شبكة النبأ: منذ عشرة اعوام أشتعل
النزاع في دارفور -الإقليم الواقع في غرب السودان- عندما ثار متمردون
من اقليات قبلية على ما اعتبروه هيمنة النخبة العربية على سلطات وثروات
السودان.
ومنذ ذلك تفاقمت المشكلات الامنية مع اندلاع مواجهات قبلية وعمليات
خطف وسرقة وجرائم اخرى، يشتبه كثيرون في أن من يقف وراءها هم مليشيات
تابعة للحكومة ومجموعات شبه عسكرية، وعلى الرغم من تراجع العنف عن
الذروة التي بلغها في عامي 2004 و2005، لكنه اشتعل من جديد هذا العام
نتيجة للقتال على الموارد والأرض فيما بين القبائل العربية التي سلحتها
الحكومة في بداية الصراع، وفشلت الجهود الدولية المستمرة منذ سنوات في
إنهاء أشد الصراعات تعقيدا في السودان، فلا يزال إقليم دار فور يعيش
وضع إنساني حرج وغير مستقر ومضطرب بالنسبة لمن نزحوا منذ سنوات وكذلك
لكثيرين ممن نزحوا في الآونة الأخيرة.
حيث تصاعد العنف في الإقليم على نحو مضطرد بداية العام الحالي مع
اقتتال القوات الحكومية والمتمردين وقبائل عربية فيما بينها، بينما
كثيرا ما تتعرض قوات حفظ السلام للهجوم عندما تحاول معرفة ما يجري على
الارض، أدى آخرها الى قتل سبعة من الجنود التنزانيين الذين وجرح 17
اخرين وافراد من شرطة اليوناميد، في هجوم هو الاسوأ الذي تتعرض له
اليوناميد منذ بدء عملياتها قبل خمس سنوات، وتعرضت القوة للانتقاد
احيانا لانها لم تستخدم كل السلطات التي في حوزتها لاحتواء تصاعد العنف
المتفشي في السنتين الاخيرتين، ولا توجد قيادة مشتركة للقوة وهو ما
يعرقل التنسيق والانتشار السريع في المناطق الساخنة، ومن الصعب التحقق
من الاحداث في دارفور حيث يفرض السودان قيودا شديدة على سفر الصحفيين
وعمال الاغاثة والدبلوماسيين الي المنطقة والانتقال داخلها.
كما تصدرت المعارك القبلية مشهد العنف المتصاعد في هذه المنطقة
مؤخرا، وأدت التناحرات القبيلة الى مزيد من التوتر الامني في المنطقة
مما أدت الى انهيار القانون والنظام في معظم انحاء دارفور.
فيما يرى بعض المحللين ان الاحداث الامنية المضطردة مؤخرا هي انعكاس
للنزاع القديم في دارفور والذي امتد لعشرة سنوات بعد ان فقدت الحكومة
سيطرتها على مناصريها من القبائل العربية المعرفون باسم الجنجويد
والقتال بين القبائل هو المصدر الرئيسي للعنف في دارفور اكثر من
الاشتباكات بين الحكومة والمتمردين خلال هذا العام، وعليه ففي ظل تتجدد
النزاعات والصراعات نتيجة الثغرات الأمنية والسياسية والحقوقية التي
تقف عقبة امام التوصل إلى تسوية متوازنة ومستقرّة بين طرفي النزاع، مما
سيبقى الصراع بينهما مأزق متأرجح في المستقبل.
عودة المعارك القبلية
في سياق متصل أكدت قبيلتان متقاتلتان في اقليم دارفور غرب السودان
انهما توصلتا الي اتفاق لوقف اطلاق نار بعد ايام من القتال الذي اسفر
عن مقتل اكثر من مئتي شخص، وقال احمد خيري احد زعماء المسيرية في اتصال
هاتفي مع " توصلنا الي اتفاق تهدئة"، واضاف "لا اعتقد ان مزيدا من
القتال سيحدث اليوم او في الايام القادمة"، واكد احد قادة السلامات
الطرف الاخر في القتال ان الطرفين يحاولان وقف العنف في غرب دارفور
وانهما سيحاولان الوصول الي اتفاق سلام بعد ان انهار اتفاق سلام وقعه
الطرفان في وقت سابق، واكد خيري ان اكثر من 200 شخص قتلوا منذ الجمعة
الماضية اغلبهم من السلامات، ولكن السلامات ااشاروا الي ان ارقام
قتلاهم اقل من ذلك واكدوا مقتل 52 منهم في معركة واحدة. بحسب فرانس برس.
في غضون ذاك اكدت قبيلة عربية في اقليم دارفور، غرب السودان، انها
قتلت مائة من افراد قبيلة اخرى بعد ايام على مواجهات دامية واعمال عنف
بين القبيلتين، وقال احمد خيري احد زعماء قبائل المسيرية لوكالة فرانس
برس "خسرنا 28 من رجالنا وقتلنا مئة منهم". وكان خيري يتحدث عن
الاشتباكات مع قبيلة السلامات قرب مدينة قارسيا بغرب دارفور، واضاف "ان
قوات من الطرفين تحتشد في اماكن مختلفة".
وقال احد زعماء قبيلة السلامات "قتل عدد كبير من الاشخاص من
الجانبين"، واضاف هذا الزعيم القبلي طالبا عدم ذكر اسمه "امس وقع قتال
عنيف ... بعد ان هاجمت المسيرية قريتنا بالاسلحة الثقيلة"، ويؤكد
الطرفان مقتل عشرات الاشخاص منذ تجدد اعمال العنف بين المسيرية
والسلامات مطلع تموز/يوليو، وقال الزعيم القبلي من السلامات ايضا ان
"الحكومة وعدت بارسال قوات من زالنغي للتدخل بين الطرفين لكنها لم تصل
بعد" في اشارة الى عاصمة ولاية وسط دارفور.
وتبعد قارسيا نحو 150 كلم شمال منطقة ابوجرادل حيث اوقعت معارك بين
المسيرية والسلامات 94 قتيلا، معظمهم من قبيلة السلامات، بحسب ما اكده
خيري، وقالت قبيلة السلامات ان 52 من رجالها قتلوا في تلك الاشتباكات
في جنوب غرب دارفور على الحدود مع تشاد وجمهورية افريقيا الوسطى، وذكر
تقرير اجرته مجموعة الابحاث المستقلة "سمول آرمز سورفي" ومقرها سويسرا
ان امتداد الصراع الى قبيلتي السلامات والمسيرية ومجموعات اخرى "مقلق
لانه يشير الى ان السبل المحلية لحل الخلافات المتأزمة اصلا بسنوات
الحرب، يمكن ان تشهد المزيد من الانهيار".
وتقول الامم المتحدة انه بنهاية حزيران/يونيو بلغ عدد النازحين
السودانيين الذي فروا الى تشاد بسبب اعمال العنف القبلية في جنوب غرب
دارفور وولاية شمال دارفور 30 الفا، وتفجرت الاشتباكات بين المسيرية
والسلامات في نيسان/ابريل الماضي لكنهما وقعتا اتفاق سلام في 3 تموز/يوليو.
وبعد ايام كانتا تتقاتلان مجددا، واجبرت اعمال العنف برنامج الاغذية
العالمي التابع للامم المتحدة على تعليق عملية توزيع المساعدات
الغذائية لاكثر من 32 الف محتاج في قارسيا، مدة 13 يوما، وتمكن
البرنامج من انهاء عملية التوزيع بحسب المتحدثة امور الماغرو، وقد قامت
قبيلتان عربيتان اخرييان في ولاية شمال دارفور هما بني حسين والرزيقات
بالتوقيع على اتفاق سلام ينهي نزاعا بينهما قال احد اعضاء البرلمان انه
اوقع في بضعة اسابيع مئات القتلى. بحسب فرانس برس.
وقال رئيس السلطة الاقليمية لدارفور، التيجاني سيسي خلال مراسم
التوقيع ان "غياب سلطات الدولة ادى الى الاقتتال" وطالب بتدابير صارمة
من قبل قوات الامن، ونقلت وكالة السودان للانباء الرسمية (سونا)
تصريحاتهن وفي نفس المراسم قال نائب الرئيس علي عثمان طه ان الرئيس عمر
البشير "يقوم بوضع رؤية شاملة بشان ايجاد حلول جذرية لمشكلات السودان
ومعالجة اسباب الصراع في دارفور" بحسب سونا، والبشير ملاحق من قبل
المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية
والابادة في دارفور، وفي نيسان/ابريل الماضي اتهمت قبيلة السلامات
عناصر في شرطة الاحتياط المركزية شبه العسكرية بالمشاركة في معارك في
رهيد البردي قرب ام دخن في دارفور، وقالت ان تلك المعارك اوقعت عشرات
القتلى.
ويتهم خبراء الامم المتحدة ونشطاء حقوق الانسان قوات الامن الحكومية
بالمشاركة في القتال في منطقة دارفور القبلية، غير ان محمد بن شمباس،
رئيس بعثة يوناميد، قال ان طبيعة الخلافات القبلية -وخصوصا التنافس على
ملكية الارض وعلى المياه والمعادن- يجعل من الصعب معرفة من كان يقاتل
بجانب من حيث ان للشرطة والميليشيات ايضا انتماءات قبلية.
مهاجمة قوة حفظ السلام في دارفور
فيما اتهمت حركة متمردة في ميليشيا على صلة بالحكومة السودانية بنصب
الكمين ا لقوة الامم المتحدة والاتحاد الافريقي المشتركة لحفظ السلام
والذي ادى الى مقتل سبعة من جنود هذه القوة وجرح 17 اخرين، وقال
المتحدث باسم حركة تحرير السودان جناح مني مناوي عبد الله مرسال "ليس
لدينا شك بان من قامت بهذا ميليشيا حكومية لان الميليشيات الحكومية
تنتشر بكثافة في خور ابشي، وهذه المنطقة بالكامل تحت سيطرة الحكومة".
في المقابل، اتهمت الخارجية السودانية التي دانت الهجوم متمردي جيش
تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور بشن الهجوم، لكن عبد الواحد
محمد نور، على غرار مرسال، اتهم "اجهزة الاستخبارات والميلشيات"
الموالية للحكومة بنصب الكمين للقوات الاممية.
بدوره، قال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة جبريل ادم ان
"الميليشيات التابعة للحكومة هي من قامت بهذا وخاصة ان الهجوم وقع في
منطقة تحت سيطرة الحكومة، اضافة لذلك فهذه الميليشيا تحمل سلاح الحكومة
وتستخدم الياتها اي ان هؤلاء الجنود تم الهجوم عليهم بسلاح الحكومة
السودانية"، واعلنت البعثة المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الافريقي
في دارفور (يوناميد) انها تعرضت لكمين من مجموعة مسلحة كبيرة مجهولة
السبت على بعد 25 كلم من معسكر البعثة بمنطقة خور ابشي شمال عاصمة
ولاية جنوب دارفور نيال، ودانت مفوضية الاتحاد الافريقي الهجوم. وقالت
رئيسة المفوضية نكزونا زوما في بيان "ليس هناك من سبب ان يخسر اناس من
خارج السودان ارواحهم وهم يتطوعون لاعادة السلام في السودان في هجوم
كهذا"، واضاف البيان "تدعو رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي الحكومة
السودانية لاتخاذ كل الخطوات المهمة من اجل القبض على المجرمين وجلبهم
للعدالة ليلقوا جزاءهم على جريمتهم"، واتهم خبراء تابعون للامم المتحدة
وناشطون حقوقيون وزعماء قبليون القوات الامنية بالتورط في القتال
القبلي هذا العام.
واعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن غضبه الشديد من "الهجوم
الشنيع" ودعا الخرطوم الى اتخاذ خطوات سريعة من اجل تقديم الجناة
للعدالة، واعتادت الامم المتحدة على اطلاق مثل هذا النداء للحكومة
السودانية كلما تعرض اصحاب القبعات الزرق لهجوم، وقال مصدر بالامم
المتحدة طالبا عدم كشف اسمه "لم يتم محاسبة اي شخص في البلاد من جراء
قتله افراد حفظ السلام"، وقال وزير خارجية كندا جون بيرد ان الهجوم "مستهجن"
واكد قلق بلاده من تدهور الاوضاع الامنية في دارفور والسودان، وتقدر
الامم المتحدة عدد الذين فروا من قراهم جراء احداث العنف هذا العام ب
300 الف شخص، وهو عدد يفوق عدد الذين تركوا قراهم في الاقليم خلال
العامين الاخيرين. بحسب فرانس برس.
وقال تقرير لخبراء الامم المتحدة مطلع هذا العام ان افراد ميليشيا
كانت تقاتل سابقا الى جانب الحكومة احيانا، تعبر عن انتهاء صلتها
بالحكومة عبر شن هجمات على يوناميد افرادا ومنشآت، ورفضت حركة مناوي
وحركات تمرد اخرى رئيسية اتفاق السلام الذي وقعه تحالف حركات منشقة
عنها مع الخرطوم قبل عامين، وادلت يوناميد بمعلومات قليلة حول الهجوم
وقالت "الدورية تعرضت لاطلاق نار كثيف حتى وصلت تعزيزات تمكنت من
اانقاذ الفريق"، وقالت ان الهجوم وقع ليمنع البعثة من تقييم الاوضاع في
منطقة اشارت تقارير الى وقوع اعمال عنف فيها، واليوناميد اكبر بعثة حفظ
سلام في العالم مؤلفة من 20 الف جندي وشرطي ومفوضة حماية المدنيين.
أعادة تنظيم قوات الأمم المتحدة
الى ذلك دعا مجلس الامن الدولي الى مراجعة تنظيم قوة الامم المتحدة
لحفظ السلام في دارفور التي تديرها المنظمة الدولية بالاشتراك مع
الاتحاد الافريقي والتي واجهت اخيرا هجمات دامية، وقتل سبعة من عناصر
هذه القوة الدولية في منتصف تموز/يوليو في دارفور في اكبر هجوم دام ضد
القوة.
وقتل مئات المقاتلين في هجمات بين قبائل متخاصمة بينهم 130، وبحسب
الامم المتحدة فان 300 الف شخص اضطروا للهروب من منازلهم من بداية
العام، وقد وافقت الدول ال15 الاعضاء في مجلس الامن الدولي بالاجماع
على تمديد مهمة القوة المنتشرة في دارفور حتى اب/اغسطس 2014، لكنها
طلبت ايضا من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مراجعة تنظيم هذه
القوة لحفظ السلام التي تعد 19 الف جندي وشرطي. واوصى المجلس بتغييرات
من الان حتى شباط/فبراير. بحسب فرانس برس.
وطلب مجلس الامن ايضا من بان كي مون اجراء "دراسة مفصلة بشان التقدم
الذي احرزته القوة" بشان اهدافها. ويامل ايضا في ان تستخدم القوة "كل
التفويض الممنوح لها وكل قدراتها" لحماية المدنيين، ويريد ايضا
"انتشارا عسكريا فاعلا ومزيدا من الدوريات في المناطق الخطرة".
في سياق متصل قالت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين إن
السودان طرد 20 من موظفيها العاملين في مساعدة مئات الآلاف من الناس
الذين شردتهم الحرب في إقليم دارفور، وقالت المتحدثة باسم المفوضية
ميليسا فليمنج في مؤتمر صحفي اعتيادي في جنيف إن السودان لم يجدد أذون
عمل 20 موظفا من بين 37 موظفا دوليا بالمفوضية يعملون في دارفور،
وأضافت “طلب من معظمهم مغادرة البلاد خلال فترة قصيرة في يوليو، ولذلك
لم نتمكن من القيام بعملنا هناك بفاعلية”.
وتساعد المفوضية في توفير الحماية والمأوي وفي إعادة النازحين الذين
بلغ عددهم حوالي مليوني شخص في دارفور من بينهم 1.2 مليون يعيشون في
مخيمات. وقالت المفوضية إن حوالي 300 ألف شخص تقريبا نزحوا هذا العام
بينهم 100 ألف في الشمال.
ولم يكن لدى المفوضية تفسير لطرد موظفيها الذين كانوا يقيمون جميعا
في الفاشر في شمال دارفور الذي وصفته فليمنج بأنه “محور رئيسي
للعمليات”، ولم تذكر تفاصيل عن الموظفين لكنها قالت إن إبعادهم لا
يرتبط بجنسياتهم على ما يبدو. بحسب فرانس برس.
وقالت إنه من المعتقد أن حكومة الخرطوم وليس المسؤولين المحليين هي
التي اتخذت قرار عدم تجديد أذون العمل، ولم تواجه وكالات أخرى تابعة
للأمم المتحدة مثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) وبرنامج
الأغذية العالمي أي مشكلة عند تجديد أذون عمل موظفيها، وفي واشنطن قالت
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جين ساكي ان السودان يجب عليه
أن يقوم على الفور بتجديد أذون عمل موظفي المفوضية، وقالت ساكي في بيان
“نحن ندعو حكومة السودان إلى ان تسمح للمفوضية وكل العاملين في المجال
الأعمال الخيرية بالوصول بلا قيد إلى كل أجزاء دارفور لحماية ضحايا
الصراع ومساعدتهم” وإلى “مساندة تنفيذ اتفاقات السلام”، وأضافت أن نحو
50 ألف سوداني فروا إلى تشاد في أبريل نيسان الماضي بعد نوبة من الصراع
في دارفور لكن النزوح إلى تشاد “توقف إلى حد كبير” في الآونة الأخيرة. |