اسرائيل وايران... صراع يخلو من المناطق الوسطى

 

شبكة النبأ: كما يبدو أن تصاعد الصراع السياسي المضطرد بين أسرائيل وإيران لن يتغير، على الرغم من تغيير الزعامة الايرانية بعد اعلان فوز حسن روحاني، رجل الدين الذي يوصف بانه معتدل، في الانتخابات الرئاسية الايرانية، ليسارع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وصقور حكومته الى التشديد على ان هذه الانتخابات لن تقلب المعادلات القائمة وبالتالي يجب الاستمرار في الضغط على طهران.

في الوقت نفسه تمسك الرئيس الايراني المنتخب حسن روحاني بموقف النظام الاسلامي في الملف النووي رافضا اي وقف لتخصيب اليورانيوم، لكنه وعد بمزيد من الشفافية حول انشطته، مما صعد من حدة لهجة المعارك الكلامية المستمر بين طرفي الصراع الإسرائيلي الإيراني، يكشف مخاوف وذريعة إخفاء الضعف الداخلي والحقيقي الموجود لدى البلدين.

حيث سعت اسرائيل للتقلبل من دور الرئيس الجديد في ايران، مؤكدة ان سياسة ايران النووية يحددها المرشد الاعلى علي خامنئي، فيما بعض المحللين انه مع انتهاء عهد محمود أحمدي نجاد ووصول رجل دين معتدل إلى سدة الرئاسة في إيران، تفقد إسرائيل فزاعة اعتادت التلويح بها لاقناع حلفائها الغربيين باللجوء إلى الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني، لذا سيجد نتانياهو صعوبة اكبر في اقناع العالم بأن خطته لمهاجمة المنشآت النووية الايرانية ضرورية.

في حين شكلت الحرب إلكترونية المستعرة بينهما ابرز سلاح فعال في الاونة الاخيرة، إذ ان هذا النموذج الجديد من نماذج الحرب يعد في غاية الخطورة، كون أهداف هذا الصنف الجديد من المعارك يسعى لتدمير البنية التحتية للدولة، ومن أبرز ضحاياها المؤسسات الاقتصادية، والمؤسسات الأمنية، وربما تكون بديلة لمعركة الصواريخ في المستقبل.

وقد استخدم البلدان المتخاصمان كل أنواع الحروب، إلا العسكرية في هذا الصراع مثل الحرب النفسية والجاسوسية وإثارة الحساسيات الدينية والتمايزات الثقافية والاقتصادية، وعليه فمازالت المواجهة السياسية شرسة بين طرفي النزاع، خاصة مع استمرار دعوات اسرائيل بمواصلة الضغط على ايران لوقف برنامجها النووي وعدم الاعتقاد بان انتخاب رئيس اصلاحي قد يؤدي الى تغيير في سياسته، واصرار ايران مع زعيمها الجديد على مواصلة برنامجها النووي، وبالتالي فمع تمسك كل جهة بموقفها والسير في طريق المواجهة حتى النهاية، يمهد لمعركة سياسية طويلة الامد.

ارغام إيران على الاختيار بين الأسلحة النووية أو البقاء

في سياق متصل صرح وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون ان إيران لن توقف جهودها للحصول على اسلحة نووية مالم تفهم ان المجتمع الدولي مصمم على منعها، وقال في ختام دورة تدريبية لضباط الجيش الاسرائيلي في قاعدة عسكرية" في الايام الاخيرة، اتجهت انظار العالم إلى ايران، ندرس التطورات الجديدة في إيران على ضوء نتائج الانتخابات ولكننا حذرون ازاء طموحات النظام الايراني للحصول على اسلحة نووية "بحسب صحيفة (جيروزاليم بوست) الاسرائيلية في موقعها الالكتروني، واضاف ان ايران تتحدث صراحة عن تدمير اسرائيل ولم تشعر حتى الان ان المجتمع الدولي مصمم بالقدر الكافي على منعها، داعيا إلى "زيادة كبيرة في الضغط من جانب الدول الغربية لدفع ايران الى الاختيار بين حيازة قنبلة نووية او البقاء".

جاء تصريح يعالون بعد تأكيد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مجددا على ضرورة ان يطالب المجتمع الدولي ايران بوقف جميع اعمال تخصيب اليورانيوم واخراج جميع اليورانيوم المخصب من ايران واغلاق المنشآت النووية غير المشروعة، وقال نتنياهو انه طالما لم تلب ايران هذه المطالب يجب مواصلة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

رحيل فزاعة إسرائيل

من جهة أخرى كتبت صحيفة يديعوت احرونوت الواسعة الانتشار هازئة "ماذا سنفعل من دون الفزاعة، المتعصب احمدي نجاد؟ ماذا سيحل بنا من دون هتلر الفارسي؟ علينا اما العودة إلى الواقع أو العثور سريعا على شيطان جديد"، وقال نتانياهو خلال اجتماع لمجلس الوزراء ان "المجتمع الدولي عليه الا يتوهم وينجر الى تخفيف الضغوط على ايران لوقف برنامجها النووي". وتتهم اسرائيل التي تعتبر القوة النووية الوحيدة في المنطقة، ومعها الدول الغربية ايران بالسعي الى التزود بالسلاح النووي تحت ستار برنامج مدني، وهو ما تنفيه طهران، واتخذت هذه الدول سلسلة عقوبات الحقت اضرارا بالاقتصاد الايراني، واكد نتانياهو ان "ايران ستحاكم على افعالها"، مضيفا "اذا اصرت ايران على مواصلة تطوير برنامجها النووي، الرد يجب ان يكون واضحا: وقف برنامجها النووي بكل الوسائل اللازمة".

لكن خبراء يرون انه سيترتب على رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي ضاعف خلال الاشهر الاخيرة تحذيراته من اقتراب ايران من تجاوز "الخط الاحمر" في الملف النووي واطلق تهديدات بشن ضربة وقائية، أن يخفض نبرة خطابه ويتريث.

ويوضح الاختصاصي في الشؤون الدفاعية في صحيفة هآرتس اليسارية الاسرائيلية عاموس هاريل انه "بوجود روحاني كوجه جديد لايران — شخص اكثر اعتدالا يريد رفع العقوبات الدولية ولن يعتمد خطابا ديماغوجيا انكاريا (لمحرقة اليهود) لطالما اعتمده سلفه– ، ويضيف هاريل "على الرغم من ان احمدي نجاد لم يكن له دور كبير في صياغة السياسة النووية الايرانية، كما اقر بنفسه مؤخرا، الا ان شخصيته المثيرة للسخرية بعض الشيء وتصريحاته المجنونة جعلت من الاسهل على اسرائيل ان تثبت الخطر الكامن في امكانية تزود نظام الائمة المتشدد باسلحة دمار شامل". بحسب فرانس برس.

الى ذلك، يشير خبراء الى ان الرئيس الايراني الجديد قاد في السابق فريق المفاوضات مع القوى الغربية بشأن البرنامج النووي وبالتالي يعرف تماما هذا الملف، من جانبه يشير افراييم كام من المعهد الوطني للدراسات الامنية الى ان "الصورة المعتدلة للرئيس الايراني الجديد لن تضعف الضغط الدولي لا تنذر باضعاف الضغط الدولي على ايران فحسب، بل قد تشجع لاحقا على التوصل الى اتفاق بشأن المسألة النووية لن يكون مقبولا بالنسبة لاسرائيل".

وسارع وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي يوفال شتاينيتز المقرب من نتانياهو الى القول ان المرشد الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي يبقى ممسكا بملف المفاوضات النووية في ايران، وقال شتاينيتز لاذاعة الجيش الاسرائيلي ان "الفرضية التي ينبغي العمل على اساسها يجب ان تكون ان خامنئي، الذي يقود هذا البرنامج منذ 24 عاما، سيواصل قيادته، وبالتالي في حال عدم استمرار الضغط الدولي على ايران، لن يكون هناك فرصة لرؤية تغييرات هامة في الاستراتيجية النووية".

نتانياهو يحث على مواصلة الضغط

على صعيد نفسه حث رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو المجتمع الدولي على مواصلة الضغط على ايران لوقف برنامجها النووي وعدم الاعتقاد بان انتخاب رئيس اصلاحي قد يؤدي الى تغيير في سياسته، وقال نتانياهو في مستهل اجتماع حكومته "لا يجب ان يقع المجتمع الدولي في الوهم وينزع لتخفيف الضغوط على ايران لوقف برنامجها النووي".

واشار نتانياهو في تصريحات وزعها مكتبه " سيتم الحكم على إيران بحسب افعالها. وإذا واصلت الإصرار على تطوير برنامجها النووي فيتوجب ان يكون الرد واضحا - ايقاف البرنامج النووي بكل الوسائل الممكنة"، وبحسب نتانياهو فانه "في السنوات العشرين الماضية الشيء الوحيد الذي أدى إلى تجميد مؤقت للبرنامج النووي الإيراني كان قلق إيران في عام 2003 من عملية حازمة ضدها"، ومن جهته قال وزير الاستخبارات الاسرائيلي يوفال ستاينتز بانه على الرغم من انتخاب المعتدل حسن روحاني الا ان المرشد الاعلى ايه الله علي خامنئي هو من يتخذ القرارات، وقال ستاينتز لاذاعة الجيش الاسرائيلي "يجب ان نفترض عمليا ان خامنئي الذي تراس هذا (البرنامج) لمدة 24 عاما، سيبقى على راسه ولهذا فانه لا توجد فرصة في رؤية تغيير كبير في السياسة النووية لايران دون الضغوط المتواصلة عليها"، واكد ستاينتز ان "روحاني لا يعتبر نفسه اصلاحيا بل يعرف عن نفسه كمحافظ. هو ممثل خامنئي في مجلس الامن القومي".

اما وزيرة العدل تسيبي ليفني ففضلت الاحتفاظ بحكمها على روحاني حيث اكدت لاذاعة الجيش "الاختبار سيكون لافعاله.. من المستحيل ان نعرف اليوم"، واشارت ليفني "الايرانيون لديهم الان وجه معتدل ولكن ان اتضح بانه رجل اكثر اعتدالا من حيث المضمون وان ما حدث بالفعل هو عبارة عن رغبة الشعب الايراني في مزيد من الاعتدال وان كان هنالك ضغط ليكون هنالك علاقات افضل مع الغرب فان الاختبار سينتقل حينها الى الغرب".

وكتبت مراسلة شؤون الشرق الاوسط سمدار بيري في صحيفة يديعوت احرونوت الاكثر توزيعا بان خلفية روحاني واتصالاته قد تجلب التغيير ان سعى اليه، وبحسب بيري فان "روحاني تعهد بتحسين صورة الجمهورية الاسلامية واستخدام اتصالاته للتخفيف من عزلتها الدولية"، وتابعت "بحكم قربه من السلطة وخبرته الطويلة وخلفيته الدينية فلن يكون مقيدا--على الاقل ليس في الايام المئة الاولى" من الحكم.

الانتخابات الإيرانية لن تحدث أي تغيير

في الوقت نفسه صرح وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون بأن الانتخابات الرئاسية في إيران "لن تحدث أي تغيير" في سياسيات طهران لأن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي هو "صاحب السلطة المطلقة"، جاء ذلك خلال اجتماع يعالون مع نظيره الأمريكي تشاك هاجل في العاصمة الأمريكية واشنطن، بحسب صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية في موقعها الإلكتروني، وقال بيان صحفي إن يعالون وهاجل ناقشا قضايا مهمة لسياسات وأمن الدولتين بما في ذلك إيران وسورية والعلاقات الإسرائيلية الأمريكية.

وأضاف يعالون: "إننا قلقون للغاية جراء التقدمات في المشروع النووي الإيراني وقلقون مما لانعرفه عن هذا المشروع" بحسب الصحيفة، وأضاف أنه يتعين على المجتمع الدولي أن يكون "أكثر صرامة" مع إيران على الصعيد الدبلوماسي وفيما يتعلق بالعقوبات و"يوضح لهم (الإيرانيين) أن الخيار العسكري مطروح على الطاولة".

إيران تكثف هجماتها المعلوماتية على إسرائيل

من جانب آخر أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن إسرائيل تعرضت في الأشهر الأخيرة لهجمات معلوماتية متكررة، قامت بها إيران وحلفاؤها، أي حركة حماس وحزب الله اللبناني، وقال نتانياهو، في مؤتمر حول الأمن المعلوماتي في تل أبيب، إنه "في الأشهر الأخيرة، كشفنا زيادة كبيرة في حجم الهجمات المعلوماتية التي تشنها إيران، إما في شكل مباشر وإما عبر حزب الله وحماس". بحسب فرانس برس.

وأضاف إن "الأهداف هي أنظمة أساسية"، من دون أن يدلي بمعلومات إضافية، وفق تصريحات نقلها مكتب رئيس الوزراء، وتابع "نطور قدرتنا على مواجهة الهجمات ونتصدى لغالبيتها، بهدف إقامة قبة حديدية رقمية"، في إشارة إلى نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ.

تغيير توازن القوى بين الاسلام والغرب

من جهته حذر وزير الشؤون الإستراتيجية والاستخباراتية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز من أن امتلاك ايران للسلاح النووي من شأنه ان يغير وجه المنطقة ويهدد جيرانها والعالم الغربي، متهما طهران بالسعي الى "تغيير تاريخي في توازن القوى بين الاسلام والغرب".

وقال شتاينيتز في تصريحات خلال مؤتمر في القدس المحتلة تحت عنوان (اسرائيل والواقع الجديد) حضره دبلوماسيون وصحافيون اجانب ان "طموح قادة ايران الاصوليين واضح وجلي ويهدف الى تغيير تاريخي في توازن القوى بين الاسلام والغرب".

وشبه إيران بكوريا الشمالية التي "تمتلك اسلحة نووية وتهدد نحو مئتي مليون انسان حولها"، واضاف الوزير الاسرائيلي ان "مشروع ايران اكبر من مشروع كوريا الشمالية لانها تريد بناء قدرات لانتاج قنابل نووية وقدرات نووية من شأنها ان تخلق تحديات جديدة بنشر صواريخ بالستية عابرة قارات في اكثر من مكان تهدد من حولها وتصل حتى ولاية كاليفونيا".

إيران: الدعم الأمريكي لإسرائيل يزعزع أمن المنطقة ومناورات عسكرية كبرى الشهر المقبل

في المقابل أكدت الخارجية الإيرانية أن الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل "يزعزع أمن واستقرار المنطقة"، معتبرة أن "المساعدات الأمريكية لإسرائيل تشجعها على إبادة شعوب المنطقة"، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي في العاصمة طهران إن "التعاون العسكري بين الكيان الإسرائيلي وأمريكا ليس أمرا حديثا.. وهدفه رفع مبيعات الأسلحة الأمريكية". بحسب يونايتد برس.

وأشار إلى أن الهدف من إجراء المناورات الكبرى هو تطبيق الخطط التدريبية، موضحا أن "القوات البرية تنفذ في هذه المناورات الخطط لاكتساب الجهوزية اللازمة للدخول في ساحة المواجهات غير المتكافئة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 24/حزيران/2013 - 14/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م