اوبك... اداء متعثر وسياسات مرتبكة

 

شبكة النبأ: يرى بعض الخبراء ان دول أوبك ربما ستواجه بعض المشاكل الاقتصادية خلال السنوات القادمة بسبب تنامي إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط غير التقليدي المستخرج من صخور، الامر الذي سيؤدي إلى تقليص حصة دول أوبك في السوق العالمية ، وأوبك هي منظّمة عالمية تضم 12دولة تعتمد على صادراتها النفطية اعتمادا كبيرا لتحقيق مدخولها. وتملك الدّول الأعضاء في هذه المنظّمة 40% من الناتج العالمي و 70% من الاحتياطي العالمي للنّفط. تأسّست في بغداد عام 1960، من طرف السعودية، إيران، العراق، الكويت وفنزويلا، ومقرّها في فيينا.

قالت وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة للدول الصناعية بخصوص سياسات الطاقة في تقرير خاص أنه رغم أن نمو معدل الطلب على النفط في عام 2014 سيرتفع إلى أعلى مستوياته منذ 2010 فإن وضع الإمدادات يظل مريحاً إلى حد كبير مما يعني أن أسعار النفط لن تشهد قفزات حادة. وأضافت الوكالة النظرة المستقبلية لعام 2014 من شأنها أن تثير قلق المضاربين على صعود النفط. فنمو إمدادات الدول غير الأعضاء في أوبك يبدو في طريقه إلى أعلى مستوى له خلال 20 سنة في العام المقبل لتتجاوز الإمدادات المستوى المرتفع المسجل في عام 2002 عند 1.3 مليون برميل يومياً.

من شأن ارتفاع إنتاج النفط الصخري أن يجعل من الصعب على المنظمة أن تبقي على إنتاجها عند مستويات مرتفعة دون أن تواجه انخفاض الأسعار إلى أقل عن مستواها المفضل البالغ 100 دولار للبرميل. ومن المتوقع أيضاً تسارع وتيرة نمو الطلب لتصل إلى 1.2 مليون برميل يومياً في عام 2014 من 0.930 مليون برميل يومياً في 2013 . لكن هذا سيظل دون توقعات نمو إمدادات الدول غير الأعضاء في أوبك.

ونتيجة لذلك سيقل معدل الطلب على نفط أوبك. وقالت الوكالة إن الطلب على خام أوبك سينخفض في عام 2014 إلى 29.4 مليون برميل يوميا من 29.6 مليون برميل هذا العام في حين يبلغ الإنتاج الحالي للمنظمة 30.61 مليون برميل يوميا.

وتمثل الصورة التي رسمتها وكالة الطاقة تغيراً كبيراً في الأنماط التي شهدتها العقود الماضية عندما كان من المتوقع أن يزداد اعتماد العالم على نفط أوبك مع تناقص إمدادات المناطق الأخرى أو ثباتها. ومن شأن ارتفاع إنتاج النفط الصخري أن يجعل من الصعب على المنظمة التي تضم 12 دولة عضوا أن تبقي على إنتاجها عند مستويات مرتفعة دون أن تواجه انخفاض الأسعار إلى أقل عن مستواها المفضل البالغ 100 دولار للبرميل. ومن المتوقع نمو إمدادات أمريكا الشمالية في عام 2014 بما يقرب من مليون برميل يوميا وزيادة إنتاج دول أخرى من بينها البرازيل وكازاخستان.

وقالت وكالة الطاقة قد يتجاوز الإنتاج التوقعات في روسيا والولايات المتحدة وكندا والبرازيل خاصة إذا ظلت الأسعار عند المستويات الحالية أو تجاوزتها. وفيما يتعلق بالطلب من المتوقع أن تظل الصين هي المحرك الرئيسي لنمو الطلب في عام 2014 بزيادة 385 ألف برميل يوميا تتبعها باقي الدول الآسيوية غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بإضافة 325 ألف برميل يوميا ثم منطقة الشرق الأوسط التي سيزيد معدل طلبها 225 ألف برميل يوميا. وأضافت الوكالة من المتوقع أن ينكمش الطلب في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولكنه سينكمش بوتيرة أبطأ بكثير من تلك التي شهدتها الأعوام القليلة الماضية بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008 ليقل 0.4 بالمائة في 2014 مقابل انخفاض بنسبة 0.8 بالمائة في 2013.

أما الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط في العالم فستسجل تراجعاً طفيفاً نسبته 0.1 بالمائة في معدل الطلب ليصل إلى 18.6 مليون برميل يومياً في عام 2014 إذ لاتزال مكاسب كفاءة استخدام الوقود تقلل من النظرة المستقبلية للطلب الأمريكي. وتتوقع وكالة الطاقة نمو الطلب في الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم بنسبة 3.9 بالمائة ليصل معدل الاستهلاك في 2014 إلى نحو 10.3 مليون برميل يوميا.

 وعلى صعيد متصل أعلنت الوكالة رفع توقعاتها للطلب العالمي على النفط بسبب الصقيع غير الاعتيادي الذي ساد في العديد من دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية خلال الفصل الثاني من العام. فبالنسبة للعام 2014 تصدر وكالة الطاقة للدول المتطورة اول توقعاتها مع زيادة منتظرة للاستهلاك ب1,2 مليون برميل قياسا الى العام 2013 ليسجل رقماً قياسياً من 92,0 مليون برميل في اليوم، بفعل تحسن متوقع للاقتصاد العالمي.

وان كان المستوى القياسي لا يشكل عنصر مفاجأة الاستهلاك العالمي للنفط يحطم بانتظام مستواه القياسي كل سنة فإن هذه الوتيرة ستسجل تسارعاً قياساً للعام 2013 حيث تتوقع وكالة الطاقة ارتفاعاً ب930 الف برميل في اليوم. وقالت وكالة الطاقة: ان هذا التقدير للنمو هذه السنة هو نتيجة مراجعة بعد تسجيل زيادة 145 الف برميل هذا الشهر، ليرتفع الى 90,8 مليون برميل يوميا. ولفتت الوكالة ان الطقس البارد بصورة غير اعتيادية بالنسبة للموسم في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ادى الى طلب مفاجئ في وقت من السنة حيث يسجل الطلب عادة ادنى مستوى.

وهذا البرد لوحده تسبب بارتفاع كبير للطلب بـ645 الف برميل اضافي في اليوم خلال الربع الثاني بحسب الوكالة. لكن زيادة التوقعات بعد مراجعتها للعام 2013 وتسارع النمو بالنسبة ل2014 لا يأخذان بالحسبان المراجعة نحو الانخفاض ب0,2 نقطة مئوية للنمو الاقتصادي العالمي من قبل صندوق النقد الدولي التي جاءت متأخرة لتعديل التقرير الشهري كما اوضحت الوكالة.

ومع وصول الإنتاج الأمريكي من النفط الخام إلى ذروة غير مسبوقة وارتفاع نسبة المخزون منه، يكون ميدان الطاقة في العالم قد بدأ يخط الأحرف الأولى من صفحة جديدة في التاريخ. ووفقا لأرقام رسمية كانت الولايات المتحدة أكبر المنتجين خلال عام 2012 من حيث زيادة الإنتاج التي بلغت 14 بالمائة أي بنحو مليون برميل يوميا. ولمدة عام لم يتجاوز سعر البرميل حاجز 100 دولار رغم أنه بقي متأرجحا تحته قليلا، وهو ما زاد من خفض سطوة الأسواق.

ورغم أن أوبك تبقى مسيطرة على نصيب الأسد من مخزون النفط العالمي إلا أنّ قدرة المنظمة على إبقاء الأسعار في مستوياتها الحالية ستكون تحت تحديات جسيمة. ووفق للمحللين سيكون مستحيلا أن نرى سعر البرميل يتشكل من ثلاثة أرقام في العقد المقبل. وحتى في حال ما إذا لجأت أوبك إلى خفض الإنتاج لرفع الأسعار على المدى القصير فإنّ ذلك سيكون سيؤدي إلى خسائر على المدى الطويل، وفقا للمحللين.

وزيادة على بلوغ الإنتاج الأمريكي مستوى قياسيا، وصلت أيضا مستويات الإنتاج في السعودية وقطر والإمارات سقفا غير مسبوق. كما أن الإنتاج الليبي استعاد انتعاشه بقوة بعد فترة انخفاضه خلال الحرب الأهلية. ومنذ 2008 تزايد الإنتاج الأمريكي بكيفية واضحة لاسيما مع بدء استخدام التقنية الهيدروليكية في شفط النفط من الصخور التي تقع تحت سطح الأرض بمسافات عميقة. بحسب CNN.

وتثير تلك التقنية جدلا واسعا بسبب مخاوف من كونها ربما تؤثر على نوعية المياه وآثارها على البيئة. لكنها مع ذلك ساهمت بكيفية ملحوظة في انتعاش اقتصادي تعيشه عدة أنحاء من أمريكا الشمالية. أيضا.. أمريكا ستضاعف وارداتها من النفط القذر واستفادت الأنحاء التي تطبق فيها هذه التقنية ولاسيما في داكوتا وتكساس حيث شهدت حركة أموال تجاوزت 60 مليار دولار وانتعاشة في الوظائف بعد أن تم توفير 120 ألف موطن عمل. وبحلول 2020 سيكون قطاع النفط في الولايات المتحدة يشغّل ثلاثة ملايين شخص.

30 مليون برميل

في السياق ذاته أبقى وزراء منظمة الدول المصدر للنفط (أوبك) على سقف الإنتاج من دون تغيير عند 30 مليون برميل يومياً، وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي إن السوق في وضع مريح جداً لجهة العرض والطلب، وتابع ليس هناك فائض في المعروض ومستوى سعر برميل النفط جيد للجميع. وأكد أن مسألة اختيار أمين عام جديد للمنظمة لم تجد حلاً، وأن السعودية ما زالت متمسكة بمرشحها ماجد المنيف. وأشار النعيمي في بيان إلى أن هذا الاجتماع كان من أفضل الاجتماعات الوزارية للمنظمة وأسهلها. ولفت إلى أنه متفائل بالنسبة لأوضاع سوق البترول خلال الأشهر المقبلة.

وقال الأمين العام لـ أوبك عبدالله البدري، إن وضع الاقتصاد الأميركي مشجع. وأشار إلى أن الأمانة العامة لـ أوبك تدرس مدى تأثير مستوى إنتاج النفط الصخري في المعروض العالمي وتأثيره في البيئة. وقال إذا رأى وزراء أوبك أن هناك ضرورة لتصحيح أي خلل يحدث في السوق فباستطاعتهم تصحيحه. ورأى أن لا داعي لتغيير الأمور بما أن السوق مستقرة وإنتاج أوبك معتدل. وقدّم البدري مدير البحوث الجديد للمنظمة، الاقتصادي السعودي عمر عبدالحميد، الذي تولى منصبه ابتداءً من هذا المؤتمر.

وتقلت مصادر صحفية عن وزير النفط الفنزويلي، رافايل راميريز، إشارته إلى أن المنظمة قررت الإبقاء على سقف إنتاجها عند 30 مليون برميل يومياً. وقال اتفق الجميع على الإبقاء على مستوى الإنتاج وسنواصل متابعة أوضاع السوق. وأوضح أن أعضاء المنظمة سيواصلون مراقبة الظروف عن كثب وخصوصاً الصعوبات الاقتصادية في أوروبا بانتظار الاجتماع العادي المقبل، أضاف ينبغي أن ندافع عن سعر النفط وسندافع عنه.

وظهر في بداية الاجتماع أن تمديد العمل بسقف الإنتاج الحالي يحظى بإجماع الأعضاء بمن فيهم إيران، التي كررت دعوتها التقليدية إلى خفض الإنتاج لدعم الأسعار. وقال وزير النفط الإيراني، رستم قاسمي، للصحافيين أعتقد أن سقف الإنتاج الحالي منطقي وعقلاني ومعقول، وأثناء هذا الاجتماع سنوصي بالإبقاء عليه. ولفت إلى أن صادرات إيران من النفط تراجعت 20 في المئة لكن ارتفاع صادرات المنتجات النفطية المكررة عوّض هذا التراجع. وقال نظيره الجزائري، يوسف يوسفي، سقف الإنتاج طبيعي بالنظر إلى وضع السوق التي تشهد توازناً جيداً.

ورأت رئيسة الوفد الكويتي، سهام عبدالرزاق رزوقي، أن العرض والطلب متوازنان والأسعار عند مستوى جيد، يبدو أن كل شيء يسير على ما يرام. ولا تزال أوبك تتوقع نمو الطلب على النفط في النصف الثاني من العام، لكن البدري قال سنسهر على الطلب لهذه السنة لأن الولايات المتحدة لديها مشاكلها المالية والصين تواجه التضخم وبالتأكيد هناك مشاكل في أوروبا.

وفي الأسواق، تراجعت أسعار العقود الآجلة لخام برنت صوب 102 دولارين للبرميل بعد زيادة مفاجئة للمخزون الأميركي للنفط الخام، ما أثار القلق بشأن الطلب من أكبر مستهلك للنفط في العالم. لكن التراجع كان محدوداً بسبب انخفاض الدولار بفعل توقعات باستمرار برنامج الإنعاش النقدي الأميركي. وأظهرت بيانات نهائية أن وتيرة نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام كانت أقل قليلاً من التقديرات وأظهرت طلبات إعانة البطالة أن الاقتصاد مازال يحتاج دعماً من السياسة النقدية. ودفعت هذه العوامل الدولار إلى الانخفاض ودعمت الأصول التي تنطوي على أخطار.

لكن أسعار النفط تخلّت عن مكاسب مبكّرة مع تأثر المعنويات بنمو المخزون وتباطؤ الطلب في أغلب الدول المستهلكة الرئيسة على صعيد آخر، أشارت مصادر في صناعة النفط إلى أن بغداد لجأت إلى شركتي توتال الفرنسية وتويوتا تسوشو اليابانية للحصول على البنزين بعد أن وضعت واشنطن شركة إيرانية كانت تورد البنزين إلى العراق ضمن القائمة السوداء. وكانت شركة سيما جنرال تريدينغ، ومقرها الإمارات، تورّد البنزين إلى العراق بمعدل يصل إلى ثلاث شحنات شهرياً ما يمثّل نحو ربع واردات العراق حالياً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تموز/2013 - 8/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م