حلم الخروج من البند السابع.. إقترب تحققه

زاهر الزبيدي

 

بعد معاناة استمرت لما يقارب الربع قرن، منذ عام 1990، شهدت مسألة خروج العراق من تحت طائلة البند السابع؛ إنفراجاً بتفاؤل كبير بعد الإتفاق بين حكومة العراق والكويت على تسوية كافة الخلافات السياسية التي تسببت في إدخال العراق تحت طائلة هذا البند وزوال المسببات التي دعت الأمم المتحدة الى إدخال العراق تحت وطأته المؤلمة بقرارها المرقم 678.

ففي الثامن والعشرين من هذا الشهر أوصى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجلس الأمن إلى إخراج العراق من طائلة الفصل السابع، ووضع حد للمطالبة بمعاقبته حيث أطلق توصيته: " أوصي مجلس الأمن بإخضاع المسألة الخلافية الإنسانية الوحيدة بين العراق والكويت للفصل السادس من ميثاق المنظمة الدولية".

الجميع يعلم أن خروج العراق من تحت طائلة هذا البند وتحول المشاكل المتبقية بين البلدين الى البند السادس، الفصل السادس، والذي يتكون من ستة بنود ( 33- 38) ؛ تعطي العراق حرية أكبر في التعامل مع دولة الكويت الشقيقة وحل الإشكالات العالقة بينهما حيث كانت زيارة رئيس الوزراء الكويتي الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح الأخيرة لبغداد ؛ فاتحة لعهد جديد بين البلدين ختمت بنجاح سلسلة من الأعمال الدبلوماسية بين الشقيقين وأنهت حقبة مظلمة من تأريخ العلاقة التي شابها التوتر السياسي في أوقات كثيرة وعلى مدى ربع القرن الأخير.

إن خروج العراق من البند السابع، إن شاء الله خلال الأيام القليلة القادمة، يفتح أمام البلد وشعبه آفاقاً إقتصادية وسياسية كبيرة علينا أن نحاول قراءتها بصورة جيدة والعمل على تجنب الإحتكاك مع الكويت لأن البند السادس يتيح لمجلس الأمن إعادة النظر في المسائل المتعلقة بين البلدين، حيث نصت المادة 34 منه على أن " لمجلس الأمن أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي"، وحتى هذا الاحتكاك الذي يتأتى من تصريحات، غير مسؤولة، لأعضاء البرلمان العراقي وبعض السياسيون تجاه الكويت ؛ علينا أن نحسن التحكم به وأن نتواصل مع الشقيقة الكويت بصورة مستمرة لإدامة زخم العلاقات البناءة وأن يفهم الجميع معنى أن العراق بعد ربع قرن من ضياع القدرة على التخطيط للمستقبل بصورة محكمة ؛ سيصبح بعد أيام مالكاً لمستقبله لما لهذا الخروج المضنى من فوائد إقتصادية وسياسية ستطال شعبه ومستقبله.

العراق اليوم لم يعد مهدداً للسلم العالمي والإخلال به، فهو حتى اللحظة قد نزعت مخالبه ولم يعد قادراً على أن يتنمر على جيرانه بل هو لم يعد قادراً على حماية نفسه تجاه الهجمات الإرهابية والمخططات التي تحاك ضد مسيرة عمليته السياسية الديمقراطية، وعليه أن يبقى كذلك، بإستثناء أن يحاول إدامة بنيته العسكرية والأمنية لصد تلك الهجمات الإرهابية وعلى الهيئات الأممية كافة أن تقف معه في تلك المحنة الكبيرة، فما يتعرض له العراق اليوم هو نتيجة حتمية للفصل السابع التي أرهق بنيته التحتية.

العراق بدون طائلة هذا البند سيكون قادراً على جلب الإستثمارات الأجنبية مع الشركات العملاقة وسيكون قادراً على إستقدام أي تكنولوجيا، البسيطة منها والمعقدة، يرغب في رفد بنيته التحتية بها بما فيها الطاقة النووية للأغراض السلمية مع أي تطبيق ذي إستخدام مزدوج مع نقل أي خبرات أجنبية.

وفي الجوانب المالية فإن خروجنا من طائلة هذا البند يمنح القطاع المالي حرية أكثر في التعامل مع المصارف العالمية، ويقلل الكلف على جميع الصناعيين، ويختصر خطوات الوسطاء وما يرافقها من تكاليف اضافية، كما أن التعامل مع البنوك العالمية يكون بشكل مباشر وأكثر مصداقية، وستكون هناك إمكانية تبني جميع الانظمة العالمية المصرفية في مصارفنا العامة ويتيح للقطاع المالي الوقوف على آخر ما توصل اليه قطاع المصارف العالمي وآليات عمله وتعامله.

لذلك فإن خروج العراق من تحت وطأة البند السابع قد يمثل تعزيزاً لسيادة العراق أو إكتمالها وعلينا أن لا نفرط بتلك الفرصة التي أتت أكلها بعد عمل مضنٍ حاولت الكثير من التصريحات السياسية غير المدروسة النيل منه بدون تبصر مع أن الإشادة يجب أن تكون متناسبة مع حجم العمل الدبلوماسي للخارجية العراقية ولكل من ساهم في هذا العمل الذي يعتبر إنتصاراً للوطن على الرغم من طول الفترة التي قضاها العراق رازحاً تحت مخالب هذا الفصل ؛ إلا إن هذا التأخير له فائدة كبيرة أيضاً حيث توضحت فيه مشاكل الفساد المالي وتم تحديد مكامنها مما يتيح للحكومة العمل على القضاء عليها وإيجاد الإستحكامات المالية المناسبة للإنقضاض على بؤره المؤلمة للإقتصاد العراقي، كما امتلكت هيئة النزاهة العراقية اليوم قائمة طويلة من مسببات الفساد ووضعت يدها على الكثير من ملفاته السوداء مما سيسهل ولوج العراق الى الاقتصاد العالمي بعيداً عن تلك الأصابع الخفية التي تنهش موارده المالية.

 نحن بحاجة أن نتعامل بنضوج سياسي كامل وحكمة من المؤسسات الحكومية في إدارة موارد البلد في ظل إنفاق حكومي كفوء مع ما تقدمة لنا فرصة الخروج تلك من أمل كبير بالمستقبل، نسأل الله أن لا يطول إنتظاره.. حفظ الله العراق.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/حزيران/2013 - 14/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م