قواعد الإنجاز: القاعدة الأولى تحديد الهدف

السيد محمود الموسوي

 

 "كن على بيّنة بهدفك المنشود منذ البداية، لتكون كافة جهودك في خدمة الهدف"

 

نستهل بذكر الآيات الشريفة التي تحكي برنامج الصيام في شهر رمضان المبارك، لكي نستلهم منها القواعد التي تحقق الإنجاز.

بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ. شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).183-185 البقرة.

الصيام في شهر رمضان هو موسم عبادي وبرنامج روحي يمارسه الإنسان المؤمن، وهو فريضة واجبة كتبها الله تعالى على المسلمين، فشهر رمضان عبارة عن برنامج متكامل، ويمكننا أن نجعله مثالاً لأي برنامج يمكن أن نؤديه، ومن هذه الآيات وما يكملها من القرآن الكريم، نحاول أن نستجلي خصائص هذا البرنامج، ونستخرج القواعد التي يمكن أن تسهم في إنجاح أي برنامج نقدم عليه.

التهيئة النفسية

إن الأدب الالهي رفيع جداً إلى درجة انه لا يكلّف العباد بمهام وواجبات بالطريقة العسكرية الجافة، فهو ينظر للحالة النفسية، ويهيئ الأرضية المناسبة لكي تستقبل الحكم بطواعية ورضا، ولكي يجد الحكم المقبولية في النفوس، لذلك فإن تكليف الصيام الذي قد يعتقد الإنسان أنه تكليف صعب حيث يكسر الروتين الذي تعوّد عليه من تناول الوجبات العديدة طوال اليوم ليلاً ونهاراً ويمارس سائر الملذّات التي تعوّد عليها.

لذلك نجد التهيئة والمراعاة تكمن في عدة أمور جاءت في الآيات المباركة، التي ذكرناها سابقاً، هي:

1/ الإخبار بأن هذا التكليف ـ تكليف الصيام ـ ليس جديداً، وليس الإنسان المسلم هو الوحيد الذي كلّف به، فهناك معه غيره من قبل أن تنزل رسالة الإسلام، في قوله تعالى (كمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ)، لكي لا يستوحش الإنسان، ظناً منه أن هذا التكليف واقع عليه فقط، فعندما نكلّف إنساناً بأن يذهب إلى جزيرة ما مثلاً، فإنه سيكون أمام تساؤلات مهمة متوجساً ومستوحشاً، ولكن عندما نخبره بأن هذه الجزيرة يتراوح عليها الناس مراراً، فإن الوحشة ستنجلي، وهذا بالضبط ما يسببه إخبار مستقبل تكليف الصيام في نفسه، حيث أنه كتب على أقوام آخرين.

2/ تصغير الأيام التي كتب عليه صيامها، بحيث أن الإنسان يستطيع إحصاءها بسهولة، وهي صغيرة جداً نسبة للطاقة الهائلة الكامنة في الإنسان، فقد قال عز وجل (أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ) ومعدودات تعني أننا نستطيع إحصاءها، وفي قصة يوسف يقول عز وجل: (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ)[1]. أي دراهم زهيدة.

3/ شمول هذا التكليف بقاعدة اليسر ونفي العسر والحرج، حيث قال عز وجل (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، حيث أن قاعدة اليسر شاملة لمن اراد الوصول إلى التقوى عن أي طريق، فكل عمل من سنخ التقوى أو يسير باتجاهها تشمله قاعده اليسر، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)[2].

وقال عز وجل: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)[3].

ولا شك أن الصيام يؤدّي إلى التقوى لقوله تعالى (لعلكم تتقون)، فهو مشمول بهذه القاعدة، وقد خصّص في الآيات السابقة تأكيداً (يريد الله بكم اليسر)..

أما التيسير فإنه يأتي من خلال وضع الأحكام التفصيلية التي تراعي ذوي الاحتياجات الخاصة و لذوي الأعذار ومن هم في أوضاع صعبة يشقّ عليهم الصيام، حيث قال تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، أي أنهم يستطيعون تعويض الأيام التي كانوا في حالة حرج وعسر فيها بأيام يكونون فيها قادرين.

(وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) والذين يكون الصيام منتهى مقدرتهم بحيث يشق عليهم، فيعوّضوا بدل ذلك بإطعام يقدمونه للمساكين.

وهنا ملاحظة: إن كثيراً من الناس يعتقد أن الأحكام الشرعية تصعّب أداء التكاليف، فينفر من تعلّمها ومعرفتها، لكي لا يقع في المصاعب، رغم أن العكس تماماً هو الصحيح، لأن الله تعالى جعل التيسير في الأحكام التفصيلية والثانوية التي تراعي أحوال الإنسان، فتوجه إليه الحكم الذي يناسبه ويكون قادراً عليه، لذا ينبغي أن نشيع ثقافة الأحكام الشرعية للتكاليف التي أوجبها الله تعالى علينا، لكي لا نقع فريسة الجهل فيترتب علينا ما هو أكبر، أو أن نلجأ لتصعيب التكاليف من تلقاء أنفسنا، وبالتالي يسبب ذلك النفور عن الأحكام وعن الدين.

القاعدة الأولى

تحديد الهدف

"كن على بيّنة بهدفك المنشود منذ البداية، لتكون كافة جهودك في خدمة الهدف"

لكل عمل وبرنامج تريد أن تؤدّيه لابد من تحديد الهدف والغاية منه، لكي تتجه كل فرعيّات وأعمال البرنامج نحوه، يقول تعالى: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)[4]. وفي الصيام وبرنامج شهر رمضان الغاية هي (التقوى)، كما في قوله تعالى: (لعلكم تتقون)، والتقوى هي مخافة الله والورع عن محارمه.

فإننا نصوم شهر رمضان لكي نصل إلى حالة التقوى، إذاً التقوى هي الهدف من الصيام، وكل التشريعات الإسلامية التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم قد بيّن الله لنا مقاصدها وغاياتها. لهذا جاءت أهمية النية في كل عمل يقوم به الإنسان، والنية هي عبارة عن القصد من الفعل الذي نقوم به، حتى جاء في الحديث عن رسول الله (ص) (ليكن لك في كل شيء نيّة).

ولأننا لا نمتلك ضمان الوصول إلى الأهداف بصورة حتميّة، وأعمال الإنسان قد تتجه اتجاهاً مغايراً لما ينبغي أن تكون عليه، فإن عليه أن يضع نصب عينيه أهدافه الواضحة، لأن أي عمل آخر سيأتي بعد ذلك لابد أن يدعم هذا الهدف ويعين على الوصول إليه، فبعض قد لا يكون له من صيامه إلا الجوع والظمأ وليس له من صلاته إلا السهر والعناء، كما يقول الإمام علي (ع)[5]، أي أنه لا يستفيد الإستفادة المرجوّة من هذا الشهر الكريم، ومن العمل الذي يؤدّيه، فهو لا يعرف ابتداء ما الهدف الذي قصده، لذلك فإنه يتيه ويتعثّر.

فلكي يؤدّى البرنامج بنجاح لابد أن يحدد الهدف بشكل واضح.

ماهي فائدة تحديد الأهداف؟

حركة الأهداف هي التي تحرك الإنسان بالإتجاه الصحيح، وتمنعه من أن يتيه أو يتجه نحو شيء آخر لا يطلبه ولم يقصده، فتضيع جهوده التي بذلها.. ولكن كيف؟

1/ عندما أحدد هدفي فإن أي عمل يمكنه أن يدعم هذا الهدف سوف أقوم به. سأقرأ القرآن وأتصدق وأفطر الصائم، في حال أنني أصوم شهر رمضان، لأن كل تلك الأعمال تساهم في تنمية حالة التقوى وتربية النفس على الورع وتحقق الطاعة، وهذه الأعمال كلها تدعم الهدف المحدد سلفاً لصيام شهر رمضان المبارك، وهو التقوى. لذلك ورد استحباب عمل كل تلك الأعمال في شهر رمضان ويعطي الله عليها الثوب الكبير المضاعف.

2/ أي فعل يشوّش على هذا الهدف سأبتعد عنه، سأترك المعاصي، لأنها تشوش على هدف التقوى.

3/ سأكون شخصاً منظماً أحدد أولوياتي حسب أهدافي، ولا أترك الأجواء تؤثر على خياراتي، فمن لا يملك هدفاً فإن الظروف هي التي تصنع له أهدافه.. حسب ماهيتها..

4/ لن يكون هنالك معنى للفراغ القاتل.. فمادام هنالك هدفاً فإنك سوف تشعر بأنك لم تبلغه بعد، فبالتالي سوف لن تشعر بالفراغ لأنه يبقى دائماً هناك مالم تقم به.

نحن نتكلم عن أي هدف، سواء كان كبيراً أو متوسطاً أو صغيراً.. فهناك بعض المهام لابد أن تحددها كأهداف، حتى على مستوى قراءة كتاب، أو سفر، أو دراسة، أو الحصول على منصب، أو تأسيس مؤسسة.. فكل تلك أهداف تحتاج إلى تحديد وعناية، أي تحتاج إلى أن تنظر إليها كأهداف وتتعامل معها على هذا الأساس، فكل عمل ينبغي ان نعتبره هدفاً، لكي يجرنا ذلك نحو الإنجاز.

حسبت نفسها خالية من أي هدف

 أرسلت لي إحدى النساء رسالة تشتكي حالها، كانت مشكلتها حسب ما ذكرت في الرسالة الإلكترونية، أنها قبل الزواج كانت شعلة من النشاط، لديها العديد من الأهداف التي تعمل على تحقيقها في الساحة الاجتماعية والثقافية، في الجمعيات والمؤسسات المختلفة، فعندما كتب الله لها الزواج، ومن ثم الإنجاب، شعرت بعدم جدوائيتها، فلم تعد تمتلك أي هدف يُذكر، سألت: ماذا عليّ أن أفعل، وكيف أقوم بالعمل من جديد على تحقيق أهداف حياتية، أسعى لتحقيقها؟

 كتبت لها، عدة نصائح في العمل المؤسساتي والخيري وطريقة استثمار الوقت، وفقاً لوضعها الجديد في حياتها الزوجية، ولكن النقطة الأهم، أنني ذكرت لها، بأنها تحمل أهدافاً كبيرة الآن، وهي زوجة، وهي أم، فمن الخطأ أن تعتقد الزوجات والأمهات أنهن دون أهداف، فتربية الأبناء من أهم المسؤوليات التي تقع على عاتق الأم، فالهدف هو أن تخرّج هذا الطفل من مدرسة الأمومة إلى المجتمع، فرداً صالحاً يخدم نفسه ومجتمعه ودينه، كذلك أمر المحافظة على الحياة الزوجية، لتكون حياة مليئة بالحب والعطاء.

 فالقاعدة، أن ننظر إلى كل أعمالنا كأهداف نسعى من أجل تحقيقها، فهذا يدفعنا لمزيد من الإنجاز.

حدّد هدفه فأنطلق منه

 "لاحظ أحد الشباب في أمريكا خلال دراسته أن هنالك الكثير من العيوب في النظام التربوي ورأى أن بإمكانه تصحيح تلك العيوب لو كان رئيساً لإحدى الجامعات. صمّم بناءً على ذلك تأسيس جامعة جديدة يمكنه فيها وضع أفكاره موضع التنفيذ بطريقة تختلف عن الأساليب التربوية التقليدية، وكان في حاجة إلى مليون دولار لتنفيذ مشروعه، فكان عليه أن يبحث عن ذلك المبلغ من المال، وتلك هي المسألة التي شغلت بال ذلك الشاب الطموح.

 لكنه لم يحقق تقدماً في جمع المال المطلوب لتأسيس الجامعة، وكان يحمل هذا الهم معه إلى فراشه في كل ليلة ويستيقظ معه في الصباح، ويحمله إلى كل مكان يذهب إليه حتى تحول إلى (هاجس) يلح عليه في كل لحظات حياته.

 ثم سرعان ما أدرك ـ كما يدرك كل الذين ينجحون في الحياة ـ أن الهدف المحدد سلفاً هو نقطة البداية التي يجب الانطلاق منها لتحقيق فكرته، وأدرك أيضاً أن وضوح ذلك الهدف يوفر الحيوية والنشاط والطاقة عند دعمه بالرغبة المشتعلة لترجمته إلى حقيقة.

 ومع ذلك لم يعرف الشاب كيف، ومن أين يمكنه الحصول على مبلغ المليون دولار؟

 وكان يمكن أن يتخلّى عن مشروعه ويقول: (حسناً إن فكرتي جيدة، لكنني لست قادراً على فعل شيء، لأنني لست قادراً على جمع المليون دولار).

 وهذا ما يحصل لكثير من الناس في الحالة ذاتها، لكن هذا الشاب لم يفعل ذلك بل إن ما فعله كان أمراً آخر. وأجد من الضروري تعريفكم به من خلال كلماته:

 يقول الشاب: واسمه (كونزالس): "في أحد أيام السبت جلست في غرفتي أفكر في الوسائل التي تمكنني من جمع المال الضروري لتأسيس الجامعة التي أفكر فيها، وكنت مستغرقاً في التفكير، فقلت لنفسي إنني على مدى سنتين لم أفعل شيئاً سوى التفكير!"

 "وقد جاء وقت العمل".

 "وهكذا صممت في تلك اللحظة وفي ذلك المكان أنه يجب عليّ الحصول على مبلغ المليون دولار في غضون أسبوع".

 "ولم أهتم كثيراً بالطريقة فأهم شيء عندي هو أنني اتخذت (قراراً) بالحصول على المال ضمن فترة محددة، وغمرني شعور غريب بالثقة لم أختبره من قبل. فقد بدا كما لو أن شيئاً ما بداخلي يقول لي:

(لماذا لم تصل إلى هذا القرار منذ زمن بعيد؟ فالمال كان بانتظارك كل هذا الوقت).

 "وبدأت الأمور تجري بسرعة، فاتصلت بالصحف المحلية، وأعلنت أنني سألقي محاضرة في اليوم التالي بعنوان: (ما يمكن أن أفعله لو كان عندي مليون دولار؟).

 "انطلقت لكتابة المحاضرة، ولم تكن المهمة صعبة، لأنني في الواقع كنت أحفظ كل المحاضرة، في ذاكرتي منذ سنتين، ومن هنا فقد أنهيت كتابتها قبل منتصف الليل وذهبت إلى فراشي ونمت بشعور كامل من الثقة لأنني أصبحت قادراً على مشاهدة نفسي مالكاً المليون دولار حقا".

 "في الصباح التالي استيقظت باكراً.. وعندما تهيأت لإلقاء المحاضرة أغلقت عيني وتكلمت من أعماق قلبي.. وعندما انتهيت من إلقاء المحاضرة، وقف رجل من مؤخرة الحضور وتوجه إلى المنصة، ولم أفهم ماذا يريد مني ولما وصل إليّ، مد يده وقال: أيها الشاب لقد أعجبت بكلامك وأظن أنه يمكنك حقاً تنفيذ ما قلته لو كنت تملك مليون دولار، ولأثبت أنني صدقتك أطلب منك أن تأتي إلى مكتبي غداً لأعطيك مبلغ المليون دولار..

 وذهب الشاب إلى مكتب الشخص المذكور الذي قدّم له مبلغ المليون دولار، وأسس به معهداً للتكنولوجيا، يعرف اليوم في الولايات المتحدة ب (معهد إيلينوي للتكنولوجيا)[6].

لماذا يتهرّب البعض من تحديد الأهداف؟

 البعض لا ينظر لمسألة تحديد الأهداف بعين الجد، ولا يهتم لأن يكون صاحب أهداف وغايات في حياته يسعى لتحقيقها، وإنما يعيش التشويش وعدم الوضوح، ولعل هذه الحالة نابعة من سببين مهمين:

الأول: أنه لا يريد أن يعيش مسؤولاً، ويعيش حياة مبعثرة عبثية، هروباً من ثقل المسؤولية التي سوف توجب عليه القيام بواجبات تجاه تلك الأهداف، فأن يكون بلا مسؤولية يعتقد أنه لن يكون مثقلاً بشيء، برغم أن عدم تحمل المسؤولية يجعل الإنسان يتحمل تبعات ونتائج أعماله العبثية سلباً، فالإنسان لابد ان يصل إلى نتائج في حياته، ولكنه هو من يحدد نوعها، فالإنسان المسؤول سيقوم عبر تحديد أهدافه والعمل من أجلها، بصياغة نتائجه وسيعمل على أن تكون تلك النتائج إيجابية، لينال ما تعطيه، أليس من جدّ وجد؟ ومن زرع حصد؟

الثاني: الخوف من الفشل وعدم الوصول إلى الهدف، بدافع ذلك الخوف، يتهرب البعض من تحديد أهداف لنفسه، فمن يدخل مضمار الدراسة الجامعية مثلا لابد أن يتعرض لاحتمال النجاح أو الفشل في نهاية المطاف، فخوف الفشل لا ينبغي أن يكون مبرراً لعدم وضع الأهداف لأنفسنا، لأن الفشل الحقيقي هو أن يكون الإنسان دون هدف، بل الفشل هو النتيجة الحتمية التي يحصل عليها من لا يحدد أهدافاً يسعى لتحقيقها، أما من يحدد، فهو بين احتمالين، ومجرد محاولته فهي حالة إيجابية، لأنه لا يمكن لأي إنسان أن يدخل تجربة ما، ويتجه نحو تحقيق غاية ما، إلا ويحصل على فائدة، ولو كانت قليلة، يقول الإمام علي (ع): (مارم بن آدم شيئاً إلا وصله أو مادونه).

أنواع الأهداف

 مانقصده بالأهداف هو كل غاية يسعى الإنسان الوصول إليها، بغض النظر عن نوعها، ويمكن ان نشير بشكل عام إلى نوعين من الأهداف، وهما عبارة عن مسارين تتجه فيهما أهداف الإنسان في الحياة:

 النوع الأول: الأهداف التي حددها الدين والعقيدة التي يؤمن بها الإنسان، فإن الإسلام، حمّل الإنسان مسؤوليات عديدة، منها ما هو فردي ومنها ماهو اجتماعي، على نطاق المجتمع، مثل أن يكون متقياً، ملتزماً بعباداته، متخلقاً بالفضائل، يتعامل بالحسنى مع الآخرين، ومنها ماهو أوسع من ذلك، كالإصلاح في المجتمع وتمكين القيم الإسلامية كالسلام والأمن والعدل والكرامة، والدعوة إلى الخير، ورفض الظلم والعدوان والجريمة، وغيرها، فكل تلك المفردات هي أهداف يمكن أن يحددها الإنسان ويسعى نحو تحقيقهاً.

النوع الثاني: الأهداف الأخرى هي الأهداف التي يحددها الفرد بناء على رغباته واحتياجاته وطموحاته الخاصة أو المشتركة، كأن يحدد لنفسه نوع دراسة أو نوع عمل، أو يسعى إلى وظيفة أو منصب ومكانة اجتماعية أو دينية، وقد تكون بعض المشاريع ذات طابع مشترك وتعاوني مثل تأسيس بعض المشاريع في مختلف المجالات، الخيرية والسياسية والمجتمعية والدينية وغيرها.

 كما أن تخطي المشكلات والبحث عن حلول هي أيضاً أهداف، فقد يقع الإنسان في مشكلة ما، فما عليه إلا أن يعتبر خروجه من المشكلة وبحثه عن الحل هدفاً يروم تحقيقه، لكي يكون لديه بصورة واضحة، فيكون القصد إليه أسهل وأسرع.

إذاً القاعدة هي: "كن على بيّنة بهدفك المنشود منذ البداية، لتكون كافة جهودك في خدمة الهدف".

* قسم من كتاب: شهر رمضان شهر الإنجاز-8 قواعد لتكون من المنجزين

http://annabaa.org/news/maqalat/writeres/mhamod%20almosiwy.htm

.........................................................

[1] / سورة يوسف، آية 20

[2] / سورة الطلاق، آية 4

[3] / سورة الليل، آية 5-7

[4] / سورة لقمان، آية 19

[5] / وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج1، ح161، ص72

[6] عوامل النجاح،، سلسلة تعلّم كيف تنجح، ج2، ص91، السيد هادي المدرسي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/تموز/2013 - 19/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م