اوباما والاقتصاد الامريكي... الانعاش القسري

 

شبكة النبأ: لايزال الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعلى الرغم من التحديات والضغوط الداخلية التي يتعرض لها من قبل بعض المعارضين، يوصل الدفاع عن خططه الخاصة التي تدعو الى انعاش وتحفيز الاقتصاد الامريكي، الذي يعاني من مجموعة من المشاكل التي سببتها الأزمة المالية العالمية، التي أثرت وبشكل سلبي على حياة المواطن الأمريكي وأسهمت بعرقلة العديد الخطط والبرامج وتسببت بارتفاع معدلات الفقر والبطالة بحسب بعض المراقبين، وفي هذا الشأن أعلن الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، عن اقتراح يتم بموجبه خفض معدلات الضريبة على الشركات مقابل ‏تعهد من الجمهوريين بمزيد من الاستثمارات فى برامج خلق الوظائف للطبقة المتوسطة‎، وذلك فى محاولة لكسر ‏الجمود السياسي مع الجمهوريين. وجاء ذلك فى كلمة وجهها الرئيس أوباما فى شاتانوجا بولاية تنيسى الأمريكية بمركز ‏لشركة أمازون، قال فيها، إنه يعرض صفقة كبرى من أجل الطبقة المتوسطة ستحفز الاقتصاد ‏وتخفض الضرائب على الشركات إلى أدنى حد سعت إليه منذ فترة طويلة‎.‎ ويأتى ذلك فى الوقت الذى لم يلق فيه الاقتراح ترحيبا فوريا من الجمهوريين، حيث قالوا إن البيت الأبيض كان قد أخبر ‏أحد مساعدى رئيس مجلس النواب، جون بينر، إنه سيتم إطلاعه على الخطة قبل الإعلان عنها، ‏ولكن ذلك لم يحدث.

واعرب الرئيس الاميركي باراك اوباما عن القلق من التفاوت المتعاظم بين الرواتب في الولايات المتحدة ومن تاثير الازمة المالية التي قد تضعف النسيج الاجتماعي للأميركيين وتثبط عزيمتهم.

وقال اوباما في حديث لنيويورك تايمز ان الصعود الاجتماعي "كان جزءا منا كأميركيين وهو يتآكل منذ الاعوام العشرين او الثلاثين الماضية وحتى قبل الازمة المالية" عام 2007. واضاف الرئيس في ختام اسبوع ضاعف فيه المداخلات دفاعا عن الطبقة الوسطى "اذا لم نفعل شيئا سيكون النمو اكثر بطئا مما يجب والبطالة لن تنخفض بالسرعة التي نريدها وعدم المساواة في الرواتب سيزداد اتساعا".

واعرب اوباما، الذي سيكون عليه ان يختار هذا الخريف الرئيس المقبل للاحتياطي الفدرالي، عن ثقته بإمكان تحويل هذا الاتجاه من خلال سياسات مناسبة. واعتبر انه اذا لم يغير الكونغرس سياسة التقشف في الميزانية لتحفيز النمو فان الامر لن يقتصر على انحسار الطبقة الوسطى وانما سيمتد ايضا الى قضايا خلافية مثل التجارة الدولية والتغير المناخي والهجرة والتي سيكون من الصعب الاتفاق عليها. وقال ان على الولايات المتحدة اولا الاستثمار في البنى التحتية والتدريب ومصادر الطاقة النظيفة والبحث العلمي.

ومع السياسة المالية الحالية التي تكبح الانتعاش الاقتصادي تتجه دوائر الاعمال والاستثمار الى الاحتياطي الفدرالي آملة في ان يواصل سياسته النقدية المناسبة. ويتوقع ان تؤكد لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي خلال اجتماعها استمرار هذه السياسة. واوضح اوباما انه يرغب في ان يتولى رئاسة البنك المركزي الاميركي شخص لا يكتفي بالعمل بشكل مجرد لإبقاء التضخم واستقرار الاسواق تحت السيطرة، وانما يعمل ايضا على تحسين حياة الاميركيين العاديين. والمرشحان الرئيسيان هما على ما يبدو لورانس سامرز المستشار الاقتصادي السابق لاوباما في البيت الابيض ووزير خزانة بيل كلينتون السابق، وجانيت يلين النائبة الحالية لرئيس الاحتياطي الفدرالي التي عملت ايضا مع الرئيس الاسبق كلينتون.

وألقى الرئيس الامريكي باراك اوباما باللوم على الجمهوريين عن الفشل في تجاوز مأزق في الجهود الرامية لتفادي تخفيضات تلقائية في الانفاق وحذر من ان تداعياتها ستلحق ضررا بالطبقة المتوسطة وباقتصاد الولايات المتحدة ككل. وقال انه يأمل بان يعود الجمهوريون الي طاولة التفاوض بعد ان يسمعوا شكاوى من دوائرهم الانتخابية بشان اثار تخفيضات الانفاق. وتكهن بأن هذا سيستغرق من اسبوعين إلي شهرين.

ورفض اوباما تلميحا من صحفي الى انه كان يمكنه ان يرغم الجمهوريين على البقاء في البيت الابيض حتى يتوصلوا الى اتفاق قائلا "أنا لست دكتاتورا. أنا رئيس للبلاد." وقال اوباما انه سيبقي يده ممدوة الى "مجموعة العقلاء" بين المشرعين وانه سيسعى الى حل وسط في الايام والاسابيع المقبلة بمجرد ان يبدأ سريان تخفيضات الانفاق في وقت لاحق.

ويريد اوباما من الجمهوريين ان يوافقوا على إنهاء ثغرات ضريبية يستفيد منها الاثرياء الى حد كبير من اجل المساعدة في خفض العجز في الميزانية الامريكية. ويستبعد الجمهوريون زيادة الضرائب ويريدون بدلا من ذلك تخفيضات في الانفاق. واشار اوباما الى استطلاعات للرأي تظهر ان عدد الامريكيين الذين يتفقون معه أكبر من اولئك الذين يتفقون مع خصومه. وقال "نحتاج فقط ان يتماهى الجمهوريون في الكونجرس مع حزبهم ومع البلاد في هذا الصدد." ويعني فشل الكونجرس والبيت الابيض في التوصل لاتفاق ان الوكالات الحكومية ستبدأ الان في استقطاع ما إجماليه 85 مليار دولار من ميزانياتها. لكن الكونجرس يمكنه وقف تخفيضات الانفاق في اي وقت اذا توصل الديمقراطيون والجمهوريون الي اتفاق.

ويحذر صندوق النقد الدولي من أن تخفيضات الانفاق قد تبطيء نمو الاقتصاد الامريكي بما لا يقل عن نصف نقطة مئوية هذا العام وهو ما سيلحق ضررا بالاقتصاد العالمي. ويتوقع مكتب الميزانية بالكونجرس وهو هيئة غير حزبية أن تخفيضات الانفاق قد تؤدي الى فقدان 750 ألف وظيفة في 2013 . وفي غياب أي إتفاق على الاطلاق فان وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) ستضطر الى خفض ميزانيتها بنسبة 13 بالمئة.

الى جانب ذلك نسب الرئيس الاميركي باراك اوباما لنفسه الفضل في النهوض الذي تحقق في السوق العقارية في الولايات المتحدة، ودعا الكونغرس الى الموافقة على تعيين مسؤول جديد للوكالة التي تشرف على مؤسسات تقديم القروض. وقال اوباما انه بعد سبعة اعوام من اندلاع الطفرة العقارية "التي سببت اسوأ ازمة اقتصادية منذ الانهيار الكبير وكلفت ملايين الاميركيين اعمالهم ومنازلهم، باتت السوق العقارية في صدد التعافي".

وقال الرئيس الاميركي ان "المبيعات في ارتفاع. وانخفضت عمليات استرداد المنازل. وعمليات البناء تتوسع" والاسعار ترتفع بهدوء. واكد ان "مساعدة المالكين المسؤولين وتفادي حالات التهور التي سببت الازمة يشكلان الاولية لدي". وبحسب اوباما، فان الاجراءات التي وضعتها ادارته ساعدت اكثر من مليوني شخص على اعادة تمويل قروضهم وتوفير ما معدله ثلاثة الاف دولار في السنة. واقر الرئيس بانه "لا يزال هناك الكثير من العمل" وانه ينبغي زيادة المساعدة "للمالكين المسؤولين" الذين لا يمكنهم، لاسباب مختلفة، اعادة تمويل قروضهم وكذلك مساعدة العائلات "التي قامت بما ينبغي القيام به لكنه لا يزال عليها تسديد اكثر من قيمة منازلها". بحسب فرانس برس.

واضاف اوباما ان الاقتصاد الاميركي و"السوق العقارية يتحسنان لكن يمكننا ان نفعل ما هو افضل لو عملنا معا"، وحض الكونغرس على الموافقة على استثناءات ضريبية على المالكين. ووجه اوباما ايضا نداء الى النواب لكي يوافقوا على اختياره ممثل كارولاينا الشمالية (جنوب شرق) ميل وات لترؤس الوكالة الفدرالية التي ستشرف على مؤسسات تقديم القروض.

200 ألف وظيفة

على صعيد متصل قامت وزارة العمل الأمريكية بإصدار تقرير الوظائف الخاص بقطاع الخاص ADP، إذ أظهر التقرير إضافة وظائف بأفضل من التوقعات لتؤكد هذه القراءة على قطاع العمل الأمريكي يسير بالاتجاه الصحيح نحو التعافي، وان الفدرالي الأمريكي قد يلجأ إلى تقليص برنامج التخفيف الكمي بنهاية هذا العام كما صرح رئيسه السيد برنانكي. وأظهرت قراءة مؤشر ADP لشهر تموز/يوليو، إضافة 200 ألف وظيفة مقارنة بما قيمته 188 ألف وظيفة مضافة و التي عدلت إلى نحو 198 ألف وظيفة مضافة في القراءة السابقة لشهر حزيران/يونيو و بذلك تعد القراءة الحالية بأفضل من توقعات المحللين التي أشارت إلى ما قيمته 180 ألف وظيفة مضافة.

وبالنظر إلى تفاصيل التقرير نجد بأن الشركات الصغيرة كانت لها الحصة الأكبر في إضافة الوظائف، إذ استطاعت إضافة ما يقارب 82 الف وظيفة، بينما استطاعت الشركات المتوسطة إضافة 60 ألف وظيفة، أما الشركات الكبيرة فقد استطاعت إضافة 57 ألف وظيفة. و بالنظر على القطاعات، كان قطاع الخدمات هو صاحب النصيب الأكبر مضيفاً 177 ألف وظيفة على غرار قطاع الصناعة الذي أضاف 115 الاف وظيفة. أما قطاع السلع الإنتاجية فقد ما يقارب 22 ألف وظيفة فقط. ويحظى هذا التقرير بأهمية كبيرة نسبياً نظراً لما يقوم المحللون و الاقتصاديين بتعديل توقعاتهم بخصوص تقرير الوظائف ، و الذي من المتوقع أن يُظهر إضافة الاقتصاد لما يصل إلى 195 ألف وظيفة مقارنة مع القراءة السابقة التي أظهرت إضافة الاقتصاد 183. مع انخفاض معدلات البطالة من 7.6% إلى 7.5%.

مهلة الدعم

في السياق ذاته كشف محضر الاجتماع الاخير لمسؤولي الاحتياطي الفدرالي انقساما ازاء مهلة الدعم الاستثنائي الى الاقتصاد الاميركي ولو ان رئيس الاحتياطي حاول التخفيف من لهجة المحضر. وجاء في المحضر انه وبينما يعتبر نصف اعضاء لجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي الاميركي انه "سيكون من الافضل على الارجح وقف عمليات شراء الاصول بحلول نهاية العام الا ان عددا كبيرا من المشاركين يرى من الضروري مواصلتها في العام 2014".

ومنذ مطلع العام، يشتري الاحتياطي الفدرالي 85 مليار دولار شهريا على هيئة سندات خزينة وصكوك عقارية مما يشكل ضخا كبيرا للسيولة من اجل دعم النهوض الاقتصادي وحمل معدلات الفائدة على التدني. وتعتبر عمليات الشراء هذه الاداة الثانية التي يملكها الاحتياطي للتاثير على السياسة المالية. والاداة الاولى هي معدل الفائدة الاساسية التي تبقي عليها قريبة من الصفر منذ كانون الاول/ديسمبر 2008.

واعتبر بعض اعضاء لجنة السياسة النقدية للاحتياطي ان "على اللجنة الحد من الكلفة المحتملة لهذه المبادرة من خلال ابطاء او حتى وقف عمليات الشراء ". الا ان "العديد من المشاركين راوا ان تحسنا افضل لسوق العمل ضروري قبل ابطاء عمليات شراء الاصول. واثر اجتماع اللجنة، عرض رئيس الاحتياطي بن برنانكي خطة لخفض تدريجي لعمليات شراء الاصول، معلنا ان الاحتياطي سيدا بخفض هذه العمليات اعتبارا من العام الحالي في حال تراجع معدل البطالة الى 7% قبل ان يتوقف عنها في اواسط 2014. وشدد برنانكي على ان رفع معدلات الفائدة لن يتم في المقابل قبل تراجع البطالة الى 6,5% دائما في اطار تضخم خاضع للسيطرة.

واعتبر برنانكي خارج اطار محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية ان وضع التوظيف على غرار التضخم، لا يزال يتطلب سياسة نقدية متكيفة الى حد كبير. وصرح برنانكي "لقد قلنا اننا لن نرفع معدل الفائدة ما لم تتراجع البطالة الى 6,5% على الاقل. واعتقد اننا وبعد تحقيق ذلك سنحتاج الى بعض الوقت قبل ان تعود المعدلات الى مستوياتها الطبيعية". واضاف في كلمة القاها في كامبردج (ماساتشوستس، شمال شرق) بمناسبة مرور مئة عام على تاسيس الاحتياطي الفدرالي "اعتقد انه يمكننا القول في المستقبل المنظور اننا بحاجة الى سياسة نقدية مؤاتية ومساعدة للاقتصاد الاميركي".

وتابع مشددا على الدور المزدوج الذي يلعبه الاحتياطي من اجل تعزيز التوظيف في اطار استقرار الاسعار "في الوقت الحالي، معدل البطالة 7,6% اي اننا لا نحقق القسم الاول من مسؤوليتنا. وعلى صعيد استقرار الاسعار، فان التضخم يقارب 1% مما يعتبر ادنى من هدفنا وهو 2%". ومضى يقول "بناء عليه علينا اعتماد سياسة متكيفة سواء على صعيد التوظيف او التضخم". وشدد على ان "الرسالة في الاجمال هي التكيف"، مضيفا ان "تغييرا ممكنا وتدريجيا سيحصل في المستقبل في تقييم ادوات الاحتياطي"، في اشارة الى عمليات شراء الاصول. بحسب فرانس برس.

وعلى صعيد معدلات الفائدة، اعتبر غالبية المشاركين في اجتماع لجنة السياسة النقدية 14 من اصل 19 ان معدل الفائدة الاساسية يجب الا يرتفع قبل 1015. كما شددوا على ضرورة "توضيح فكرة ان القرارات المتعلقة بشراء الاصول مستقلة عن قرارات معدلات الفائدة".

انتقادات لاذعة

من جانب اخر وجه وزير كندي بارز إنتقادات لاذعة غير متوقعة الى الولايات المتحدة قائلا إنها "غارقة الى اذنيها في الديون" لأنها اتبعت سياسات الانفاق الكبير. وتعتبر تعليقات بيتر فان لون ممثل الحكومة في مجلس العموم مفاجأة بالنظر الى ان الولايات المتحدة هي أوثق حليف لكندا وأن اوتاوا تحث واشنطن حاليا على الموافقة على خط انابيب رئيسي من الرمال النفطية في ألبرتا الي مصافي التكرير تكساس.

وادلى فان لون وهو من المحافظين بتعليقاته اثناء انتقاده الحزب الديمقراطي الجديد المعارض ذي التوجهات اليسارية الذي يطالب بزيادة الانفاق الحكومي على برامج اجتماعية مثل المساكن العامة. وأبلغ فان لون مجلس العموم "إذا كانوا يريدون أن يروا مثالا لما يحدث عندما تتبنوا خطط الحزب الديمقراطي الجديد للأنفاق. فعليهم فقط ان ينظروا جنوبي الحدود ليروا ما يحدث عندما يغرق المرء إلي اذنيه في الديون." بحسب رويترز.

وترسل كندا 75 بالمئة من صادراتها الاجمالية الى الولايات المتحدة بما في ذلك كل صادراتها من الغاز الطبيعي و98 بالمئة من صادراتها النفطية. ويريد المحافظون ان توافق واشنطن على خط انابيب (كيستون اكس ال) المقترح لشركة ترانس كندا كورب من ألبرتا الى تكساس. ويتعرض الرئيس الامريكي باراك اوباما لضغوط شديدة من دعاة حماية البيئة لرفض المشروع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/آب/2013 - 23/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م