الصيف القطري

هادي جلو مرعي

هو موسم ساخن كالعادة، وفي مثل هذا الوقت من العام تبلغ الحرارة درجات قياسية تكاد الحياة معها تتوقف إلا في الظل أو في الأماكن المبردة، ولايلعب القطريون كرة القدم في النهار ولايخرجون الى الشوارع إلا بسيارات مكيفة وحين تقدموا بطلب تنظيم بطولة العالم الكروية في العام2022 فإنهم تعهدوا بتكييف الملاعب وأشاروا الى امكانية عقد إتفاق مع شركة عالمية لصناعة مظلة توضع في السماء فوق الجزيرة الصغيرة لتظللها وتمنع حرارة الشمس من الوصول وفي وقت لاحق أعلنوا إنهم لايمانعون في إقامة البطولة في الشتاء مع إعتدال درجات الحرارة وخالفهم مسؤولون دوليون عاد بعضهم ليعلن موافقته على الأمر من اجل إنجاح البطولة.

الثورات العربية التي إشتعلت في بلدان مثل تونس وليبيا ومصر واليمن كان عنوانها وشعارها ( الشعب يريد إسقاط النظام ) وحين يسقط النظام تدب الفوضى ويتقاتل الناس على المغانم كما يتقاتلون على من يكون له السبق في قتل المسؤولين الكبار والصغار في الحكومة المطاح بها وسميت ( ثورات الربيع العربي) وكان لقطر دور كبير في مساندة تلك الثورات لأسباب يطول شرحها ويصعب فهمها في أحيان أخرى حيث تتوافد الخواطر في الذهن وتلتقي وتفترق على صعوبة ذلك الفهم، وقدمت الدوحة دعما كبيرا في مجال التسليح والمال وحتى الطعام والشراب للثائرين الذين يقاتلون وفي مواضع عربية قدمت أموالا طائلة ودعما إعلاميا غير مسبوق عبر شبكة الجزيرة ومراسليها الحربيين الذين كانوا يجوبون الأنحاء ويحرضون على الثورة بينما تولت الدبلوماسية القطرية دور المنسق والمنظم للحراك السياسي من خلال إنشاء مجموعات أصدقاء لكل دولة إندلعت فيها الثورات بغية جمع الأموال والمساعدات ودفع المنظومة الدولية لتساهم في إستصدار قرارات قاسية ضد الأنظمة المستهدفة من تلك الثورات.

وجرى حديث طويل عن قطر في كل العالم وبدأت صورة المعركة تتضح على أكثر من صعيد وصار العالم أكثر تحسسا من ذي قبل حتى إن دولا مثل روسيا والصين وإيران لم تعد تخفي إمتعاضها من الدور الذي تلعبه تلك الجزيرة الصغيرة وهو مايدفع مراقبين الى القول : إن الإنقسامات التي حصلت في دول عربية بعد سقوط أنظمتها يشكل عامل توتر يدفع الى التساؤل عن إمكانية أن تكون الدوحة هي السبب في إستقطاب جماعة سياسية ودعمها على حساب الأخرى كما في مصر وليبيا وتونس وسوريا، وكان لزاما على المجتمع الدولي المؤثر في الحراك العربي أن يجري تغييرا في المنظومة السياسية القطرية من خلال تغيير أركان الحكم وهو ماحصل بالفعل حيث تنازل الأمير حمد بن خليفة الى ولده تميم طوعا كما قيل، وهذا مالم يحصل من قبل حيث يسلم مسؤول عربي مقاليد الأمور وهو بكامل حيويته ويشمل التغيير رئيس الوزراء الذي أثار جدلا كبيرا على مدى سنوات طويلة، وإستبداله بآخر وهو مؤشر على ربيع قطري تصل من خلاله رسالة قوية الى من يقول: إن قطر تدافع عن الديمقراطية، وهي عبارة عن دكتاتورية أسرية. لكن الربيع جاء في الصيف ليكون الصيف القطري ساخنا للغاية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/حزيران/2013 - 20/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م