احتشاد ملايين من الشعب المصري في الطرقات ضد الرئيس محمد مرسي
و"حركة الاخوان المسلمون"، للمطالبة برحيله ((ارحل))، رسالة تأكيد
للقيادات السياسية الداخلية وللعالم، ان الشعب المصري مستعد لتقديم
المزيد من التضحيات لإنجاح ثورته – التي انطلقت في نهاية عام 2011م.
واجبرت الرئيس السابق محمد حسنى مبارك على الرحيل في 25/1/2012م.-
وتحقيق أهدافه وطموحاته وبناء دولة عظيمة حرة تتناسب مع مكانة مصر
وإرادة شعبها. وفي تلك رسالة اخرى للشعوب العربية من المحيط والخليج
العاشقة للعدالة والحرية والديمقراطية، والتخلص من الانظمة الحاكمة
الدكتاتورية والفاسدة، بأهمية مواصلة الحراك وتجديد روح الثورة لتتحقق
الأهداف الحقيقية، ورسالة جديدة للأنظمة التي سرقت الثورات، والتي قمت
شعوبها بسبب الثورة والحراك الشعبي.
ان استمرار ثورة الشعب المصري أنموذج في إعادة روح الثورة الى بقية
الدول العربية التي شهدت ثورات وحراكا شعبيا لم يحقق الأهداف لغاية
اليوم رغم التضحيات الكبيرة من قبل الشعوب.
ومع عودة روح الثورة المصرية والمطالبة برحيل النظام القائم، يتجدد
الخوف والقلق أن تخرج مصر من أزمة، لتدخل في ازمة أكبر ومنها الفوضى
والفراغ..، وسرقة الثورة، وأن يستغل اعداء الثورة الظروف التي تمر بها
مصر، ويعود النظام السابق للسيطرة على الوضع من جديد باسم جديد ووجوه
جديدة، أو أن يسيطر على الحكم حركات صاحبة اجندة ضيقة ومتشددة،.. وتعود
حميدة لعادتها القديمة. ولهذا لابد من الاستفادة من التجربة السابقة
لثورة 25/1/2012م. التي أدت إلى عدم تحقيق أهداف الثورة، وأهمها غياب
قيادة متفق عليها بين الثوار وبرنامج للمستقبل، ولهذا لابد من وجود
قيادة ثورية تمثل الارادة الشعبية.
الشعب المصري منذ ثورته ضد نظام مبارك، وهو في حالة ثورة وغليان
والبحث عن الهوية الجديدة عبر تغيير شامل؛ والأحرار في بقية الدول
العربية كذلك ينتظرون اعلان الإنتصار الحقيقي للثورة المصرية، ثورة
تليق بحجم التضحيات وطموح الشعب المصري الحالم بالعدالة والحرية
والديمقراطية الحقيقية، وبمكانة مصر التاريخية، وحدوث تغيير شامل في
السياسة الداخلية والخارجية بما فيه مصلحة للشعب المصري والعرب، فمصر
العروبة لكافة العرب.
وبلاشك الشعب المصري الذي قام بالثورة العظيمة وقدم التضحيات
الكبيرة، للتحرر من نظام مبارك الدكتاتوري، قادر على إسقاط أي نظام
وحكم لا يلبي الارادة الشعبية كنظام مرسي وحركة الاخوان، الذي لم ينجح
في إثبات وجوده، وقدرته بإدارة وبناء دولة مدنية حضارية لكافة المصريين
وانقاذ الشعب من مشاكله، بل العكس ادخل الشعب المصري الثائر ضد الفساد
والفقر والتبعية السياسية، في ازمات جديدة بالإضافة إلى السابقة مثل
الضعف السياسي وتراجع مكانة مصر في المنطقة من لاعب مؤثر الى لعبة،
بالاضافة إلى التشدد والتطرف والطائفية والعنف والقتل نتيجة الاختلافات
الفكرية، وتحول النظام المصري الجديد إلى اداة للعب واثارة النعرات
الطائفية والكراهية، والدعوة للعنف والقتل، وتشجيع الاقتتال..،
على عكس ما كان متوقعا بان يقوم النظام الذي جاء عبر الثورة، ان
يدعم حقوق الشعوب العربية الثائرة في الوطن العربي، وتبني مشروع
التغيير والحرية والسلام ونشر ثقافة التسامح والتعددية والديمقراطية في
العالم العربي بدون عنف، ودعم الحق العربي وبالخصوص فلسطين..، في
مواجهة الاحتلال الاسرائيلي عدو الأمة الحقيقي، بل الرئيس مرسي لم
يستطع، من كسب مؤيدين له في الداخل، او المحافظة على مؤيديه، أو إقناع
العالم الخارجي بسياسته المليئة بالتخبط والتناقض، فالكل ضده، حتى
الذين ساعدوه وقدموا له المساعدات المادية، وكذلك الذين حاول النظام
الاخواني ارضاءهم بتبني مواقف متطرفة عبر دعم الحركات الجهادية، قد
تبرؤوا منه ومن سياسته.
إن ما حدث ويحدث وما سيحدث في مصر، سيكون له اثارا كبيرة على دول
المنطقة، إذ ان هذه الثورة ليست فقط للشعب المصري بل تتجاوز حدود مصر،
فمحبة مصر والثورة المصرية في قلب كل عربي حر، ولهذا فالشعوب العربية
العاشقة للعدالة والحرية والكرامة متعلقة بمصر وبنجاح الثورة وتحقيق
أهدافها.
أهل مصر أدرى وأعلم وأعرف بواقع مصر، والملايين التي تملأ شوارع مصر
لإجبار الرئيس غير المرغوب على الرحيل هم المصريون، والمهم تغليب مصلحة
مصر وشعبها، وان يتمكن الشعب المصري من بناء دولة نموذجية في المنطقة
على أسس ديمقراطية تؤمن بالتعددية وحسب دستور يمثل إرادة الشعب، مما
سينعكس بالايجاب على تطور الوطن العربي.
عندما تم الاعلان عن هروب مبارك الى شرم الشيخ ونهاية نظامه، احتفلت
الشعوب العربية بهذا الانجاز، وفي مدينتنا أحتفل الاصدقاء في تلك
الليلة التي لا تنسى بهذه المناسبة العظيمة، ولكن الفرحة لم تكتمل
لغاية اليوم لان أهداف الثورة لم تتحقق، وتم سرقتها أو تغيير مسارها،
ونأمل أن يحتفل الأحرار مجددا بانتصار الثورة عبر تحقيق أهدافها فهو
الانتصار الحقيقي.
أيها الشعب المصري الثائر ضد الظلم والفساد والكراهية، الساعي
للعدالة والكرامة والحرية والديمقراطية والتعددية، ان الشعوب العربية
وكافة شعوب العالم الحرة والشريفة.. تقف معكم، ومعكم في تشييد دولة
حضارية في المنطقة، شكرا لكم. |