المعارضة السورية قبل جنيف 2... تشرذم قد يسبق الانهيار

 

شبكة النبأ: يبدو ان المعارضة السورية المنقسمة تسعى بجهد جهيد لرسم سياسة إستراتيجية جديدة باتفاق على قيادة جديدة في محاولة لتوحيد صفوفها قبل محادثات سلام مزمعة، لكن جميع المؤشرات تضفني بأن هذه المعارضة المتشرذمة تواجه شبح الفشل بعد ان اخفق معارضو النظام السوري في التوصل لاتفاق داخلي رغم الاجتماعات المكثفة في الاونة الاخيرة من اجل توحيد رؤيتهم، حيث أنها تبدو أكثر انقساما وتشرذما في الرؤى مما تظهر عليه او تبينها وسائل الإعلام غير المنصفة للقضية الشعب السوري.

إذ يرى الكثير من المحللين إن فشل هذه المعارضة في الوقت الراهن بتوحيد رؤيتها السياسية مدمر من الناحية السياسية بالنسبة لها في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة احتمالات تسليح المعارضة، فكلما طال أمد حرب سوريا زاد تشرذم وانقسام بين مكونات المعارضة المسلحة، التي منذ نشأتها استخدمت العنف والاسلاح للتحقيق اهدافها المشبوهة، سيما وأن الحسابات الإقليمية والدولية التي لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير، فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الخليجية والغربية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء.

وعليه فأن من المعطيات آنفة الذكر تضفي الى انه من مستبعدة ايجاد حلا سياسيا خلال الاونة المقلبة كون بات من المؤكد ان مسار الثورة المزعومة يتجه صوب بداية النهاية، وربما سيتم الحسم الصراع السوري في المستقبل القريب.

المعارضة السورية تواجه شبح الفشل

في سياق متصل قالت مصادر المعارضة السورية ان محادثات المعارضة التي استهدفت طرح جبهة متماسكة خلال مؤتمر دولي للسلام لانهاء الحرب واجهت احتمال الانهيار بعد ان اخفق معارضو الرئيس بشار الاسد في التوصل لاتفاق داخلي، وقالت مصادر داخل الائتلاف الوطني السوري المعارض ان اخفاق الائتلاف في تغيير عضويته التي يهيمن عليها الاسلاميون مثلما طالب انصاره الدوليون وتغيير قيادة قوضتها صراعات السلطة يخدم مصلحة الاسد الذي تهاجم قواته بلدة رئيسية وقالت حليفته الرئيسية روسيا انها سترسل ممثلين للمؤتمر.

وقالت المصادر انه بعد اجتماعات في اسطنبول استمرت مناقشات الاطراف الرئيسية في الائتلاف بعد ان رفض المعارض الليبرالي المخضرم ميشيل كيلو صفقة من قبل رجل الاعمال السوري مصطفى الصباغ الامين العام للائتلاف بقبول بعض اعضاء كتلة كيلو في الائتلاف، وقال كيلو ان مجموعته تريد تمثيلا مهما في ائتلاف المعارضة قبل انضمامها.

وقال مصدر رفيع في المعارضة في المحادثات "الائتلاف يخاطر بتقويض نفسه الى النقطة التي ربما يتعين فيها انصاره البحث بسرعة عن بديل له مصداقية كافية على الارض للذهاب الى جنيف"، ويتحول هجوم كبير تشنه قوات الرئيس بشار الاسد على بلدة تسيطر عليها المعارضة إلى معركة حيوية.

وقال مسؤولون امريكيون وروس ان وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف سيجتمعان في باريس لبحث جهودهما لدفع طرفي الصراع في سوريا الى المشاركة في مؤتمر السلام، وقالت روسيا ان الحكومة السورية وافقت من حيث المبدأ على حضور مؤتمر السلام المزمع عقده والذي من الممكن عقده في جنيف خلال الاسابيع القادمة.

وقالت شخصيات بارزة بالمعارضة ان الائتلاف سيحضر المؤتمر على الارجح لكنهم شككوا في امكانية خروج المؤتمر باتفاق فوري على رحيل الاسد وهو المطلب الاساسي للمعارضة، وقال هيثم المالح العضو بالائتلاف إن على النظام السوري أن يبدي الحد الأدنى من الرغبة في انهاء العنف حتى يمكن البدء في محادثات مثمرة. بحسب رويترز.

وتتضمن المبادرة الثانية للخطيب - الذي استقال في مارس اذار - والمكونة من 16 نقطة أن يسلم الأسد السلطة لنائبه او لرئيس الوزراء ويسافر إلى الخارج مع 500 من بطانته. لكن المقترح لم يحصل على تأييد يذكر في اسطنبول وهو ما يسلط الضوء على العقبات التي تواجه المحادثات الأوسع، وقال عضو بارز في الائتلاف "من حقه تقديم اوراق للاجتماع مثل اي عضو اخر لكن ورقته تتجه مباشرة الى مزبلة التاريخ. انها تكرار لمبادرته السابقة التي لم تسفر عن شيء"، وهددت واشنطن بزيادة الدعم للمعارضة المسلحة اذا رفض الاسد مناقشة نهاية سياسية للعنف وهو ما أكده الجمعة وزير الخارجية البريطاني وليام هيج الذي تضغط بلاده على الاتحاد الاوروبي لتعديل حظر للسلاح للسماح بتسليح المعارضة.

وتضغط واشنطن التي تخشى تزايد نفوذ الاسلاميين في صفوف المعارضة على الائتلاف لحل خلافاته وتوسيع عضويته ليضم مزيدا من الليبراليين، وقال دبلوماسي أوروبي "المجتمع الدولي يسير أسرع قليلا من المعارضة. يريد ان يرى قائمة كاملة بالمشاركين من الجانب السوري في جنيف وهذا يعني ان الائتلاف عليه ان يحل مشكلاته."

المعارضة السورية تجتمع لانقاذ مصداقيتها قبل محادثات سلام

على الصعيد نفسه اجتمعت المعارضة السورية في المنفى لاتخاذ قرار بشأن حضور مؤتمر سلام تعتبره الولايات المتحدة وروسيا مسارا حيويا لانهاء عامين من الحرب الحرب الاهلية في سوريا، وتحت ضغوط دولية من اجل سرعة انهاء الخلافات الداخلية بدأ الائتلاف الوطني السوري المعارض محادثات في اسطنبول لانتخاب قيادة توافقية واتخاذ قرار بشأن حضور المؤتمر الذي قد يعقد في جنيف في الاسابيع القادمة.

وقال خالد صالح المتحدث باسم الائتلاف الذي يضم 60 عضوا ان الائتلاف يدعم اي مؤتمر يساعد على انتقال الوضع إلى حكومة منتخبة بعيدا عن الدكتاتورية لكنه في الوقت نفسه لن يذهب إلى جنيف دون مؤشرات على ان الرئيس السوري بشار الاسد في طريقه للرحيل، ولم يؤكد الاسد -الذي يتحدى الدعوات الغربية والعربية له بالرحيل - ان حكومته ستحضر المؤتمرن واصبح الائتلاف بلا اداة توجيه منذ استقال رئيسه معاذ الخطيب في مارس اذار. والخطيب رجل دين من دمشق يحظى بالاحترام بعد ان قدم مبادرتين لرحيل الاسد سلميا عن السلطة، وضغطت واشنطن على الائتلاف لحل خلافاته وتوسيع عضويته ليضم مزيدا من الليبراليين الذين يمكنهم العمل في استقلال عن الاسلاميين.

وقال دبلوماسي بالاتحاد الاوروبي "المجتمع الدولي يسير اسرع قليلا من المعارضة. انه يريد ان يرى قائمة كاملة من المشاركين من سوريا في جنيف وهذا يعني ان الائتلاف عليه ان يحل مشكلاته"، وقال هيثم المالح -السياسي المسن العضو في الائتلاف- ان ضعف المعارضة يصب في مصلحة الاسد، واضاف أن توسيع الائتلاف لن يعني شيئا إذا استمر الائتلاف نفسه بلا فاعلية وتساءل عما انجزه الائتلاف وعن مدى قدرته على العمل واذا كانت لديه رؤية، وقال المالح ان الاسد يكثف هجماته العسكرية على وسط وجنوب سوريا حتى يأتي إلى مؤتمر جنيف ويقول ان الانتفاضة انتهت.

وقال برهان غليون المرشح بقوة ليكون الرئيس الجديد للمعارضة ان من المرجح ان يوافق الائتلاف على الذهاب إلى جنيف لأنه لا يريد ان يكسب الاسد ميزة سياسية من الاجتماع. لكنه اضاف ان من غير المحتمل ان يسفر الاجتماع عن اي اتفاق لانتقال السلطة.

مؤتمر جنيف 2

الى ذلك يفترض ان يختار الائتلاف ايضا رئيسا جديدا له خلفا لاحمد معاذ الخطيب المنتهية ولايته والذي استقال قبل اسابيع من رئاسة الائتلاف، كما سيبحث في مسألة توسيع الائتلاف ليضم اعضاء جددا، وفي الحكومة الموقتة التي كان يزمع تشكيلها لتتولى ادارة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة داخل سوريا والتي تنقسم حولها المعارضة.

وقال عبد الباسط سيدا، الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري احد ابرز مكونات الائتلاف، لوكالة فرانس برس "الاكيد اننا نحتاج الى ضمانات دولية حول رحيل بشار الاسد"، مكررا موقف المعارضة بان "لا مفاوضات اذا لم تتضمن هذا الامر".

واطلق الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية احمد معاذ الخطيب الخميس مبادرة "مقيدة بجدول زمني" لحل الازمة في سوريا تتضمن السماح للرئيس السوري بشار الاسد بمغادرة البلاد، داعيا "السلطة وفصائل الثورة والمعارضة" الى تبنيها.

في عمان، اتفقت 11 دولة تشكل النواة الاساسية ل"مجموعة اصدقاء الشعب السوري" الداعمة للمعارضة على انه "لا يمكن ان يكون لبشار الاسد ونظامه ومساعديه المقربين والذين تلطخت ايديهم بدماء السوريين، اي دور في مستقبل سوريا"، وقال بيان صادر عن وزراء خارجية هذه الدول في ختام اجتماع عقدوه في انتظار ان يسفر مؤتمر جنيف (جنيف 2) عن تشكيل حكومة انتقالية، سوف يكثف الدعم للمعارضة". بحسب فرانس برس.

وانتقدت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) بشدة مؤتمر "اصدقاء سوريا"، معتبرة اياه خطوة تستبق المؤتمر الدولي لحل الازمة في البلاد و"مصادرة" لحق الشعب السوري في تحديد مصيره، واكد الرئيس السوري ثبات موقف بلاده في مواجهة "الارهاب ومن يدعمه" توازيا مع الحل السياسي للازمة التي تمر بها سوريا منذ اكثر من عامين، حسبما نقلت عنه وكالة الانباء الرسمية (سانا)، وقالت اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا انه تم الاتفاق على عناصر من شانها ان تساهم في انجاح المؤتمر الدولي لحل الازمة السورية في جنيف المتوقع في حزيران/يونيو المقبل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/آيار/2013 - 19/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م