نفط ايران والعقوبات الغربية... ماء في قبضة اليد!

 

شبكة النبأ: يعد النفط الإيراني اكبر ثروة اقتصادية لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية إذ يمثل جانباً مهماً من الاقتصاد الذي يمر حاليا بحالة تدهور كبيرة جدا قد تصل لدرجة الانهيار، خصوصا بعدما تجاوز التضخم في ايران 30 في المئة بسبب العقوبات الدولية، مما أجج وأزمة اقتصادية طاحنة وحرم الدولة من المصدر الرئيسي للإيرادات والعملة الصعبة، والذي ادى الى خسارة العملة الايرانية اكثر من ثمانين في المئة من قيمتها خلال سنتين، فقد كبّدت رزمة العقوبات النفطيّة والبنكية التي أقرّتها الولايات المتحدة الأمريكية والاتّحاد الأوروبيّ، إيران خسائر اقتصادية كبيرة. 

حيث تراجعت ورادات النفط الإيراني مؤخرا في العديد من البلدان مثل كوريا الجنوبية والهند لتهبط إيرادات إيران النفطية بنحو 50 في المئة منذ الإجراءات الأوروبية والأمريكية المشددة التي فرضت العام الماضي، مسببة أضرارا لأنشطة الأعمال، ونتج عنها انخفاض مستويات المعيشة للمواطنين العاديين في الجمهورية الإسلامية.

لكن على الرغم من ذلك ومع احكام واشنطن وحلفائها الخناق على طهران بسبب برنامجها النووي تستحدث ايران طرقا جديدة لبيع نفطها من خلال عرض صفقات خاصة على حليفتيها الصين والهند وعبر توصيل النفط الى العملاء ومقايضته بالذهب والحبوب أيضا، كما تسعى إيران لتصدّير غازها إلى أوروبا عبر تركيا، فضلا عن تخزينها ملايين البراميل من النفط الخام في ناقلات راسية في مياهها الإقليمية في وقت تكافح فيه عقوبات غربية مشددة على صادراتها الحيوية المنقولة بحرا، لكن في المقابل تسعى الولايات المتحدة لخفض مبيعات إيران من النفط بشدة لتوجيه ضربة أكبر لصادرات ايران من النفط المتراجعة بالفعل.

إذ يرى الكثير من المحللين إن الهدف النهائي لأمريكا قد يكون وقف الصادرات الايرانية بالكامل تقريبا، وقد يؤدي مثل هذا الهدف المتطرف إلى استعداء الصين والهند أكبر من تبقى من زبائن النفط الايراني وقد يدفع أسعار الخام إلى ارتفاع يضر بالاقتصاد العالمي.

وعليه ففي ظل المتغيرات العالمية، تدخل إيران مرحلةً جديدةً يواجه فيها الرئيس المنتخب حسن روحاني تحديات اقتصادية بالغة الصعوبة فإيران اليوم تحتاج إستراتجية إلى إعادة تنظيم اقتصادية تتيح رصانة اقتصادية على المدى الطويل.

سعر النفط الإيراني أقل من الأسعار العالمية

في سياق متصل قال وزير النفط الهندي إن تكلفة النفط الخام الذي تحصل عليه بلاده من إيران أقل من الأسعار العالمية دولارين للبرميل وذلك في معرض حديثه عن الأسباب التي تدفع الهند لشراء النفط من طهران التي يفرض عليها الغرب عقوبات.

وقال الوزير إم. فيرابا مويلي "شركات التكرير الهندية تتمتع بهوامش أفضل بكثير. التكلفة أقل دولارين … لذلك نتعامل بشكل جاد مع إيران"، وجرى تداول خام برنت بسعر 105 دولارات للبرميل بينما بلغ سعر النفط الخام الأمريكي 96.75 دولار.

في الوقت نفسه قالت مصادر مطلعة بصناعة النفط إن السعودية تبيع مزيدا من النفط للهند في تموز/يوليو بعد أن طلبت اثنتان من المصافي الهندية شحنات إضافية لأسباب من بينها تعويض نقص الامدادات من إيران، وتوقفت شركتا هندوستان بتروليوم كورب ومانغالور للتكرير والبتروكيماويات عن شراء الخام الإيراني بعد أن قالت شركات التأمين المحلية إنه ليس بوسعها تغطية المصافي التي تتعامل في النفط الإيراني نظرا لأن شركات التأمين العالمية ومعظمها في الدول الغربية قد لا تلتزم بتغطية المطالبات. بحسب رويترز.

وبناء على مصادر صناعة النفط وبيانات أولية للناقلات بلغ متوسط مشتريات الهند من إيران نحو 190 ألف برميل يوميا في ابريل نيسان ومايو أيار. ويقل هذا نحو الربع عن متوسط الواردات في أول ثلاثة أشهر من العام والذي بلغ 250 ألفا و600 برميل يوميا، وطلبت مصادر الشركات وصناعة النفط عدم الكشف عن أسمائها نظرا لحساسية الأمر.

وقالت المصادر إن هندوستان بتروليوم ستستورد في تموز 84 ألف برميل يوميا من السعودية أي أكثر من مثلي 40 ألف برميل يوميا كانت تستوردها عادة من السعودية بموجب العقود السنوية، وقال مصدر في مانجالور إن الشركة ستستورد 86 ألف برميل يوميا في تموز من السعودية مقارنة مع عقدها الذي يقضي بشراء 55 ألف برميل يوميا.

الصين تشتري نصف صادرات النفط الإيراني وتراجع وارداته في كوريا الجنوبية والهند

على الصعيد نفسه قدّر مصدر في منظمة "أوبك" مستوى تصدير إيران من النفط عند نحو مليون برميل في اليوم بعدما استحوذت الصين على جزء مهم مما كانت تشتريه أوروبا وآخر من مشتريات الهند وجنوب أفريقيا، بالتالي تشتري الصين حوالى 600 ألف برميل يومياً من النفط الإيراني.

في حين أظهرت بيانات رسمية أن كوريا الجنوبية استوردت 4.18 مليون برميل من الخام من إيران في نيسان/أبريل الماضي بانخفاض 44.4 في المئة عن الفترة ذاتها قبل عام، وذلك قبيل محادثات مع واشنطن لتمديد إعفاء سيول من الالتزام بعقوبات أميركية على طهران. بحسب رويترز.

وجاءت الواردات أقل من توقعات لنحو 190 ألف برميل يوميا - بما يعادل 5.7 مليون برميل على مدار الشهر، وبلغ إجمالي واردات خامس أكبر مشتر للخام 69.12 مليون برميل من الخام الشهر الماضي بانخفاض 5.6 في المئة على أساس سنوي حسبما أظهرت الأرقام.

كما أظهرت بيانات من مصادر تجارية تراجع واردات الهند من النفط الإيراني 34.2 بالمئة ما يعزز فرص تجديد إعفاء من عقوبات أميركية على طهران، وتراجعت واردات الهند 56.5 بالمئة إلى 117 ألفا و300 برميل يوميا على أساس سنوي في نيسان/ابريل وهو أول شهور سنة التعاقد الجديدة مع إحجام شركة منجالور للتكرير والبتروكيماويات ومؤسسة هندوستان للبترول عن شراء كميات جديدة بسبب صعوبات في التأمين على الشحنات من إيران. بحسب رويترز.

إيران ستصدّر إلى أوروبا غازاً عبر تركيا

من جانب آخر أعلن المدير التنفيذي لـ "شركة الغاز الإيرانية الوطنية"، جواد أوجي، أن بلده سيصدّر إلى أوروبا عبر تركيا بليوني متر مكعب من الغاز سنوياً، ونسبت وكالة "مهر" الإيرانية للأنباء إلى أوجي قوله بعد الحصول على موافقة الحكومة التركية، إن مفاوضات جديدة أجريت مع تركيا لتحديد رسوم ترانزيت الغاز الطبيعي. ووفق المفاوضات التي أجريت مع أطراف أوروبية، ستنقل إيران الغاز المصدّر إلى الدول الأوروبية عند الحدود التركية، لينقل بعدها عبر الأراضي التركية إلى الدول الأوروبية.

وقال: "نظراً إلى خطط شركة النفط الوطنية الإيرانية، من المقرر تدشين القطاعات الجديدة في حقل بارس الجنوبي، وفي هذه الحال سيكون لدينا فائض من الغاز للتصدير أو الترانزيت". وكان العراق أيضاً أعطى الضوء الأخضر لإيران لتصدير الغاز الإيراني إلى دول أخرى عبر أراضيه.

مساعي امريكا لخفض مبيعات إيران من النفط بشدة

فيما يضغط أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري على حد سواء في الكونجرس لتشديد العقوبات على ايران ويراهنون على أن الطفرة الجديدة في انتاج الولايات المتحدة من النفط والمؤشرات على وفرة المعروض العالمي ستحول دون ارتفاع الأسعار، وخلال اجتماع عقدته إحدى لجان مجلس النواب الأمريكي الشهر الماضي بشأن مشروع قانون لتشديد العقوبات تم إدراج فقرة جديدة ستلزم المستوردين للمرة الأولى بخفض مشترياتهم من الخام الايراني بكمية معينة تبلغ مليون برميل يوميا خلال عام، لكن الصادرات الايرانية انخفضت بالفعل إلى 700 ألف برميل يوميا في مايو أيار، والفقرة الجديدة لم تدرج بعد في النص الرسمي لمشروع القانون وربما يتم تغييرها. وخلال الاجتماع قال مشرعون إن هذا الاجراء يهدف إلى خفض الصادرات بمقدار الثلثين وأشاروا إلى أن صادرات العام الماضي التي بلغت 1.5 مليون برميل يوميا ستكون نقطة البداية وسيكون الهدف خفضها إلى 500 ألف برميل يوميا. بحسب رويترز.

لكن بعض خبراء الطاقة ذكروا أن هناك حشدا متزايدا داخل الكونجرس وراء محاولة لتقليص الصادرات الايرانية بشكل أكبر لتقترب من الصفر، وقال بوب ماكنالي رئيس مجموعة رابيدان للاستشارات والذي عمل مستشارا للبيت الأبيض لشؤون الطاقة في عهد الرئيس السابق جورج بوش "التحول الجديد هو ان الكونجرس يريد أن يخرج كل ما تبقى من النفط (الايراني) أو معظمه من السوق وتركز المناقشات على مدى السرعة التي سيتم بها ذلك"، ويبلغ سعر خام برنت نحو 104 دولارات للبرميل ويحوم قرب أدنى مستويات العام الماضي، وهناك تأييد واسع داخل الكونجرس للتحرك من أجل تقليص التمويل المتاج للبرنامج النووي الايراني، وقال ماكنالي "توحد الكونجرس على غير العادة في مواجهة ايران ويتحرك الآن بسرعة تفوق قدرة السوق على الاستيعاب".

على الصعيد ذاته تخسر ايران 3 الى 5 مليار دولار شهريا بسبب العقوبات التي تفرضها الاسرة الدولية على صادراتها النفطية بسبب برنامجها النووي، حسب ما اعلن مسؤول كبير في الخزانة الاميركية، واكد ديفيد كوهن مساعد وزير الخزانة المكلف مكافحة الارهاب امام الكونغرس ان التبعات الاقتصادية حملت النظام "على طلب تخفيف العقوبات مقابل تنازلات حول البرنامج النووي"، وعقد اجتماعان في فيينا واسطنبول حول برنامج ايران النووي.وقال كوهن ان ترسانة العقوبات خصوصا الاميركية والاوروبية خفضت صادرات النفط الايرانية بحوالي 50′ منذ كانون الاول/ديسمبر 2011. واضاف كوهن وفقا لافادته الخطية للجنة في مجلس الشيوخ ان "الخسائر على المبيعات النفطية تكلف ايران بين 3 الى 5 مليار دولار شهريا"، واكد المسؤول الاميركي ان اجمالي الناتج الداخلي الايراني تراجع بما بين 5 و8 بالمئة في 2012، وهي ارقام اسوأ من تلك التي نشرها صندوق النقد الدولي ومفادها ان الاقتصاد الايراني تقلص بنسبة 1.9′ في 2012.

وبحسب كوهن تستعد الولايات المتحدة لتحركات جديدة "لزيادة الضغط" على العملة الايرانية التي خسرت "ثلثي قيمتها في العامين الماضيين". بحسب فرانس برس.

وفي هذا الاطار اكد المسؤول ان الولايات المتحدة ستعاقب على بيع الذهب للمواطنين او المؤسسات الايرانية "اعتبارا من الاول من تموز/يوليو"، وقال كوهن "ان بيع الذهب للحكومة يمكن ان يستخدم لدعم العملة واحداث توازن لتخفيف الصعوبات التي تواجهها الحكومة للوصول الى احتياطها من العملات الاجنبية".

الهند: استيراد النفط من العراق وأميركا اللاتينية بديلاً عن إيران

في حين تخطط شركة "مانجالور" الهندية للتكرير والبتروكيماويات المملوكة للدولة للبدء في تكرير نفط من العراق وأميركا اللاتينية اعتبارا من العام المقبل لتعوض جزئياً نقص إمدادات النفط من إيران بسبب العقوبات الغربية على طهران.

ولفت العضو المنتدب لمانجالور بي.بي أبادهيا إلى أن الشركة تخطط لبدء تشغيل وحدة تكسير بالحفز للبتروكيماويات بطاقة 2.2 مليون طن سنوياً بحلول آب/أغسطس، ووحدة أخرى لتحويل الرواسب الثقيلة إلى منتجات بطاقة ثلاثة ملايين طن سنويا بعد ذلك بشهر، وأوضح أنه "بمجرد استقرار الوحدة الأخيرة فإن الشركة تعتزم تكرير نفط عراقي ونفط من أميركا اللاتينية"، لافتاً إلى أن "الشركة بدأت محادثات لاستيراد النفط من أميركا اللاتينية في 2011 وخططت لشراء 11 ألف برميل يومياً من العراق في 2012-2013 لكنها لم تستورد تلك الكميات نظرا لأن الوحدة الجديدة لم تكن جاهزة بعد". بحسب رويترز.

وأضاف أبادهيا إن الشركة تسعى أيضا لاستيراد خام عالي الكبريت بسعر البيع الرسمي، مشيراً إلى أنه "إذا كان هناك من يبيع النفط العماني أو أي خام آخر عالي الكبريت بعقد مدته عام أو ما شابه بسعر البيع الرسمي فربما ندرس ذلك"، وأوقفت مانجالور، التي كانت أكبر مشتر هندي للنفط الإيراني حتى أوائل العام الماضي، استيراد الخام من طهران في نيسان/ أبريل بعدما قالت شركات تأمين محلية إنها لن تستطيع توفير غطاء تأميني للمصافي التي تستخدم النفط الإيراني نظراً لأن العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي جعلت شركات إعادة التأمين العالمية تحجم عن تحمل هذه المخاطرة.

إيران تخزن ملايين البراميل من النفط

الى ذلك قالت مصادر ملاحية إن إيران تخزن ملايين البراميل من النفط الخام في ناقلات راسية في مياهها الإقليمية في وقت تكافح فيه عقوبات غربية مشددة على صادراتها الحيوية المنقولة بحرا، وقال مصدر ملاحي أوروبي على علم بحركة الناقلات "ما من شك في أنه يتم استخدام مزيد من الناقلات الإيرانية لتخزين النفط في الوقت الحالي قبالة سواحلهم في الخليج ومن المتوقع أن يزداد ذلك. يسبب الحظر أضرارا وهناك حديث عن محاولات من جانب إيران لبيع شحنات نفطية بأسعار منخفضة"، وتباينت تقديرات المصادر الملاحية بشأن كميات النفط التي تخزنها إيران في البحر لكن هناك إجماعا على أنها كبيرة. بحسب رويترز.

وأظهرت بيانات لمؤسسة آي.إتش.إس فيربلاي لمعلومات الشحن أن عشر ناقلات عملاقة إيرانية – كل منها يمكنه نقل مليوني برميل من الخام – تخزنان النفط إلى جانب ناقلة أصغر يمكنها حمل مليون برميل، وأظهرت البيانات أن هناك ناقلتين عملاقتين إضافيتين يحتمل أنهما تخزنان النفط، وهو ما يعني أنه يتم تخزين ما يصل إلى 25 مليون برميل إجمالا، وجميع تلك السفن التي تستخدم لتخزين النفط تابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية وهي راسية قرب مرافئ نفطية في البلاد وفق ما ذكرته البيانات، وقدر مصدر ملاحي آخر أنه يتم تخزين الخام في 17 ناقلة أغلبها ناقلات عملاقة في حين قدر مصدر ثالث العدد بخمس عشرة ناقلة تحمل نحو 30 مليون برميل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 20/حزيران/2013 - 10/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م