قد يكون السبب في موقف أردوغان. وقد يكون الاستياء العام الذي عبر عنه الشعب التركي أخيرا احتجاجا على الاحكام الجائرة التي صدرت بحق جنرالات الجيش السابقين لاتهامهم بمحاولة انقلاب ضد الحكومة قد أضعف كثيرا موقع أردوغان أكثر.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت سابقا على لسان رئيسها أوباما ردا على ما أشيع بأن سوريا قد استخدمت أسلحة كيماوية، قوله، بان استخدام اسلحة كيماوية من قبل النظام السوري يعتبر خطا أحمرأ، وان نتائجه وخيمة على سوريا لو صح ذلك. لكن ما ظهر فيما بعد أن المنظمات الارهابية مثل جماعة النصرة هي وليس سوريا من استخدم المواد الكيماوية في النزاع الداخلي. ويكون من الضروري عندها البحث عن المصادر التي زودت ارهابي النصرة بغاز السارين.

لقد كشف عن تلك الحقيقة البروفيسور Chossudovski Michel استاذ كرسي في جامعة أوتاوا بكندا ومدير مركز ابحاث العولمة في مقابلة له مع مندوب قناة روسيا اليوم الاخبارية. حيث قال: (3)

اذا ما راجعنا التقارير الكثيرة المنشورة لحد الآن بما فيها تلك التي بثتها قناة سي أن أن الاخبارية الأمريكية، بل حتى الاسرائيلية فان جماعة النصرة هي التي تمتلك اسلحة كيماوية. وأن خبراء غربيين يقومون بتدريب مسلحي النصرة على استخدام تلك الأسلحة في كل من الأردن وتركيا، وقد أكدت الخبر قناة سي أن أن الأمريكية في التاسع من ديسمبر – كانون أول الماضي.

وعزز من ذلك التقرير الصادر عن لجنة مستقلة شكلتها الأمم المتحدة للتحقق من موضوع الأسلحة الكيماوية الذي تثبت بأن المقاتلين الاسلاميين في سوريا يمتلكون غاز السارين. وجاء التأكيد أيضا من منظمة حقوق الانسان التي نفت استخدام القوات الحكومية للسلاح الكيماوي. وأكد الخبر ايضا تقرير الشرطة التركية الذي اعلن عن اعتقال بعض مقاتلي النصرة لحوزتهم غاز السارين.

 وبحسب جودوفسكي فان ذلك يثبت ان أوباما تجاوز الخط الأحمر ويدعم القاعدة، وانه كذاب وارهابي، فهل هناك أكثر من هذا الدليل؟؟ 

(2)

الشعور العام للمجتمع الأمريكي يعارض أي تورط أمريكي جديد في منطقة الشرق الأوسط، فالتجربة المريرة لأكثر من عشر سنوات من الفشل في حربي العراق وافغانستان قد خلفت رأيا عاما أكثر واقعية. ففي استطلاع للرأي أجري اخيرا أظهر ان 70% من الذين استطلعت آرائهم يعارضون دعم الولايات المتحدة وحلفائها للمتمردين في سوريا، بينما أيد 20% منهم التدخل. الأكثرية تعتقد بان المتمردين لن يكونوا أفضل من النظام الحالي. ونجد لهذا الاتجاه من يقوده في الكونغرس الأمريكي.

فقد عقد عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي مؤتمرا صحفيا في الخامس من مارس\اذار الماضي شارك فيه نواب جمهوريون وديمقراطيون، قدمت فيه مسودة قرار من قبل العضو الجمهوري والتر جونس. يطالب القرار بمحاسبة أوباما في حالة ما اذا قتل جنديا أمريكيا واحدا في سوريا نتيجة عملية لم يجزها الكونغرس. وقال والتر جونس: " ليس هناك رئيسا ديمقراطيا أو جمهوريا يمكن أن يحصل على تخويل يتجاوز فيه الدستور ورغبة الشعب الأمريكي ويذهب لقصف دولة أجنبية لأنه لا يحب رئيسها ".(4)

 وهذا ما تشير اليه استطلاعات الرأي التي جرت في عدد من البلدان الأوربية على ضوء ما يصرح به بعض قادتها حول ضرورة فرض الحظر الجوي في الأجواء السورية. ويذهب الفيلسوف والمؤرخ السياسي الأمريكي الاستاذ السابق في جامعة مينيسوتا دوليت الأمريكية James H. Fetzer الى أبعد مما ذهب اليه عضو الكونغرس والتر جونس.

 ففي مقابلة معه نشرت على موقع Vetrans Today بتاريخ 5\5\2013 تحت عنوان:

 " Washington Overtly Supporting AL – Qaeda In Syria "

قال فيها: ان الولايات المتحدة تدعم على المكشوف القاعدة والسلفيين المتطرفين التكفيريين في سوريا وتسلحهم باسلحة حديثة لأجل تغيير النظام القائم في سوريا. ونقل عن رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي قوله: (5)

" اذا غزت الولايات المتحدة سوريا فان تركيا ستؤيدها وتعلن الحرب على سوريا. فسوريا قد تجاوزت الخط الأحمر المعلن من قبل أوباما، وان تركيا يمكن ان تقدم أدلة الى أوباما لاثبات استخدام سوريا لغاز السارين. وكما اعلنت الولايات المتحدة سابقا بأنها ستقدم أدلة الى طاليبان بأن بن لادن كان ضالعا في اعتداء 11\9\2001 الارهابي، وعندما اجتمعوا مع طاليبان في 16\5\2013 لم يقدم الأمريكان اي ادلة. ونفس الحالة مع سوريا، فقد وعدوا بتقديم أدلة، لكنهم قدموا أدلة زائفة ومفبركة."

ويذكر المؤرخ فيتزر، أن وزير الخارجية جون كيري هو من المحاربين القدماء الذين شاركوا في الحرب الأمريكية ضد الفييتنام وقد قلد وسام الشرف عن دوره فيها. وعندما عاد الى أمريكا بعد نهاية الحرب قدم شهادة أمام الكونغرس وصف فيها الفظائع التي ارتكبتها القوات الأمريكية هناك.

 الآن يصطف جون كيري مع الجيش السوري الحر ومنظمة النصرة التي وفق الأمم المتحدة ارتكبت أكثر من 300 عملا ارهابيا في سوريا، وهي مصنفة كواحدة من المنظمات الارهابية على لائحة الارهاب الأمريكية. وعندما عرضت صورة أحد جنود الجيش السوري الحر وهو يأكل قلب أحد قتلى الجيش السوري الشرعي فان وسام الشرف الممنوح للسيد كيري قد ذهب الى الأبد.

يعتقد فيتزر أن ليس للولايات المتحدة أي مبرر للتدخل في سوريا، لكن على ما يبدو هي الخطوة التالية في خطة الاطاحة بسبعة أنظمة سياسية في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الخمسة القادمة. وهو ما ذكره مرة الجنرال ويسلي كلارك بعد عودته للبنتاغون في نهاية خدمته كقائد أعلى للتحالف العسكري في أوربا. سوريا وايران هي المرحلة التالية في تلك الخطة التي رسمت على خلفية " حادثة 11\9 \ 2001 المفتعلة والمفبركة ".

وقال ايضا، إن حادثة 11\9 افادت اسرائيل بشكل تام أكثر من أي دولة أخرى، وظهر أن لتلك العملية جذورها في كتاب تم نشره عام 1987 تحت عنوان " الارهاب: كيف ينتصر الغرب " Terrorism: How the West Winn)) من تأليف: Bibi Natanyaho

انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990 – 1991 خلق مايعتبر قرنا أمريكيا جديدا، وفرصة تاريخية لبناء امبراطورية أمريكية عظمى والتحرك بقوة نحو الشرق الأوسط. ان أكثر الأمريكيين ليس لهم فكرة بأن حادثة 11\9\ 2001 استحدثت لتغيير السياسة الخارجية الأمريكية من سياسة عدم مهاجمة دولة أجنبية لم تعتدي على الولايات المتحدة الى سياسة خارجية تجيز شن الحروب على الدول الأخرى.

واستكمالا لذلك قاموا باجراء دستوري يسمح للحكومة الأمريكية بانشاء " وكالة الأمن الوطني" التي سيكون لها من الآن فصاعدا الصلاحية لمراقبة والاحتفاظ بسجلات لايميلات وارقام تلفونات والمحادثات التي تتم عبرها والسجل الطبي لكافة الأمريكيين وكذلك اصدقاء الولايات المتحدة في العالم. وقد بقيت تلك التغييرات طي الكتمان لحين الكشف عنها أخيرا من قبل الموظف السابق في الوكالة المذكورة أدوارد سنودين.

الولايات المتحدة تقود حربا ضد روسيا على الساحة السورية، ويزيد تلك الحرب سعيرا لجوء موظف وكالة الأمن القومي أدوارد سنودين اليها. فما أن تحاول السلطة السورية التوصل الى حل سلمي مع المعارضة الوطنية السورية تقدم الولايات المتحدة وحليفاتها المزيد من الدعم المالي والسلاح الحديث لمسلحي النصرة وحلفائهم لابقاء الحرب الأهلية مشتعلة.

وبنفس الوقت تقوم الطائرات الاسرائيلية بتدمير أسلحة ومواقع عسكرية سورية نيابة عن الولايات المتحدة مستخدمة الأجواء والقواعد التركية والأردنية. فقد قامت في الخامس من تموز – يوليو الماضي بتدمير مواقع ومخازن أسلحة في ميناء اللاذقية انطلاقا من قاعدة تركية كما تناقلته وكالات الانباء العالمية الذي كذبه وزير خارجيتها.

 تدمير القدرات العسكرية لسوريا كليا وانهاك الجيش السوري الى الحد الذي لن يعود بعده جيشا موحدا قادرا على مواصلة الدفاع عن البلاد هي الحصيلة التي يسعى اليها الغرب، لأنهم بذلك ينهون علاقة سوريا التحالفية بروسيا، بنفس الوقت الذي ينهون علاقة روسيا بدول الشرق الأوسط، لتجد اسرائيل في نهاية المطاف الدولة الجارة السابقة دولة بالاسم، منزوعة السلاح لا حول لها ولاقوة ولاصوت تحمها مليشيات متناحرة.

يرى الاستاذ فيتزر أن الاعتداء الاسرائيلي على سوريا الذي استخدمت فيه اسلحة نووية تكتيكية ترك دمارا فظيعا، وخلف ضحايا بشرية ومادية كبيرة. لقد أوجد الاعتداء الاسرائيلي المبرر لروسيا لاتخاذ عدد من الاجراءات لدعم سوريا في المجال الانساني والدفاع عن القانون الدولي الذي لم تحترمه اسرائيل ولا الولايات المتحدة. حتى أن فلاديمير بوتين قال لنتنياهو في سنغافورة " أن روسيا لن تسمح باعتداء آخر على سوريا".

لكن هل كان بامكان اسرائيل شن غارتها النووية على سوريا لو كان لسوريا قدراتها النووية الخاصة..؟؟

الاجابة تعرفها اسرائيل جيدا، وهي لذلك ومعها الولايات المتحدة تعارض بكل ما تستطيع من جهد لابعاد هذا الاحتمال الوارد. لكن قيام اسرائيل بتلك الغارة قد أضر باسرائيل أكثر مما أضر بسوريا، فالغارة ستفتح أبواب الجحيم امام شعوب منطقة الشرق الأوسط بما فيها اسرائيل نفسها.

وسنجد قريبا دولا نووية عديدة في منطقتنا لا دولة واحدة، فاذا لم تكن هذه الدولة أو تلك قادرة على انتاج اسلحة نووية فستكون قادرة على شرائها كأي سلعة مدنية أو عسكرية في المستقبل القريب، وكأي سلعة نادرة ستكون أرباحها خيالية.

فمن يستطيع منافسة الصين الشعبية على بدء تلك التجارة المربحة، ولأنها دولة نووية فمن بمقدوره منعها من القيام بذلك، فبلد المليار والنصف من البشر لن يبحث في تراب الأرض عن غذائه وله تلك القدرة النووية العظيمة مخزونة تحت اقدامه دون مردود..؟؟

ولا ننسى أن دولا مثل كوريا الشمالية تنتظر بفارغ الصبر الفرصة للبدء بتلك التجارة المربحة لدعم اقتصادها وتحسين حياة شعبها الفقير، وهي كما نعرف دولة مجاورة وشقيقة مقربة وجريئة وحليفة للصين الشعبية.

 وعلينا ان نتذكر الباكستان والهند فهما دولتان نوويتان ايضا وفقيرتان ايضا. ان معاهدة عدم الانتشار النووي تفقد معناها، وسيكون للأمم المتحدة المبرر لإعادة النظر بها استجابة لواقع جديد منذر بخطر انتشار السلاح النووي على نطاق واسع.

لكن على اسرائيل أن تتذكر أن الوضع الأكثر أمنا، والأقل تكلفة، والأقصر لتحقيق الرخاء لشعوب المنطقة بما فيها الشعب الاسرائيلي هو طريق السلام. ويشترط لذلك نبذ سياسة العداء والحروب وزج البلدان العربية في النزاعات التي نشهد صورها المرعبة في العراق وحاليا في سوريا وليبيا، وربما في مصر وايران والسعودية واليمن.

ولعل الذكرى 68 لإلقاء القنبلة النووية الأولى في الحرب العالمية الثانية التي دمرت المدينة اليابانية هيروشيما بجميع سكانها تعيد التذكير بفظاعة ذلك السلاح في الابادة الجماعية للبشر.

 لم تستخدم الولايات المتحدة تلك القنبلة دفاعا عن النفس بل انتقاما لهجوم جوي ياباني على أحد موانئها، عدا ذلك لم يكن لها أي مبرر عسكري. فالحرب العالمية عمليا كانت قد انتهت قبل ذلك بشهور باحتلال الجيش السوفييتي لبرلين واستسلام ألمانيا النازية بدون قيد أو شرط.

 الخيار الأفضل الوحيد أمام شعوب منطقتنا وعلى الأخص الشعب الاسرائيلي هو رفض انتاج وخزن واستخدام السلاح النووي واي سلاح دمار جماعي، وتشديد النضال لتعزيز السلام الاقليمي والعالمي ونبذ الحرب والعدوان. وعلى المستوى الداخلي يجب على شعوب منطقتنا الاعتماد على الذات أولا، بتعزيز وحدة قواها السياسية وحشد مواردها المادية والبشرية لتحسين مستوى ونوعية حياة الناس وضمان مستقبل افضل. واذا لم تقم الشعوب بذلك فلن يقوم أحد بتلك المهمة نيابة عنها.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/alialasidy.htm

...................................

لمزيد من الاطلاع يراجع:

1- Israel Drops Nukes on Syria- Putin Responds With Doosday Weapon, Worlds Press.com,19/6/2013

2- Condon Duff , Vetrans Today , Military and Foreign Affairs 18/6/2013

3- Mchel Chossudovsky , Global Research Center , 25/6/2013

4- Jeremy Herb , Obama Faces Backlash On Syria , The Hill , Global Affairs Blog ,6/3/2013

5- James H. Fetzer , Washington Overtly Supporting Al- Qaeda in Syria , Military and Foreign Affairs Journal

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 18/آب/2013 - 10/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م