السكان والسياسات التنموية

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: مع صدور التقرير الاخير للجهاز المركزي للاحصاء في مصر، ربما تكون هناك ثورات قادمة كثيرة، بسبب عدم تلبية متطلبات الزيادة الكبيرة في السكان، وما يفرضه ذلك من تحديات كبيرة على الاقتصاد المصري، الذي ينوء تحت ضغط الكثير من الظواهر.

ذكر الجهاز المركزي للاحصاء فى بيانه الاخير والذي ترافق مع ثورة المصريين الثانية، ان عدد سكان مصر قد ارتفع من 72.8 مليون نسمة عام 2006 (آخر تعداد) إلى 76.1 مليون نسمة فى بداية عام 2009 ليصل إلى حوالى 83.7 مليون نسمة فى بداية عام 2013

ما يهمنا من هذا الرقم هو نسبة الفقراء التي بلغت 25.2%، ونسبة الامية التي بلغت 24.9% تصل هذه النسبة 32.5% للإناث مقابل 17.6% للذكور.

لما يمثله الفقر والامية من معوقات رئيسية للتنمية البشرية في مصر وفي غيرها من البلدان النامية.

التحديات التنموية التي تواكب زيادة اعداد السكان لا تقتصر على مصر وحدها بل تشمل جميع دول العالم حتى المتقدمة منها، وتشمل تلك التحديات، التقليل من عدد وفيات الاطفال، الرعاية الصحية للنساء الحوامل، اي ما يعرف بالصحة الانجابية، وتقليل نسب التلوث البيئي، والبحث عن مصادر بديلة للمياه، الى اخر الاهتمامات التي تذكر بها الامم المتحدة عبر منظماتها في اليوم العالمي للسكان.

حيث أوصى مجلس إدارة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بموجب قراره 89/46، في عام 1989أن يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي للسكان في 11 تموز/يوليه من كل عام وذلك بغرض تركيز الاهتمام على الطابع الملح للقضايا السكانية وأهميتها في سياق خطط التنمية الشاملة وبرامجها والحاجة لإيجاد حلول لهذه القضايا.

تمثل أحد اكبر الإنجازات البشرية في الانخفاض الذي لم يسبق له مثيل في معدل الوفيات والذي بدأ في التسارع في الأجزاء الأكثر تقدما من العالم في القرن التاسع عشر ثم امتد إلى جميع أنحاء العالم في القرن العشرين. ووفقا لأحد التقديرات، ازداد متوقع العمر عند الولادة من 30 عاما إلى 67 عاما فيما بين عامي 1800 و 2005، مما أدى إلى حدوث نمو سريع للسكان: من مليار نسمة في عام 1810 إلى زهاء 7 مليارات نسمة في عام 2010.

لا يعرف أحد على وجه الدقة عدد الناس الذين يمكن أن تستوعبهم الأرض. ويخشى العديد من العلماء والاقتصاديين، وبقية الخبراء أن يتخلَّف الإنتاج الغذائي مقارنة بالانفجار السكاني لمدة أطول. ويعتقد هؤلاء أن العالم سيعاني قريبًا من التكاثر السكاني، أي سيصل عدد السكان إلى حد لا يمكن معه توفير مستوى مقبول من العيش لهم.

وقد طرح الاقتصادي البريطاني توماس روبرت مالتوس نظرية التكاثر، في أواخر القرن الثامن عشر، إذ قال إن السكان يتزايدون إلى حد يفوق إمكانات الأرض، وتنبأ بأن المجاعة والحرب وبقية الكوارث ستصبح أمرًا شائعًا إلا إذا اتخذ الناس خطوات لتخفيض معدل النمو. ويُعارض الكثيرون آراء مالتوس، ويعتقدون بأن الزيادة في إنتاج الغذاء، المصحوبة بتطورات أخرى، ستُجاري الزيادة المستقبلية في أعداد السكان. وخلال الستينيات على سبيل المثال، ساعدت طُرق الزراعة المُطوّرة واستخدام سلالات المحاصيل ذات الإنتاجية العالية، ساعدت الدول النامية في زيادة إنتاجها الزراعي بحوالي 25%، وقد حققت تلك الجهود نجاحًا منقطع النظير لدرجة أن أطلق عليها تسمية الثورة الخضراء. ويعتقد بعضهم الآخر ممن يختلفون مع مالتوس أن الأرض يُمكنها إعالة أعداد أكبر بكثير من عدد السكان وذلك في ظل توزيع أكثر عدالة للموارد. ويشير هؤلاء إلى أن بعض السكان لديهم ما يفوق حاجتهم من الغذاء بينما يتضور بعضهم الآخر جوعًا.

يعتقد كثير من الناس أن التناقص في الغذاء والضروريات الأخرى المُسبب للكوارث يمكن تجنبه فقط بالحد من نمو السكان. ويحث هؤلاء على تخفيض معدل الولادة لمستوى مساو لمعدل الوفاة. ويُسمى هذا الشرط، حيث يُولد أُناس فقط ليَحلوا مكان أولئك الذين توفوا، يسمّى النمو الصِّفْري للسكان. ويشك معظم الناس في إمكانية تحقيق معدل النمو الصِّفري قريبًا.

يهتم علم السكان بدراسة وتحليل ديناميكية التغير في هيكل السكان حسب النوع والعمر والخصائص الديموجرافية ويتم التركيز عادة على المتغيرات السكانية التالية:

1. حجم السكان - المواليد- الوفيات – الهجرة

2. معدل النمو السكانى

3. التوزيع الإقليمى للسكان

4. الزواج والطلاق

5. القوى العاملة

6. نسبة الإعالة

ونظراً لأهمية البعد السكاني كغاية للتنمية وكمحور أساسي في مجمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فقد ازداد الاهتمام أيضاً - على المستوى الدولي والقومي - وتتعاون مجالات علمية عديدة في محاولة قياس وتحليل العوامل التي تؤثر على تنمية نوعية ورفاهية السكان (والتي يمكن التعبير عنها من خلال مؤشرات: نوعية التعليم - الرعاية الصحية - العدالة في توزيع الدخل - حقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والمدنية والثقافية - توفير الخدمات الأساسية من مياه الشرب والصرف الصحي، والكهرباء والإسكان والخدمات الأخرى).

وتعتمد دراسة نوعية السكان في أية دولة من دول العالم بشكل رئيسي على المتغيرات الديموغرافية الكمية (عدد السكان، معدل النمو السكاني، الزيادة السكانية..) - ويشترك فيها باحثون من مجالات علمية أخرى أهمها:

- الطب (من الناحية الصحية والبدنية)

- التعليم (من الناحية المعرفية والتربوية)

- الاجتماع وعلم النفس (من الناحية الاجتماعية والنفسية)

- القانون (ويعالج بعد حقوق الإنسان)

- علم الاقتصاد (وهو معنى بتلبية حاجات الإنسان من السلع، بالإضافة إلى توفير الإنفاق الاستثماري اللازم للجوانب سالفة الذكر من الصحة والتعليم والخدمات الأخرى).

ماذا عن العالم الاسلامي؟

يمكن تقدير واقع التنمية في العالم الإسلامي بملاحظة بعض المؤشرات، مثل: نسبة المواليد، نسبة الوفيات، نسبة وفيات الأطفال، العمر المتوقع عند الولادة، نسبة التعليم والإنفاق عليه، نصيب الفرد من إمدادات السعرات الحرارية، الإنفاق الصحي على الفرد الواحد، الإنفاق العسكري، قيمة دليل التنمية البشرية، وهو التقدير الإجمالي لمستوى التنمية البشرية الذي تضعه الأمم المتحدة في تقريرها السنوي عن التنمية البشرية.

تصنف الأمم المتحدة سنوياً دول العالم في ثلاثة مستويات تنموية وفقاً لمجموعة كبيرة من المؤشرات، وتقع 31 دولة إسلامية في مجموعـة مستوى التنمية المتوسط فيما تقـع 20 دولـة في مجموعـة مستـوى التنميــة المنخفض وتتمتــع خمس دول فقط بمستـوى تنمية مرتفع.

هناك عدة تحديات تحديات تواجه العالم الإسلامي، في ما يتعلق بزيادة اعداد سكانه وفي خططه التنموية التي تلبي هذه الزيادات، ويمكن اجمالها على الشكل التالي:

الفقر: ويمثل أحد أهم التحديات التي تواجه العالم الاسلامي، فعلى مستوى العالم -الذي يعتبر نصف سكانه من الفقراء- يعيش نحو 1,3 مليار إنسان تحت خط الفقر.

وفي العالم الإسلامي يعيش 37%  من السكان تحت مستوى خط الفقر، أي ما يعادل 504 ملايين شخص تقريباً، وتبلغ نسبتهم إلى فقراء العالم 39%، وهذا يعني أن أكثر من ثلث سكان العالم الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر يسكنون دول العالم الإسلامي.

الفساد الإداري: ويعتبر أحد أهم المشاكل التي تعاني منها العديد من دول العالم وخصوصا العالم النامي الذي تقع دول العالم الإسلامي كاملة في منظومته. وقد صنفت مؤسسة الشفافية الدولية- وهي مؤسسة غير ربحية يشرف عليها البنك الدولي- 85 دولة حسب مدى انتشار الفساد في سلم تنازلي من 10 (الأكثر نزاهة) إلى صفر (الأقل نزاهةً). ووفق هذا السلم فإن أكثر الدول الإسلامية نزاهة جاءت في موقع متوسط من هذا السلم، واعتبرت ماليزيا من بينها الأكثر نزاهة وحصلت على 5,3 نقطة، تلتها تونس (5 نقاط)، ثم الأردن (4,7 نقاط)، أما أقل الدول الإسلامية نزاهة فهي نيجيريا وحصلت على 1,9 نقطة، ثم إندونيسيا (نقطتان)، ثم باكستان (2,7 نقطة).

وللمقارنة بباقي دول العالم فقد اعتبرت الدنمارك أكثر الدول نزاهة وحصلت على(10 نقاط)، ثم فنلندا (9 نقاط)، ثم السويد (9,5 نقاط)، وجاءت الولايات المتحدة الأميركية في المرتبة السابعة عشرة بمجموع 7,5 نقاط، أما إسرائيل فقد جاءت في المرتبة التاسعة عشرة بمجموع 7,1 نقاط.

النزاعات الداخلية والبينية

وتعتبر من أبرز معوقات التنمية والتعاون في العالم الإسلامي، إذ تستنزف النزاعات الداخلية موارد كثير من الدول الإسلامية مثل: أفغانستان والجزائر والسودان، في حين بلغت خسائر النزاعات البينية في العقود الستة الأخيرة أكثر من 600 ألف قتيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تموز/2013 - 4/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م