وسائل الاعلام المصرية... عود على بدء

 

شبكة النبأ: هذا هو الشعار الذي أطلقته جماهير المصريين في فرحتها الغامرة في ميدان التحرير بوسط القاهرة ليلة سقوط حسني مبارك وكررته مرة أخرى يوم الاربعاء الماضي عندما أطاح الجيش بالرئيس المنتخب محمد مرسي.

ويتردد رنين هذا النداء عاليا جليا في وسائل الاعلام الرسمية التي سارعت إلى تلقف الرسالة مثلما كان حالها خلال الحكم العسكري الذي استمر 16 شهرا في اعقاب انتفاضة 2011.

وكان وجود جنود الحرس الجمهوري في مبنى الإذاعة والتلفزيون يوم الأربعاء الذي أعلن الجيش فيه خطوته علامة مبكرة على أن وسائل الاعلام الرسمية ستعود لولائها المعتاد لحكومة يدعمها الجيش.

وفي غضون ساعات من اعلان القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي بيانه الذي أوضح عزل مرسي وتعطيل الدستور أغلقت السلطات أربع قنوات تلفزيونية خاصة يسيطر عليها الاسلاميون.

وكان من بين هذه القنوات الفضائية قناة مصر 25 الناطقة بلسان الاخوان المسلمين. واحتجزت قوات الامن عشرات من موظفي هذه القنوات التي كان من بينها قناة الجزيرة مباشر مصر التي وجهت إليها اتهامات بالتحريض. واستمر بث القناة.

وحتى قبل حركة الجيش كانت قناة النيل إحدى قنوات تلفزيون الدولة بدأت تبث لقطات لجنود يؤدون مهامهم وقد بدت عليهم الفرحة وفي الخلفية كان التلفزيون يبث موسيقى وأغاني وطنية.

وتوالت الصور. جنود يتدلون من طائرات الهليكوبتر. وجنود في أبهى زيهم العسكري خلال استعراض عسكري. طلاب عسكريون ينصتون باصغاء للفريق أول السيسي. وعربات عسكرية تتحرك في الصحراء.

ومزجت اللقطات بين هذه الصور وغيرها من الصور التي تخاطب مشاعر الكرامة الوطنية مثل الاهرام وعبور القوات المصرية قناة السويس خلال حرب 1973 مع اسرائيل والجماهير ملوحة بالاعلام في ميدان التحرير المكتظ عن آخره بالمتظاهرين خلال الانتفاضة على حكم مبارك.

وفي اليوم الذي أعقب الاطاحة بمرسي استضافت قناة النيل والاذاعة المصرية ضيوفا هاجموا جماعة الاخوان ووصف بعضهم أعضاءها بانهم "أعداء الشعب" ووصفوا مؤيدي التيار الاسلامي والرئيس المعزول بانهم محرضون على العنف.

تاريخ من السيطرة المحكمة

كما تغيرت النبرة في صحف مملوكة للدولة فيما قال البعض إنه خوف من جانب رؤساء التحرير وكبار المحررين على مناصبهم.

وقال عطية عيسوي مدير التحرير بصحيفة الأهرام "كل رئيس تحرير صحيفة قومية يتحسس الآن موطيء قدمه في انتظار تبلور نظام الحكم الجديد وسياساته ويأخذ في اعتباره جيدا أن القوات المسلحة لها موقف يجب أخذه في الحسبان." وأضاف "كثيرون منهم يتوقعون تغييرهم إذا لم تكن سياساتهم التحريرية الجديدة مرضية للنظام الجديد."

وقال موظفون بالاهرام إنه منذ سقوط مبارك وانتخاب مرسي فقد نحو 52 من كبار التنفيذيين والمحررين في المؤسسة وظائفهم من بينهم رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير. بحسب رويترز.

ورغم أن صحفيين احدهما بالتلفزيون المصري والآخر صحيفة مملوكة للدولة قالا إنهما لم يتلقيا أوامر مباشرة من القوات المسلحة منذ عزل مرسي يقول نشطاء إن إصدار التوجيهات يتفق مع سياسات الجيش تجاه وسائل الاعلام في ظل الحكومات السابقة.

وقالت هبة مورايف مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في مصر "القوات المسلحة كانت دائما تسيطر بكل احكام على التغطية الاعلامية لاي شيء يتعلق بها سواء كان ايجابيا أم سلبيا... العودة إلى ذلك ليست صعبة."

وخلال الحملة الانتخابية وعد مرسي والاخوان بسن قوانين ووضع أسس لتنظيم عمل وسائل الاعلام الرسمية. لكن نشطاء حقوق الانسان وصحفيين يقولون إن الرئيس المعزول حاول استغلال قنوات وصحف مملوكة للدولة لصالحه مثلما فعل سابقوه لكنه لم يلق ما أحرزوه من نجاح في هذا المسعى.

وقوبلت محاولات لفرض الرقابة والضغوط الناعمة على رؤساء التحرير بمقاومة في الاذاعة والتلفزيون.

ونظم صحفيون يعملون بمؤسسات مملوكة للدولة اضرابا عن العمل للمطالبة بعزل صلاح عبد المقصود وزير الاعلام في حكومة مرسي.

وفي مايو ايار توقف الاعلاميون بالاذاعة عن العمل احتجاجا على نقل محرر كبير إلى محطة إذاعية صغيرة للشباب والرياضة بعد أن رأى الوزير أن إذاعة مصر تبث إهانات للرئيس.

ومع تحول المشهد السياسي لغير صالح مرسي بدأت الشقوق تظهر في جدار الولاءات على صعيد الصحف المملوكة للدولة. واتهمت صحيفة الأخبار وهي من أكبر الصحف اليومية الاخوان بمحاولة التدخل في سياستها التحريرية في مقال لرئيس تحريرها نشر على الصفحة الاولى في الأسبوع الذي سبق الاحتجاجات الضخمة على حكم مرسي والتي منحت الجيش الدعم الشعبي لتحركه.

وقال صحفي بالاهرام لرويترز إنه كان من المعتاد قبل سقوط مبارك أن تتلقى الصحف مكالمات من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. وأضاف "هم لا يوجد ما يدعوهم لذلك هذه المرة" مشيرا إلى التأييد الشعبي الكبير لخطوة عزل مرسي.

"صورة واحدة فقط"

ومنذ اسكات القنوات الاسلامية تراجعت التغطية التلفزيونية لاحتجاجات أنصار مرسي على عزله في تلفزيون الدولة بل واختفت تماما في بعض الاحيان في القنوات الفضائية الخاصة المعارضة للاخوان. وعرقل مسؤولون ونشطاء عمل قناة الجزيرة مباشر مصر واتهموها بالتحيز لجماعة الاخوان.

وقال كريم الأسيوطي الصحفي بالقناة نافيا تهمة التحيز "حاولنا دائما تغطية أحداث مختلفة في أنحاء البلاد وتغطيتنا بالشاشة المزدوجة تظهر ذلك."

وقال عبد العزيز مجاهد أحد العاملين بالقناة وعددهم 29 موظفا الذين احتجزوا يوم الاربعاء الماضي ومن بينهم المدير العام "لسوء الحظ أن وسائل الاعلام المصرية تقدم صورة واحدة لما يحدث الان. وهي صورة من يريدون حكومة الجيش."

وأمرت النيابة باطلاق سراحهم يوم الجمعة وقيل لهم إن التحقيقات في الاتهامات الموجهة اليهم مستمرة. وقال مجاهد إنه لم توجه لهم تهم رسميا.

ووصف جهاد الحداد المتحدث باسم الاخوان الصحفيين بأنهم من كتاب الخيال. وفي مكالمة هاتفية من مقر اعتصام المؤيدين لمرسي قال إن وسائل الاعلام المصرية لم تنشر شيئا عن حملة لقي فيها عشرات مصرعهم منذ حركة الجيش. وأضاف أن الدولة تقف إلى جانب أحد الطرفين وكذلك الجيش وتلفزيون الدولة.

وقال حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للاخوان إن مطابع مؤسسات تابعة للدولة رفضت طباعة صحيفته التي تحمل اسم الحزب على مدى يومين بعد عزل مرسي. لكن الصحيفة عادت للظهور يوم السبت.

وسلم مصدر عسكري بفرض قيود على الصحفية لانها كانت تعتزم نشر موضوع عن انقسام الجيش وان وحدة رئيسية به مازالت موالية لمرسي وهو أمر قال المصدر إنه غير صحيح.

ويبدو أن النبرة السائدة في وسائل الاعلام الرسمية منذ عزل مرسي تعكس رأي ملايين المصريين الذين ملأوا الشوارع يوم الأحد الماضي مطالبين برحيل مرسي.

وقال أحمد شريف (59 عاما) الذي يعمل بشركة للسياحة "في ظل الاخوان لم يشاهد الناس تلفزيون الدولة. والآن عاد للناس. وأصبح يعكس منذ ثورة 30 يونيو الواقع في الشارع المصري."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 11/تموز/2013 - 2/رمضان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م