لو جئت الآن ياسيد الرجال

هادي جلو مرعي

 

في وجود علي بن أبي طالب الإنساني عبرة، وفي تدينه وسلوكه وعلاقته بالناس والرعية عبرة، وفي مراحل حياته كان مثلا وقدوة حتى أغتيل بيد آثمة لم تفهم من الحياة ومن الدين سوى اللعق.وبتوصيف أدق وكما في القول الشريف (الناس عبيد الدنيا والدين لعق على أفواههم) فقاتل علي كان يصلي ويصوم ويتهجد ويتلو كتاب الله ويبكي، وربما تذكر النار والجنان، وصار يتمنى العمل الصالح حتى جعله الشيطان أداة طيعة فصار يرى في المؤمنين كفارا وفي الكافرين إيمانا وتقوى وصلاحا حتى هلك، وأهلك معه أمة من الناس صارت تتغنى بفعله وتمجده، وأهلك آخرين ممن أحبوا عليا وتعلقوا به وعرفوا منه التقوى وحب الله وعباده الصالحين، ومعنى الإلتزام الحق بالشريعة ومواردها.

في التراث الديني وفي الآداب والفنون الشعرية والنثرية لطالما تغنت الأمة بعلي بن أبي طالب وصار ذلك أيضا في ثقافات شعوب أخرى حين رأت فيه عابرا للأديان متجاوزا الحدود متصلا بالإنسان وعذاباته وآماله وآلامه فكانت لعلي في كل أمة مدرسة وعنوان وثقافة وتآليف لاتنقطع ولاتندثر.بينما إختلف فيه المسلمون وكل يضعه في منزلة تقابل هواه ولاتتعداه، ولذلك قال له المصطفى الأكرم (ياعلي يهلك فيك إثنان محب غال ومبغض قال).

وفي السياسة كانت حياة علي حافلة بالمصائب فقد دخلت الأمة في العهد الأول في فتنة عمياء طوحت بآمال المسلمين في البقاء متوحدين، وصارت كل جماعة تسير بإتجاه يخالف صحيح الشريعة وماتكون عليه، وكذلك ضرورات الدين والتكافل ومستقبل الأمة فكان ضحية الخلاف هو بذاته حين نحى منحى في الزهد لم يسبق إليه احد وكان كالأسد الرابض لايتزحزح ولايهتز ولايخشى احدا من مناوئيه او من الذين أغروه بدنيا ومال، وكان منتظرا في ظل الصراع والتنابذ والفرقة وتوسع مطامح الأمة ودخول الدنيا في صميم الدين عدا عن دخول شعوب وقوميات أخرى وأمم في الإسلام أن يكون الصراع حاضرا والخلاف واضحا، وعندها لايكون من سبيل إلا بالصدام وقد دفع علي ثمنا لذلك الموقف حياته.

ماأحوجنا الى علي المثال والقدوة في مثل هذه الظروف التي يتكاثر فيها أشباه الرجال ويختفي الرجال الحقيقيون، فكيف إذا غاب سيد الرجال؟ ومشاكلنا ونوائبنا في الحال الراهن عديدة وكلها كان علي واجه أمثالها في حياته حين كان مصاحبا للنبي وحين تولى الخلافة في الأمة حيث ردع المفسدين وحفظ أموال الرعية في بيت المال، وكان يعدل في الحكم حتى ذهب عدله مثلا، ولم يتجاهل يوما نداء إستغاثة من أحد، وكان سريعا في إجابته وملبيا للإستغاثة مراعيا لظروف وحاجات العامة من الناس الذين لايجدون ناصرا لهم إلا الله ومن أخلص له من عباده.

في الحال الراهن تغيرت المفاهيم وصار الناس عبيد الدنيا..ولو جاء علي لحاربه الداعون إليه.

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/hadijalomarei.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/آب/2013 - 23/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م