قيم التقدم... ثقافة التأهيل

 

شبكة النبأ: مفهوم التأهيل يعني في أوضح وأدق تعريف له، هو ( تهيئة الانسان لكي يكون منتجا)، وتستدعي هذه التهيئة النفسية والجسدية والحرَفية والعلمية، جملة من الاجراءات التي تنتظم ضمن خطة واضحة المعالم، يتم الاستناد اليها والعمل بها لغرض جعل الانسان متفاعلا مع الاهداف الفكرية والعملية التي يسعها لهضمها وتحقيقها.

في الشعوب المتقدمة توجد منظومة قيم تحكم السلوك والتفكير المجتمعي عموما، من ضمن هذه القيم، قيمة التأهيل، حيث تلجأ هذه الشعوب الى تدعيم مواهب وقدرات الفرد لكي يكون متميزا، وفاعلا ومنتجا ومتواصلا في عطائه عن رغبة وتميز، لذلك تحاول العقول الادارية المسؤولة في المجتمعات المتقدمة أن تجترح الحلول الذكية دائما من اجل تجديد الدماء والرغبات والابداع لدى الفرد.

هناك خطوة تتخذها بعض الدول لتأهيل الانسان قبل مطالبته بالانتاج الافضل او الامثل، من خطوات التأهيل المعمول بها في تلك الدول، مثلا منح المعلم اجازة من العمل لمدة شهر وارساله في دورة تطويرية الى احدى الدول المتقدمة، فتكون هذه الاجازة بمثابة تجديد للفكر واساليب العمل فضلا عن تجديد طاقة الجسد والعقل والنفس من خلال فرص الترفيه المتاحة والمدعومة من لدن الدول ماليا، وهكذا يعود المعلم بحصيلة تربوية رائعة من خلال اطلاعه اثناء الدورة التطويرية على احدث اساليب التعليم، والتعامل المتوازن والناجح مع الطلبة.

لا ينحصر هذا الامر بالمعلم فحسب، لان الجميع بحاجة الى عملية تأهيل متواصلة، وفي الغالب تكون الحكومة مسؤولة عن هذا النوع من التأهيل، ولكن المجتمع عموما لديه نزعة ورغبة تنحو الى التأهيل المتواصل، حيث تقول المؤسسات الاهلية الانتاجية او سواها بعمليات تأهيل متواصلة لكوادرها، بسبب إيمانها بأولوية تنمية رأس المال البشري، فالغرب على سبيل المثال، يهتم برأس المال من العملات الصعبة التي تدعم الاقتصاد وتطوره، ولكن الغرب نفسه يهتم اكثر برأس المال البشري، والعقول الذكية القادرة على وضع الافكار الراقية في مجالات الانتاج المتنوعة، وقد اكدت دراسة متخصصة على اهمية تدريب الكوادر في مختلف المجالات التعليمية والتربوية والثقافية مشيرة إلى ضرورة تضافر الجهود في توفير مستلزمات بناء الشباب لكونه يشكل القاعدة الأساسية في المجتمع، وذلك من خلال الدورات التدريبية المركزية، لتأهيل الكوادر القيادية العاملة في مجال الأنشطة التربوية، و واقع التربية في العصر الحديث وما يتعرض له الشباب من ضغوط معنوية ومادية، تدفع بهم للابتعاد عن واقعهم وقضاياهم المهمة، لذلك لابد من وضع استراتيجيات وخطط عملية فاعلة وفق معايير وأسس علمية حديثة، تضمن الوصول إلى الأهداف المرجوة، من خلال إقامة الدورات والندوات والمؤتمرات، لاستقطاب أكبر عدد من الشباب وتأهيلهم وتدريبهم في المجالات المختلفة. ‏

وينبغي أن ينصب العمل في إطار تنمية وتعزيز ثقافة حديثة، قائمة على العمل التطوعي لتحقيق الفاعلية والتكامل لدى الافراد، وتأهيلهم للقيام بادوارهم الحياتية العملية والفكرية بنجاح تام، لذا يجب ان يتم ارسال العاملين المنتجين في دورات تأهيلية مستمرة، تقوم بها الدولة وتتكفل مصاريفها، مع اتاحة هامش للترفيه والاطلاع على تجارب الدول المتطورة، ويمكن ان تشمل هذه الدورات جهاز الشرطة مثلا، فالشرطي يجب ان يتم تأهيله بصورة جيدة كي يعرف كيفية التعامل الانساني مع الاخرين، وهو يؤدي واجبه في الشارع او في اي مكان آخر، كذلك ينبغي ان يفهم بدقة معايير حقوق الانسانية وحمايتها.

لذلك لابد من الحرص الجمعي (الرسمي والاهلي)، على تطوير وتنمية قيمة التأهيل، لكي يكون الفرد قادرا على مواصلة العطاء، ومؤهلا بصورة جيدة لاداء عمله في افضل صورة ممكنة، وكلما كان الاحترام والاهتمام بقيمة التأهيل حاضرا، كلما كان المجتمع قابلا للتنوير والتطور اكثر من سواه، من هنا تأتي اهمية التأهيل كقيمة من قيم تقدم المجتمعات وازدهارها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 5/حزيران/2013 - 25/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م