متى يقدم الاسلاميون النموذج الامثل للحكم!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: هل تمكنت الحركات والاحزاب الاسلامية التي تصدرت دفة الحكم في دول عربية وسواها، أن تطرح نموذج الحكم الاسلامي المتكامل، الذي يأخذ شرعيته، وقراراته من روح الاسلام ومبادئه الانسانية العظيم؟.

وهل سعت هذه الانظمة السياسية التي باتت تقود دولا وشعوبا كثيرة، الى صناعة النموذج الاسلامي الجيد، وعرضه على العالم على انه يأخذ منهجه فكرا وتطبيقا، من تعاليم الاسلام؟، الاجابة عن هذا السؤال نحصل عليها مما يجري على الارض، ومما يعرض يوميا بل لحظويا وعلى مدار الساعة في وسائل الاعلام العالمية المختلفة، لاسيما الفضائيات، لنرى ونسمع ما تفعله هذه الانظمة بشعوبها.

السؤال الخطير الذي يتكرر على ألسنة القريب والغريب، العدو والصديق، هل هذا هو النموذج الاسلامي لادارة الشعوب؟، الجواب سيأتي بوضوح لقد فشلت الحركات والاحزاب الاسلامية التي تسنمت السلطة من طرح نموذج الحكم الاسلامي الراقي، بل نجحت الى ابعد الحدود في تشويه صورة الاسلام، لدى العالم اجمع فضلا عن الكراهية التي تفاقمت لدى الشعوب نفسها ضد الاسلاميين، لأنهم عجزوا عن تحويل ما يدعونه الى فعل قائم على الارض، ولانهم تباعدوا كثيرا عن روح الاسلام ومبادئه، ولأنهم أظهروا نوعا خطيرا من التفرد بالحكم، وقسوة غير مسبوقة في اقصاء الرأي الآخر!.

هناك من يرى عكس ذلك، وينظر بنوع من الترحيب والتغيير لبعض الانظمة الاسلامية، يقول احد الكتاب عن النظام في تركيا، حتى عام 1998 كانت تركيا تُعد نموذجا للديمقراطية في العالم الإسلامي، فأنقرة ذات الأغلبية المسلمة لم تطبق المبادئ العلمانية بصرامة فحسب، ولكنها حاولت أيضا الحفاظ على حكومة ديمقراطية. وبالرغم من وجود بعض الانتقادات حيال تأثير الجيش الواسع في تحديد السياسات التركية، فإن الكثيرين ظلوا يرون في تركيا حتى ذلك الوقت النموذج الوحيد للديمقراطية الإسلامية في العالم. ففي ظل غياب حكومات ديمقراطية في العالم الإسلامي، كان ظهور الديمقراطية التركية، رغم محدوديتها، مدعاة للارتياح. ولكن هذه المحدودية لا تعبر عن جوهر الاسلام ومبادئه، لذلك المطلوب دائما هو النموذج الذي يستمد قراراته وافكاره وخطواته العملية مما يتبناه الاسلام من افكار ومبادئ تفرض العدالة والمساواة وتضعهما في اولويات صناع القرار، الذين يجب أن يراعوا حقوق الامة والمسلمين عموما، ويجتهدون في بناء دولة تحمي الحقوق وتقوم على اساس مدني يستمد قوته من ركائز الاسلام القوية ذات البعد الانساني الاصيل.

إن النموذج الاسلامي المطلوب لم يتحقق في الانظمة السياسية الجديدة التي تتخذ من الاسلام اسما وشكلا لها، من اعتمادها جوهر الاسلام في ادارة الحكم والعلاقة مع المحكوم، حيث تسود ظواهر سلطوية لا تختلف كثيرا عما كانت تقترفه وتفعله انظمة الحكم الفردية المطاح بها من لدن الثوار، أما اذا كانت هذه الانظمة الاسلامية ترتبط بالاسلام قولا وفعلا، فعليها ان تثبت صحة هذا الانتساب ودقته، من خلال انتمائها الى جوهر الاسلام القائم على:

- مغادرة اسلوب الاستبداد في التعامل مع الطرف الاخر، ونعني به المحكوم او الشعب.

- التخلي كليا عن اسلوب الاقصاء والتهميش وقمع الاخر وحرمانه من حق الرأي.

- محاربة التطرف بكل اشكاله، ومنع التكفيريين من تنفيذ اجنداتهم، والحد من انواع واساليب الارهاب كافة.

- السعي لتطبيق الاسلام روحا ومعنى، وتطبيق التعاليم الاسلامية من حيث العدالة والمساواة في ادارة شؤون الشعب.

- بناء اسس الدولة القوية (دولة المؤسسات) القادرة على حماية حقوق الناس وتوضيح واجباتهم.

- اعتماد منهج تكافؤ الفرص بين الجميع ودرء خطر المحسوبية والانتماء الحزبي ومنح الامتيازات المجانية للمقربين والمتعاونين على حساب الشرائح الاخرى من المجتمع.

بهذه الطريقة، وهذه الخطوات، فضلا عما يراه المختصون في ادارة الحكم بصورة افضل، يمكن للانظمة الاسلامية الجديدة والسابقة ايضا، تقديم النموذج الجيد للحكم، ما عدا ذلك فإننا سنبقى نراوح في المكان ذاته، وسوف يستمر البحث عن البديل الافضل للحكم، ومثلما فشلت الحكومات الفردية السابقة واطيح بها، سيحدث الشيء نفسه مع الانظمة الاسلامية الحالية، اذا لم تسع وتتحرك بجدية الى تقديم النموذج الاسلامي الامثل للحكم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/حزيران/2013 - 13/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م