متاحف تجمع بين جنباتها ضفاف العالم القديم والجديد

 

شبكة النبأ: الاهتمام بالمتاحف والعمل على تطويرها اصبح اليوم من اهم الاولويات لدى العديد من الدول والحكومات العالمية التي تسعى الى جمع وحفظ تراثها التاريخي، والمتاحف هي مؤسسات تهتم بجمع وتوثيق وحفظ وعرض العينات والنماذج ذات الأهمية التاريخية أو الطبيعية أو التراثية. وتعمل المتاحف على تحقيق التنمية داخل المجتمعات التي تحافظ على أدلتها وتعير أهمية لتطلعاتها الثقافية. وفيما يخص عالم المتاحف فقد أفتتح في بورتسموث في بريطانيا متحف مخصص لحطام سفينة ماري روز التي بقيت مطمورة لمئات السنين في قعر المحيط يضم آلات موسيقية وعظاما وبقايا طعام ويعرض كنوزا تعود الى حقبة سلالة تيودور. ويشكل هيكل هذه السفينة الحربية الخشبي الذي انتشل من الماء قبل 30 سنة والاغراض التي رفعت الى اليابسة والبالغ عددها 1900 تقريبا اكتشافا يقارنه الخبراء بمدينة بومبيي الايطالية نظرا إلى حالتها التي لا تزال ممتازة.

ويشرح عالم الآثار كريستوفر دوبس الذي شارك في عمليات التنقيب عن السفينة أن الوحل الذي طمرت فيه السفينة وكنوزها "ساهم في الحفاظ على تلك الأغراض". وكانت ماري روز السفينة الحربية الخاصة بملك انكلترا هنري الثامن في بدايات الاسطول البحري الملكي، وعرفت مصيرا خارجا عن المألوف. فبعد 34 سنة من محاربة الأسطول الفرنسي، غرقت السفينة سنة 1546 في ظروف غامضة خلال معركة سولينت.

ولقي نحو 500 رجل حتفهم في حادثة الغرق التي وقعت أمام عيني الملك نفسه، ولم ينج سوى ثلاثين رجلا تقريبا. وطمر جزء من السفينة في الوحل، فيما اختفت الأجزاء الأخرى بفعل التآكل. وبعد أربعة قرون، في سنة 1971، عثر على الحطام الذي انتشل سنة 1982 خلال عملية مذهلة بثتها المحطات التلفزيونية. وشارك 500 غطاس على مدى سنوات عدة في أعمال التنقيب. ونقلت آلاف الأغراض المنتشلة الى المتحف الجديد الذي يضم بقايا هيكل ماري روز والذي فتح أبوابه امام الجمهور.

وشيد مبنى المتحف على أرصفة السفن في بورتسموث الى جانب سفينتين ضخمتين تابعتين للبحرية البريطانية وهما "ايتش ام اس فيكتوري" و"ايتش ام اس ووريور". ويتنزه الزائر في المتحف داخل صالات عرض مبنية حول هيكل السفينة الخشبي على ثلاث مستويات تحاكي جسور السفينة الثلاثة. ويشرح المهندس كريس براندون ان النور الخافت في المتحف يهدف الى الحفاظ على الاغراض وتسليط الضوء عليها، قائلا "انها اغراض قيمة جدا، ولذلك أردنا تركيز الاهتمام عليها"، ويعكس الجو الذي كان سائدا على متن السفينة.

ويكتمل هذا المشهد مع صوت البحر والرياح والسفينة، بالإضافة الى الاسلحة والمدافع والأقواس والسهام.

ويقول جون ليببييت وهو المدير العام لصندوق ماري روز "إنها مجموعة من أروع المجموعات وأفضل دليل على نمط الحياة في تلك الحقبة. فالعظام التي عثر عليها تبين مدى قساوة الحياة التي عاشها اولئك الرجال وانواع الجروح والامراض التي عانوا منها".

ومن خلال تلك البقايا، تمكن خبراء من ترميم وجوه نجار وطباخ ورامي سهام ومن إعادة جمع هيكل عظمي تابع لكلب كان يعيش على متن السفينة بهدف طرد الجرذان. ومن بين الاغراض المنتشلة لعبة نرد وآلات كمان وأغلفة كتب، بالإضافة الى عظام سمك وبقر وخنزير. والغريب كان العثور على ثماني مسابح مع أن الملك حظر استعمال هذه الوسيلة للصلاة.

وبالإضافة الى الاهمية التاريخية التي يتمتع بها المتحف الذي كلف 35 مليون جنيه استرليني 41 مليون يورو يعتبر المتحف انجازا علميا نظرا الى الاجراءات الفريدة التي اعتمدت للحفاظ على الاغراض. ويقول كريستوفر دوبس ان "مجموعة ماري روز تضم الكثير من الاغراض الخشبية والجلدية التي يصعب جدا الحفاظ عليها".

وللحؤول دون جفاف حطام السفينة وتشققه وتعرضه للجراثيم، تم رشه بالماء العذبة في البداية، ثم بمادة بولي ايثيلين غليكول بدءا من العام 1994. ومن المفترض ان تبدأ قريبا عمليات تجفيف الخشب وان تدوم 4 او 5 سنوات. وبعد ذلك، سيتمكن الزوار من الاقتراب من هيكل السفينة الذي لا يمكن رؤيته حاليا الا عبر نوافذ.

من جانب اخر اعاد متحف فان غوخ في امستردام فتح ابوابه بعد اعمال تحديث استمرت اشهرا عدة عارضا للجمهور اهم اعمال الرسام الهولندي. وكان هذا المتحف الاخير بين ثلاثة متاحف في امستردام يعيد فتح ابوابه بعد عمليات ترميم. فمتحف رييكزميوزييم اعاد فتح ابوابه مطلع نيسان/ابريل بعد اشغال استمرت عشر سنوات فيما متحف ستدليييك للفن الحديث اعاد فتح ابوابه نهاية 2012 بعد اشغال استمرت تسع سنوات.

وتعليق البورتريه الذاتي الاخير الذي رسمه فان غوخ وهو بعنوان "بورتريه ذاتي للفنان" (1887-1888) كانت المهمة الاخيرة بعد اعمال التحديث التي استمرت سبعة اشهر وكلفت 21 مليون دولار امنتها اطراف خاصة ودعم من الدولة الهولندية. وقال مدير المتحف اكسيل روغر " يمكن للزوار ان يروا المعرض الجديد الذي يظهر فان غوخ كما لو كانوا ينظرون الى عمله وهم يقفون وراءه" وهو ينجزه. واضاف "المعرض يظهر كيف تطور فان عوغ كفنان ويمكن للزوار ان يغوصوا في قلب الوسائل التي اعتمدها" اذ يمكن الان للزوار ان يتفحصوا بواسطة مجهر كيفية استخدام الرسام الكبير (1853-1890) لريشته واختياره للالوان في بعض لوحاته. بحسب فرانس برس.

وقالت مديرة المجموعات والابحاث في المتحف ماري فيليكوب "يمكن رؤية الكنوز المخبأة في بعض اللوحات عندما رسم فان غوخ فوق رسم اخر مثلا". وخلال الاشغال، نقلت حوالى 75 لوحة الى متحف ارميتاج في امستردام في اطار معرض استقطب 665 الف زائر. وقال روغر مبتسما "مع اعادة فتح المتحف عادت اللوحات الينا". ويضم المتحف اكثر من 200 عمل من بينها 140 رسمها فان غوخ والبقية انجزها فنانون معاصرون له. ومن بين لوحات الرسام الكبير "غرفة النوم" و"ايريس" و"دوار الشمس". ويأمل المتحف ان يستقطب الان 1,2 مليون زائر سنويا.

الوركاء أول عاصمة

في السياق ذاته يقدم متحف البيرغامون في برلين لزائريه لمحة من الحياة فيما يعتبر أول عاصمة حقيقية في العالم، وذلك في معرض جديد يتتبع تاريخ مدينة الوركاء التاريخية، الواقعة في أراضي العراق. ويضم المعرض الذي يحمل اسم "الوركاء. المدينة الكبيرة ذات الخمسة آلاف عام" أشكالا مختلفة من الأعمال الفنية، بما فيها الأقنعة الشيطانية المصنوعة من الطين، والتماثيل التي تجسد شخصيات الحكام، ومجموعة أخرى من تلك المجسمات والآثار التي يعود تاريخها إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد.

ويبرز المعرض أيضا عددا كبيرا من الحفريات الأثرية في المدينة، والتي لعب الخبراء الألمان دورا كبيرا في استخراجها. إلا أنه وحتى الآن، يرى المنظمون لذلك المعرض أنه لم يجر اكتشاف سوى ما يقل عن خمسة في المئة من مساحة المدينة التي تمتد في الصحراء العراقية على بعد 260 كيلومترا جنوب العاصمة بغداد.

وقال مايكل آيزنهاور، رئيس متاحف مدينة برلين، إن المعرض يهدف لإبراز أهمية مدينة الوركاء، وهي "أول مدينة يمكن الاعتراف بها في تاريخ الإنسانية"، والتي تمتد أسوارها لما يربو على تسعة كيلومترات ويعتقد أنه كان يقطنها ما يقرب من 40 ألف ساكن في الألفية الرابعة قبل الميلاد. وأضاف آيزنهاور أن الأنماط المنظمة لحياة المدينة بدأت فعليا في الوركاء، حيث كانت المخطوطات والأرشيفات بين الأشياء التي عثر عليها هناك. وتابع آيزنهاور: "تعتبر الوركاء هي المهد لأشكال النظام الاقتصادي والإداري المتقدم."

كما يضم المعرض ألواحا طينية تبرز بعض الاتفاقيات والصفقات، مثل عملية لدفع نقود فضية مقابل الحصول على بعض الأحجار القيمة، إضافة إلى قطعة من بيان قديم صادر عن إحدى الإدارات التنفيذية في المدينة. كما تخلَّد ذكرى هذه المدينة في القصيدة الملحمية المعروفة "غلغاميش"، والتي كتبت على الألواح الطينية قبل ما يقرب من ألفي عام على الميلاد، وتتناول حياة ذلك الملك الأسطوري، بينما يتضمن المعرض أيضا تمثالا منحوتا يجسده.

وتضم القطع المعروضة في متحف بيرغامون، الذي يحوي ضمن جنباته أيضا بوابة عشتار الشهيرة لمدينة بابل، تضم بينها أيضا بعض القطع من مجموعات أخرى موجودة في برلين وهايدلبيرغ، إضافة إلى قطع مستعارة من المتحف البريطاني في مدينة لندن ومتحف اللوفر في مدينة باريس ومتحف أشمولين في مدينة أكسفورد. بحسب بي بي سي.

من جانبها قالت مارغاريت فان إيس من المعهد الألماني الأثري إن المنظمين كانوا يأملون أن يؤمّنوا بعض المعارض من العراق، إلا أن الفكرة فشلت نظرا لأن تصريحات التصدير يجب أن يوافق عليها مجلس الوزراء العراقي كله. وتابعت فان إيس: "لا يعد ذلك أمرا ممكن التنفيذ في الأوضاع السياسية الحالية في العراق."

المتاحف في مصر

على صعيد متصل أعلنت وزارة الدولة لشؤون الآثار بمصر أنها ستبدأ مشروعا يتكلف 56 مليون جنيه مصري نحو ثمانية ملايين دولار لتحويل منطقة تضم كثيرا من الآثار الإسلامية في القاهرة الفاطمية إلى متحف مفتوح. وقال الوزارة في بيان إن مشروع تحويل منطقة الجمالية إلى متحف مفتوح سيتم على غرار تطوير شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي أصبح منذ عام 2009 متحفا مفتوحا بعد ترميم آثاره ومنها مساجد وقباب وأسبلة وبوابات بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

وأضاف البيان أن تطوير منطقة الجمالية سيشمل "تطوير منظومة الإضاءة" بما لا يضر بالآثار وتركيب بوابات على مداخل الشوارع تسمح بالمرور للمشاة فقط وتمنع مرور السيارات لتقليل أضرار الذبذبات والعوادم على الآثار. وقال البيان إن المشروع يعتمد على تمويل مصري إضافة إلى منحة قدرها 350 ألف دينار كويتي (1.2 مليون دولار) مقدمة من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. ولم يحدد البيان الفترة الزمنية التي يستغرقها المشروع الذي يشمل تطوير شبكة المرافق أيضا.

من جانب اخر قالت وزارة الدولة لشؤون الآثار بمصر إنها ستبدأ تنفيذ مشروع بإسهام إيطالي لإعادة الحياة إلى المتحف اليوناني الروماني الذي تأسس قبل 120 عاما بمدينة الإسكندرية الساحلية. وقال محمد إبراهيم وزير الدولة لشؤون الآثار في بيان بعد توقيعه مذكرة تعاون مع الجانب الإيطالي بشأن دعم مشروع تطوير وإعادة بناء المتحف إن جامعة توشا الإيطالية سوف تتولى إعداد سيناريو العرض المتحفي وإعداد دراسة الجدوى لمشروع التطوير الذي سيتكلف نحو خمسة ملايين دولار.

ولم يذكر البيان أن الجانب الإيطالي سيقدم إسهاما ماليا ولكنه قال إن اتفاقية التعاون تأتي "في إطار مبادلة الديون المستحقة على مصر لصالح إيطاليا وتوجيهها إلى مشروع إعادة بناء المتحف اليوناني الروماني وبعض المشروعات بسقارة ومدينة ماضي بالفيوم" جنوب غربي القاهرة. ولم يذكر البيان طبيعة هذه الديون ولا قدرها. والبيان الذي ذكر أن مشروع التطوير سوف يستغرق نحو ثلاث سنوات نقل عن السفير الإيطالي مويزيو ماساري قوله إن بلاده تهتم بالإسهام في إعادة بناء المتحف باعتباره "يمثل نقطة التقاء ما بين الحضارتين المصرية والرومانية القديمة."

اخر قياصرة روسيا

اخر قياصرة روسيا نيكولا الثاني الذي احتجزه البولشيفيون لاشهر قبل اعدامه، وضع صورا غير رسمية لافراد عائلته في البوم يعرض للمرة الاولى بالكامل في متحف روسي. والصور التى لم يسبق ان نشرت بغالبيتها تظهر اخر افراد عائلة رومانوف التي كانت حاكمة في روسيا من دون الابهة وفي لحظات حميمة. وقد التقط الكثير من الصور القيصر نيكولا الثاني بنفسه.

ومنذ العشرينات كان الالبوم محفوظا في منطقة جبال الاورال في متحف التاريخ المحلي في مدينة زلاتوست الصغيرة في غرب روسيا التي تهيمن عليها المصاهر. وهو معروض الان في متحف يكاترنبرغ اي سفيردلوفسك سابقا حيث اعدم افراد العائلة بطريقة وحشية مع خدمهم في العام 1918 في جريمة لا تزال تثير المشاعر في روسيا. ويأتي المعرض بمناسبة الذكرى الاربعمئة لتأسيس سلالة رومانوف.

والالبوم لا يحمل اي شعار قيصري مذهب بل يتضمن صفحات بسيطة مع صور منظمة بحسب الموضوع بدلا من التسلسل الزمني. وعلى خلف الصورة كتببت الاسماء بقلم رصاص. وقد اثار المعرض اهتماما في روسيا وقامت الصحيفة اليومية "كوسمسلسكايا برافدا" بنشر الصور على عدة ايام. ولم يسبق ان عرض الالبوم خارج المتحف الذي يحتفظ به. ويقول يوري اوكونتسوف مساعد مدير دائرة التاريخ في متحف زلاتوتست "لا نعرف بالتأكيد كيف انتهى الالبوم في متحفنا لكنه في حوزتنا منذ اواخر العشرينيات الا اننا لا نملك وثائق حول مصدره". ويضيف "كان على الارجح قبل ذلك في حوزة شخص ضالع في حراسة العائلة او اعدامها".

وتقع زلاتوستس على بعد 300 كيلومتر من يكاترنبرغ حيث اعدم القيصر رميا في الرصاص في قبو. ويحوي الالبوم صورة واحدة فقط ملتقطة بعد تنحي القيصر في العام 1917. اما الصور الاخرى فعائدة الى الاعوام 1914 و1915 و1916 ويرجح ان يكون القيصر جمع هذه الصور في الالبوم لتمضية الوقت في منفاه مع عائلته في توبولسك في غرب سيبيريا بين عامي 1917 و1918.

وعاش نيكولا الثاني وعائلته في البداية على درجة من الراحة في في دارة في توبولسك. الا انه بعد الثورة البولشيفية في تشرين الاول/اكتوبر 1917، تدهورت اوضاعهم وقد احتجزوا كسجناء فعليين. ونقلوا بعدها الى يكاترنبرغ في نهاية نيسان/ابريل 1918 قبيل اعدامهم. ويقول اوكونتسوف "قد يكون القيصر جمع الصور في الالبوم بعد وصوله الى المنفى" في توبولسك. ويوضح "في العام 1916 لم يكن لديه الوقت على الارجح للقيام بذلك. فقد كان يمضي معظم وقته في المقر العام للقوات المسلحة. لكن بعد ذلك لم يعد لديه ما يقوم به فراح يعمل على هذا الالبوم في توبولسك. هذا ممكن".

ويؤكد اوكنوتسوف انه وقع على هذا الالبوم في ارشيف المتحف في الثمانينيات لكن كان من غير المعقول في تلك الفترة عرض الصور. ومنذ التسعينات مع موجة الاهتمام بالقيصر وعائلته يقول انه تابع كل ما نشر لكنه لم ير الا حفنة من هذه الصور في مكان اخر. وعند نشر يوميات القيصر نيكولا الثاني استخدمها ليحدد التسلسل الزمني والامكنة التي التقطت فيها الصور. ويؤكد "ثمة 120 صورة بالإجمال وهي في وضع جيد. واحدة فقط من الصور التقطت في العام 1917 وتظهر الدوقتين بشعر قصير جدا" بعد اصابتهما بمرض.

وتظهر ابنتا القيصر تاتيانا واولغا حليقتي الرأس في الصور الملتقطة في تسارسكوي سيلو الى جانب والدهما وشقيقهما. وهذه الصور غير رسمية وليست سليمة كليا من الناحية التقنية لكن يبدو انها ملتقطة من قبل القيصر وعائلته الذين كانوا من عشاق التصوير. ويبدو فيها افراد العائلة بعيدا عن التشنج الرسمي. وفي احداها يظهر القيصر نيكولا الثاني مع ابنته الصغرى انستازيا. بحسب فرانس برس.

وفي اخرى يظهر ابنه اليسكي في لباس بحر واقفا على ضفة نهر فيما والده القيصر يستخدم رفشا وهو يرتدي بزة عسكرية بالية. ويظهر في صورة القيصر نيكولا الثاني واليكسي مع فيل اخذ من حديقة الحيوانات الخاصة بالعائلة ليسبح في بركة ماء خلال موجة حر وهو حدث وارد في يوميات القيصر.

متحف الفنون المعاصرة

الى جانب ذلك وبعد خمسين عاما تقريبا على وفاته يقدم متحف الفن المعاصر في نيويورك اعتبارا معرضا كبيرا حول المعماري والمخطط المدني والرسام والاديب لوكوربوزييه وهو الاول بهذا الحجم يقيمه هذا المتحف الاميركي. والمعرض الذي يتمحور على موضوع "لوكوربوزييه، اطلس للمناظر الحديثة" يقدم حوالى 320 عملا من رسوم ومجسمات وصور ومشاريع ورسوم تحضيرية فضلا عن الكثير من اللوحات الزيتية والاكواريل لهذا الرجل الريادي الذي كان صعب المراس احيانا ويحلم ان يتم الاعتراف به كرسام.

ويوضح جان لوي كوهين احد امينين للمتحف واستاذ الهندسة المعمارية في جامعة نيويورك انه لوكوربوزييه الذي يراقب المنظر ويبتكر المناظر. لقد اعتبر انه معماري يحتقر المدن ويريد ان يحصر الامور بمقياس واحد يقال انه مهندس المجمعات الضخمة وهذا خاطئ بشكل كبير. اعماله تستحق ان تكتشف بطريقة اخرى وعلى ضوء مزاياها الشاعرية والفنية". ويضيف ان ابنيته لم تكن فقط "الات للسكن" (وهو تعبير للوكوربوزييه) بل ايضا "الات للنظر الى المنظر" .

ويعتمد المعرض التسلسل الزمني والجغرافي ايضا من منطقة جورا السويسري حيث ولد شارل ادوار جانوريه غري المعروف باسم لوكوربوزييه في السادس من تشرين الاول/اكتوبر 1887 حيث تعلم الرسم، وصولا الى جنوب فرنسا حيث توفي في 27 آب/اغسطس 1965 مرورا بباريس وايطاليا والنمسا واليونان وبوينوس ايريس وريو دي جانيرو وموسكو والجزائر والهند. ويغوص المعرض في اعمال متعددة الاشكال من اكثر عمارته حميمية الى اكبر مشاريعه في تخطيط المدن مثل استحداث مدينة شانديغاره الهندية.

ويقدم المعرض ايضا اربعة تصاميم داخلية من بينها كوخ لوكوربوزييه في روكبورن-كاب-مارتان في جنوب فرنسا و غرفة في "البيت الابيض" الذي بناه لوالديه في لا-شو-دوفون مسقط رأسه. ويقول جان-لوي كوهين ان من خلال ذلك يقف الزائر على تطور وثبات "اهم معماريي القرن العشرين" و "الاول الذي جال العالم بهذه الطريقة".

بعض من مشاريعه الاربعمئة التي تعرض مجسمات بعضها، لن ترى انلور بتاتا مما اثار لدى لوكوربوزييه الذي حصل على الجنسية الفنرسية في العام 1930 كبتا كبيرا. الا ان اكثر من عشر دول في العالم تحتضن حوالى 75 من ابنيته. وتميزت علاقته بالولايات المتحدة ومتحف موما بالتحديد لسنوات طويلة ب"المشاريع المجهضة وسوء الفهم" و"الكثير من الفظاظة من قبل لوكوربوزييه". وفي العام 1953 كانت شروطه تعجيزية عندما اعلن متحف موما نيته تنظيم معرض كبير يتناول اعماله فتم التخلي عن المشروع بعد ثلاث سنوات من مفاوضات عسيرة جدا. بحسب فرانس برس.

ويوضح كوهين "كان يريد ان يتحكم بكل شيء" مشددا على انه كان يسعى الى اجر مرتفع جدا. ويقام المعرض الاستعادي اخيرا بعد ستين عاما على هذا المشروع الفاشل. ويستمر المعرض من 15 حزيران/يونيو الى 23 ايلول/سبتمبر وقد كلف مليون دولار. وقد اعارت مؤسسة لوكوربوزييه في باريس الكثير من الاعمال فيما يأتي قسم اخر من صندوق لوكوربوزييه في لا-شو-دوفون. وثمة اعمال ايضا من مجموعة متحف موما الخاص. وينتقل المعرض بعد ذلك الى اسبانيا في برشلونة من السادس الى الحادي عشرمن ايار/مايو 2014 ومدريد من 11 حزيران/يونيو الى 19 تشرين الاول/اكتوبر 2014.

المتحف الفلسطيني

الى جانب ذلك وبمجرد أن تجتاز عتبة متحف روكفلر في القدس الذي كان يعرف باسم المتحف الفلسطيني في عهد الانتداب البريطاني، وبات تحت سيطرة الاحتلال وإدارته، تصطدم بتمثال ملكة يونانية اكتشف في غزّة، وفق ما كتب عليه، ثم تصعق في جولة داخل غرفه المتعددة! ولا يقتصر الأمر على تمثال من غزة، فهناك قطع أثرية نادرة ومن عصور متعددة، بعضها من بيت لحم، وأخرى من نابلس ومحيطها، بل إن أجزاء من بوابات المسجد الأقصى الخشبية، وعتبات كنيسة القيامة الرخامية، خصّصت لكل منها غرفة في المتحف.

وكلما انبهرت بقطعة أثرية فيه أدركت حجم السرقة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، ليس فقط للأرض بل للآثار والتاريخ أيضاً، وينسبها إليه كجزء من تاريخ إسرائيلي يعود إلى العصور الحجرية الأولى وما قبلها، علماً أن قاعات خصصت لآثار العصور الحجري والبرونزي والحديدي، وأخرى للعصرين اليوناني والروماني. واللافت هو وجود حجرة مخصصة للآثار الفرعونية، وأخرى للإسلامية.

ومتحف روكفلر التابع لـ سلطة الآثار الإسرائيلية كان يعرف باسم المتحف الفلسطيني في عهد الانتداب البريطاني وبعده في العهد الأردني. أُسس عام 1935، ليكون متحف الآثار الأول في إسرائيل، وفقاً لرجل الأعمال الأميركي الصهيوني جيف د. روكفلر. وقد صمّمه المهندس المعماري البريطاني أوستيل سانت هاريسون، مازجاً بين أساليب البناء الغربية والشرقية. واستقبل المتحف الزائرين للمرة الأولى عام 1938، ويحتوي وفق رواية سلطة الآثار التابعة لسلطة الاحتلال على القطع الأصلية ذاتها منذ افتتاحه، ويروي تاريخ إسرائيل أي تاريخ فلسطين المسلوب، منذ وجود الإنسان الأول حتى عام 1700 قبل الميلاد، من خلال القطع الأثرية القديمة المعروضة فيه.

ووفق كتيّب المتحف، فإن الموقع الذي أنشئ عليه كان ملكاً لعائلة الخليلي، وهي عائلة فلسطينية مقدسية شهيرة أصولها من مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية، وتقطن القدس منذ القرن السابع عشر. ومن بين الشخصيات المعروفة في العائلة الشيخ محمد الخليلي الذي شغل منصب مفتي القدس في ذلك الوقت، وسمي على اسمه الموقع كرم الشيخ. وبنى الخليلي عام 1771 بيتاً من طابقين في قطعة الأرض التي يتربع عليها متحف روكفلر منذ ثلاثينات القرن الماضي، عرف باسم قصر الخليلي، واستخدم الطابق السفلي معصرةً للزيتون، والطابق العلوي للإقامة في فصل الصيف.

يعد المبنى من أوائل مباني العائلات المقدسية خارج أسوار مدينة القدس. ويؤكد كتيّب المتحف أن شجرة الصنوبر التي كانت تنتصب خلف مبنى المتحف حتى عام 1988، والتي أحضرها الشيخ الخليلي في عمامته كشتلة صغيرة من الخليل حتى ماتت الشجرة وقطعت، استظلت بظلها شخصيات مهمة من بينها أبناء الأسرة المالكة في بريطانيا، وعسكر تحتها عام 1862 ولي العهد البريطاني آنذاك الأمير إدوارد السابع، قبل أن يصبح ملكاً لبريطانيا في وقت لاحق.

في نهاية القرن التاسع عشر، بنيت في منطقة كرم الشيخ مدرسة الرشيدية، الموجودة حتى اليوم، فيما بدأ مطلع القرن العشرين بناء حارة باب الساهرة. ووفق الكتيّب أيضاً، فإنه في العام 1906 أراد الصندوق القومي اليهودي اقتناء منطقة كرم الشيخ لإقامة معهد بتسالئيل للفنون، تحقيقاً لحلم مؤسس هذا المعهد بوريس شاتس الذي أراد إقامة متحف وجامعة عبرية على هذه التلة أيضاً. ويمكن من فوقها رؤية المكان المقدس، أي الحرم الشريف، لكن عملية الاقتناء لم تتم. وبعد مرور 13 سنة أي عام 1919، اختارت حكومة الانتداب البريطانية الموقع نفسه لبناء متحف للآثار، لكن عملية البناء لم تتم لعدم توافر المال الكافي لشراء الأرض، حتى استطاع البريطانيون اقتناء الموقع عام 1930، وبدأوا ببناء متحف روكفلر.

تعترف سلطة الآثار الإسرائيلية بأن الاسم الرسمي للمتحف الذي أطلقته سلطات الانتداب البريطانية هو المتحف الفلسطيني، وكان ذلك خلال احتفال رسمي في 19 آذار مارس1930، إلا أن عملية البناء تعطلت لثلاث سنوات بسبب العثور على مقابر قديمة في الموقع، وانتهت عملية البناء عام 1935. وفتح المتحف أبوابه للزوار عام 1938.

وخضع لإدارة بريطانية حتى ستينات القرن الماضي، حين عُيّنت إدارة أردنية له. إلا أن احتلال القدس عام 1967 نقل السيادة على الآثار في المتحف الفلسطيني إلى إدارة متحف إسرائيل ثم سلطة الآثار الإسرائيلية، بحيث لا تزال آثار الأراضي الفلسطينية المحتلة في قبضة الاحتلال.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/حزيران/2013 - 3/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م