مقارعة الاكتئاب في شهر رمضان

 

شبكة النبأ: العالم كله يعيش حالة من الاحتقان، يعلو مستواها وينخفض تبعا لتطور الدول والمجتمعات، يحدث هذا في ظل صراعات قائمة ودائمة بين القوى الكبرى وما تتطلبه حماية مصالحها وتطبيق حساباتها، النتائج غالبا ما تنعكس على الدول والشعوب الفقيرة او المتخلفة، فتظهر حالة الشعور باللا جدوى بقوة، وتؤدي الى سيطرة ظاهرة الاكتئاب على التفكير والسلوك الفردي والجمعي في وقت واحد، كما نلاحظ ذلك بوضوح في المجتمعات الاسلامية والعربية، وكذلك في الشعوب التي لا تزال تقبع في حالة من التخبط والفوضى، إذ تنمو حالة اكتئاب لتشكل ظاهرة واضحة لدى الشباب والفئات العمرية الاخرى، لا يمكن تجاهلها او نفيها، بل لابد من التأكيد على انتشار ظاهرة الاكتئاب حتى في المجتمعات الغربية المتطورة.

إن حالة الاكتئاب كما يصفها المعنيون، هي حالة من الحزن الشديد والمستمر ويبدو الشخص المصاب وكأنة في حداد دائم والكآبة واضحة على قسمات وجهة نتيجة الظروف الخاصة والعامة المحزنة والأليمة التي يعيشها او يعاني منها، وقد لا يعي المريض المصدر الحقيقي لحزنه، وقد يخيل انه مصاب بأمراض فاتكة لا أمل له في الشفاء منها أو انه ارتكـب خطيئة لا آمل له في المغفرة أو الغفران . يرافق ذلك شعور بالملل والاعتياد على مخلوق نراه دائما في نفس الحالات التى رأيناه فيها من قبل، أي أن الملل شعور بالاعتياد والتكرار، وآفة الاعتياد أنه يفقد المرء إحساسه بالدهشة والإثارة، كما أن التكرار يوحي بأننا أمام مشهد سبق أن رأيناه من قبل، مما تعزف عنه النفس ولا أحد فينا يحب أن يرى ما سبق أن رآه عشرات المرات، ومن أهم أعراض الاكتئاب، مزاج هابط يتظاهر بملل لا يعجبه شيء.‏ وهبوط الروح المعنوية معظم الوقت. والانشغال بأفكار سلبية. وضعف في النشاط والطاقة. وصعوبة في التركيز واتخاذ القرار واهمال في الدراسة. ‏وشعور بعدم الثقة بالنفس. والابتعاد عن الآخرين. ‏

لذلك لابد من معالجة هذه الظاهرة لأنها تشكل إعاقة واضحة لتنمية المجتمع، لاسيما الطاقة الشبابية، ويأتي شهر رمضان المبارك ليشكل فرصة ذهبية للتصدي لظاهرة الاكتئاب، بسبب الاجواء الايمانية والهدوء الروحي والنفسي الذي يعيشه الجميع في هذا الشهر المميز بتصاعد الجانب الروحي على حساب الماديات بأكملها، لذلك يعده المعنيون فرصة مهمة لمقارعة ظاهرة الاكتئاب في المجتمع.

لكن هذه الظاهرة تستدعي خطوات إجرائية مهمة ومتواصلة، للمعالجة على صعيد التخطيط والتنفيذ، علما ان بث روح الامل وتعميق الايمان في النفوس، يتطلب ظرفا نفسيا وعمليا مناسبا، وليس هناك أنسب من شهر رمضان الكريم كي نستثمره في بث روح التفاؤل، والتغيير والحماسة والحيوية في نفوس الشباب وغيرهم، لكن الامر يتطلب جهدا منظما ومدروسا، على أن لا يقتصر ذلك على المنظمات الاهلية، او بعض الجهات والشخصيات المهتمة بشكل محدود في مقارعة هذه الظاهرة، لأنها من الخطورة بمكان بحيث تتطلب جهدا استثنائيا يقارب الجهد الحكومي، من حيث التخطيط والتطبيق للحد او القضاء على هذه الظاهرة.

 لذلك لا يمكن التعامل بنوع من التجاهل مع ظاهرة خطيرة كهذه، تهدف الى زرع اليأس التام في النفوس، ولاشك اننا مطالبون جميعا، ونعني بهم (المؤسسات والمنظمات والنخب)، بالتعامل مع ظاهرة الاكتئاب بصورة علمية وعملية في وقت واحد، على ان يكون الدافع والحافز الاهم للتحرك ضد هذه الظاهرة، هي الاجواء والظروف النفسية والعملية التي يتيحها شهر رمضان المبارك في هذا الجانب.

فالشباب والناس عموما، تكون في حالة استعداد نفسي يؤهلها لاستقبال التنبيه والتثقيف والتعريف، ومن ثم الكف عن التعامل مع الواقع وحيثياته بنوع من الفتور او اللامبالاة، بسبب الشعور باللا جدوى، والاوضاع الشائكة التي يعيشها المسلمون في معظم دول العالم، فالكل يعيشون في سفينة واحدة، مصابة بالاكتئاب، وعلى الجميع العمل على التخلص من هذه الظاهرة، حتى في الدول والمجتمعات المتقدمة تجد انتشارا واسعا لظاهرة الاكتئاب، بسبب فقدان الاجواء الايمانية التي تعمق الجانب الروحاني المعنوي على حساب المادي، لهذا يعد شهر رمضان المبارك فرصة مناسبة جدا لمقارعة الاكتئاب، اذا ما تم التعامل بصورة مدروسة وجيدة للحد من تأثيرات هذه الظاهرة المستشرية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/تموز/2013 - 12/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م