حريات الانترنت: فضاء يضيق بمريديه

 

شبكة النبأ: اعرب الكثير من النشطاء والعديد من المؤسسات الحقوقية والانسانية عن قلقهم المتزايد بخصوص حرية التعبير على الإنترنت في العديد من دول العالم، خصوصا بعد ان اثبتت الحقائق سعى بعض الحكومات الى ممارسة دور الرقيب من خلال اعتماد قوانين تحد من حرية التعبير على شبكة الإنترنت، او من خلال اعتماد اساليب وبرامج التجسس الإلكترونية ومراقبة الاتصالات على الانترنت. وهو امر يخالف المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان المتعلقة بحرية التعبير وحماية الخصوصيات. وفي هذا الخصوص دعت ثلاث من اكبر شركات الانترنت الامريكية الحكومة الامريكية الى توفير قدر أكبر من الشفافية بشأن طلبات الامن الوطنية مع سعيها للنأي بنفسها عن تقارير صورت هذه الشركات على انها مشاركة طواعية في تزويد وكالات الامن بيانات ضخمة عن المستخدمين.

وكانت شركة جوجل اولى الشركات التي تعلن ذلك حيث قامت بنشر رسالة مفتوحة تطلب من وزارة العدل الامريكية اذنا للكشف عن رقم وحجم طلبات البيانات التي تتلقاها من وكالات الامن بما في ذلك الطلبات السرية التي يتم التقدم بها بموجب قانون مراقبة المخابرات الاجنبية . ونشرت شركتا مايكروسوفت وفيسبوك بعد فترة وجيزة بيانين صيغا بشكل مماثل دعما لجوجل.

وتم وضع الشركات الثلاث وعدة شركات اخرى تحت التدقيق في اعقاب الكشف في صحيفتي جارديان وواشنطن بوست عن دورها في برنامج لوكالة الامن القومي الامريكي لجمع البيانات يسمى بريزم. ودفعت رسالة جوجل بان نشر مجمل عدد طلبات الامن القومي سيثبت ان الشركة لا تعطي الحكومة "حرية دخول دون قيود" لقاعدة بيانات مستخدمي جوجل.

وقال ديفيد دروموند كبير المسؤولين القانونيين بجوجل في رسالة لوزير العدل الامريكي اريك هولدر ولروبرت مولر مدير مكتب التحقيقات الاتحادي الامريكي ونشرت على مدونة سياسية جوجل ان "التِأكيد في الصحافة على ان التزامنا بهذه الطلبات يعطي الحكومة الامريكية حرية دخول بلا قيد لبيانات مستخدمينا غير صحيح. و"ارقام جوجل ستظهر بوضوح ان التزامنا بهذه الطلبات يقل كثيرا عن الطلبات التي يتم تقديمها."

وجاءت رسالة جوجل بعد تأكيد جيمس كلابر مدير المخابرات الوطنية بوجود بريزم ووصفه بانه شبكة كمبيوتر داخلية تساعد الحكومة على جمع بيانات تم الحصول عليها من شركات الانترنت من خلال طلبات وكالة بموجب قانون مراقبة المخابرات الاجنبية.

الى جانب ذلك أعلن موقع (غوغل) الأمريكي عن كشف حملة تجسس الكتروني واسعة النطاق على مواطنين إيرانيين طوال فترة ثلاث اسابيع ، وذلك قبيل موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية. وذكر (غوغل) طوال ثلاثة أسابيع، كشفنا وأعقنا عدة حملات تصيد معلومات (Phishing) إلكترونياً، من حسابات يملكها عشرات آلاف المستخدمين الإيرانيين.

وأضاف ان مصدر هذه الحملات هو إيران، في ما يشكل قفزة كبيرة في حجم عمليات تصيد المعلومات في المنطقة. ولفت (غوغل) إلى ان توقيت هذه الحملات والأشخاص المستهدفين، يؤشر إلى ان هذه الهجمات ذات دوافع سياسية وهي مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الإيرانية. وأوضح ان محرك (كروم) التابع له سبق وساهم في الكشف عن مجموعة تستخدم تقنية معينة لاستهداف مستخدميه داخل إيران، ولكن هذه المرة اكتشفت عمليات تصيد المعلومات روتينية، إذ يحصل المستخدمون على رسالة إلكترونية تتضمن رابطاً إلى صفحة على الإنترنت لتحسين أداء الحساب الإلكتروني وما أن يُضغط عليها حتى تظهر صفحة مزيفة للدخول إلى (غوغل) وبالتالي تتم سرقة اسم المستخدم وكلمة المرور السرية. بحسب يونايتد برس.

وأكد (غوغل) حرصه على حسابات مستخدميه وإعطاءه الأمر أولوية قصوى، مشيراً إلى تبيلغ المعنيين بالأمر واتخاذ الخطوات المناسبة للهد من هذه الهجمات. وحث مستخدميه، وخصوصاً إذا كانوا في إيران، على اتخاذ خطوات إضافية لحماية حساباتهم الإلكترونية.

على صعيد متصل زجّت محكمة عسكرية في تركيا رقيباً بالجيش في السجن، بسبب تغريدة على "تويتر" وصف فيها قيادييه بحشرة القرادة، بطريقة اللعب على الكلمات. وذكرت وكالة أنباء (دوغان) التركية أن محكمة عسكرية في إقليم أغري شرق تركيا، اعتقلت رقيباً أولاً في الجيش، للاشتباه بنشره تغريدة على موقع التدوين المصغّر "تويتر" يصف فيها قيادييه بحشرة القرادة.

وكتب الرقيب على تويتر أن "العلماء يجرون اختبارات على الفئران.. وقراداتنا يجرون الاختبارات على الرقباء"، في إشارة إلى الجنرالات حيث استبدل أول حرف من الكلمة التركية التي تعني جنرال بحرف آخر ليصبح معناها قرادة. وأمرت محكمة عسكرية باعتقال الرقيب وهو أب لطفل واحد، بتهمة شتم قادته، وأرسل إلى السجن. وقال محامي الرقيب إنه لم يتم التأكّد بعد من أن الحساب الذي كتبت عليه العبارة يعود فعلاً إلى موكّله كما اتهم الأمن التركي بمداهمة منزله بحثاً عن أدلة بالقضية.

حظر حكومي

في السياق ذاته حظرت اكبر شبكة للتواصل الاجتماعي على الانترنت في روسيا لفترة وجيزة في خطوة وصفت بأنها "خطأ" ولكنها تأتي بعد تكثيف الضغوط الرسمية على الشبكة مع تعزيز الرئيس فلاديمير بوتين سلطته. ووضعت شبكة فكونتاكت وهي اكبر شبكة محلية للتواصل الاجتماعي في اوروبا حيث يبلغ عدد مستخدميها المسجلين 210 ملايين شخص ضمن "قائمة سوداء" للمواقع التي يحظر توزيع محتوياتها داخل روسيا. وبعد ساعات ألغي هذا الحظر وتصادم بافل دوروف مؤسس الشركة مع السلطات في الماضي لتوفيره منتدى لناشطي المعارضة لتنظيم احتجاجات ضد بوتين.

وقال فلاديمير بيكوف وهو متحدث باسم هيئة تنظيم الاتصالات الحكومية (روسكومنادزور) ان "هذا حدث بطريق الخطأ. استبعد الموقع من القائمة ورفعت القيود المفروضة على دخوله". وأسس دوروف (28 عاما) فكونتاكت في بلدته سان بطرسبرج في 2006 واثار نجاحه في بناء هذه الشبكة مقارنات بمؤسس موقع فايسبوك مارك زوكربيرج. وتجتذب فوكونتاكت 47 مليون مستخدم يوميا والذين يدخلون لتبادل الاخبار والاراء والصور.

ورفض دوروف الامتثال لامر من جهاز الامن الاتحادي باغلاق المجموعات التي يستخدمها النشطون لتنظيم احتجاجات بشأن الانتخابات البرلمانية في كانون الاول/ ديسمبر 2011 والتي اسفرت عن فوز حزب روسيا المتحدة الحاكم بزعامة بوتين. وفي وقت سابق تم توريط دوروف في حادث مروري في مدينة سان بطرسبرج اصيب خلاله شرطي بجروح طفيفة. ونفى دوروف تورطه في الحادث ولكن بدلا من موافقته على الادلاء بأقواله كشاهد غادر البلاد وذلك بحسب ما تقول مصادر تعرفه. ولم يشاهد دوروف علانية كما لم يشارك بأي نشاط على صفحته على فكونتاكت منذ 24 نيسان/ ابريل.

من جهة اخر قد لا تبدو عبارة "البطة الكبيرة الصفراء" ذات مدلول سياسي في الظاهر، لكن السلطات الصينية حظرت استخدام هذه العبارة على شبكة الانترنت، بعدما انتشرت صورة تظهر الرجل الشهير الذي تصدى بجسمه الأعزل لرتل من الدبابات أثناء انتفاضة الطلاب في العام 1989، وقد استبدل رتل الدبابات في الصورة بطابور من طيور البط.

وتحولت صورة هذا الرجل الذي تصدى للدبابات وأوقفها إلى رمز للانتفاضة الطلابية في العام 1989، والتي سحقتها السلطات في الرابع من يونيو موقعة ألف قتيل. وتحظر السلطات الصينية أي احتفال أو إحياء لهذه المناسبة. وفي الأيام الماضية، انتشرت في المدن الصينية مجسمات لبطة كبيرة صفراء بلاستيكية، في محاكاة لعمل فنان هولندي عرضه في مرفأ هونغ كونغ. وأثار انتشار هذه الفكرة المقلدة جدلاً بين الصينيين حول قلة الإبداع في بلدهم. بحسب فرانس برس.

وإثر ذلك، أجرى احد الناشطين على الإنترنت في الصين تعديلاً على صورة تعود لانتفاضة 1989، واستبدل فيها رتل الدبابات بطابور من طيور البط. ويبدو أن صورة طيور البط هذه لم ترق للسلطات الصينية، فعطلت على محركات الإنترنت إمكانية البحث عن أي نتائج تتعلق بالرابع من يونيو، أو بساحة تيانانمن. ورغم انقضاء أكثر من ربع قرن على انتفاضة الطلاب، ما زالت هذه الذكرى تؤرق السلطات التي تفرض رقابة حديدية على شبكات التواصل الاجتماعي.

إيقاف خدمة الفايبر

على صعيد متصل أعلنت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية ، عن إيقاف خدمة (الفايبر) بالمملكة. وأوضحت الهيئة في بيان، أن سبب الإيقاف هو أن تطبيق خدمة الفايبر بوضعه الحالي لا يفي بالمتطلبات التنظيمية التي أقرتها الهيئة مؤخراً، مشيرة الى انه تم إبلاغ مقدمي الخدمة المرخص لهم بضرورة العمل مع الشركات المطورة لبعض تطبيقات الاتصالات عبر بروتوكول الإنترنت في المملكة على سرعة استيفاء المتطلبات التنظيمية المطلوبة.

وقالت الهيئة أنها ستقوم باتخاذ الإجراء المناسب حيال أية تطبيقات أو خدمات أخرى في حال عدم الوفاء بالمتطلبات التنظيمية والأنظمة السارية في المملكة. وكانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات هدّدت مؤخرا بحجب بعض البرامج والتطبيقات الخاصة بالمحادثة والاتصال المرئي كبرامج Skype, Whatsapp, Viber ,Line، إضافة إلى تطبيقات أخرى في حال تعذر مراقبتها، والوصول إلى حل مع ملاكها. بحسب فرانس برس.

وكانت مصادر قالت في وقت سابق إن الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات والإنترنت بالسعودية عازمة على فرض رقابة على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدم التطبيقات المشفرة (واتساب – فايبر- سكايب) وغيرها. وكانت شركات الإتصالات السعودية اتخذت إجراء مشابهاً قبل أكثر من عامين مع شركة RIM الكندية المصنعة لأجهزة البلاك بيري، وذلك حين طلبت السعودية ودول خليجية من الشركة تشغيل الخدمة من خلال سيرفرات داخل المملكة، وهو ما وافقت عليه RIM بآليات يحددها الطرفان بعد مفاوضات مطولة.

الأمن السوداني يمنع

من جانب اخر اتهم منظم منتدى عن استخدام الإنترنت للترويج للأفكار ضباط أمن الدولة السوادنيين بإفساد المنتدى من خلال قطع الكهرباء. وقال أنور دفع الله مؤسس فرع السودان لجماعة (تي.إي.دي) وهي جماعة مستقلة مقرها نيويورك تعمل على نشر المعرفة بالانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إن الفرع دعا 900 شخص لحصور مؤتمر ينظمه تحت عنوان "المعرفة في التطبيق" في أحد الفنادق الفاخرة.

وقال إن ضابط أمن جاء بعد الكلمة الأولى وطلب إنهاء المؤتمر لأنه لم يحصل على إذن بالانعقاد. وتابع "أبلغناه (الضابط) بأن لدينا إذنا من وكالة حكومية. "ثم جاء شخص أمني آخر وطلب مرة أخرى إنهاء المؤتمر." وأضاف دفع الله أن ضابطي الأمن طلبا من إدارة الفندق قطع الكهرباء أثناء إلقاء أحد المتحدثين المشاركين لكلمة. وأكد مشارك آخر في المؤتمر حدوث هذا.

وتروج الجماعة حسبما تعلن في موقعها الإلكتروني "الأفكار الجديرة بأن تنتشر" من خلال عقد منتديات للتواصل مع المجتمعات المحلية. وقال دفع الله "هذا هو مؤتمرنا السنوي الثالث ولا علاقة له بالسياسة على الإطلاق." وأضاف أن المتحدثين الذين جاءوا من الولايات المتحدة وبريطانيا والهند وأوغندا دخلوا السودان بتأشيرات حصلوا عليها برعاية معهد أبحاث تابع لوزارة الاتصالات. بحسب رويترز.

وفرضت أجهزة الأمن السودانية إجراءات صارمة على مراكز الأبحاث والجماعات الحقوقية والصحف المحلية التي لم يسمح لها بنشر تقارير عن الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وواجه الرئيس السوداني عمر حسن البشير احتجاجات صغيرة نظمها أساسا طلبة يحاولون جلب "الربيع العربي" للسودان باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي عبر الانترنت. وأغلق ضباط الأمن في ديسمبر كانون الأول الماضي مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية وهو مركز مستقل بارز في مجال تعزيز الديمقراطية.

إيران والشبكة الوطنية

من جهة اخرى وعندما تولى الرئيس الإيراني مقاليد السلطة قبل ثماني سنوات، أعلنت الحكومة الإيرانية اعتزامها تطوير شبكة انترنت وطنية. ولم يحظ المشروع وقتها بأدنى اهتمام غير أن بعض المحللين في الوقت الحالي، يقولون أن السلطات قطعت شوطا كبيرا قد يمكنها في القريب من عزل البلاد عن الاتصال بشبكة الانترنت العالمية.

وعندما شكا محمد سليماني، وزير تكنولوجيا المعلومات الايراني السابق، بشأن صعوبات واجهته أثناء استخدام الانترنت، أعرب عن حالة إحباط من عدة اشياء. وقال سليمان لوكالة انباء العمال الايرانية "عانيت عندما هممت بفتح حساب (بريدي الالكتروني) على موقع جيميل، واضطررت في النهاية الى الغاء الفكرة. فلماذا يرغب اي شخص في تحمل مسؤولية هذا؟" وتسجل مواقع وسائل الإعلام الإيرانية، على مدى أشهر، شكاوى من بطء سرعة تحميل الملفات وانقطاع الخدمة على نحو متقطع.

في الوقت الذي يسعى فيه آخرون إلى الالقاء باللائمة على البنية التحتية للانترنت في البلاد وافراط التحميل على استخدامها فضلا عن تقادمها، يقدم آخرون تفسيرات مواربة تعلل الخطوة. وقال احد مستخدمي الانترنت من طهران ويدعى هابيل "عندما نتقدم في العمر سنخبر احفادنا انه جاء وقت وأممنا فيه شبكة الانترنت."

ما يشير اليه هابيل هو خطة الحكومة الايرانية الرامية الى انشاء ما تطلق عليه "شبكة المعلومات الوطنية"، وهو عبارة على شبكة اتصال داخلية بين شركات تغطي شتى ارجاء البلاد.

وتقول السلطات ان المشروع سيفضي إلى تحسين الانتفاع بخدمات الانترنت وحماية البلاد من هجمات الاختراق (أو القرصنة). ولكن منتقدي الخطة يقولون إن ما سيفضي إليه المشروع هو عزل البلاد عن شبكة المعلومات العالمية.

وقال عزيز أشوفتيه، مؤسس مشارك لموقع (بالاتارين Balatarin) الإيراني الشهير، وهو نسخة ايرانية من موقع ديغ Digg، إن المبرمجين التابعين للحكومة عكفوا لسنوات الماضية على نظام يمكن الناس من مزاولة اعمالهم والتواصل مع بعضهم داخل البلاد، وفي الوقت ذاته تمكين الحكومة من الحد من التواصل مع العالم الخارجي. ولم تستطع مواقع التواصل الاجتماعي الايرانية تحقيق النجاح اللازم من حيث اجتذاب جمهور، وقال أشوفتيه ان الحكومة "حاليا (أدارت مفتاح اغلاق) الانترنت، دون الاهتمام بالخسائر المحتملة التي قد تمنى بها الإدارات الحكومية والبنوك."

وقال محمود عنايات، خبير تكنولوجيا المعلومات الايراني المقيم في العاصمة البريطانية لندن، ان السلطات لديها سجل طويل في حجب المواقع التي تعتبرها غير مرغوب فيها. وكانت أولى اهدافها المواقع التي تتضمن محتويات للكبار فقط، او تلك التي تتضمن رسالة صريحة مناهضة للحكومة. غير أن عام 2006 شهد تحولا عندما حجبت السلطات الخدمة الفارسية لموقع بي بي سي. واضاف عنايات "ان عمليات اختراق المواقع اصبح فيما بعد اداة سياسية، اذ كانت السلطات تحجب ايضا استخدام المواقع الاخبارية المستقلة."

والسنوات العشر الماضية توصل هؤلاء الشباب إلى سبل متطورة تكفل تفادي محاولات الحكومة لحجب المواقع وعلى الرغم من جهود الحكومة أصبحت إيران من البلدان المليئة بالمتحمسين لاستخدام الانترنت. وتشير الأرقام الايرانية الأخيرة أن نحو 45 مليون شخص من تعداد سكان البلاد البالغ 75 مليون نسمة يستخدمون الانترنت حاليا، وهو ما يجعلها من أعلى دول الشرق الاوسط استخداما للانترنت.

وقال جون راكوويسكي، خبير البنية التحتية للانترنت لدى شركة (فوريستر Forrester) للابحاث، "تتمتع ايران بمستخدمين يتميزون بذكاء تكنولوجي." واضاف "ما يربو على نصف تعداد السكان دون سن 35 عاما. وهم لا يدركون وقتا خلت حياتهم فيه من استخدام الكمبيوتر." فخلال السنوات العشر الماضية توصل هؤلاء الشباب إلى سبل متطورة تكفل تفادي محاولات الحكومة لحجب المواقع.

وكانت النتيجة هي شعبية مواقع التواصل الاجتماعي العالمية مثل يوتيوب وفيسبوك وتويتر وتنامي استخدامها في ايران على الرغم من حظرها رسميا. وكان ذلك واضحا بعد الانتخابات الرئاسية مثار الجدل عام 2009 عندما جرى حشد الاحتجاجات في الشوارع الايرانية عن طريق الانترنت.

وفي الوقت الذي سعت فيه السلطات الى تقييد حركة الصحفيين الدوليين لمنع تغطية الانباء، استطاع الشباب الايراني من خلال استخدام هواتفهم المحمولة نشر الاخبار ولقطات الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي مما هيأ لبقية العالم امكانية متابعة الاحداث الدرامية التي تجرى على الارض. وقال خبراء الانترنت إنه بالمقارنة مع دول أخرى، تسعى إيران للحفاظ على احكام سيطرتها على الانترنت، مثل الصين وكوريا الشمالية، ويثار تساؤل الى أي مدى ستنجح الحكومة الايرانية في تحقيق هدفها.

وتستخدم كوريا الشمالية شبكة داخلية في شتى ارجاء البلاد تتيح عددا محدودا لخدمات الاخبار المحلية والدردشة. وقال جون راكويسكي "الاختلاف هو أن الكوريين الشماليين ليس لديهم اي تذوق على الاطلاق للانترنت، لكن الايرانيين لديهم بالفعل إمكانية استخدام الانترنت وإنشاء المدونات واستخدام موقع التواصل الاجتماعي تويتر. إن انتزاع ذلك منهم اشبه بانتزاع شئ ضروري كالغذاء او الماء."

لكن الصين، على نقيض الوضع في كوريا الشمالية، لديها شبكة واسعة من "مستخدمي الانترنت" غير انهم يستخدمونه من خلال مواقع محلية مثل موقع (ويبو Weibo)، وهو اصدار صيني مشابه لموقع تويتر، فضلا عن موقع اخر يعرف باسم (بايدو Baidu)، وهو محرك بحث محلي بشعبية موقع غوغل.

وقال محمود عنايات "هناك مواقع ايرانية مكافئة لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر ويوتيوب، لكن اي منها لم يحقق النجاح المطلوب." وبناء عليه هل تتيح فكرة نظام الانترنت الوطني منفعة للايرانيين العاديين؟ ويرفض العاملون في القطاع مزاعم الحكومة بأنها تهدف إلى توفير حماية ضد هجمات القرصنة الالكترونية.

ويمثل عنصر السرعة امكانية جذب وحيدة للنظام الجديد، حيث يتمتع نظام الانترنت الوطني يسرعة تفوق 60 مرة أفضل السرعات المتاحة حاليا. ولتأكيد ذلك تحرص الحكومة عمدا على ضمان توفير سرعات أعلى في المواقع المحلية مقارنة بالمواقع الاخرى الاجنبية. ويصف رضا معيني، لدى هيومان رايتس ووتش، ذلك بالـ"عنصرية رقمية". بحسب بي بي سي.

فمنذ ان اعلنت الحكومة عن خططها الرامية الى اطلاق شبكة اتصال وطنية داخلية عام 2005، استثمرت كثيرا في البنية التحتية التكنولوجية الحديثة – مثل كابلات الالياف البصرية ومراكز البيانات الجديدة لتمكين استضافة العديد من المواقع الالكترونية داخل البلاد اكثر من خارجها. واصبح استخدام الانترنت حاليا ليس اسرع فحسب، بل أرخص دون الحاجة الى دفع قيمة عرض النطاق الترددي الدولي او ما يعرف باسم (Bandwidth).

أكثر انفتاحاً

كلما ازداد استخدام المسلمين للإنترنت، ازداد تقديرهم للأفلام والأغنيات الغربية وأصبحوا أكثر إدراكا للروابط بين الإسلام والمسيحية، على ما جاء في دراسة نشرت نتائجها الجمعة في الولايات المتحدة. وشملت هذه الدراسة التي أجراها معهد "بيو" للأبحاث 39 بلداً، بينت أن 18 في المئة من المسلمين يستخدمون الإنترنت، مع تفاوت كبير في النسب بحسب البلدان، إذ أن هذا المعدل يبلغ 2 في المئة في أفغانستان، في مقابل 59 في المئة في كوسوفو.

وأظهرت نتائج هذه الدراسة أن المسلمين الذين يستخدمون الانترنت هم أصغر سناً وأوسع ثقافة من هؤلاء الذين لا يطلعون على الشبكة الإلكترونية، ونسبة الرجال فيهم أكبر من نسبة النساء. وخلصت الدراسة إلى أن النفاذ إلى الإنترنت عند المسلمين يحثهم على تقدير الأفلام والأغنيات والمسلسلات الغربية واستبعاد الفرضية القاضية بأن هذه الثقافة تمس بالإسلام.

والفرق كبير في بلد مثل قرغيزستان (35 نقطة) بين مستخدمي الانترنت الذين يحبون الثقافة الغربية 74 في المئة وغير المستخدمين للشبكة 38 في المئة، كما هي الحال تماما في السنغال (32 نقطة) وروسيا (32 نقطة) وإندونيسيا (31 نقطة). وبصورة إجمالية، تسجل ألبانيا 77 في المئة، وكوسوفو 69 في المئة، ومالي والبوسنة والهرسك 62 في المئة، أعلى نسب لمحبي الثقافة الغربية من مستخدمي الإنترنت، فيما تنخفض هذه النسبة إلى 20 في المئة في باكستان. بحسب فرانس برس.

وربطت الدراسة بين استخدام الانترنت وذهنية أكثر انفتاحا تجاه المسيحية. واعتبرت السنغال 61 في المئة، أكثر البلدان انفتاحاً على هذا الصعيد، تلتها البوسنة والهرسك 59 في المئة. أما باكستان وماليزيا فهما البلدان الأقل انفتاحا في هذا الشأن 10 في المئة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/حزيران/2013 - 14/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م