في الخليج... الحب في زمن التكنولوجيا

 

شبكة النبأ: يمضي الشاب جابر ساعات من يومه مع حبيبته، يتبادلان كلمات الحب ويحلمان بالغد، الا ان ذلك كله يتم عبر جهاز البلاكبيري، فقد فتحت التكنولوجيا ابواب اللقاءات على مصراعيها بين الجنسين في المجتمع الخليجي المحافظ الذي يرفض بمعظمه الاختلاط.

جابر الذي يلبس الكندورة الاماراتية التقليدية ويجلس في مقهى في احد المراكز التجارية في مدينة ابوظبي، يرتشف القهوة وينكب بنهم على جهازه.

ويقول "رأيتها في السينما. طلبت من موظفة اجنبية ان توصل اليها الرمز الخاص بجهازي. لم اتوقع قط انها ستضيفني الى قائمتها وستبدأ بعد ذلك قصة حب قوية بيننا".

انتظر جابر اكثر من شهرين قبل ان توافق صديقته التي يرفض الكشف عن اسمها على اللقاء به شخصيا. الا ان هذا اللقاء الاول نفسه كان عبر سكايب.

لقاؤهما الاول كان سريعا، الا انه كان كافيا "ليرسخ الحب" بينهما على حد قول الشاب الذي تخرج لتوه من الجامعة.

تمكن جابر من لقاء حبيبته مرات قليلة، وهو يفكر الآن في الخطوة المقبلة. وفيما تعد الامارات من اكثر الدول انفتاحا في الخليج اذ يتسامح المجتمع نسبيا مع الاختلاط، الا ان الزواج ليس النهاية المرجحة للعلاقات العاطفية التي تنشأ بهذه الطرق غير التقليدية، فالزواج ما زال يتم في معظم الحالات من خلال الاهل وفي اطر تقليدية.

وفي الرياض حيث الفصل بين الجنسين صارم جدا، يجلس العشرات من الشبان في مقهى عند مدخل مركز تجاري على شارع التحلية. يرصد بعضهم الفتيات المنقبات بغالبيتهن، بحثا عن صديقة.

الكلام المباشر غير وارد اطلاقا في المملكة، لكن تقنية البلوتوث تضع هواتف الشبان والفتيات في اتصال سهل. تطبيق "هوز هير" يتمتع بشعبية كبيرة في المملكة المحافظة، فالشاب الجالس في قسم العزاب يمكنه ان يعرف عن نفسه باسم مستعار للفتيات اللواتي يجلسن في قسم مفصول للعائلات.

تطبيقات من هذا النوع باتت تغني عن تقنيات تعارف سابقة ك"الترقيم"، اي ايصال رقم هاتف الى فتاة ليتم التواصل. ويقول احمد، "من هنا حيث اجلس، ارى ان هناك 16 فتاة تعرف عن نفسها من خلال +هوزهير+ واستطيع ان اتواصل مع اي منهن".

قد يأتي الرد من فتاة او لا يأتي، لكن في كل الاحوال، باتت تكنولوجيا الجوال جزءا لا يتجزأ من الحياة العاطفية للشباب السعوديين. فالشباب والفتيات مفصولون في الدراسة والعمل والحياة الاجتماعية والترفيهية، وحتى في المنزل حيث تقيم النساء عموما في جزء خاص من المنزل.

ومع ان التكنولوجيا تؤمن امكانية اللقاء بين الحبيبين، لكن مستقبل هذه العلاقات يكاد يكون غير موجود. ويقول احمد، "يقول اصدقائي ان اي فتاة توافق على مقابلتي وتدخل في علاقة معي في هذه الطريقة، ستقابل غيري بنفس الطريقة بعد زواجنا. اعتقد ان هذا التفكير خطأ لكن لا اعرف اي شاب من اصدقائي تزوج بصديقته التي تعرف اليها بهذه الطريقة". بحسب فرانس برس.

في قطر، لا تبدو الصورة مختلفة كثيرا، الشابة "العنود" تحب شابا من اصدقاء شقيقها دون ان يعلم الشقيق.

وتؤكد العنود، من خلال التواصل معها عبر تويتر، انها تقابل صديقها عبر "سكايب" الذي يؤمن لقاء "بالصوت والصورة" على عكس وسائل الاتصال الاخرى. وتقول "احيانا اتساءل ما هو المستقبل، واتذكر اغنية +اهواك بلا امل+".

وقد اعلنت السلطات السعودية في الاشهر الماضية انها قد تمنع بعض المواقع والتطبيقات مثل "سكايب" و"فايبر" والتطبيق الشديد الشعبية "واتساب". وكادت السلطات السعودية والاماراتية تقطعان خدمة بلاكبيري في 2010.

لكن السلطات تقلق على الارجح من افلات وسائل الاتصال هذه من الرقابة الامنية اكثر مما يقلقها التواصل بين الجنسين. وفي العموم، منحت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للنساء الخليجيات للتعبير عن افكارهن، وكذلك عن عواطفهن.

وكتبت الشاعرة الاماراتية ميثاء الهاملي، التي يتبعها خمسون الف شخص في تغريدة "قررت أن لا أنتظر قدومه كما كنت. يجب أن أذهب إليه وأعيش طقوسه في أي بقعة على هذه الأرض، فلا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي بعد الآن أمام ما يسعدنا".

وتبدي مغردات اخريات قدرا اكبر من التمرد، وغالبا ما يستخدمن اسماء مستعارة لتحدي التقاليد. وغردت نوف عبدالعزيز من السعودية "ليس ذنبي حين احب مسيحيا .. فقد اسرني باسلوبه وشفافيته وسلوكه المستقيم ...".

وفي موضوع مستقبل العلاقات التي تنشأ من خلال التواصل عبر التكنولوجيا، قالت جميلة خانجي مستشارة الدراسات والبحوث في مؤسسة التنمية الأسرية في أبوظبي لوكالة فرانس برس "رغم التغير الاجتماعي الذي حصل في المجتمع الإماراتي إلا ان الأسرة ما تزال محتفظة بقيم الأصالة والتقاليد والعادات المحافظة".

واذ اقرت بوجود علاقات تنشأ من خلال التواصل التكنولوجي، اعتبرت ان "هناك تغير حدث في أمور ثانوية وليس اساسية في الزواج، فلا تزال الأسر هي من ترتب زواج الأبناء فيما يعرف بالزواج التقليدي غير أن هناك مرونة اكثر في لقاء المخطوبين وقد تطول مدة الخطوبة لاتاحة فرصة اكبر للتعرف على الآخر بحدود الأصالة".

واعتبرت خانجي انه لا يمكن التأكيد ما إذا كان هناك تغير مباشر سيحصل على مسالة اختيار شريك الحياة نتيجة لاستخدام وسائل التواصل الحديثة، الا ان "النظام الاجتماعي ككل في الإمارات تغير نتيجة التغير الاقتصادي" على حد قولها، فهذا البلد الخليجي تحول في غضون عقود قليلة الى واحد من اغنى دول العالم.

واذ تتطور العلاقات لتنتقل في احيان كثيرة الى فيسبوك، او الى لقاءات مباشرة، الا انها "تنتهي عموما كما بدأت، بكبسة زر"، وفقا لاحدى المراهقات الاماراتيات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/تموز/2013 - 23/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م