شبكة النبأ: تسعى الحكومة الصينية
الى اعتماد خطط وسياسات الاقتصادية الجديدة في سبيل دعم اقتصادها الذي
شهد في الفترة الأخيرة تراجع ملحوظ في معدلات النمو، منها تخفيف
العراقيل و الإجراءات على الاستثمارات لدعم الإنفاق الرأسمالي، و تجديد
مصادر النمو و عدم الاعتماد على الصادرات وحدها، وبسبب الاضطراب
الاقتصادي العالمي وتباطؤ الطلب الخارجي فقد ارتفعت صادرات الصين بنسبة
7.9% على أساس سنوي في عام 2012 ، وهو ما أبطا من حجم النمو الذي تحقق
في العام السابق وبلغ 20.3%. وفي هذا الشأن فقد ارتفعت الاستثمارات
الأجنبية المباشرة في الصين مما يخفف وطأة تراجع ثاني الاقتصاديات
العالمية.
حيث ارتفعت الاستثمارات الداخلية الغير مالية بنسبة 0.3% إلى 9.26
بليون دولار، طبقاً لوزارة التجارة الصينية. بعد ارتفاعها بنسبة 0.4%
خلال نيسان. في حين ارتفعت الاستثمارات الصادرة بنسبة 20% خلال الخمسة
أشهر الأولى من العام إلى 34.3 بليون دولار، مقارنة بارتفاعها بنسبة
27.4% من كانون الثاني حتى نيسان. ولا شك أن هذه البيانات جاءت مناسبة
لاقتصاد الصين الذي لم يعد في مكانته الطبيعية حالياً وسط تراجع معدلات
النمو، و خفض توقعات نمو اقتصادها مؤخراً لعام 2013 من قبل مورجان
ستانلي.
في السياق ذاته قال مسؤول في إقليم جوانغدونغ إنه من المتوقع أن يضخ
الإقليم الذي يعد القوة الاقتصادية للصين في الجنوب المزيد من
الاستثمارات البالغة قيمتها 775 مليار يوان (126 مليار دولار امريكى)
في البنية التحتية للنقل بحلول عام 2016. وقال تساى مولنغ، نائب مدير
اللجنة الإقليمية للتنمية والإصلاح التي تعد بمثابة جهاز التخطيط
الاقتصادي في الإقليم، إن الاستثمارات ستغطي 89 مشروعا جديدا تشمل طرقا
سريعة وسكك حديدية تربط بين المدن، حسبما نقلت عنه وكالة أنباء الصين
الجديدة شينخوا.
وأضاف تساى إن نحو 62 في المئة من الاستثمارات ستأتي من تمويل السوق،
بما في ذلك قروض مصرفية و استثمار ائتماني وسندات متوسطة الأجل ورأس
المال الخاص. ووفقا لخطة الإقليم الخمسية الثانية عشر(2011-2015)، فإن
مجموع الاستثمارات في البنية التحتية للنقل سيصل إلى 1.9 تريليون يوان
في فترة الخمس سنوات. وبلغت الاستثمارات التي تم تحققيها في عامي 2011
و 2012 حوالي 251 مليار يوان، وهو أقل بكثير من المستهدف.
ووفقا لخطة حكومة الإقليم فإنه من المتوقع أن يكون لدى إقليم
جوانغدونغ 4100 كيلو متر من السكك الحديدية و6800 كيلو متر من الطرق
السريعة التي ستدخل حيز العمل بحلول نهاية عام 2015. يذكر أن إقليم
جوانغدونغ يقود البلاد في مجال التنمية الاقتصادية.
مصنع جديد
من جانب أخر وضعت مجموعة "فولكسفاجن" الألمانية العملاقة للسيارات
حجر الأساس لإنشاء مصنع مشترك جديد من المقرر أن ينتج ما يصل إلى 300
ألف سيارة سنويا اعتبارا من عام 2015 في مدينة تشانجشا بوسط الصين.
ويعد المشروع المشترك في تشانجشا مع مؤسسة شنغهاي لصناعة السيارات "إس
أيه آي سي" جزءا من خطة للشركة الألمانية وشركائها الصينيين "إس أيه آي
سي" و"فريست أوتوموتيف" و"وركس" إف أيه دبليو" لاستثمار نحو 8ر9 مليار
يورو (6ر12 مليار دولار) في توفير طاقة إنتاجية جديدة بحلول عام 2015.
وقال يواخيم هايتسمان رئيس شركة "فولكسفاجن غروب تشاينا" لدى مراسم
وضع حجر الأساس إننا "نتوسع في طاقتنا الإنتاجية في الصين لتصل إلى
أربعة ملايين سيارة سنويا بحلول عام 2018 من أجل الوفاء بالطلب من
المستهلكين الصينيين". وقال إننا "سنفي بمسؤوليتنا تجاه البيئة في
تشانجشا وسندشن مرحلة مهمة أخرى في الإنتاج ذي الاستغلال الكفء للموارد
بالمصنع الجديد"، مضيفا أن المصنع سيركز على ترشيد استخدام الطاقة
والمياه، وتقليص انبعاثات الكربون والمذيبات.
وأوضحت "فولكسفاجن" أن مصنع تشانجشا الذي تقدر وسائل إعلام ألمانية
تكلفته بما يصل لملياري دولار هو أحد المصانع المشتركة السبعة الجديدة
تحت الإنشاء أو المزمع إنشاؤها في الصين خلال السنوات القليلة القادمة.
وقالت إن عملية بناء المصانع الجديدة سيتم تمويلها من التدفقات النقدية
من المشروعين المشتركين "شنغهاي فولكسفاجن" و"إف أيه دبليو فولكسفاجن".
وأضافت الشركة الألمانية أن مبيعاتها في الصين قفزت بنسبة 23 في
المئة لتصل إلى 8ر2 مليون سيارة من أصل 1ر9 مليون سيارة باعتها العام
الماضي على مستوى العالم، على الرغم من تباطؤ النمو في السوق الصينية.
وتنتج الشركة عبر مشروعيها المشتركين في الصين أكثر من 20 طرازا من
طرازات فولكسفاجن وسكودا وأودي.
البنك الدولي
على صعيد متصل خفض البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني وسط
تحذيرات من تباطؤ الإقتصاد العالمي الذي من المنتظر أن يشهد استقرارا
في الأشهر المقبلة. ويتوقع البنك حاليا نمو الصين بنسبة 7.7 في المئة
في عام 2013 انخفاضا من توقعاته السابقة عند 8.4 في المئة هذا العام.
كما خفض توقعاته لنمو الإقتصاد العالمي إلى 2.2 في المئة من 2.4 في
المئة.
وقال البنك إن النمو في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، سجل
تباطؤا في الوقت الذي يتطلع فيه صانعو السياسة الصينيون إلى إعادة
التوازن إلى نموذج النمو الخاص ببلادهم. ويذكر أن الصين اعتمدت على
مدار العقود الماضية بشدة على الصادرات فضلا عن الاستثمار الموجه من
البلاد لتعزيز اقتصادها.
وعلى الرغم من ذلك فإن تباطؤ الطلب على الصادرات الصينية في الأسواق
الرئيسية لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا يذكي المخاوف بشأن ما إذا
كانت الصين بإمكانها الحفاظ على معدل نموها المرتفع. وهناك دعوات للصين
من أجل اتخاذ إجراءات تهدف إلى تعزيز الطلب المحلي لتعويض التراجع في
الصادرات وإعادة التوازن إلى اقتصادها.
وبينما تحاول بكين تعزيز الاستهلاك المحلي يقول خبراء إن هذا التحول
قد يؤدي إلى تباطؤ النمو في الأجل القصير. يأتي خفض البنك الدولي
لتوقعات معدل النمو المتوقع للصين بعد حوالي ستة أشهر من رفع البنك
توقعاته بشأن نمو الاقتصاد الصيني. وفي تقرير صادر في ديسمبر/كانون
الأول العام الماضي قال البنك إن اجراءات التحفيز والموافقة على
مشروعات البنى التحتية ستساعد في تعزيز نمو الاقتصاد الصيني ورفع
توقعات النمو لعام 2013 إلى 8.4 في المئة من 8.1 في المئة بقيمة
اجمالية تزيد على 150 مليار دولار.
غير أن التقرير الاخير للبنك أذكى القلق بشأن نموذج النمو المدفوع
بالاستثمار في الصين. وحذر التقرير قائلا "مازال الخطر الرئيسي الذي
يتعلق بالصين هو احتمال عدم استدامة معدلات الاستثمار العالية، وهو ما
يدفع إلى تباطؤ اقتصادي مضطرب وحاد."
وأضاف التقرير "إذا اثبتت الاستثمارات عدم ربحيتها، فسوف تصبح خدمة
الإقراض الحالية اشكالية، إذ من المحتمل أن تدفع إلى زيادة القروض
المتعثرة التي تقتضي بتدخل الدولة." قال البنك الدولي إن النمو مازال
منخفضا في الدول ذات الدخول المرتفعة لاسيما في اوروبا على الرغم من
تحسن الظروف المالية. وأضاف البنك أن النمو المسجل في الاقتصاديات
الصاعدة مثل البرازيل والهند، التي شهدت تسجيل معدلات نمو مرتفعة في
السنوات الأخيرة، سجل مزيدا من التباطؤ في الآونة الأخيرة. وقال البنك
إن أي زيادة في نمو الدول النامية من المحتمل أن يكون "معتدلا". بحسب
بي بي سي.
وقال كاوشيك باسو، كبير خبراء الاقتصاد لدى البنك الدولي، "على
الرغم من وجود مؤشرات أمل في القطاع المالي، فإن التباطؤ في الاقتصاد
الحقيقي انعطف ليصبح طويل الأمد دون داعي." وأضاف أن ذلك "انعكس بشدة
في ارتفاع البطالة في الدول الصناعية فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة في
منطقة اليورو بالفعل وتباطؤ النمو في الاقتصاديات الصاعدة."
حرب تجارية
في السياق ذاته أطلقت الصين تحقيقا فيما إذا كان منتجو النبيذ في
الإتحاد الأوروبي يتعمدون بيع منتجاتهم في السوق الصينية بأسعار منخفضة
وما إذا كانت هذه الصناعة تتمتع بدعم الحكومات الأوروبية. وتأتي الخطوة
الصينية بعد سريان قرار الإتحاد الأوروبي فرض رسوم كبيرة على واردات
الإتحاد من ألواح الطاقة الشمسية المنتجة في الصين لنفس السبب. ويدعي
الإتحاد الأوروبي أن الممارسات الصينية تؤذي منتجي الألواح الشمسية في
أوروبا. ولكن الصين قالت إنها "تعارض بشدة" الرسوم "غير العادلة" التي
فرضها الأوروبيون.
وجاء في بيان أصدره شين دانيانغ، الناطق بإسم وزارة التجارة
الصينية، "لقد أظهرت الحكومة الصينية والقطاع الصناعي الصيني قدرا
كبيرا من حسن النية والصدق، وبذلت الصين جهودا كبيرة لحل الخلاف عن
طريق الحوار والمشاورات. نتمنى أن يبدي الأوروبيون قدرا أكبر من الصدق
والمرونة، وأن يعملوا للتوصل إلى حل مقبول للطرفين عن طريق التشاور."
ولم تدل وزارة التجارة الصينية بأي تفاصيل عن أفق التحقيق التي تزمع
إجراؤه في صادرات البلاد من النبيذ الأوروبي ولا عن جدوله الزمني.
ويذكر أن الصين هي أكبر منتج في العالم لألواح الطاقة الشمسية، إذ بلغ
حجم صادراتها من هذه المنتجات للإتحاد الأوروبي فقط 21 مليار يورو في
عام 2011. ولكن الأوروبيين يدعون أن مصنعي الألواح الصينيين يتعمدون
بيع منتجاتهم بأسعار مخفضة لأجل الإضرار بالمنتجين المحليين. وكان مفوض
الشؤون التجارية في الإتحاد الأوروبي كاريل دي غوشت قد قال إن أسعار
الألواح الصينية الحقيقية تزيد عما تباع بها بـ 88 بالمئة، ولذا فإن
المفوضية الأوروبية قررت فرض رسوم عقابية على هذه المنتجات. بحسب بي بي
سي.
ولكن الرسوم التي فرضها الأوروبيون بالفعل تقل كثيرا عما هددوا به
أصلا، إذ لا تتجاوز 11,8 بالمئة سيتم العمل بها بالتدرج. وكانت الحكومة
الصينية قد حذرت الإتحاد الأوروبي بأنها "ستتخذ كل الخطوات الضرورية"
للدفاع عن مصالحها الوطنية إذا مضى الإتحاد قدما في فرض رسوم على
صادراتها.
من جهة أخر تبدي المفوضية الأوروبية رغبتها في إطلاق محادثات مع
الصين للتوصل الى معاهدة استثمار معها وطلبت من الدول الأعضاء تفويضها
بإجراء المفاوضات بهذا الشأن، في حين تتكثف الخلافات التجارية مع هذا
البلد وأعلن المفوض الأوروبي للتجارة كاريل دو غوشت ان مثل هذا الاتفاق
"سيساعد على تعميق روابطنا ويشير الى اننا ملتزمون بقوة في بناء شراكة
متينة". وقال "انه يتطلع للعمل مع الحكومة الصينية الجديدة للتوصل الى
اتفاق".
وقرار إطلاق المفاوضات رسميا من اجل التوصل الى معاهدة الاستثمار
بات بين يدي المجلس الاوروبي الذي يمثل الدول الأعضاء. والأهداف
الرئيسية لهذه المعاهدة هي تحسين حماية الاستثمارات الأوروبية في
الصين، والقضائية منها خصوصا، والعكس أيضا، في قطاعات رئيسية مثل
التكنولوجيا وحقوق الملكية الفكرية، إضافة الى الحد من العقبات امام
الاستثمار في الصين.
وقالت المفوضية الأوروبية ان هناك أولويات أخرى تتمثل في الوصول
بطريقة أفضل الى السوق الصينية وبحث مسائل مثل تاسيس الشركات المختلطة
الإلزامية. وللإنتاج في الصين، يتعين وجود شريك محلي كما فعلت شركة
دانون للتو عبر تحالفها مع عملاقين في سوق مشتقات الحليب التي تشهد
قفزة قوية في الصين. وقد تم اعتماد فكرة اطلاق هذه المفاوضات في 2012.
لكن مسؤولا اوروبيا رفض الكشف عن هويته اعتبر ان القادة الصينيين
يرغبون في الذهاب الى ابعد من ذلك. وقد اغتنموا زيارة قامت بها وزيرة
خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الى بكين من اجل "اعادة طرح"
مسالة اتفاق للتبادل الحر.
ويفضل الاوروبيون التفاوض مع الصين حول معاهدة ثنائية للاستثمار،
لانهم يعربون عن قلقهم من دوافع بكين. واكد هذا المسؤول ان اتفاقا
للتبادل الحر مع بكين لا يمكن التفكير به الا على المديين "المتوسط" او
"الطويل". وبلغت قيمة المبادلات التجارية بين الاتحاد الاوروبي والصين
546 مليار دولار في 2012، لكن العجز التجاري للاتحاد الاوروبي حيال
الصين لم يتوقف عن الارتفاع متجاوزا 122 مليارا. |