الاقتصاد المصري... رهان ما بعد الاخوان

 

شبكة النبأ: عانى الاقتصاد المصري أبان حكم محمد مرسي الكثير من الاضطرابات والأزمات الاقتصادية، نتيجة لتردد الإدارة وقلة خبرتها على هذا الصعيد، مما زاد الطين بلة، فقد نفدت السيولة لدى حكومة مرسي السابقة لعدة أسباب من بينها الدعم الباهظ لأسعار البنزين وغيره من أنواع الوقود الذي يلتهم أكثر من خمس الإنفاق الحكومي، وكذلك بسبب عدم استقرار العملة المحلية، كما خسر الاقتصاد المصري مليارات الدولارات سنويا بسبب أزمة الجوع، فضلا عن هبوط عائدات السياحة بشدة خلال المدة الاخيرة، وأصبحت الانقطاعات في التيار الكهربائي ظاهرة متكررة حيث تكافح الحكومة لتلبية احتياجات البلاد من الوقود. ومن المتوقع أن تتفاقم المشكلة مع اقتراب فصل الصيف وتشغيل أجهزة التكييف في المنازل.

حيث تعتمد مصر على نحو متزايد على المؤسسات التجارية السويسرية الكبيرة لتزويدها باحتياجاتها من الوقود مع سعيها لتفادي نقص الكهرباء والاضطربات بينما قلصت الشركات الصغيرة توريداتها لمصر خشية التخلف عن السداد.

في حين أدت أزمة السيولة إلى قطع التيار الكهربائي ووقوف طوابير طويلة أمام محطات الوقود وهو ما أجج الغضب الشعب المصري، فيما يواجه البنك المركزي المصري مهمة عسيرة للمحافظة على استقرار العملة المحلية إذا تحولت مظاهرات مناهضة للرئيس محمد مرسي إلى أعمال عنف أو استمرت فترة طويلة.

وقد أدت احتجاجات عنيفة في ديسمبر كانون الأول إلى تهافت على بيع الجنيه المصري وأنفقت الحكومة أكثر من ملياري دولار للسيطرة على الوضع، في حين استهلكت مصر أكثر من 20 مليار دولار من احتياطياتها واقترضت مليارات من الخارج وأرجأت سداد مدفوعات لشركات النفط لدعم الجنيه منذ انتفاضة عام 2011 التي أبعدت السائحين والمستثمرين الأجانب وهما من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.

لكن الكثير من المحللين أن الإطاحة بالرئيس محمد مرسي قد تمنح أفضل فرصة لمصر منذ ثورة 2011 لوقف انحدار العملة وهروب رؤوس الأموال وإصلاح الوضع المالي المتردي، ولن يقدم عزل مرسي - الذي كان يلام كثيرا على الحالة التي وصل إليها الاقتصاد - أي حلول سريعة أو سهلة لمشكلات من قبيل الاحتياطيات الأجنبية المنخفضة وعجز الميزانية المتضخم والبطالة المرتفعة، لكن كثيرا من رجال الأعمال والاقتصاديين يأملون في تعيين حكومة تغلب عليها الكفاءات لمعالجة هذه المشكلات على أساس منهجي واستعادة بعض الأموال والمستثمرين الذين تركوا البلاد.

كما يرى محللون اقتصاديون أن ما حدث من تطورات سياسية في البلاد سيكون له تأثير إيجابي على سوق المال اليوم والفترة المقبلة، حيث قفزات مؤشرات سوق المال المصري بشكل قياسي في الدقيقة الأولى من معاملات بدعم من آمال المستثمرين في انتقال سريع للسلطة وبناء مؤسسات البلد بعد الاطاحة بحكم جماعة الاخوان المسلمين، ويرى المحللون أن السوق الآن تمثل فرصة جذابة للمستثمرين بعد نزولها مؤخرا إلى مستويات متدنية، في حين يرى محللون ان الاستقرار الاقتصادي سيأتي بعد الاستقرار السياسي، ومع اكتمال مؤسسات الدولة وانتخاب مجلس النواب سيأتي الاستقرار السياسي، فلابد أن نكون متفائلين دائما، فيما يرى محللون اخرون ان اقتصاد البلاد هش ويمر بموقف بالغ الصعوبة لكن الخروج من هذا المأزق يحتاج أولاً إلى رؤية، ثم سياسات وآليات تنفيذية. و أن هذه المرحلة من تاريخ مصر تحتاج إلى شخوص غير تقليديين لأننا في مرحلة غير تقليدية، ويمكن الحصول على استقرار اقتصادي طويل الأمد لمصر في المستقبل إذا تحسن الوضع السياسي بدرجة كبيرة.

الإطاحة بمرسي قد تمنح مصر فرصة لحل مشكلات اقتصادية

في سياق متصل قال مدحت خليل رئيس مجلس إدارة مجموعة راية القابضة المصرية التي تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات "أعتقد أن مصر ستبدأ اتخاذ خطوات قوية جدا لتقوية الاقتصاد ... أعتقد أن استثمارات كثيرة ستأتي"، وتوقع خليل أن تخرج مصر من أزمتها الاقتصادية في غضون ستة أشهر على أقصى تقدير وهو تنبؤ يراه أغلب الاقتصاديين الأجانب مغرقا في التفاؤل. لكن مثل ذلك التفاؤل أضاف للقيمة السوقية للبورصة المصرية نحو 3.2 مليار دولار إذ ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة 7.3 بالمئة، ومن بين أكثر الأسهم ربحا تلك الشركات التي يعتقد البعض أنها عانت تحت حكم مرسي لأسباب سياسية مثل حديد عز التي كان مالكها السابق قياديا في حزب الرئيس السابق حسني مبارك.

وارتفعت أسعار السندات المصرية بنسبة كبيرة وانكمش الفارق بين سعر الجنيه المصري في السوق السوداء والسعر الرسمي وهو ما يشير إلى أن المتعاملين يتوقعون تدفق مزيد من الأموال على البلاد، وقال أكرم فرج مؤسس شركة أوكسجين المصرية لاستشارات المحتوى الرقمي إنه كان يفكر في مغادرة مصر لكنه الآن ينوي البقاء. وأضاف أن رجال أعمال آخرين اتخذوا نفس القرار، وتابع "في الأجل القصير والأجل الطويل أرى أن ما حدث في مصر الليلة الماضية سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد والاستثمار".

ويقول رجال أعمال إن تفجر الغضب الشعبي من الإخوان في الأسابيع القليلة الماضية أزال الوصمة المرتبطة بالعمل في حكومة يدعمها الجيش، وقال كريم هلال رئيس مجلس إدارة ايه.دي.آي كابيتال ذراع الأنشطة المصرفية الاستثمارية المصرية لمصرف أبوظبي الإسلامي "هذا ليس واردا الآن. لذلك أعتقد أنه إذا طلب من أحد المشاركة في الحكومة فلن يترد"، ويتصدر محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة المرشحين لرئاسة حكومة انتقالية ستتولى الإعداد لإجراء انتخابات.

وقد يتيح الاستحسان الذي لقيه الجيش من قطاع كبير من الشعب لإطاحته بمرسي فرصة للحكومة الانتقالية لتنفيذ إصلاحات اقتصادية قاسية نأت عنها حكومات سابقة، وقال سايمون كيتشن الخبير الاقتصادي لدى المجموعة المالية هيرميس "هذا قد يسهل تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة .. إذا شرحت للناس أنهم قد يدفعون ثمنا أغلى لكن الوقود سيكون متوفرا بهذا الثمن"، وأيا كانت سياسات الحكومة الجديدة فمن المرجح أن تظل مصر شديدة الاعتماد على المساعدات الأجنبية لتمويل عجز ميزان المدفوعات لعدة سنوات، ووفقا لتقديرات رضا اغا الخبير الاقتصادي لدى في.تي.بي كابيتال في لندن ستحتاج مصر تمويلا خارجيا قدره 19.5 مليار دولار في العام حتى يونيو حزيران 2014 لتغطية الديون المستحقة وعجز في تجارة السلع والخدمات يبلغ 5.4 مليار دولار.

وهذا التقدير يفترض ألا يخرج من البلاد مزيد من رؤوس الأموال وهو ما قد يحدث إذا لجأت بعض عناصر الإخوان المسلمين إلى العنف بعد الإطاحة بمرسي، وقال بنك الاستثمار آي.إن.جي في مذكرة بحثية "إذا حدثت أزمة عملة فإنها قد تزيد الأمور سوءا عما هي عليه الآن. مصر تستورد جزءا كبيرا من احتياجاتها من السلع الغذائية الأساسية. ولذلك قد يرتفع تضخم أسعار الغذاء وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات الشعبية في بلد يعيش في فقر واستقطاب"، ويأمل كثير من المستثمرين أن تبرم الحكومة الجديدة اتفاق قرض بقيمة 4.8 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي كانت حكومة مرسي قد اتفقت عليه مبدئيا في نوفمبر تشرين الثاني لكنها لم تنجزه. وطالب البرادعي بتوقيع ذلك الاتفاق.

غير أن الأمل في إبرام ذلك الاتفاق قريبا قد لا يكون في محله. فحتى يتفادى صندوق النقد الدولي الظهور بمظهر المؤيد لانقلاب عسكري ويضمن تمتع الإصلاحات الاقتصادية الصعبة في اتفاق القرض بتأييد سياسي واسع في مصر قد ينتظر التفاوض مع حكومة منتخبة وقد لا تجرى الانتخابات قبل عدة أشهر.

وقد يؤدي مزيد من التأخر في إبرام صفقة القرض مع الصندوق إلى أن تصبح مصر أكثر اعتمادا على مانحين أثرياء في منطقة الخليج. فحكومة قطر التي قدمت لمصر 7.5 مليار دولار في شكل منح وقروض ذات فائدة منخفضة قريبة من الإخوان المسلمين وربما تنظر إلى الإطاحة بمرسي كنكسة دبلوماسية. بحسب رويترز.

ورغم ذلك لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى أن قطر تعتزم سحب أموالها من مصر. وقالت وكالة الأنباء القطرية الرسمية إن الدوحة ستستمر في احترام إرادة الشعب المصري والعمل على تقوية الروابط، وفي تلك الأثناء فإن مصر ربما تعول على مزيد من المساعدات من دولتين أخريين من الدول الغنية في الخليج لديهما ميراث طويل من عدم الثقة في الإخوان المسلمين ولذا فإن لهما مصلحة سياسية قوية في ضمان نجاح أي حكومات تأتي بعد الإخوان في مصر، فقد هنأت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة القيادة الجديدة في مصر في غضون ساعات من الإطاحة بمرسي. وفي 2011 تعهدت الامارات بتقديم مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار لمصر لكن الأموال لم تصل على الإطلاق إلا أن الامارات لديها الآن ما يدعوها لدفعها، وقال فاروق سوسة الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط لدى سيتي جروب إن مصر "في وضع أفضل كثيرا الآن لتلقى مساعدة من السعودية والامارات مع إقصاء الإخوان"، وأضاف سوسة "وعدت كل من السعودية والامارات بتقديم مساعدات مالية كبيرة لمصر ومن المرجح بشكل أكبر أن تتلقاها مصر الآن".

ارتفاعات قياسية في بورصة مصر بعد الاطاحة بحكم الاخوان المسلمين

في السياق نفسه قال نادر إبراهيم من آرشر للاستشارات المالية "الصعود هيستيري. التفاؤل وتوقع تحسن الوضع دفع المتعاملين للشراء وسط رخص الأسعار"، وأطاح الجيش المصري بالرئيس المنتخب محمد مرسي وأعلن عن عملية انتقال سياسي بدعم من نطاق عريض من الزعماء السياسيين والدينيين والشباب.

وأعلن عبد الفتاح السيسي قائد الجيش وهو يقف وسط زعماء دينيين وسياسيين وكبار ضباط الجيش تعطيل العمل بالدستور مؤقتا وطرح خارطة طريق للعودة إلى الحكم الديمقراطي، وأوقفت إدارة البورصة التداول في السوق لمدة نصف ساعة بعد ارتفاع المؤشر الذي يقيس أداء 100 سهم بأكثر من خمسة بالمئة في أول دقيقة من التداول، وهذه هي المرة الرابعة التي يتم ايقاف التداولات فيها بالبورصة لمدة نصف ساعة منذ انتفاضة يناير كانون 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وقال رئيس بورصة مصر عاطف ياسين "ما حدث بالأمس من تطورات سياسية في البلاد سيكون له تأثير إيجابي على سوق المال اليوم والفترة المقبلة"، وسيتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا رئاسة البلاد مؤقتا وسوف يساعده مجلس انتقالي وحكومة كفاءات لحين إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة.

وقال أحمد عصام من الوطني كابيتال في القاهرة "الفرحة كبيرة في الشارع والصعود قوي في البورصة. نستهدف مبدئيا 5500 نقطة ولن نأخذ وقتا كبيرا حتى نصل إلى مستوى 6000 نقطة"، وقال محسن عادل من بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار "الناس لديها تفاؤل بمرحلة جديدة من الاصلاح الديمقراطي الذي تم بشكل سلمي أمس"، وقال إبراهيم النمر من نعيم للوساطة في الاوراق المالية "هناك تفاؤل كبير بالسوق لما حدث في مصر السوق يستهدف 5450-5500 نقطة كمرحلة اولى"، وقال عادل "هدوء العملية السياسية والتأييد الشعبي الجارف للاطاحة سيعطي زخما قويا لقطاعات الاستثمار في مصر وستستفيد البورصة"، وقال عصام "أي أحداث عنف ستحدث لن يكون لها تأثير على السوق لأن النظام مستقر الآن وأكثر قوة"،

وارتفعت القيمة السوقية للاسهم المصرية 14.4 مليار جنيه (2.05 مليار دولار) في أول دقيقة من معاملات واوقفت إدارة البورصة التداول على 78 سهما بعد ارتفاعها بأكثر من خمسة بالمئة، وقال إبراهيم من آرشر للاستشارات "الاستثمار في البورصة الآن هو شراء المستقبل.

المظاهرات المرتقبة في مصر قد تزيد الضغط على العملة

من جهته قال سايمون وليامز الخبير الاقتصادي لدى اتش.اس.بي.سي "هناك استقطاب سياسي والنمو ضعيف والتضخم مرتفع والوضع المالي للدولة يتدهور ... في مثل هذا المناخ تتعرض العملة لضغوط"، وإذا حدثت موجة جديدة من الاحتجاجات العنيفة طويلة الأمد فسيزيد ذلك الضغط على العملة التي يجري تداولها في السوق السوداء بأسعار تقل نحو عشرة بالمئة عن سعرها في سوق ما بين البنوك، وقال رضا اغا الخبير الاقتصادي لدى في.تي.بي كابيتال "إذا شهدنا اضطرابات اجتماعية لفترة قصيرة جدا فلن يكون لذلك تأثير دائم. لكن إذا استمر هذا العنف فسنرى أولا ضغطا في السوق السوداء حيث سيزيد الطلب ثم في سوق ما بين البنوك"، وتابع "إذا تدهور الوضع الاجتماعي وصار الناس يمكثون في بيوتهم ولا يذهبون إلى العمل ولم تفتح المكاتب فسنرى تأثيرا بعد فترة من الوقت"، ويلجأ كثير من شركات الاستيراد الخاصة الآن إلى السوق السوداء للحصول على العملة الأجنبية وقد تراجع الجنيه في هذه السوق نحو 20 بالمئة مقابل الدولار منذ نهاية ديسمبر كانون الأول، ويبلغ سعر الدولار الآن 7.70 جنيه في السوق السوداء ونحو سبعة جنيهات في سوق ما بين البنوك.

وحذرت مؤسسة الأبحاث كابيتال إيكونوميكس من أن انهيار ثقة المستثمرين قد يدفع العملة إلى الهاوية، وقالت في مذكرة بحثية "هناك احتمال متزايد لحدوث هبوط غير محكوم قد تبلغ نسبته 50 بالمئة في غضون أسابيع". بحسب رويترز.

وبلغت الاحتياطيات الأجنبية لمصر 16 مليار دولار في نهاية مايو أيار وهو ما يغطي واردات ثلاثة أشهر. وجزء كبير من هذه الاحتياطيات ذهب وأصول أخرى قد يصعب استخدامها، وقد استحدث البنك المركزي نظاما لعطاءات العملة الصعبة في نهاية ديسمبر كانون الأول للمحافظة على الاحتياطيات الأجنبية. ومنذ ذلك الحين يبيع البنك 40 مليون دولار للبنوك ثلاث مرات أسبوعيا، وقال وزير الصناعة المصري حاتم صالح الشهر الماضي إنه يتعين على البنوك توجيه العملة الصعبة التي تشتريها في تلك العطاءات إلى الأولويات مثل واردات السلع الأساسية والمواد الحيوية للقطاع الصناعي.

وقال مدحت خليل رئيس مجلس إدارة شركة راية وهي الوكيل المصري لشركات نوكيا ومايكروسوفت وسيسكو وغيرها من موردي التكنولوجيا إن شركته مضطرة لشراء ملايين الدولارات شهريا من السوق السوداء لاستيراد أجهزة الهاتف المحمول والكمبيوتر ومعدات الاتصالات، وقال خليل في وقت سابق هذا العام إن الدولار ارتفع إلى أكثر من ثمانية جنيهات في السوق السوداء.

الاقتصاد المصري يخسر مليارات الدولارات سنويا بسبب الجوع

على صعيد آخر قال برنامج الأغذية العالمي إن الاقتصاد المصري يخسر مليارات الدولارات سنويا أو 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بسبب جوع الأطفال الناتج عن نقص التغذية، وقدر البرنامج في بيان مشترك مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لحكومة مصر ما يخسره الاقتصاد المصري جراء جوع الأطفال بنحو 20.3 مليار جنيه (3.7 مليار دولار)، وأضاف أن تقريرا أعده مع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمساعدة جهات حكومية مصرية ومنظمات دولية كشف أن الخسارة التي يمنى بها اقتصاد مصر جراء تقزم الأطفال الجوعى تتمثل في تكاليف علاج لهم حين يكبرون وعبء مالي يمثلونه على ميزانية التعليم للفشل في التحصيل الدراسي وانخفاض في مستوى إنتاجيتهم.

والتقزم -بحسب التقرير الذي جاء تحت عنوان "تكلفة الجوع في افريقيا: الآثار الاجتماعية والاقتصادية لنقص تغذية الأطفال في مصر"- هو انخفاض معدل الطول بالنسبة إلى العمر ويحدث حين لا يحصل الأطفال على العناصر الغذائية الأساسية وهم في الأرحام وخلال السنوات الخمس الأولى من أعمارهم، وقال البيان إن التقرير استند إلى بيانات متكاملة أتيحت عام 2009 وأثبت أن "40 في المئة من البالغين في مصر يعانون من التقزم. وتمثل هذه النسبة ما يزيد على 20 مليون شخص في سن العمل"، وطالبت الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 برفع مستوى المعيشة حين رفعت شعارا ميزها هو "عيش (خبز).. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية"، لكن منذ الإطاحة بمبارك يوم 11 من فبراير شباط عام 2011 تمر مصر بتدهور اقتصادي بجانب اضطراب سياسي وانفلات أمني.

مؤسسات تجارية سويسرية كبيرة تهيمن على سوق توريد الوقود إلى مصر

من جهتها أوقفت مؤسسات تجارية مثل بي.بي إنرجي وإيه.أو.تي تريدنج وإيميننت وأوجستا وصحارا تماما تقريبا توريد الوقود إلى مصر تاركة المؤسسات التجارية الكبرى مثل فيتول وجلينكور وجنفور وترافيجورا وليتاسكو وميركوريا لتهيمن على السوق، وقال مسؤول تجاري في شركة صغيرة "لم نعد نفكر في دخول مناقصات مصرية." وكانت شركته قد تضررت حينما تسببت المصاعب المالية في مصر في تأخير دفع ثمن شحنات لها، ورفضت كل المؤسسات التجارية التعقيب، وتعيد هيمنة الشركات التجارية الكبرى على السوق إلى الأذهان الأحداث في اليونان العام الماضي في ذروة متاعبها المالية حينما اضطرت (هيلينك) أكبر شركة تكرير لديها الى الاعتماد على فيتول وجلينكور في الحصول على احتياجاتها من النفط بعد أن اصبحت غير قادرة على الحصول على ضمانات مصرفية. بحسب رويترز.

واضطرت المؤسسة المصرية العامة للبترول شأنها شأن هيلينك الى دفع علاوات سعرية كبيرة لضمان الحصول على الامدادات لأن شركات التوريد تواجه مصاريف إضافية للشحن والائتمان، وفي أحدث وأكبر مناقصة أقامتها مصر لشراء السولار (زيت الغاز) بلغت العلاوة التي دفعتها زيادة على الأسعار المعتادة في منطقة البحر المتوسط 17-23 دولارا في الطن صعودا من علاوة مرتفعة بالفعل قدرها 16-19 دولارا في نهاية عام 2012.

وستقوم شركات فيتول وليتاسكو وجلينكور بتوريد ما قيمته 1.7 مليار دولار من زيت الغاز الى مصر أو 55 شحنة من بين نحو 70 شحنة إلى موانئ الاسكندرية والدخيلة والسويس على البحر الأحمر في الأشهر الستة من يوليو/تموز حتى ديسمبر/كانون الأول.

مصر ترجع الانقطاعات في الكهرباء إلى نقص السيولة المالية

الى ذلك قالت وزارة البترول المصرية إن انقطاعات الكهرباء في مصر ترجع إلى نقص التمويل اللازم لشراء وقود لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية وذلك في علامة جديدة على الأضرار التي يسببها شح السيولة المالية للاقتصاد الكلي في البلاد. بحسب رويترز.

وقالت وزارة البترول في بيان إن السبب الرئيسي وراء الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في بعض المناطق يعود في الأساس "إلى عدم قدرة قطاع الكهرباء على تدبير السيولة المالية اللازمة لتوفير الوقود السائل لبعض محطات الكهرباء"، وأضاف البيان أن ذلك دفع مسؤولي تلك المحطات إلى فتح صمامات الغاز البديل ويؤدي ذلك لضعف ضغط الغاز بباقي المحطات. ويجري ضخ امدادات الغاز الذي ينتج معظمه في مصر عبر شبكة وطنية.

وأوضح البيان أن قطاع البترول أرسل عدة خطابات على مدى الشهر الماضي لتحذير وإحاطة مسؤولي الكهرباء من أن عدم تدبير السيولة المالية سيؤدي إلى عدم توفر الوقود السائل، وأضاف أن مراكب الوقود موجودة بموانئ الجمهورية لمدة تزيد على ثلاثة أسابيع ولكن عدم قدرة الكهرباء على توفير السيولة قد أدى إلى هذا الوضع وإلى ضعف قدرات توليد الكهرباء، وقال وزير البترول أسامة كمال لصحيفة مصرية إن وزارة المالية خصصت 235 مليون دولار لسداد مدفوعات لطابور طويل من الناقلات تننظر قرب الساحل.

ومن المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية في مصر 10.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي تنتهي في يونيو حزيران مع افتراض إجراء اصلاحات اقتصادية لخفض الإنفاق. وبدون تلك الاصلاحات تقول الحكومة إن العجز سيصل إلى 12.3 في المئة، وتسبب نقص السولار المدعم في شلل حركة النقل في أنحاء من البلاد. ويشكل دعم الوقود نحو خمس الميزانية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/تموز/2013 - 29/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م