المرأة في الإسلام... مصونة وسط نيران الحروب

قبسات من أفكار المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: أكثر ما يؤلمنا نحن المسلمون في خضم الصراعات المسلحة والنزاعات الدموية التي تدور رحاها في أكثر من بلد اسلامي، ليس كثرة الجراحات وشدة النزف، فهو أمرٌ متوقع من مشاهد العنف، والعنف المضاد، التي ارتضاها الكثير لأنفسهم، إنما المؤلم والمؤسف في آن، التخلّي كاملةً عن المبادئ والقيم التي جاء بها الإسلام على يد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، من قبل أناس يرفعون شعار "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وتُعد المرأة من جملة مناطق الألم الحساسة في جسد الأمة.

لا الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة والمغامرة، ولا الجماعات المسلحة المتخفية خلف قناع الإسلام، ولا حتى بعض أدعياء الدين والفُتيا. راعوا مكانة وكرامة المرأة في حروبهم ونزاعاتهم المسلحة، فقد باتت درعاً بشرياً تارةً، وأرملة تحمل أعباء التشريد في الفيافي والجبال والقفار، والتهديد بعرضها تارة أخرى.

لقد سمعنا عن وجود النساء، ومن شرائح مختلفة، من المتعلمات والفتيات وربات البيوت، تحت الخيام في معسكرات اللاجئين في غير بلد اسلامي، كما سمعنا آخر سقوطاً مريعاً من شاهق اخلاقي جديد، عندما انتشر عدد من الرجال (أنصاف الرجال) في مخيمات اللاجئين السوريين في الاردن، مثل الجراد المنتقم من المزارع المعطاءة، وهم يطالبون النسوة هناك بتزويج فتياتهن أو حتى التزوّج بهنّ اذا كنّ من الارامل، بدعوى الحفاظ عليهن من الانزلاق في الرذيلة! وهو التحذير الذي وصل الى النسوة السوريات قبل أن يصل اليهنّ المواد الغذائية والدوائية واحتياجاتهن الاساسية وما يحفظ كرامتهن.

أما الشاهق الأعلى للسقوط الذي صدحت الجماعات المسلحة في سوريا، فهو إباحة "سبي النساء" لعناصر الجماعات التكفيرية والارهابية التي تقاتل في سوريا. والأمر ليس من قبيل الإشاعة او الإثارة، إنما هو خبر اذاعته قناة "الخبر" الاردنية نقلاً عن موقع أحد رموز السلفية في الاردن "ياسر العجلوني" في فيسبوك، وهو يقول بعظمة لسانه: "ادعو المجاهدين في الشام الى تملّك السبايا اللاتي تقع في ايديهن من نساء.. وسأبين بالفيديو الحكم الشرعي الذي يؤكد أحقية الرجل في وطأ ملك يمينه من غير الحاجة لموافقة السلطات في بلده..."!

هذا الرجل الذي يدعّي الإسلام، يستهدف نساء مسلمات يؤدين الفرائض الدينية، ولسن من الكفار.. هذا المآل الخطير يذكرنا بغياب الصورة المشرقة للمرأة في الإسلام في ظل التعاليم الإسلامية السمحاء. وهذا تحديداً ما يذكرنا به سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي – دام ظله- في كلمة له عن مكانة المرأة في الإسلام، بل يشير الى حقيقة ناصعة أخرى، وهي السماحة مع المرأة الكافرة، وليس المسلمة وحسب.

ويورد سماحته حادثة مثيرة حقاً جرت في معركة "حنين" المعروفة أنها من المعارك الخطيرة جداً في تاريخ الاسلام، ذكرها القرآن الكريم، وكاد المسلمون أن ينهزموا أمام الكفار لولا الصمود والتحدي والعون الإلهي، فقد تحالفت قوى الكفر آنذاك لإنهاء أمر النبي الأكرم والإسلام بشكل كامل. وبما أن العرب كانت تلتزم بقاعدة اصطحاب النساء في المعارك، للدلالة على القوة وعدم التفكير في الهزيمة والتراجع، لأن الهزيمة تعني تعرض النساء للأسر والسبي، وبالنتيجة العار لتلك القبيلة او ذلك الجيش. فقد حضرت عدد من النسوة من بينهنّ "شيماء" أخت النبي من الرضاعة. وبعد أن حسم المسلمون المعركة لصالحهم وكسرت شوكة المشركين تم أسر النساء، من بينهنّ أخت النبي من الرضاعة، فنادت النبي من بعيد:

يا محمد...! أتعرفني..؟ فأجابها النبي صلى الله عليه وآله: من أنت؟

ثم صارت تعاتب رسول الله صلى الله عليه وآله، لأنها اصبحت بين الأسرى والسبايا، وكان بإمكان الرسول أن يرد عليها عتابها، على الأقل لأنها شاركت في المعركة الى جانب المشركين وآزرتهم وقدمت لهم الدعم المعنوي. لكنه صلى الله عليه وآله لم يفعل، إنما بادرها بالإحسان، وقال: أمّا أنا فاتنازل عن حقّي وعن حق بني عبد المطلب، وأعفو عنك، ولكن إئتي المسلمين واطلبي صفحهم، وأنا شفيعك في ذلك.. ففعلت بعد أن أعلمت المسلمين أنها رضيعة النبي صلى الله عليه وآله، فعفوا عنها جميعاً.

لم تكتف شيماء بهذا العفو لنفسها، فقالت: يا رسول الله.. لقد جئت في نساء عشيرتي، فأعود الآن وحدي؟!

فما كان من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ومعه المسلمين، إلا أن عفوا عنهنّ جميعاً، فعدن جميعهن وقد أسلمن.

الصورة الناصعة للمرأة في الإسلام لا ينحصر في الإحسان والاستعطاف، إنما في البعد الحضاري، حيث يشير سماحة المرجع الشيرازي الى أن تلكم النسوة كانوا ضمن جيش هدفه إزالة الاسلام من جذوره، وهو تهديد ماحق وخطير من الصعب السكوت عليه. لكنهنّ عندما اصبحن في يد المسلمين وتحت التعاليم السمحاء، اصبحن أحراراً وهذه الحرية هي التي تهديهنّ الإسلام. وبالتأكيد فإن وجودهن في ظل تعاليم أشبه ما تكون بشريعة الغاب واستفحال القوي على الضعيف، كما هو الحال في سوريا في ظل الجماعات التكفيرية والدموية، فان المرأة ستكون بعيدة كل البعد عن نور الإسلام.

من هنا يدعو سماحته المرأة الواعية والمثقفة لأن تنشر الصورة المشرقة للمرأة في ظل الإسلام المحمدي الأصيل، واصفاً الإسلام الذي يدينين به بأنه "كنز عظيم، فاذا عرضتن مثل هذه الكنوز في أوساط غير المسلمات، وأحسّ هؤلاء بصدقكن، فانهن سيسلمون ولو بعد حين".

وبذلك نكون قد حمينا الإسلام من وصمات وتشوهات يلحقها أحفاد الجاهلية الأولى المنتشرون مثل الفيروس القاتل في جسد الأمة في غير بلد اسلامي. ويعرف العالم، لاسيما المرأة حقيقة الإسلام وتعامله مع المرأة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 15/آب/2013 - 7/شوال/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م