
شبكة النبأ: فور ان دلف المقاتل الشاب
من الباب بدا مختلفا بشكل واضح. ورغم انه ملتح ويرتدي جلبابا رماديا
وقرابا للمسدس وهي علامات مميزة لمقاتلي المعارضة المتمردة الذين
يسيطرون على هذا الجزء من شمال غرب سوريا كان يرتدي حذاء أديداس ولكنته
ومشيته لندنية تماما، يجلس الشاب على طاولة صغيرة ويقبل كوب الشاي الذي
يقدمه له مضيفوه ويطلب ان ينادى بالاسم الذي اشتهر به في الحرب .. ابو
خالد. يقول انه يبلغ من العمر 23 عاما عاشها كلها في انجلترا لكنه جاء
الى سوريا منذ أربعة او خمسة أشهر لينضم للقتال ضد الرئيس السوري بشار
الاسد. بحسب رويترز.
وقال "حتى أكون صادقا انا لا أعرف أحدا." حين وصل الى سوريا التي
جاءها وحده التقى بمقاتلين من جبهة النصرة وهي فصيل اسلامي محافظ
للغاية تربطه صلة بجناح القاعدة في العراق. ساعدوه في شراء بندقية
ودفعوا به الى خطوط المواجهة الامامية خارج حلب كبرى المدن السورية،
ويتعذر معرفة عدد البريطانيين الذين حملوا السلاح في صفوف المعارضة في
سوريا. ويقدر مسؤولو المخابرات البريطانية عددهم بالعشرات.
يقول ابو خالد ان الامر لم يكن سهلا في البداية. فهو لم يزر سوريا
من قبل وتعلم بعض الكلمات العربية من امه السورية لكن لغته ضعيفة. كان
والداه خائفان. وحتى يتحدث معهما هاتفيا عليه ان يطلب اذنا فقد أخذ
قادته هاتفه المحمول وجواز سفره وقالوا ان ذلك خوفا من الجواسيس.
وفي مقابلة طويلة أعطى ابو خالد لمحة عن الحياة اليومية للمقاتلين
الذين يحاولون الاطاحة بالاسد والعقيدة والدوافع التي تحركهم وكلها
معلومات هامة الان بعد ان قررت الولايات المتحدة تسليحهم. ولا تستطيع
رويترز التحقق من مدى صدق ما يقوله ابو خالد من جهة مستقلة، يقول ابو
خالد ان القتال كان مخيفا لكنه أصبح أسهل مع التدريب. ويستطرد قائلا "في
المرة الاولى.. ولن أكذب.. أحسست وكأني سأتبول على نفسي. بصراحة حين
تعتاد على الاصوات الله يسهلها عليك يجعلك تشعر بالارتياح."
شاهد أصدقاء له وهم يلقون حتفهم امام عينيه. انه يفتقدهم لكنه يحاول
ان يشعر بالسعادة ويطمئن نفسه على انهم ماتوا من أجل الدفاع عن قضية.
يتذكر رفيقا له انجليزيا أيضا لقى حتفه وحين عثروا على جثته كانت
الابتسامة تعلو وجهه. وقال "بدا وكأنه يضحك. كانت هذه علامة. علامة
طيبة كما تعرف."
انضم ابو خالد الى جبهة النصرة جناح القاعدة في سوريا التي تدمغها
الولايات المتحدة بانها "منظمة ارهابية" لانه شعر بأن اعضاءها اتقياء
ومصممون على قتال الاسد. كانت هذه الالفة الاجتماعية هي التي شجعته على
البقاء، حين وصل الى سوريا وجد أجانب اخرين في الكتائب. انجليز من لندن
وبرمينجهام وايرلنديون وروس من الشيشان وصينيون ومصريون وتونسيون
وسعوديون وليبيون وآخرون من الدنمرك وفرنسا ولاندهاشه عدد كبير من
السويد. وقال انه في بعض الاحيان يكون نصف المقاتلين في الصفوف
الامامية أجانب وان الليبيين والسعوديين خاصة لا يريدون التقهقر أبدا.
عاش في ثكنات تسميها الجبهة "البيت" وهي عادة في مدارس او فيلات
مهجورة او في مستشفى وتأوي ما بين 40 و50 رجلا. تسري في المكان روح
الاخوة. يصحو ابو خالد ليصلي الفجر ويمارس التدريبات الرياضية ويتدرب
ويلعب كرة القدم ثم يتجاذب أطراف الحديث مع رفاقه عن النساء. ويقول
"نقضي وقتا طويلا في حالة ترقب الى ان يحدث شيء فننطلق"، وهو يقول انه
لا يفكر كثيرا في القاعدة. كل ما يريده ان يكون مسلما جيدا. الشيء الذي
يقلقه هو التفجيرات الانتحارية. ويقول انه في "بيته" هناك "قائمة
انتظار" باسماء من تطوعوا للقيام بمثل هذه العمليات. ويقول ان رجلا من
بيته فجر نفسه في شاحنة ملغومة. لم يكن ابو خالد يعرف مسبقا لكنه يتذكر
ان الرجل كان مختلفا في الليلة التي سبقت العملية. بدا سعيدا، وأضاف
"حين يفعلها تدرك انه لهذا السبب كان في هذه الحالة."
مازال ابو خالد يتعلم دينه الذي تعرف عليه مؤخرا ويشعر انه "غير
ملم" جيدا بالاسلام ليحكم على الجانب الاخلاقي للهجمات الانتحارية.
ويستطرد "بالنسبة لي لا أشعر انها صواب"، حين كان ابو خالد في المدرسة
كان يذهب الى الحانات والنوادي مع اصدقائه. وفي احد الايام توقف وقرر
ان يركز على دراسته وادارة اعماله. فكر ان يكون مسلما أكثر تدينا. جاءت
اسرة أمه من منطقة قريبة من دمشق اما والده فهو انجليزي اعتنق الاسلام.
كان حرا دائما لان يفعل ما يريد في انجلترا وشعر انه سيكون أسهل
عليه ان يعيش كمسلم في سوريا بعيدا عن الاغراءات، واستطرد "هنا لا ترى
نساء وبهذا كما تعرف حلت مشكلة. لا يوجد الكثير يمكنك ان تفعله.. لا
خمور وكل هذه الاغراءات.. اختفت"، ويأمل ابو خالد ان تثبت سوريا للعالم
بعد الحرب ان الدولة الاسلامية "ليست سيئة كما يظن الناس." وهو يحلم
بعودة أيام مثل أيام النبي محمد حين كان الكل آمنا على داره يترك بابه
مفتوحا. ويستطرد "تعرف ان لا أحد سيسرقك واذا فعل فهناك مشكلة في
انتظارهم"، ضحك ابو خالد حين سئل عن طبيعة هذه المشكلة وقال "ستقطع
أيديهم. هذا معروف. لكن هذه عقوبات قاسية لسبب هو ان تمنع الناس من
ارتكابها. الناس لا يقدمون على ذلك لانهم يقولون لانفسهم (لا اريد ان
افقد يدي. |