اللاجئون في العالم... بحث عن كرامة مفقودة في الاوطان

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: تشكل النزاعات الداخلية والحروب، عاملان رئيسيان من عوامل الهجرة خارج الاوطان، وتكون عادة مترافقة بمغادرة اعداد كبيرة لاوطانهم، وفي حالات اخرى، وهي السياسية او الاقتصادية، تكون عادة الهجرة باعداد قليلة، قد لاتشكل هاجسا مقلقا للدول المستضيفة.. وهناك أسباب آخرى بجانب الحروب ستؤدي إلى زيادة عدد اللاجئين على المستوى العالمي بينها تغير المناخ, والنمو السكاني , ونقص المواد الغذائية النظيفة خاصة المياه.

اكبر موجات نزوج شهدها التاريخ العربي الحديث هي الموجات المتعاقبة للفلسطينيين الى الكثير من الدول العربية والغربية، وهي ماباتت تعرف بدول الشتات الفلسطيني.

ولعل من المفارقات ان اليهود اثناء الحرب العالمية الثاية تعرضوا لنفس الحالة اثناء ما عرف بالهولوكوست في المانيا ايام هتلر، لتكون هجرتهم الى فلسطين، حيث عملت الحركات الصهيونية على تهجير الفلسطينيين واحلال يهود اوربا مكانهم، ولازالت المعاناة مستمرة ومتجددة بوجود اكثر من خمسة ملايين لاجيء فلسطيني في مختلف دول العالم.

وهو رقم لافت للنظر، اذا علمنا ان هناك 7.6 لاجئ في العالم تنطبق عليه معايير الامم المتحدة..التي اعلنت في اخر تقرير لها، ان عدد اللاجئين حول العالم وصل إلى 7.6 ملايين لاجئ وهو اعلى معدل له منذ عام 1994، فيما اشرت ان خمس دول تصدرت النسبة الاكبر في اعداد لاجئيها، هي على التوالي، أفغانستان، الصومال، العراق، السودان، سوريا.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين إن "هذه الأرقام مقلقة، فهي تعكس معاناة الفرد على نطاق واسع والصعوبات التي يواجهها المجتمع الدولي لمنع اندلاع الصراعات وإيجاد حلول في الوقت المناسب لها"، مشيرا الى ان "هذا الرقم 7.6 ملايين لاجئ تعني أن كل 4.1 ثانية يتشرد شخص حول العالم ففي كل رمشة عين يضطر شخص إلى النزوح".

تُعرِّف اتفاقية اللاجئين اللاجئ بأنه "كل شخص يوجد، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلى فئة اجتماعية معينة أو آرائه السياسية، خارج بلد جنسيته ولا يستطيع أو لا يريد بسبب ذلك الخوف أن يستظل بحماية هذا البلد، أو كل شخص لا يملك جنسية ويوجد خارج بلد إقامته المعتاد السابق نتيجة مثل تلك الأحداث ولا يستطيع، أو لا يريد، العودة إلى ذلك البلد بسبب ذلك الخوف."

ويعرّف اللاجئ بانه الشخص الذي يطلب اللجوء والاقامة في بلد آخر غير موطنه، لأسباب كثيرة منها الحرب، الإرهاب والفقر.

وهناك ثلاثة انواع للجوء هي:

اللجوء السياسي: وهو اللجوء إلى دولة أخرى غير الوطن بسبب الاضطهاد السياسي من النظام الحاكم أو من ممارسات قمعية ما.

اللجوء الديني : هو لجوء لدولة أخرى بسبب الاضطهاد القائم على أسباب دينية في بلده الأم.

اللجوء الإنساني:

وهو اللجوء إلى دولة أخرى بسبب الحروب أو النزاعات الاثنية أو العرقية، وينتهي بالغالب بانتهاء الأزمات في الوطن الأم.

بدأ الاحتفال باليوم العالمي للاجئين في العام 2000 بعد قرار من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع من ديسمبر من نفس السنة، كما نوه القرار أن تاريخ 2001 كان ليوافق الذكرى الخمسون لاعلان اتفاقية جنيف المتعلقة بوضع اللاجئين، فيما إحتفل به للمرة الأولي في العام 2001. وتم اختيار يوم 20 يونيو لتزامنه مع الاحتفال مع يوم اللاجئين الأفريقي الذي تحتفل به عدة بلدان أفريقية.

في مايتعلق باللاجئين الافغان، فقد بدأت معاناتهم منذ ما يزيد عن ربع قرن، بسبب النزاعات والحروب، وقد خلّفت هذه الحروب المتوالية 7.5 مليون لاجئ أفغاني دفعتهم الحربُ تلو الأخرى إلى الهرب مرة من الغزو السوفيتي، ومرة من معارك أمراء الحرب، ثم الحرب الأمريكية الأخيرة.

وتذكر الاحصاءات الاممية، إنه خلال المدة من 11 من سبتمبر 2001م وحتي نشوب الحرب الأمريكية، كانت هناك تحركاتٌ جديدة لعدد من الأفغان شملت نحو 1.5 مليون أفغاني تدفقوا على الحدود مع البلدان المجاورة لأفغانستان، خاصة باكستان وإيران. وقد أشارت بيانات منظمة مراقبة حقوق الإنسان إلي أن عدد اللاجئين الأفغان قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001م بلغ‏ 4‏ ملايين لاجئ موجودين في باكستان وإيران، في حين أدت الحرب الأمريكية إلي هرب مليونين ونصف المليون من اللاجئين.

وفي نهاية 2002م توزع اللاجئون الأفغان بين معظم دول العالم، لكنهم تركزوا أكثر بين ‏15‏ دولة علي رأسها باكستان وإيران والحدود مع طاجيكستان، وحدود أوزبكستان، وهناك نحو ‏15‏ ألفا في الهند‏، في حين تحتضن ألمانيا نحو ‏20‏ ألفا آخرين.

مع إصدار تقييمها السنوي لحالة حقوق الإنسان في العالم، قالت منظمة العفو الدولية إن التقاعس العالمي تجاه حقوق الإنسان يجعل العالم مكاناً خطِراً على اللاجئين والمهاجرين على نحو متزايد.

وقالت المنظمة إنه جرى انتهاك حقوق ملايين البشر الذين فروا من أتون النزاعات والاضطهاد، أو هاجروا بحثاً عن حياة أفضل لأنفسهم ولعائلاتهم. وإن حكومات العالم متهمة بالاهتمام بحدودها الوطنية أكثر من اهتمامها بحقوق مواطنيها، أو حقوق الذين ينشدون اللجوء، أو يبحثون عن الفرص داخل حدود بلدانهم.

في عام 2012 شهد المجتمع الدولي طائفة من حالات الطوارئ في أوضاع حقوق الإنسان، أرغمت أعداداً كبيرة من الناس على نشدان السلامة والأمان، سواء داخل حدود الدول أو عبرها. فمن كوريا الشمالية إلى مالي، ومن السودان إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، فرَّ العديد من السكان من ديارهم أملاً في العثور على ملاذ آمن.

ولم تتم حماية حقوق أعداد هائلة من مهاجري العالم، البالغ عددهم 214 مليون شخص، لا في بلدانهم ولا في الدول المضيفة. فقد عمل ملايين المهاجرين في ظروف تصل إلى حد العمل القسري- أو في ظروف أشبه بالعبودية في بعض الحالات- لأن الحكومات تعاملهم كمجرمين، ولأن الشركات تهتم بأرباحها أكثر مما تهتم بحقوق العمال. وتعرَّض المهاجرون غير الشرعيين بشكل خاص لخطر الاستغلال وانتهاك حقوقهم الإنسانية.

وقد أعلنت المفوضية العليا لشئون اللاجئين في تقريرها السنوي الذي يرسم الاتجاهات العالمية للجوء والنزوح أن عدد الأشخاص الذين فروا من بلدانهم الأصلية بسبب النزاعات خلال العام الماضي بلغ نحو 800 ألف شخص، وكشف التقرير عن تراجع إجمالي عدد اللاجئين بشكل طفيف خلال عام 2011 حيث سجلت نحو 5,42 مليون لاجىء مقارنة بالعدد المسجل مع نهاية عام 2010 والذي بلغ نحو 7,43 مليون لاجىء حيث عزت هذا التراجع إلى عودة بعض اللاجئين إلى بلدانهم.

وذكر التقرير أن التهجير القسري الناتج عن أزمات إنسانية كبرى كان قد شهد أعلى مستوى له أواخر عام 2010 مع أزمة كوت ديفوار ثم تلته الأزمات الإنسانية الآخرى في كل من ليبيا والصومال والسودان ودول آخرى ليصل العدد الإجمالي للنازحين إلى حوالي 4,3 مليون مشرد.

 وتناول التقرير أيضا الدول التي مازالت تحتل الصدارة من حيث عدد من يخرجون منها ليصبحوا لاجئين في دول آخرى حيث استمرت أفغانستان في مقدمة هذه الدول /2,7 مليون لاجىء/ وتلتها العراق 1,4 مليون/ ثم الصومال 1,1 مليون/ والسودان 500 ألف/.

أما على صعيد الدول التي تستقبل لاجئين وتعيش فيها الأعداد الأكبر فقد جاءت باكستان في المقدمة حيث يعيش فيها حوالي 1,7 مليون لاجىء، وتلتها إيران 500,886 ألف لاجىء , ثم كينيا 500,566 ألف لاجىء وبالنسبة للدول الصناعية المستضيفة للاجئين جاءت ألمانيا في المقدمة حيث تستضيف 700,571 ألف لاجىء، ثم جنوب أفريقيا 107 آلاف لاجىء وهى أكثر الدول التي تلقت طلبات للجوء الفردي عام 2011.

تكمن خطورة مشكلة اللاجئين في رأي المراقبين في كونها ليست مشكلة منعزلة فهى تمتد لتشمل مساحة واسعة حولها جغرافيا وتاريخيا.. جغرافيا لتثير قلق وتوتر الدول الآخرى التي تضطر لاستضافتهم فتسبب لهم مشاكل اجتماعية واقتصادية , كما أن وجودهم يخلق مشكلة بيئية بسبب افتقادهم في معسكرات اللاجئين للحد الأدنى من وسائل الحفاظ على الصحة العامة والبيئة من حولهم، بالإضافة إلى أن سفرهم لمسافات طويلة وفي ظل ظروف غير صحية يجعلهم في معظم الأحيان يحملون أمراضا عدة وغير معروفة مما يساهم في انتشار الأمراض والأوبئة في الدول المضيفة.

 كما تؤثر مشكلة اللاجئين على دول المنشأ , فوجود اللاجئين خارج بلادهم من شأنه أن يؤثر تأثيرا بالغ السوء على البلاد ففرار العمال والمزارعين يترتب عليه إهمال الأراضي الزراعية وهجر المصانع مما يحول دون الاستغلال الأمثل لثروات وموارد البلاد.

ومن ناحية آخرى يعاني اللاجئون من أسوأ ما يمكن أن يحدث للانسان وهو أن يفقد مسكنه ووطنه وأيضا عائلته , كما أن حياته بصفة عامة صعبة وبالغة القسوة فهو يعيش في وضع لايمكن احتماله من القلق وعدم الأمان دون أن تلوح أمامه بارقة أمل في مستقبل أفضل.

 بالإضافة إلى أن اللاجىء يعاني من مصاعب خطر الإعادة القسرية بالرغم من أن مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يوصف بأنه حجر الزاوية للنظام الدولي لحماية اللاجئين يحظر الإعادة القسرية لأي شخص إلى بلد يمكن أن يتعرض فيه لانتهاكات خطيرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/حزيران/2013 - 12/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م