صناعة الطائرات... تنافس حثيث في سبيل السيطرة

 

شبكة النبأ: تشهد صناعة الطائرات كغيرها من الصناعات الاخرى تنافس شديدا من الشركات الرائدة التي تسعى السيطرة على الأسواق العالمية من خلال طرح تقنيات ونماذج جديدة من طائرات الركاب والطائرات العسكرية وغيرها من الطائرات الاخرى في سبيل تحقيق مبيعات اضافية، وبحسب بعض المتخصصين فشركات صناعة الطائرات العالمية تخوض اليوم معركة مهمة في سبيل الفوز بطلبيات الشراء، وفي هذا الشأن اعلنت مجموعة ايرباص الاوروبية تسجيل 493 طلب شراء مؤكد لطائراتها خلال الفترة من اول كانون الثاني/يناير الى 30 نيسان/ابريل اي اكثر مرتين تقريبا مما سجلته مجموعة بوينغ الاميركية التي تلقت 255 طلبا. وتلقت المجموعة، ومقرها تولوز، 83 طلبا في نيسان/ابريل الماضي وخاصة من الخطوط الجوية التركية التي تعاقدت على شراء 82 طائرة من طراز ايه 320 المتوسطة المدى. واشارت الشركة في بيان الى ان هذه الطلبات تمثل انتاجا لمدة سبع سنوات. وكانت ايرباص رفعت مؤخرا هدفها لطلبات العام الحالي من 700 الى 750 طائرة.

وخلال الفترة نفسها سلمت ايرباص 202 طائرة لزبائنها بزيادة بنسبة 10% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. اما منافستها الاميركية فلم تسلم سوى 183 طائرة بعد ان اضطرت الى وقف تسليم الطائرة البعيدة المدى 787 مطلع العام الحالي بسبب مشاكل في البطارية. الا ان بوينغ بدات في تقوية هذه البطاريات التي تعمل بمادة الليثيوم في الطائرات التي تم تسليمها بالفعل وذلك لضمان الامان.

على صعيد متصل اعلنت شركة الطيران الصينية "اير شاينا" انها طلبت شراء مائة طائرة ايرباص ايه320 المتوسطة المدى بمبلغ 8,8 مليار دولار، وذلك في بيان نشر في بورصة هونغ كونغ. واوضح البيان ان اير شاينا ومقرها بكين ستحصل على 60 طائرة من هذه الطائرات، فيما سيحصل فرعها شين تشين ايرلاينز على ال40 الاخرى مضيفا ان الشركة حصلت على حسم كبير كما جرت العادة في مجال الصناعات الجوية. وسيتم تسليم هذه الطائرات اعتبارا من 2014 وحتى 2020. ويوجد مقر شركة شين تشين ايرلاينز في المدينة التي تحمل الاسم نفسه باقليم غوانغ دونغ الجنوبي.

ايه350

الى جانب ذلك قامت طائرة ايرباص 350 جديدة مخصصة للرحلات الطويلة باول رحلة تجريبية لها تشكل مرحلة حاسمة من برنامج يهدف الى منافسة الاميركية بوينغ في طائرات الرحلات الطويلة وانجزت بعد اربع ساعات بلا مشاكل. وذكر صحافيون ان الطائرة اقلعت من مدرج كونكورد في المطار باتجاه الشمال الغربي وسط السماء الغائمة جزئيا امام اعين آلاف من موظفي ايرباص خرجوا من المصنع، ومسؤولين ومئات من سكان مدينة تولوز.

وبعد ساعتين، كانت الطائرة المصنوعة بنسبة اكثر من خمسين بالمئة من مواد مركبة اخف من المعدن مثل طائرة دريملاينر 787 التي تنتجها بوينغ، تحلق فوق جبال البيرينيه. وقال قائد الطائرة بيتر تشانلدر عبر الدائرة التلفزيونية التي ثبتت في الطائرة انها "تعمل بشكل جيد جدا". واوضح فرانك تشابمان عضو فريق الاختبار في الجو ان هذه الرحلة لا تهدف الى فحص كل امكانيات الطائرة ولا الى الوصول الى ارتفاع الرحلات الطويلة الذي يبلغ عشرة آلاف متر. ولكن اذا جرى كل شىء على ما يرام، يمكن ان تحصل الطائرة على شهادة من السلطات الاميركية والاوروبية "خلال 12 شهرا ونصف".

وقام بهذه الرحلة ستة اعضاء في الخدمات التقنية في ايرباص وطياران احدهما فرنسي والثاني بريطاني يساعدهم مهندسون سيقومون بتجارب عدة خلال تحليق الطائرة. وشكلت هذه الرحلة التي استمرت اربع ساعات بداية سلسلة اختبارات تهدف الى وضع هذه الطائرة في الخدمة قبل نهاية 2014. ويمكن لنماذج هذه الطائرة التي تشكل رهانا رئيسيا في منافسة اوروبا لطائرتي بوينغ 777 و787 الاميركية، استيعاب بين 270 و350 راكبا في رحلات بطول 15 الف كيلومتر.

وقالت الوزيرة المنتدبة للشركات الصغيرة والمتوسطة والابتكار وردة بيلوران "انه يوم عظيم لايرباص ولفرنسا ولاوروبا". وتجمع مئات من هواة الطيران على تلة تطل على المدرج لمتابعة اول رحلة لهذه الطائرة. وهم يحمولن مناظير مكبرة واجهزة لاسلكي لللاستماع الى اتصالات برج المراقبة. كما حضر اقلاع الطائرة عدد من الموظفين الحاليين والسابقين والمتعاقدين مع ايرباص. والرهان الاساسي لاطلاق هذه الطائرة هو منافسة بوينغ 777 و787 اللتين تغلبان في اساطيل الرحلات الطويلة على ايرباص 330، وان كانت هذه الاخيرة في وضع جيد بعد عشرين عاما على وضعها في الخدمة ولن تحل ايه350 محلها الا تدريجيا.

وقال رئيس ومدير عام ايرباص فابريس بريجييه قبيل اقلاع الطائرة ان نجاح برنامج ايه350 "سيضمن مستقبل الشركة لعشرين سنة". وتقدر ايرباص حجم سوق طائرات الرحلات الطويلة بخمسة آلاف خلال عشرين عاما. ويعول بريجييه ومدير المجموعة التجاري جون ليهي على الحصول على نصف هذه المبيعات.

ويفترض ان تتجاوز بفارق كبير سوق الطائرات العملاقة ايه380 التي سجلت 262 طلبية وتم تسليم 103 منها بعد خمس سنوات ونصف السنة على بدء تشغيلها. واذا كانت طائرات الرحلات المتوسطة التي تتسع لاقل من مئتي شخص مثل ايه320 تبقى الاكثر رواجا وعددا، فان اسعار طائرات الرحلات الطويلة اكبر بثلاث مرات ويبلغ سعر الواحدة منها حوالى 300 مليون دولار للنماذج الجديدة. بحسب فرانس برس.

وتأتي هذه الرحلة التجريبية قبل ثلاثة ايام من افتتاح معرض لوبورجيه الجوي الذي تتنافس فيه بوينغ وايرباص عادة. وتوقع توم اندرز رئيس الصناعات الجوية الاوروبية (اي ايه دي اس) الشركة الام لايرباص ان تحصل المجموعة على مئات العقود خلال المعرض.

محركات بتقنية 3-D

في السياق ذاته يتوقع رئيس خلية الابتكار في شركة إيرباص بيتر ساندر أن يبدأ بيع طائرات تجارية وعسكرية بحلول عام 2050، تكون أجزاؤها مصنعة بالكامل اعتمادا على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. وأضاف أنه بحلول 2016 ستكون بعض مكونات الفرامل في الطائرة المصنوعة بواسطة تقنية ثلاثية الأبعاد قطعا معيارية أساسية بحيث ستكون القطع الحالية شيئا من الماضي.

لكن الأكثر إثارة للدهشة هو محرك طائرات جديدة يطلق على طرازه اسم LEAP تم تصنيعه بشراكة بين شركة EG الرائدة في صناعة مكونات الطائرات وشركة سنيكما الفرنسية. هذا المحرك يحتوي على الكثير من المميزات أبرزها يهمّ الجزء المسؤول على إحراق الوقود حيث تم صنعه بالتقنية ثلاثية الأبعاد.

ولطالما استخدمت الشركة التقنية ثلاثية الأبعاد لتصنيع أجزاء بلاستيكية ولكنها المرة الأولى التي تنجح فيها في صناعة مكونات تعتمد على مواد أكثر صلابة وبالتقنية ثلاثية الأبعاد، ومن ضمن تلك المواد الأولية النيكل والألومنيوم والحديد الصلب، وفق ما أبلغ به مسؤول في الشركة من الابتكارات الأخرى أيضا شفرات مراوح المحرك والتي تم تصنيعها من مادة السيراميك المركب.

والأكثر إثارة في هذا الموضوع أن هذه المادة صلبة مثل الحديد ولكنها تقاوم أقصى درجات الحرارة. ولا تنتهي الإثارة عند هذا الحد بل إنّ المواد التي يتم اعتمادها في صنع تلك الشفرات وغيرها من مكونات أخرى ستجعل من الطائرة أخفّ بنحو 500 كلغ، بما يجعلها أقلف استهلاكا للوقود. بحسب CNN.

لكن ذلك لا يعني أنّها ستصبح أكثر عرضة للتلف حيث أنّ المواد التي يتم اعتمادها في التصنيع تعد من أصلب المواد في الكون. ولا عجب إذن أن تبدأ الشركة في تلقي طلبات شراء وصلت حتى الآن من كبريات شركات الطيران مثل كنساس وأمريكان إيرلاينز. ووصل عدد الطلبيات 4500، وقالت الشركة إنّ تلك المحركات ستدخل حيز الاستخدام عام 2016 بما يعني أنّه يتوجب عليها صناعة 1500 محرك كل عام.

بوينج الجديدة

من جانب اخر دشنت شركة بوينج الأمريكية لصناعة الطائرات نسخة جديدة أكبر حجما من الطائرة دريملاينر في معرض باريس الجوي لتشعل المنافسة مع ايرباص في سوق رائجة لطائرات المسافات الطويلة الموفرة للوقود. ويعتبر الإعلان الذي طال انتظاره عن الطائرة دريملاينر 787-10 بعدد طلبيات مؤكدة وصل إلى 102 وبقيمة نحو 30 مليار دولار وفقا للأسعار المعلنة تصويتا بالثقة في الطائرة خفيفة الوزن بعد أشهر قليلة من وقف تشغيل النسخة الاولى من دريملاينر بسبب مشكلات في بطارياتها.

كما يأتي الإعلان بعد فترة وجيزة من إبرام إيرباص صفقة بقيمة 11.5 مليار دولار لتوريد 135 طائرة من طراز ايه320 نيو لشركة إيزي جيت البريطانية للطيران منخفض التكلفة. وتتنافس بوينج وايرباص على نصيب الأسد في السوق العالمية للطائرات التي تبلغ قيمتها مئة مليار دولار سنويا. وفي العامين الماضيين تركزت المنافسة على نماذج مشهورة أصغر حجما لكن تحول التركيز في الأشهر القليلة الماضية إلى الجيل التالي من الطائرات الكبيرة. وأكملت ايرباص بنجاح رحلة تجريبية لطائرتها ايه350 التي تنافس بها دريملاينر قبل انطلاق معرض باريس الجوي.

وقال جيم مكنرني الرئيس التنفيذي لشركة بوينج في مراسم توقيع يوم الثلاثاء "وعدنا بتدشين قوي ووفينا بذلك." ومن ابرز المشترين للطائرة الجديدة 787-10 شركة إير ليس كورب والخطوط الجوية السنغافورية بثلاثين طائرة لكل منهما وشركة يونايتد ايرلاينز التي اشترت 20 طائرة والخطوط الجوية البريطانية التي طلبت 12 طائرة ثم شركة جي.إي كابيتال سرفيسز بعشر طائرات.

وقال راي كونر رئيس قسم الطائرات التجارية في بوينج إن النوع الثالث من اسرة دريملاينر سيصل مداه الى 7000 ميل بحري وسيتسع لما يصل الى 330 راكبا. كما أوضح أن كفاءة تشغيلها ستكون أفضل من مثيلاتها الحالية بنسبة 25 في المئة. وتم منع الطائرة 787-8 من التحليق في أنحاء العالم في يناير كانون الثاني بعد اكتشاف سخونة بطارياتها الليثيوم ايون في رحلتين خلال اسبوع واحد. واستأنفت الطائرة رحلاتها التجارية في مايو ايار بعد ان اعادت بوينج تصميم نظام البطارية على طائراتها الخمسين العاملة. بحسب رويترز.

وقال ستيفن اودفارهازي الرئيس التنفيذي لشركة اير ليس ان الطائرة ستكون "واحدة من اقوى الطائرات عريضة البدن لعقود مقبلة. نعتقد انها ستكون مربحة جدا بالنسبة لنا." وقالت بوينج إنها صممت بالفعل الطائرة الجديدة ومن المتوقع ان تبدأ التجميع النهائي في 2017 وان يكون اول تسليم لها في العام التالي.

في السياق ذاته قالت القوات الجوية الأمريكية إن الطائرة اكس-51ايه ويفرايدر التي صنعتها شركة بوينج دخلت التاريخ بعد أن حلقت لمدة ثلاث دقائق ونصف بخمسة أضعاف سرعة الصوت وهي أطول مسافة تقطعها طائرة نفاثة بتلك السرعة الفائقة. وقالت القوات الجوية ان الطائرة وهي الأخيرة بين اربع طائرات عسكرية تجريبية دون طيار صنعتها بوينج طارت بسرعة قصوى بلغت 5.1 ماخ فوق المحيط الهادئ. وقطعت الطائرة مسافة إجمتالية بلغت 230 ميلا بحريا في زمن يزيد قليلا على ست دقائق قبل ان تسقط في المحيط.

وقال تشارلي برينك الذي يدير برنامج الطائرة اكس-51ايه "حققت المهمة نجاحا كاملا." وقالت القوات الجوية ان هذه الرحلة كانت الاطول بين الرحلات التجريبية الاربع لطائرات اكس-51ايه وهي اطول رحلة تقوم بها طائرة نفاثة اسرع من الصوت عدة مرات في التاريخ. وتفتح هذه التقنية الباب امام الاستخدامات التطبيقية للطائرات النفاثة فائقة السرعة.

واستخدمت طائرة صنعتها ناسا الهيدروجين كوقود لتطير لمسافة قصيرة بسرعة اكبر من تلك التي حققتها اكس-51ايه في 2004 لكنها تحتاج إلى خزان وقود ضخم لتطير لفترات اطول. وقال برينك "كل ما عرفناه من الطائرة اكس-51ايه ويفرايدر سيكون حجر اساس لابحاثنا المستقبلية للطائرات فائقة السرعة وفي نهاية المطاف للتطبيق العملي للطيران فائق السرعة."

واظهر مقطع مصور نشرته القوات الجوية الطائرة ويفرايدر وهي تسقط من أسفل الجناح الايسر لقاذفة ثقيلة من طراز بي-52 على ارتفاع حوالي 50 الف قدم ثم تشق مسارها بسرعة هائلة مخلفة وراءها أثرا طويلا من البخار. ووصلت الطائرة إلى سرعة 4.8 ماخ في حوالي 26 ثانية مدعومة بدافع صاروخي يعمل بالوقود الصلب صنعته شركة برات اند ويتني روكيتداين وهي وحدة تابعة ليونايتد تكنولوجيز. بحسب رويترز.

وبعد انفصالها عن الدافع الصاروخي بدأ المحرك النفاث العمل ودفع الطائرة إلى التحليق بسرعة 5.1 ماخ على ارتفاع 60 الف قدم. وظلت الطائرة ترسل البيانات إلى محطة التحكم في قاعدة ادواردز الجوية في كاليفورنيا حتى سقطت تحت السيطرة في المحيط الهادي.

ثاني أكسيد الكربون

على صعيد متصل قال علماء بريطانيون إن التقلبات الجوية التي تتعرض لها رحلات الطيران عبر المحيط الأطلسي ستصبح أكثر تواترا وحدة بحلول 2050 مع زيادة انبعاثات ثاني اكسيد الكربون مما سيؤدي إلى طول فترة الرحلات وزيادة استهلاك الوقود. ويمكن أن تواجه رحلات الطيران اضطرابات جوية دون سابق إنذار وقد تحدث نتيجة ظروف مناخية مثل الضغط الجوي والتيارات الهوائية والجبهات الباردة والدافئة والعواصف الرعدية.

وتهز المطبات الجوية الخفيفة الطائرات لكن المطبات الأكثر حدة يمكن أن تصيب الركاب وتلحق اضرارا بجسم الطائرة وقد تبلغ تكلفتها نحو 150 مليون دولار سنويا. وقال العلماء في جامعتي ريدينج وايست أنجليا في دراسة نشرت نتائجها في دورية نيتشر كلايمت تشينج إن من المتوقع ان تزيد المطبات الجوية شدة وتحدث بصورة أكثر تواترا إذا ما تضاعفت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى المثلين عام 2050 كما تتوقع وكالة الطاقة الدولية.

ويعد ثاني أكسيد الكربون أحد الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي يلقى عليها باللوم في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. وتؤدي زيادة الانبعاثات إلى ارتفاع متوسط حرارة اليابسة وتسخين الغلاف الجوي السفلي. وذكر بول وليامز من جامعة ريدينج الذي شارك في متابعة التقرير لرويترز أن ارتفاع درجات الحرارة يغير أيضا الغلاف الجوي على ارتفاع عشرة كيلومترات من سطح الأرض مما يجعله أقل استقرارا بالنسبة للطائرات. بحسب رويترز.

وركز الباحثون على ممر الطيران في شمال المحيط الأطلسي حيث تسافر 600 طائرة بين أوروبا وأمريكا الشمالية يوميا واستخدموا المحاكاة عن طريق أجهزة الكمبيوتر لفحص تأثير تغير المناخ على الظروف هناك. ووجدوا أن احتمالات وجود مطبات جوية كبيرة ستتزايد بحلول منتصف القرن بين 40 و170 في المئة.كما سيتزايد متوسط شدة المطبات الجوية بين 10 و40 في المئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/حزيران/2013 - 16/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م