الاوسمة والانواط... خدمات متعددة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: تختلف الدول في انظمة منحها للاوسمة والانواط والميداليات تكريما لمواطنيها الذين يقدمون خدمات متميزة لبلدانهم ومجتمعاتهم.. وهذا التكريم هو في الاساس تكريم معنوي، يفخر به حامله امام الاخرين. وهو ايضا له امتيازات مادية معينة تقل او تكثر حسب انظمة الدول التي تمنح فيها تلك الاوسمة والانواط والميداليات.

كانت تلك (التكريمات) من الظواهر العادية في حياة العراقيين ايام النظام السابق، وقد بدأت بصورة غزيرة ايام الحرب العراقية الايرانية، وبعد ذلك في حرب الكويت واستمرت في سنوات الحصار الاقتصادي ولم تتوقف الا بانتهاء عهد النظام السابق.. كانت اشهر الاوسمة والانواط انذاك، وسام الرافدين ونوط الشجاعة.

ولا انسى ما حييت صورة ذلك الاب الذي تحصل على نوط الشجاعة بعد تسليم ابنه الى الامن العراقي لرفضه الذهاب الى محرقة الحرب العبثية، ومدى انحراف هذا الاب عن مشاعر الابوة التي تعارفت عليها الفطرة الانسانية السليمة، لعلمه ان عقوبة الهروب من الخدمة العسكرية تلك الايام مصيرها الموت او قطع الاذن.

وكانت في العراق قبل العام 2003 عدد من تلك الاوسمة والانواط مثل: قلادة الرافدين، الوسام الجمهوري، وسام الرافدين، وسام الجدارة، نوط القوة الجوية، نوط الشجاعة، نوط الخدمة العامة، نوط الاستحقاق العالي، نوط الاستحقاق ، نوط حركات مايس 1941، نوط حرب فلسطين 1948، نوط الحرب، نوط النصر، نوط الإنقاذ، نوط 14 تموز 1958، نوط قمع العصيان في الشمال، نوط 14 رمضان 1963، نوط ثورة 17 تموز، نوط التعاون، نوط السلام، نوط اليوبيل الذهبي للجيش العراقي، نوط ام المعارك.

تم اختصارها هذه الايام الى ثلاثة اوسمة هي: وسام الوطن، وسام الشجاعة، نوط التكاتف الوطني.

لم افكر يوما في الكتابة عن هذا الموضوع حتى قرأت خبر فوز 16 امريكيا بجائزة وسام الحرية الرئاسي، وتساءلت عن مدى الاختلاف في هذا التكريم بين انظمة الحكم الديكتاتورية والانظمة الديمقراطية، وهل يعد الفخر واحدا بهذا التكريم؟ وكذلك طبيعة الاعمال ونوعها في الحالتين.

ضمت قائمة الفائزين الستة عشر بوسام الحرية الرئاسي الذين أعلن عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما، مجموعة من المشاهير والأسماء اللامعة وكان من بينهم رئيس أميركي سابق، وموسيقار جاز لاتيني شهير، وقطب إعلامي عالمي بارز و"فاعلة خير"، وسيناتور

وقال الرئيس أوباما في بيان صحفي إن "وسام الحرية الرئاسي يُمنح إلى الرجال والنساء الذين كرّسوا حياتهم الخاصة لإثراء حياتنا". وأضاف "لقد أنعم الله على الفائزين هذه السنة بمواهب استثنائية لكن ما يُميزهم عن غيرهم هو مشاركتهم هذه المواهب مع العالم، وسَيُشرفني أن أقدم لهم تذكارًا رمزيًا يعبّر عن امتنان أمتنا".

ويعتبر وسام الحرية أعلى وسام شرف مدني يُمنح في الولايات المتحدة إلى الأفراد الذين قدّموا مساهمات جديرة بالتقدير خاصة للأمن أو للمصالح القومية للولايات المتحدة، وللسلام العالمي، أو للمشاريع الثقافية أو غيرها من الجهود المُهمة العامة أو الخاصة.

وتشمل قائمة الذين تلقوا الوسام سنة 2013 الرئيس بيل كلينتون، وعازف الجاز الكوبي المولد آرتورو ساندوفال، والمذيعة التلفزيونية وفاعلة الخير أوبرا ونفري .

ويشار إلى أن العام 2013 يصادف أيضًا الذكرى الخمسين لتأسيس جائزة الرئيس جون إف كينيدي، وكذلك ذكرى أول احتفال بمنح هذه الجائزة إلى 31 فائزًا، ومنذ ذلك الحين، تمّ تكريم أكثر من 500 شخص بمنحهم هذا الوسام.

وفي الآتي قائمة ألـ 16 الذين تم منحهم وسام الحرية الرئاسي:

• إرني بنكس- أحد أكبر لاعبي البيسبول في التاريخ.

• بِن برادلي - مدير التحرير التنفيذي لصحيفة واشنطن بوست الذي أشرف على تغطية فضيحة ووترغيت ..

• بيل كلينتون الذي أنشأ مؤسسة كلينتون لتحسين الصحة حول العالم، وتقوية الاقتصادات، وتعزيز اللياقة والعافية، وحماية البيئة، وشكل صندوقًا مع الرئيس جورج دبليو بوش سنة 2010 لمساعدة هاييتي.

• دانييل إينويي (بعد الوفاة)- من قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية وحاصل على وسام الشرف.

• دانييل كانمان - هذا العالم الرائد في علم النفس فرّ من فرنسا التي كانت ترزح تحت الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وفي وقت لاحق طبّق علم النفس المعرفي على التحاليل الاقتصادية، واضعًا الأسس لحقل جديد من الأبحاث وحاز على جائزة نوبل التذكارية في علوم الاقتصاد سنة 2002.

• ريتشارد لوغار - السناتور السابق المعروف بالتزامه طيلة عقود بخفض تهديد الأسلحة النووية.

• لوريتا لِن - أسطورة موسيقي الكانتري.

• ماريو مولينا - عالم كيمياء رؤيوي وعالم بيئي وُلد في مكسيكو ونال جائزة نوبل في الكيمياء لاكتشافه كيف يستنزف الكلورو فلورو كربون طبقة الأوزون.

• سالي رايد (بعد الوفاة)- أول رائدة فضاء أميركية سافرت إلى الفضاء، وكانت نموذجًا يُحتذى لجيل من النساء الشابات، دافعت عن تعليم العلوم وعن المساواة بين الأجناس والأعراق والتطلعات التي لا حدود لها.

• بايارد راستين (بعد الوفاة)- هذا المدافع العنيد عن الحقوق المدنية والكرامة والمساواة خدم بصفته مستشارًا لمارتن لوثر كِنغ (الإبن)، ونظم سنة 1963 المسيرة إلى واشنطن للمطالبة بالوظائف والحرية.

• آرتورو ساندوفال - عازف موسيقي.

• دين سميث – المدرب الرئيسي لفريق كرة السلة في جامعة نورث كارولينا لمدة 36 سنة، وقد تقاعد بصفة أكثر مدرب لكرة السلة الجامعية يسجل انتصارات في التاريخ.

• غلوريا ستاينم - كاتبة شهيرة ومدافعة ناشطة عن حقوق المرأة والحقوق المدنية.

• كوردي تِندِل "سي. تي." فيفيان - قسيسة بروتستانتية ، وكاتبة و كانت قائدة في حركة الحقوق المدنية وصديقة لمارتن لوثر كينغ (الإبن).

• باتريشا وولد - امرأة رائدة في مجال القانون وكانت إحدى أبرز قضاة الاستئناف في جيلها وخدمت لاحقًا في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

• أوبرا ونفري - المعروفة أكثر ببرنامجها "ذي أوبرا ونفري شو" الذي أصبح برنامج الحوار التلفزيوني الذي يحقق أعلى نسبة من المشاهدين في أميركا طيلة 25 سنة، وقد كانت وما زالت نشطة في الأعمال الخيرية وفي توسيع نطاق الفرص أمام النساء والشابات.

على مدار خمسين عاما تم منح هذا الوسام الرفيع لخمسمائة فقط من المشاهير، في حين كان القائد الضرورة وعلى مدى اكثر من ربع قرن يمنح اوسمته ونياشينه للمتميزين في حروبه او في واجباتهم الامنية تجاه العراقيين، سجنا او تعذيبا او مطاردة.. وليست لدي احصائية دقيقة حول تلك الاعداد الا انها قطعا تفوق اعداد الامريكيين من حملة هذا الوسام..

وليس بعيدا عن العراق زمن النظام السابق، ففي مصر أحال النائب العام بلاغاً يتهم الرئيس المعزول محمد مرسى بالحصول على أنواط ونياشين خلال توليه مهمة رئاسة البلاد يحصل منها على مزايا مالية ومكافآت بالمخالفة للقانون للتحقيق فى نيابة الأموال العامة العليا.

ففى غضون شهر أغسطس من العام الماضى، فوجئ جموع الشعب المصرى بصدور قرار من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، قام بموجبه بمنح نفسه العديد من الأوسمة والنياشين دون وجه حق أو القيام بإنجازات تستحق نيله تلك الأوسمة والأنواط.

وأوضح البلاغ أن تلك الأوسمة والأنواط التى حصل عليها «مرسى» هى قلادة النيل وقلادة الجمهورية ووسام النيل الأكبر وميدالية الجمهورية ووشاح النيل ونوط الجمهورية من الدرجة الأولى ونوط الاستحقاق من الدرجة الأولى ونوط العمل من الدرجة الأولى ونوط الامتياز، بالرغم من عدم تحقيقه لأى إنجازات تستدعى منحه هذه المكافآت.

كما تبين أن هذه الأوسمة والنياشين يتقاضى صاحبها مكافأة شهرية حيث يتقاضى «مرسى» عن مجموع ما منح لنفسه مبلغ 177 ألف جنيه شهرياً، بخلاف الحصانة التى تمنح لصاحب تلك الأوسمة مدى الحياة.

وفي ليبيا ايام معمر القذافي، صدر كتاب (العالم يكرم القائد معمر القذافي)، جاء في مقدمته والتي عادة ما تنضح بلغة التملق والنفاق، (نادرون في التاريخ الانساني أولئك الذين كرمهم الإنسان بعد أن كرمهم الرحمن، إنهم الفئة القليلة التي غلبت المحن وناصرت المستضعفين ودفعت الظلم، وأشرقت على دنيا الناس بضياء العقل المستنير والمبدأ المستقيم والعمل الصالح، وتصدت للذين أحلوا قومهم دار البوار من الرجعيين والمفسدين في الأرض وأزلام الطغاة). ويكتب ايضا (لم يحظ قائد في التاريخ المعاصر بهذا القدر من الأوسمة والأنواط والنياشين والدروع التي منحته إياها دول العالم شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، لأنه ببساطة شديدة القائد الذي انتصر للجماهير في كل مكان من العالم).

يتضمن الكتاب 200 وسام تم تقديمها إلى معمر القذافي من شخصيات تاريخية وسياسية وثقافية ونضالية وتقدمية وفنية واجتماعية واعتبارية، بدءا من الوسام الأول الذي تحصل عليه، وهو قلادة النيل التي منحها له الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بنهاية الشهر الأخير عام 1969.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 17/آب/2013 - 9/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م