حروب الغاز.. الوقود الحيوي يذكي الصراعات ويستشرف الأزمات

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: باتت الطاقة الغازية من الأولويات الإستراتجية في صناعة المرتكزات الاقتصادية العالمية، لكنها في الوقت نفسه صارت مصدر توتر رئيسي بين معظم دول العالم وخاصة الدول الصناعية، مما ينذر بظهور مؤشرات قوية لحروب إستراتيجية بين البلدان الغازية وانتهاج السياسات الاستراتيجية الاحتكارية.

وقد نتج للتاثيرات الجانبية لهذه السياسيات اختلالات في التوازن بالمنظومة الغازية العالمية، حيث تعمل الدول المتقدمة للتخلص من أزماتها،  كأزمة محطات الغاز في اوروبا على حساب الدول الناشئة التي حققت طفرات مالية مذهلة خاصةً في الاونة الأخيرة، حيث تأتي كل من لبنان وإسرائيل وقبرص في صدارة الدول الساعية لاستثمار للطاقة الغازية، غير حقول الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، تطفو على بحر من التوتر السياسي الذي سيتصاعد تدريجيا، مما كشفت عن قلق متزايد قد يفضي في النهاية إلى تغيير في الإستراتيجية الاقتصادية للمنطقة.

فكما يبدو ان هذه الدول أصبحت من ابرز اللاعبين الرئيسيين فى الشرق الأوسط بمجال طاقة الغازية، بل وربما في السوق الأوروبي للغاز الطبيعي أيضا، بعدما تم اكتشاف احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي على سواحلها تمكنها من توفير طاقة نظيفة ورخيصة ومصانعها لجيل كامل،

إذ باتت إسرائيل تعول على استخراج غازها للتخفيف من اعتمادها على الخارج في الحصول على هذه المادة الحيوية، في حين تسعى لبنان استثمار ثروتها الغازية في المياه الإقليمية للبنان التي تحتوي على احتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من النفط والغاز، من خلال اجتذاب اهتمام الشركات النفطية العالمية الكبرى.

بينما تهدف قبرص التي اكتشفت الغاز الطبيعي قبالة شواطئها في عام ،2011 إلى بدء تصدير الغاز الطبيعي المسال في عام 2020 فلا تعالج غازها فقط بل ايضا امدادات من إسرائيل وربما من لبنان، وتحتاج قبرص لإعادة هيكلة اقتصادها كشرط لخطة انقاذ وتتطلع لاكتشافات الغاز للحد من وارداتها من الوقود وتحقيق إيرادات وتعزيز الصناعة.

ومن المتوقع أن يوجه بعض الغاز المستخرج من شرق المتوسط إلى أوروبا لكن قربه من قناة السويس يعني أن الغاز المسال يمكن ان يصل إلى أسواق اسيا بما فيها أسواق كوريا الجنوبية واليابان وهما أكبر مشتري الغاز المسال في العالم.

وتأمل قبرص التي تعاني ازمة اقتصادية وتنفذ خطة انقاذ اوروبية لمصارفها المتعثرة، في ان تسهم كميات الغاز الموجودة قبالة سواحلها في تعزيز مواردها المالية المتدهورة في الفترة الاخيرة وتعول على البدء بصادراتها في هذا المجال بحلول العام 2020.

من جهة أخرى وقبل نهاية العقد الحالي ستبدأ اوروبا في استيراد الغاز الطبيعي الاذربيجاني عبر خط انابيب الغاز العابر للادرياتيكي (تاب)، ما يشكل ضربة لعملاق الغاز الروسي غازبروم، وستكون هذه الخطوة صفعة لجازبروم التي تحتكر حاليا صادرات الغاز عبر خطوط الانابيب والغاز الطبيعي المسال بموجب قانون صادر عام 2006 والتي تخطط لتوسع كبير في المبيعات لآسيا بسبب ركود عملائها في أوروبا.

في حين اعلنت ابرز الدول المصدرة للغاز تمسكها باسعار محددة بموجب عقود امدادات طويلة الاجل ومرتبطة باسعار النفط بما يؤدي برايها الى ضمان اسعار عادلة، وهذا ما دفع بجميع الدول الى الدخول في مارثون البحث عن مصادر هذه الطاقة والى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة تضمن استثمارها بصورة إستراتيجية تدعم الاقتصاد، في وقت تشهد فيه السوق اضطرابا بفعل ثورة الغاز الصخري (الشيست) في اميركا الشمالية وتطور سوق الغاز الطبيعي المسال، وهذا العرض الجديد يدفع الدول المستهلكة وبالدرجة الاولى اوروبا، الى الاعتراض على العقود الطويلة الاجل التي تتحدد اسعارها على اساس اسعار النفط وتبرم تقليديا مع الدول المصدرة.

وعلى الرغم من هذه التوقعات، الا ان وكالة الطاقة الدولية التي ترعى مصالح ابرز الدول المستهلكة للطاقة، تعتبر بان الغاز الطبيعي لا يزال في عصره الذهبي، وانه وبعد ان كان له طيلة فترة طويلة دورا ثانويا ازاء النفط، من المفترض ان تظل استخداماته وحصته من السوق تشهد ازديادا خصوصا في وسائل النقل، مما قد يخلق أزمة اقتصادية تمهد لصراعات إستراتيجية عالمية في المستقبل القريب.

تراجع الطلب العالمي على الغاز

في سياق متصل حذرت وكالة الطاقة الدولية من ان الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيزداد بحلول 2018 بوتيرة اقل مما كان مقدرا في السابق خصوصا بسبب ازمة محطات الغاز في اوروبا، وقدرت الوكالة في تقريرها السنوي حول اسواق الغاز والذي نشر خلال المنتدى الاقتصادي في سانت بطرسبورغ في روسيا، ان سوق الغاز ستزداد بمعدل سنوي قدره 2,4% في السنوات الخمس المقبلة، بينما كانت تامل العام الماضي في ان يكون هذا المعدل 2,7%، ومن المتوقع ان يرتفع الاستهلاك الدولي للغاز من 3,427 مليار متر مكعب العام الماضي الى قرابة اربعة الاف بحلول 2018، وتفسر الوكالة هذا التراجع في توقعاتها بتدني الطلب في اوروبا وبالصعوبات التي تعرقل نمو الانتاج في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وفي اوروبا، يسجل استهلاك الغاز تدنيا منذ 2011 نتيجة الازمة الاقتصادية والمنافسة في انتاج الكهرباء باستخدام الفحم الاميركي (الذي تراجعت اسعاره ايضا بسبب الغاز الصخري)، وعليه فان الطلب الاوروبي يفترض ان يتراجع العام المقبل الى 499 مليار متر مكعب قبل ان يعود الى الصعود ببطء. بحسب فرانس برس.

في المقابل، فان حصة الصين ستبلغ 30% من الطلب العالمي على الغاز في السنوات الخمس المقبلة اذ ستركز اكثر على هذا المصدر من الطاقة الاقل تلويثا من الفحم او الفيول، وذلك على خلفية المخاوف المتزايدة على صعيد البيئة، وتابع التقرير ان الانتاج غير التقليدي للغاز اي استخراج الغاز الصخري "سيظل يقتصر على اميركا الشمالية" على المدى المتوسط، واذا بدات دول اخرى في استغلال مواردها من الغاز الصخري خصوصا في اوروبا فان امكانات الانتاج تواجه "صعوبات جيولوجية واخرى متعلقة بالبنى التحتية والبيئة بالاضافة الى عدم تقبل المجتمع بشكل عام"، وبحسب ارقام الوكالة فان الطلب العالمي على الغاز ازداد منذ 2011 من 124 مليار متر مكعب اي ما يوازي انتاج النروج.

اسرائيل ستحدد صادراتها من الغاز بنسبة 40%

من جهة أخرى اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان اسرائيل ستحدد صادراتها من الغاز الذي يتم انتاجه من عدة حقول بحرية بنسبة 40%، وقال نتانياهو "ستحصل اسرائيل على 60% من الكميات المنتجة من الغاز مما سيسمح بتأمين احتياجات البلاد للسنوات الخمس والعشرين القادمة".

وبحسب نتانياهو فان الايرادات التي ستحصل عليها بلاده من صادراتها ستصل الى 60 مليار دولار (نحو 45 مليار يورو) في العشرين سنة القادمة، واوصت لجنة رسمية العام الماضي بتحديد نحو 500 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي للتصدير، وتقدر احتياطات الغاز الطبيعي في اسرائيل باكثر من 800 مليار متر مكعب، واضاف نتانياهو ان القرار الرسمي حول نسبة الغاز سيتم اتخاذه خلال اجتماع مجلس الوزراء، وفي العامين الاخيرين تم اكتشاف حقلين بحريين قبالة سواحل اسرائيل وهما تامار مع احتياطي يقدر ب250 مليار متر مكعب ليفياتان مع 540 مليار متر مكعب والذي سيبدأ الضخ فيه عام 2016.

وحتى العام 2011 كانت اسرائيل تستورد 43% من وارداتها من الغاز الطبيعي من مصر، غير ان خط الانابيب الذي ينقل الغاز المصري لكل من اسرائيل والاردن عبر سيناء تعرض مرارا لعمليات تخريبية منذ الاطاحة بنظام الرئيس المصري حسني مبارك في شباط/فبراير 2011، مما ادى الى انقطاع هذه الوردات لفترات طويلة.

وفي نيسان/ابريل الماضي، وقع نحو نصف اعضاء البرلمان الاسرائيلي الذين يبلغ عددهم 120 رسالة موجهة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو تطالب بجعل الكنيست مخولا "بمناقشة وتشريع" صادرات الغاز بسبب وزن "التبعات المالية والاجتماعية والبيئية" المترتبة، ويثير استخدام الحقلين الجديدين جدلا سياسيا حيث يريد البعض استغلالهما لتحقيق اكبر ربح ممكن بينما يرغب الجانب الاخر المؤلف من المدافعين عن البيئة والاحزاب اليسارية في تخصيص هذه الموارد للاستخادم الداخلي لتخفيض سعر الطاقة امام المستهلكين الاسرائيليين. بحسب فرانس برس.

ويصدر الغاز الطبيعي المستخدم لانتاج الكهرباء كميات اقل بكثير من اكسيد الكبريت واكاسيد النتروجين وذرات الغبار منه لدى استخدام الفحم الذي ما زال يشكل اكثر من 60% من الوقود المستخدم في محطات الطاقة وتوليد الكهرباء الاسرائيلية، وتتولى شركة النفط الاميركية العملاقة "نوبل" بالاشتراك مع ثلاث شركات اسرائيلية هي ديليك واسرامكو ودور آلون استغلال حقلي تامار وليفياتان.

لبنان تجتذب اهتماما كبيرا من الشركات العالمية

من جهته قال وزير الطاقة اللبناني جبران باسيل إن كبرى شركات النفط العالمية أبدت اهتماما بارزا بالاستثمار في المياه الاقليمية للبنان التي تحتوي على احتياطيات تقدر بنحو 30 تريليون قدم مكعب من النفط والغاز.

وكان باسيل أعلن الشهر الماضي اكتشاف 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز في 10 بالمئة فقط من المياه اللبنانية بعد الانتهاء من مسح نحو 70 بالمئة من 22 الف كيلومتر مربع هي اجمالي مساحة المياه الاقليمية للبلاد، وسعى باسيل الى طمأنة العشرات من ممثلي كبريات الشركات العالمية بأن قطاع النفط يسير بخطى حثيثة رغم الأوضاع الأمنية الهشة وعدم تشكيل حكومة جديدة.

وقال باسيل لرويترز على هامش ورشة العمل "نحن فتحنا البلوكات (المناطق) العشرة وقلنا للشركات سموا لنا ما الذي يهمكم وكنا نتوقع ان لا تحظى بعض البلوكات باهتمام الشركات لكن كل بلوك حظي باهتمام الشركات على تفاوتها"، وكان مشروع المرسوم الذي اعدته الوزارة قد قسم المياه البحرية اللبنانية الى عشر رقع"، وأطلق لبنان في الثاني من مايو أيار المرحلة الاولى من تقديم العروض لبدء التنقيب عن النفط والغاز والتي تأهلت لها 46 شركة عالمية.

وكان من اكثر المواضيع التي توالى ممثلو شركات النفط على السؤال عنها هي مصير قطاع النفط في لبنان في حال تأخر تأليف الحكومة الجديدة بعد استقالة حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي. بحسب رويترز.

وبدا من خلال اسئلتهم انهم لا يكترثون للأوضاع الأمنية والاستقرار السياسي في البلاد وانما جل ما يهمهم من هذا الموضوع هو ايجاد من يستطيع اتخاذ القرار في البلاد، لكن باسيل ردد على مسامع ممثلي الشركات مرارا ان الوزارة لن تتوقف عن العمل مطلقا وان لبنان سيلتزم بالتزاماته الدولية وبالمواعيد الرسمية، وقال "كون لبنان لديه التزامات دولية وعنده مصلحة وطنية بمشروع فيه فائدة بمليارات الدولارات وهو وضع موعدا لمناقصات عالمية نعم فليعقد جلسة للبت بهذا الامر على غرار جلسة مجلس الوزراء التي حددت الانتخابات البرلمانية"، وأضاف "يتبين أكثر وأكثر أن الأرقام التي ظهرت بلبنان صارت اكثر بكثير من المتوقع." لكنه رفض الافصاح عن الرقم الجديد، وقال باسيل "العام 2020 سيكون موعدا منطقيا ليكون لبنان في مرحلة ضخ الغاز، إننا في كل يوم نتقدم أكثر وأكثر في هذا الموضوع ونكتشف ما هو جديد لنضعه في أيدي المواطنين".

قبرص تقر مشروع مصنع للغاز الطبيعي المسال

في حين اقرت حكومة جمهورية قبرص مشروع اتفاق مع شركة اسرائيلية اميركية لانشاء مصنع للغاز الطبيعي المسال لاستثمار الموارد المتواجدة قبالة الجزيرة، وقال المتحدث باسم الحكومة فيكتور بابادوبولوس ان "مجلس الوزراء اقر قرار توقيع بروتوكول اتفاق بين قبرص وشركات انترناشونال نوبل اينرجي وديليك دريلينغ وافنر اويل اكسبلوريشن للغاز الطبيعي"، وكانت شركة نوبل الاميركية بدأت مطلع حزيران/يونيو البحث قبالة الساحل الجنوبي لجزيرة قبرص لتحديد ما اذا كانت حقول الغاز صالحة تجاريا، واعطت الحكومة القبرصية تصاريح تنقيب بعد ان اكتشفت شركات اسرائيلية حقول غاز في البحر عام 2010، ووقعت قبرص مطلع العام اتفاقا اضافيا مع شركة توتال الفرنسية بالشراكة مع شركتي ايني الايطالية وكوغاس الكورية الجنوبية للقيام بعمليات تنقيب اخرى في مياهها الاقليمية. بحسب فرانس برس.

وقال وزير الطاقة والتجارة القبرصي جورج لاكوتريبيس ان المصنع يمثل "البنية التحتية الضرورية والاساسية التي ستسمح بتصدير الغاز الطبيعي باتجاه الاسواق الاوروبية والعالمية"، واكد رئيس شركة نوبل انرجي جون توميتش ان توقيع الاتفاق يمثل "مرحلة مهمة" في التعاون بين قبرص وشركائها في الاستغلال الكامل لمواردها من الغاز الطبيعي في المربع 12، ووقعت قبرص مطلع العام الجاري اتفاقا مع شركة توتال الفرنسية اضافة الى تحالف يجمع شركتي ايني الايطالية وكوغاز الكورية الجنوبية للقيام بعمليات استكشاف اخرى في مياهها الاقليمية، وبحسب معلومات صحافية، فإن توتال مهتمة ايضا بالمشاركة في مصنع للتسييل لتصدير الغاز من قبرص.

اوروبا ستستورد غاز اذربيجان

بعد سنوات من المباحثات اكد مجمع مكون من ثلاث شركات اوروبية (بي بي وتوتال وستيت اويل) وحليفهم الاذربيجاني سوكار اختيار خط الانابيب تاب لايصال الغاز الذي سيستخرج من المرحلة الثانية من تطوير حقل شاه دانيز الذي يستغلونه في بحر قزوين، وسيرتبط تاب بخط الغاز عبر الاناضول (تاناب) ويتجه من الحدود التركية اليونانية حتى ايطاليا عبر البانيا والادرياتيكي.

وتم تفضيل هذا المشروع على مشروع منافس "نابوكو غرب" الذي يزود البلقان ووسط اوروبا ذي المسار الاطول (1300 كلم) وبالتالي كلفة اعلى، وهذا القرار الذي كان متوقعا كان محل اشادة في بروكسل باعتباره منعطفا تاريخيا لسوق الغاز الاوروبي لانه سيتيح للاتحاد الاوروبي الشديد التبعية للغاز الروسي تنويع مصادر تزويده من خلال استيراد غاز اذربيجان بداية من 2019، وقال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو انه يشكل "مرحلة هامة في تعزيز امن الطاقة في الاتحاد الاوروبي".

واعتبر رئيس شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم الكسي ميلر ان مشروع خط "نابوكو" قد تم "دفنه" بعد اختيار تاب لنقل انتاج حقل شاه دونيز باذربيجان، وقال في مؤتمر صحافي "مشروع نابوكو لم يعد قائما (..) لقد تم دفنه".

لكن اندرو ناف المحلل بموسكو اعتبر ان خط انابيب "تاب هو افضل نتيجة كان يمكن ان تاملها غازبروم (..) لان السوق الالباني لا يؤخذ في الاعتبار حقيقة كما ان اليونان ليست سوقا هاما" في حين كان خط نابوكو الغرب سيمس مباشرة اسواق وسط اوروبا الشديدة التبعية للشركة الروسية، وعلاوة على ذلك فان طاقة تاب ضعيفة مقارنة بقوة غازبروم حيث تبلغ طاقة تاب عشرة مليارات متر مكعب سنويا في حين ان غازبروم سوقت العام الماضي 140 مليار متر مكعب من الغاز في اوروبا (نحو ثلث استهلاك اوروبا). وابدى ناف شكوكا في ارتفاع قدرته لاحقا بسبب واقع الطلب على الغاز في اوروبا. بحسب فرانس برس.

وكانت الوكالة الدولية للطاقة حذرت بداية حزيران/يونيو من ان الطلب الاوروبي على الغاز المتراجع منذ 2011 بسبب تاثير الازمة والصعوبات التي تعاني منها محطات الطاقة، سيتقلص الى 499 مليار متر مكعب العام المقبل قبل ان يعاود الارتفاع ببطء شديد، وعلاوة على ذلك فان غازبروم اطلقت مشروع خط انابيب خاص بها عبر "الممر الجنوبي الاوروبي" واطلق عليه اسم "ساوث ستريم" وسيتيج لها استهداف وسط اوروبا وغربها بطاقة هامة جدا تبلغ 63 مليار متر مكعب سنويا.

ويرى المحلل ناف ان "غاز اذربيجان سينوع مصادر التزود لكنه لن يحد من التبعية للغاز الروسي"، واكبر مصدر للقلق بالنسبة لموسكو ياتي في الواقع من سياسة شاه دونيز التجارية. وقالت بي بي انها منفتحة على عقود تحدد اسعارها وفق سعر الغاز الطبيعي في السوق في حين تدافع غازبروم بقوة على عقود طويلة الامد تربط الاسعار فيها بسعر النفط الارفع ثمنا. ومن شان ذلك ان يقدم لزبائن غازبروم الذين تمكنوا اصلا من انتزاع تخفيضات حالة بحالة، حججا جديدة لمراجعة شروط عقودهم.

ورغم ذلك فان وكالة التصنيف الائتماني فيتش اعتبرت ان اختيار تاب "يحد من خطر الضغوط لخفض اسعار الغاز" في اوروبا في الوقت الذي "كان يمكن ان يكون فيه (للبديل نابوكو) تاثير متواضع على الاسعار بسبب طاقته الاعلى" ومساره، وفي نهاية المطاف فان الخاسر الرئيسي في الامر هو خط نابوكو الغرب حيث يرى الكثيرون في اختيار تاب نهايته. وحتى ان اعتبرت غازبروم انه دفن فان المستثمرين فيه يقولون انهم يبحثون عن مزودين جدد لكن النمساوي او ام في ابرز المروجين له لم يعد يؤمن بالمشروع.

بوتين يشير إلى انتهاء تدريجي لاحتكار جازبروم لصادرات الغاز الروسي

من جهته أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى انهاء تدريجي لاحتكار شركة جازبروم الحكومية لصادرات الغاز الطبيعي فاتحا الباب أمام شركتين منافستين هما نوفاتيك وروسنفت للمنافسة على الأسواق الاسيوية الجديدة الضخمة.

وأعلن توقيع نوفاتيك اتفاقا لإمداد الصين بثلاثة ملايين طن سنويا على الاقل من الغاز الطبيعي المسال، وقال بوتين في كلمة أمام منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج "نعرض تخفيف القيود تدريجيا على صادرات الغاز الطبيعي المسال." وأضاف أن الطلب على الغاز المجمد في منطقة اسيا والمحيط الهادي ينمو بسرعة.بحسب رويترز.

واعلنت جازبروم عن خطة لبناء منشأة جديدة للغاز الطبيعي المسال على بحر البلطيق، وحق تصدير الغاز مهم لشركة نوفاتيك التي تعتزم إقامة منشأة للغاز الطبيعي المسال في يامال بالاشتراك مع توتال الفرنسية وسي.ان.بي.سي، وتملك نوفاتيك حاليا حصة 80 بالمئة في المشروع وتوتال 20 بالمئة. وقالت الشركة الروسية إنها ستحتفظ بنسبة 51 بالمئة على الأقل من منشاة يامال بعد أن ينضم شركاء جدد.

الدول المصدرة للغاز تؤيد ربط الاسعار باسعار النفط

الى ذلك اكدت ابرز الدول المصدرة للغاز في اجتماع في روسيا تمسكها باسعار محددة بموجب عقود امدادات طويلة الاجل ومرتبطة باسعار النفط بما يؤدي برايها الى ضمان "اسعار عادلة"، وفي بيانها الختامي، اكدت الدول الاعضاء في منتدى الدول المصدرة للغاز "تصميمها على مواصلة دعم ربط اسعار الغاز باسعار النفط والمشتقات النفطية بهدف ضمان اسعار عادلة وتنمية مستقرة لموارد الغاز الطبيعي".

وشددت هذه الدول من جهة اخرى على "الدور الاساسي لعقود الامدادات على المدى الطويل لتمويل مشاريع الغاز الواسعة النطاق (...) ولتقديم حلول مقبولة لتوفير امن العرض والطلب".

ونشر هذا البيان في ختام القمة الثانية لهذه المنظمة التي انشئت في 2008 وتضم 13 دولة عضوا واربع دول بصفة مراقب وتمثل 60 بالمئة من احتياط الغاز الطبيعي العالمي.

وياتي البيان في لحظة تشهد فيها السوق اضطرابا بفعل ثورة الغاز الصخري (الشيست) في اميركا الشمالية وتطور سوق الغاز الطبيعي المسال، وهذا العرض الجديد يدفع الدول المستهلكة وبالدرجة الاولى اوروبا، الى الاعتراض على العقود الطويلة الاجل التي تتحدد اسعارها على اساس اسعار النفط وتبرم تقليديا مع الدول المصدرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/تموز/2013 - 26/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م