مصر تنتفض.. "البطالة الجهادية" ويوم الحشد الكبير

عبد الرحمن أبو عوف مصطفى

 

لا يخفى على شعب مصر ما يجري اليوم في العراق من إرهاب أعمى ما زال عاصفا بكل مناحي الحياة منذ أكثر من عقد من الزمن. ولم تشفع الثروات الهائلة أو العمق التاريخي في كبح جماح غرائز القتل المتفاعلة في كيان الحلف (السلفي/البعثوصدّامي).

وليس من المبالغة بشيء القول، أن القيادات العراقية كانت قد عمِلت ولا زالت تعمل بأحسن ما في وسعها لإيقاف نزيف الدم العراقي، الا أن الحسم لم يكن مبكرا منذ البداية، الأمر الذي جعل المسألة أكثر تعقيداً والتحالف الإرهابي أكثر تماسكاً.. وذلك ما لا نتمناه لمصر الآمنة، بل نتمنى الحسم المبكر لملفات الحلف الإرهابي (الإخواني/السلفي) الجاثم على صدور الأحرار في مصر اليوم.

تسبب ما أسلفت في رُجحان كفة الميزان نحو الاتجاه السلفي المتطرف المدعوم من الأنظمة الوراثية. ولا شك بـأن التواني في حسم الأمور في الحالة المصرية قد يُسهم في زيادة ذلك الرجحان، خاصة وأن ما يجري اليوم، سواء في العراق أو مصر والمنطقة، لايمكن بأي حال من الأحوال أن يخرج عن كونه أجندة ارهابية تتبنّاها الأنظمة الوراثية في دول الخليج!

 خاصة وأن التجربة العراقية لم تعُد الباعث الوحيد على قلق الأنظمة الوراثية، بل شكّل الربيع العربي عاملا مضافا لتكريس ذلك القلق الذي بلغ درجاته القصوى نتيجة اقتحام موجة الإستياء الشعبي حدود مجلس التعاون الخليجي بإتجاه البحرين ثم المنطقة الشرقية، وبالمقابل أيضا، لم يكن شيعة الخليج وحدهم من إنتفض، بل تسبب الحماس اليمني في إلهاب مشاعر الشباب السعوديين السُنة الذين قاموا بالحملات عبر مواقع التواصل الإجتماعي مطالبين بالثورة ضد حكام آل سعود.

تصاعدت حينها أجراس الخطر في العواصم الخليجية، الأمر الذي دفع بالملك عبدالله الى رشوة الشعب السعودي بالمليارات لتهدئة النفوس/وكان له ذلك، لكن ورغم ما تحقق من هدوء بفضل الرشوة، الا أنها كانت (عقوق للتاج) وشدخ في كبرياء الملوك لم تألفه الأنظمة الوراثية، بل وسابقة خطيرة قادرة على إعادة انتاج نفسها والتشظي في أرجاء الممالك الوراثية الأخرى.

أدى بالنتيجة وكما تشي الأحداث، الى الإتفاق الضمني بين دول المجلس على تعزيز "السلطة الدينية" (الوهابية) في عموم دول مجلس التعاون الخليجي وتوحيد مرجعيتها ودعم حلفاء الوهابية في بقية الدول العربية. والشروع بما أطلق عليه من قبل مشايخ السلفية بـ " مشروع البطالة الجهادية".

 والى اليوم، تكاد تكون الكويت، الإمارة الأكثر جرأة في الإفصاح عن النهج الجديد قولاً وفعلاً، تجلّى ذلك في الحراك السلفي التحريضي الحثيث تحت أنظار ومسامع السلطات الكويتية، حيث لم يشهد الشارع الكويتي من قبل، خطابا تعبويا يحرض الشباب الكويتي ضد الطائفة الشيعية على لسان رجل القاعدة في الخليج (شافي العجمي).

 والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو التصريح الذي أدلى به وزير الداخلية الكويتي أحمد ال حمود، الذي هدد فيه أفراد الجالية المصرية في الكويت بالطرد من البلاد في حال الإقدام على أية فعالية يُفهم منها التضامن مع (يوم الحشد الكبير) المُطالب بإزاحة الرئيس المصري محمد مرسي. (نشر في السياسة الكويتية 28/6/13).

ينبئ مثل هذا الحراك للأنظمة الوراثية في الخليج، بأنهم يتحركون معا بغية إستنهاض كُل ما من شأنه أن يضرب إستقرار المنطقة ويكسبهم مزية أن يكونوا رقما مُهمّا في السياسة الدولية عبر الإمساك في خيوط لعبة الفوضى وبرمجة حراك أمراء الحروب داخل المستنقع الآسن.

وقد تأكد لكل من شاهد ما جرى للشهيد المصري حسن شحاتة ورفاقه من ترويع وسحل وحرق وتمثيل، بأن الرئيس مُحمد مرسي هو قطعة شطرنجية تحرّكه أصابع الأمراء، ولربما فرس الرهان فيما يمكن تسميته مشروع (الفوضى الخلاّقة الخليجي) الذي ينأى بدويلاتهم بعيدا عن شبح (الإصلاح) ويضفي عليهم صفة مهندسو التسويات وصُناع الحلول الوسط.

في الفيديو المرفق شاهد عيان يؤكد إشراف وزير الإعلام على الجريمة بنفسه، كيف يحصل ذلك ومؤسس حركة الإخوان المسلمين حسن البنّا.. (الكردي الأصل والقومية) قد إنطلق من "البعد عن مواطن الخلاف".. وجعل هذه النقطة أولى خصائص الإنتماء لدعوته، بل "ميزة وعلامة فارقة تسمو بها على من عاصرها من دعوات، ويُعد من لايمارسها سلوكاً فقد انتحل صفة الإخوان وليس منهم بشيء". ولاندري عن أي (أخوة) وأي (مسلمين) يتحدث مرسي الذي جعل من وزارة الاعلام المصرية شعبة للإغتيالات، ومن وزير الاعلام ممدوح اسماعيل مشرفا مباشرا (على تنفيذ جريمة اغتيال مواطن مصري برئ مثل حسن شحاتة أفنى أجمل أيام شبابه في خدمة مصر وجيش مصر، يبث في أفراد قواتها المسلحة الروح المعنوية التي تليق بالفرسان، يشحذ الهمم ويعمّر في النفوس منظومة القيم).

أخيرا وليس آخراً، أن الشعب المصري يقول كلمته اليوم بوجه القتلة، ويثبت لمن يستهدفه، بأنه ليس بحاجة الى نظريات "البطالة الجهادية"، فأحرار مصر في طليعة المجاهدين، لكن إرثهم الحضاري وعمقهم الإنساني لايسمح لهم سوى تبنّي الخيار الأفضل، التزاما بقول رسول الله (صلىّ الله عليه وآله): "أن أفضل الجهاد عند الله، كلمة حق عند سلطان جائر".، ومع حال كهذا، تصبح المماطلة على الطريقة الأوردوغانية غير مجدية.. فلا أعتقد، أن كلمة (يوم) في عبارة (يوم الحشد الكبير) تعني في قاموس الغضب المصري الـ (24 ساعة) فقط.. بل تقال مجازاً للإعلان بأن الحاكم قد قامت قيامته.. وقد شهد التاريخ من أن شعب مصر" إذا قال فعل".

...........................................

مقاطع منتقاة حول جريمة إغتيال الشيخ حسن شحاتة بإشراف مباشر من وزير الإعلام

http://www.youtube.com/watch?v=_WY7ApVsDRQ

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 1/تموز/2013 - 21/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م