شبكة النبأ: جميعنا نتابع قنوات
التلفاز، وجميعنا نشاهد حركات الاحتجاج التي تقوم بها المجتمعات او
افرادا منها ضد ما تعتقده سياسات ضد تطلعاتها وحقوقها.. في عالمنا
العربي، نتابع ذلك يوميا، في العالم الاقرب جغرافيا الينا مثل تركيا،
شاهدنا تظاهرات حديقة تقسيم والاحتجاجات ضد تغيير معالمها، وانضم الى
المحتجين المدافعين عن شرب الخمور ورفعوا زجات الخمر تعبيرا عن
احتجاجهم على سياسات الحكومة في تقنين اوقات الشراء والتعاطي.
وفي البرازيل شاهدنا المتضررين من غياب العدالة الاجتماعية وهم
يحتجون عبر رفع الطناجر و(الطاوات) والملاعق وغيرها.. وبين فترة واخرى
نشاهد طريقة احتجاج حركة (فيمن) النسائية، حيث تقوم المحتجات بابراز
صدورهن امام الكاميرات، ولعل احدث وقفة احتجاجية كانت في احد المساجد
الاسلامية في هولندا، واحراق راية تنظيم القاعدة السوداء.
وهي ليست المرة الاولى التي تقترب فيها حركة (فيمن) من الجغرافية
الاسلامية، كثقافة ورموز، بل سبق ذلك احتجاجات من هذا القبيل في مصر
وتونس، وضد ايران خارج حدودها في مناسبة اخرى.
سأطرح سؤالا بسيطا واترك الاجابة عنه معلقة.. لماذا تسارع الشرطة او
المسؤولين عن الاماكن التي تحتج فيها نساء (فيمن) الى تغطية صدور
المحتجات، اذا كانت هذه الطريقة من الاحتجاج مشروعة، ولا يسارع افراد
الشرطة والمسؤولين عن حفظ الامن الى اغلاق افواه المحتجين باصواتهم؟
هذا السؤال احدده في بقعة جغرافية واحدة، وهي اوروبا، كي لا يحتج علي
بان الرد على الاحتجاج الصوتي سيكون من قبيل الاعتقال او الضرب او
القتل، او ما شابه ذلك من صور الاسكات في مجتمعاتنا.
تأسست حركة (فيمن) في أوكرانيا العام 2008، وتتكون الحركة من 20
ناشطة «متخففات الملابس»، و300 بكامل ملابسهن، و (فيمن) تعني (المرآة)
في اللغة الاوكرانية.
نشات الحركة كما تقول مؤسستها ضد هدر حق المرأة في أوكرانيا، ولأن
أوكرانيا تفتقد إلى الناشطات السياسيات والاجتماعيات والحكومة لا تضم
في صفوفها نساء، كما جاءت تنديداً بالدعارة، السياحة الجنسية، والتحرش
الجنسي، وبهدف إدانة الشعور بالتفوق ألذكوري، أما في ما يتعلق بطريقة
الاحتجاج فقد اعتبرت المؤسسة لها بأنها طريقة لافتة تثير الجدل انطلاقا
من تجربة اختبرتها الجمعية عقب نشر صورة فتاة عارية في مجلة أوكرانية
معروفة أدت إلى خلق بلبلة واسعة ساهمت في إيصال مطالب المجموعة.
وقد حققت الناشطات الأوكرانيات شهرة واسعة بعد مشاركتهن بعدد من
وقفات التعري إعراباً عن رفضهن القاطع لعدد من الظواهر السائدة في عدد
من البلدان مثل السياحة الجنسية والتمييز على أساس الجنس ووكالات
الزواج وغيرها من القضايا الاجتماعية.
تاريخيا يعود الاحتجاج عن طريق التعري إلى فترة ما قبل العصور
الوسطي ولعل الليدي غوديفا (1040 – 1070) أول مثال على ذلك عندما قامت
بركوب صهوة حصانها عارية في مدينة كوفنتري البريطانية وذلك من أجل
إقناع زوجها حاكم المدينة والذي عرف باستبداده وفرضه الضرائب الجائرة،
حيث ناشدته زوجته الرحمة بشعبه فأشترط تلبية طلبها مقابل أن تتجرد من
ملابسها وتطوف شوارع المدينة عارية ففعلت من اجل تخفيض الضرائب على
سكان المدينة.
كلمة (تعري) يقابلها بالإنجليزية: Nude)) ومعناها (سهل، عارية، غير
مزين) وهي في اصلها اللاتيني مصطلح قانوني يعني (لا يدعمها دليل)، وقد
اصبحت منذ العام 1631 كناية عن التجرد البدني.
والاحتجاج بالتعري، هو أسلوب في الاحتجاج يقوم فيه المحتجون بالتعري
بشكل كامل أو جزئي كوسيلة لإثارة الانتباه أو إظهار السخط من سياسة أو
قانون ما بطريقة سلمية.
ويرتبط بالتعري مصطلح (الاستعرائية) ويسمى ايضا الإظهارية أو
الاستعراضية أو المباهاة أو الافتضاحية وهو أحد أشهر الانحرافات
الجنسية، وهو انحراف يتميز بنزوع المرء إلى الكشف عن عورته، والوقوف أو
السير عاريا، بوصفه الوسيلة المفضلة عنده لتحقيق اللذة الجنسية. وهذا
الانحراف يكاد يكون مقصورا على الذكور. يطمع الاستعرائي أو الافتضاحي
عادة، في أن يبدي الشخص المتعرى من أجله ارتكاسات أو ردود فعل
انفعالية، كالاشمئزاز أو الذعر . فهو قيام الشخص بكشف أعضائه
التناسلية وعرضها على غريب جاهل .
وحركة (فيمن) يهاجمها مثقفون ورجال دين ورأي عام في مختلف دول
العالم، رغم ان المسؤولة عنها تؤكد: أن(صدورنا سلاح تخشاه السلطة) .
إلا أن الكاتبة الأوكرانية (أوكسانا زابوجكا) التي تعتبر أن الحركة
تبالغ في استخدامها لهذه الوسيلة،بقولها: (في حال تنظيم حفلة تعريف بكل
مناسبة فان الرسالة السياسية ستختفي ويبقى عرض لفتيات عاريات).
ويعتبر البعض ان الناشطات يحضّرن لمشروع سياسي-تجاري. إذ يؤكد
(أندري تارانوف) احد مؤسسي مجموعة (كويندي للاتصال)، انه مشروع مخطط له
جيدا فوراء هذه الصدور يكمن مشروع تجاري ربحي أكثر مما نعتقد).
لا تشمل مكافحة التعري الدول ذات الدساتير التي تعتمد على الكتب
المقدسة، كما يحاول تصوير ذلك المدافعون عنها والساخطون على الدين
الاسلامي في البلدان العربية والاسلامية، ولكن نرى حتى الدول العلمانية
التحررية مثل كوريا الجنوبية تفرض ضرائب وعقوبات مالية على لابسات
التنانير القصيرة والغير محتشمة ضمن قانون حشمة الملابس الكوري والذي
ينص على تعريض مرتديات الملابس الفاضحة لغرامة تصل إلى 45 دولاراً. |