شبكة النبأ: عندما نتحدث عن عيد
الصحافة العراقية، فإننا نفضّل أن نقوم بمراجعة للذات، وتصحيح الاخطاء،
ومعالجة الهفوات هنا وهناك، لان العيد وذكرى الولادة تستوجب التقويم
والمراجعة المستديمة، من اجل بناء صرح صحفي يشار له بالبنان، فضلا عن
قدرة الصحافة على المشاركة في بناء منهج حياة مثمر ناجح ومتميز، من
خلال الاسهام في بناء الدولة، ونظامها السياسي القائم على النهج
الديمقراطي التحرري.
ولا شك بأن المرحلة الراهنة (وهي مرحلة التغييرات الكبرى) التي يمر
بها العراق، والمساحة الاقليمية المقاربة، تستدعي نهجا صحفيا مهنيا
ودقيقا، ينتظم تحت مسارات واضحة أهمها المسار الديمقراطي الحر، الذي
يشكل رديفا للنظام الديمقراطي، ومساعدا له على تحقيق التحول المرتقب،
لاسيما في ما يتعلق ببناء مؤسسات الدولة وجميع المرتكزات التي يستند
إليها النظام التحرري.
مناسبة الاحتفال بعيد الصحافة العراقية ينبغي ان لا يمر من دون
التركيز على بناء صحافة متجددة، مهنية، تبتعد عن المحاباة والتخندق
السياسي او العرقي او لأي نوع من انواع الانتماء، سوى ما يدعم الدولة
ومؤسساتها، ويسند النظام الديمقراطي ويعاضده، لاسيما اننا نمر في مرحلة
التكوين التي ترافقها اخطاء كثيرة لا يصح تجاهلها، بل على الصحافة ان
تراقب المسار السياسي والاجتماعي وكل مجالات الحياة الاخرى، وتتدخل
بصورة مهنية، لتسهم بفاعلية عالية في بناء الدولة والمجتمع.
يتحقق هذا من خلال الصحافة المهنية كما هو معروف في التجارب التي
سبقتنا في هذا الميدان، ولابد ان تقوم الصحافة على النزاهة والشفافية
والوضوح، واعتماد المنهج المستقل الذي يهدف الى بناء دولة مدنية متحضرة
قادرة على حماية الحقوق المدنية والحريات كافة لجميع المواطنين، بغض
النظر عن نوع الانتماء، وبهذا تكون الصحافة عاملا مساعدا رئيسيا لبناء
الدولة ومؤسساتها الدستورية المستقلة عن السلطات الثلاث.
كذلك ينبغي تطوير المهارات الصحفية للافراد العاملين في الصحافة
وللمنظمات والمؤسسات العاملة في هذا المجال، عبر تنمية القدرات الفردية
والمؤسساتية من خلال الدورات التخصصية، والحصول على الخبرات العالمية
والعربية، ويبقى الهدف الاساس هو بناء وتطوير منهج صحفي متطور مهني
مرادف للنظام الديمقراطي ومعاضد له، بل ومقوّم له عندما يستدعي الامر
ذلك.
كذلك مطلوب نشر اعراف صحفية تقوم على القبول بالاخر حتى لو اختلفنا
معه، بمعنى ينبغي ان تشكل الصحافة صورة مصغرة لما سيكون عليه المجتمع
والنظام السياسي في البلاد، وكلما كانت الثوابت والمبادئ التي تنتظم في
ظلها الانشطة الصحفية واضحة ومعروفة وقائمة على التحرر والقبول بالاخر،
كلما انعكس ذلك على المنهج والنظام السياسي للبلاد، وطالما اننا نطمح
لبناء دولة مدنية ونظام ديمقراطي تحرري، فإننا لابد ان ندعم هذا الهدف
الاستراتيجي، بقاعدة صحفية مهنية نوعية متطورة، والعراق بما يمتلك من
طاقات صحفية وخبرة متجذرة تستند الى عشرات العقود من العمل الصحفي،
يمكنه ان ينمي ويطور الانشطة الصحفية برمتها، لتشكل عاملا اساسيا في
تحقيق البناء الديمقراطي.
ان مناسبة الاحتفال بعيد الصحافة العراقية يشكل حافزا للصحفيين
العراقيين والمنظمات التي تعمل في هذا المجال، لكي تسهم بصورة واضحة في
تدعيم المنهج الديمقراطي كمنظومة حياة شاملة، تنضوي في ظلها مجالات
الحياة كافة، وليس السياسة فحسب، وليس من قبيل التبجح او التباهي، أن
نقول ان الصحافة المهنية المستقلة، لها القدرة على بناء المجتمع الامثل
في المجالات كافة، وهي قادرة على تعديل المسارات التي تنحرف عن الجادة
الصواب، كما انها قادرة على مراقبة ومساعدة النظام السياسي على تحقيق
الاهداف التي تصب في بناء دولة قوية متحضرة، تحمي حقوق الجميع بلا
استثناء. |