السودان... هل يصبح منتجا عالميا للسكر؟

 

شبكة النبأ: في بهو مصنع على شكل حظيرة طائرات وسط السودان نشطت مجموعة من العمال لتعبئة السكر الأبيض المكرر المنبعث من فوهات الماكينات في أكياس ورقية لشحنه على متن ثلاث شاحنات تنتظر في الخارج.

وتأمل إدارة شركة سكر كنانة أن تدب حركة أكبر في المصنع العام المقبل في إطار خطط لزيادة الإنتاج مع سعي الدولة الأفريقية لزيادة صادراتها من السكر.

وبعد خسرانه معظم إنتاجه من النفط بعد انفصال الجنوب سنة 2011 واجه السودان صعوبة في إيجاد مصادر جديدة لإيرادات الدولة ولتدبير الدولارات المطلوبة لسداد قيمة الواردات. وأصبح تطوير صناعة السكر في السودان بنفس أولوية التنقيب عن الذهب.

وقال الزين محمد دوش رئيس وحدة إنتاج السكر بالمصنع الرئيسي لشركة كنانة الواقع على مسافة 270 كيلومترا جنوب العاصمة الخرطوم إن هناك أراض شاسعة مناسبة لزراعة السكر والمياه وفيرة.

ولزيادة إنتاج السكر في السودان أبعاد سياسية أيضا باعتباره أهم مكون غذائي في بلد من المعتاد فيه وضع ثلاث معالق من السكر على كوب صغير من الشاي أو حتى عصير البرتقال.

ولسعر السكر حساسية شديدة في البلد الأفريقي مترامي الأطراف تصل إلى حد تأجيج الثورات. ودفع ارتفاع كبير في سعر السكر إلى خروج مظاهرات حاشدة أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق جعفر النميري عام 1985.

وواجه الرئيس عمر حسن البشير لأكثر من عام مظاهرات محدودة بسبب رفع أسعار الغذاء. وبلغ معدل التضخم السنوي 41.4 في المئة في أبريل نيسان ويقول معارضون إن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير.

وضح المساهمون الرئيسيون الخلجيون بشركة كنانة وهما السعودية والكويت مبلغ 500 مليون دولار كاستثمارات في الشركة وتريد كنانة الوصول إلى أكثر من مثلي إنتاجها إلى مليون طن عام 2015. وتستهدف شركة سكر النيل الأبيض التابعة لكنانة إنتاج 250 ألف طن اعتبارا من العام المقبل.

ويساعد هذا في تغطية الطلب المحلي البالغ 1.2 مليون طن وزيادة الصادرات أيضا. ويقدر محللون أن جميع المصانع المحلية تنتج ما بين 600 و700 ألف طن على الأقل سنويا حاليا. وقد يصل الإنتاج إلى ما بين 900 ألف ومليون طن العام القادم.

ويأمل السودان أحد أكبر منتجي السكر في أفريقيا بعد مصر وجنوب أفريقيا أن يصبح لاعبا عالميا عام 2020 لينافس قادة عالميين منهم البرازيل.

وقال دوش إن السودان يريد إنتاج عشرة ملايين طن عام 2025 مع بداية تشغيل مزيد من المصانع. وتخطط كنانة وحدها لافتتاح مصنعين جديدين وطرحت الحكومة للبيع أربعة مصانع مملوكة للدولة تحتاج إلى تطوير. بحسب رويترز.

وبموجب صفقة مع المستثمرين الخليجيين بشركة كنانة مسموح للشركة تصدير ما يصل إلى نصف إنتاجها وتصدر الشركة حاليا إلى دول أفريقية مجاورة والخليج وأوروبا.

ولتنويع منتجاتها تخطط كنانة لزيادة إنتاجها من الوقود الحيوي وهو منتج فرعي يتولد من إنتاج السكر إلى أكثر من ثلاثة أمثاله إلى 200 مليون لتر عام 2015.

وقال أحمد رابح رئيس وحدة أعمال الإيثانول إن 90 في المئة من الإيثانول الذي تنتجه الشركة يذهب إلى دول الاتحاد الأوروبي فرنسا وهولندا.

ودخل السودان في أزمة منذ أن فقد نفط الجنوب لكن من المتوقع أن يتحسن الوضع الاقتصادي قريبا مع استئناف جنوب السودان تصدير النفط الخام للمحطات الشمالية.

ودعا صندوق النقد السودان لاستخدام ملياري دولار متوقع أن تجنيها الخرطوم من رسوم استخدام خط الأنابيب النفط من جنوب السودان حتى عام 2015 في إصلاح القطاع الزراعي لتعزيز الصادرات غير النفطية.

وعلى خلاف دول عربية أخرى أغلب مساحاتها صحارى يمتلك السودان موقعا متميزا لإنتاج الغذاء حيث وفرة الأراضي الخصيبة وسهولة الوصول إلى مياه النيل.

وقال الشيخ إبراهيم بن خليفة رئيس المركز العربي الإقليمي لريادة الأعمال والاستثمار أمام منتدى للاستثمار في قطاع الغذاء بالخرطوم إن السودان يمتلك كل مقومات النجاح من مياه وأراض وموارد بشرية.

ولكن المحللين يرون أن القطاع تعرض لسوء إدارة كبقية مناحي الحياة في بلد ارتبط بالحروب العرقية والفساد والانقلابات. ويعد مشروع الجزيرة أحد أكبر مشروعات الري في العالم والذي أسسه الاستعمار البريطاني قبل مئة عام من ذكريات الماضي في السودان.

ومن جانب آخر تعد صناعة السكر في حال أفضل إذ تتمتع بصور متعددة من الدعم وتدير شركة كنانة مصانع رئيسية تتمتع بوفرة الأموال القادمة من الخليج.

لكن محمد الجاك أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم يرى هدف زيادة الإنتاج إلى عشرة ملايين طن عام 2020 غير واقعي وتوقع أن يصبح غياب التمويل وعدم توافر البنية التحتية عقبات كبيرة أمام بلوغ نصف هذا الرقم.

وتتزامن خطط التوسع هذه مع فترة تباطؤ اقتصادي مصحوبة بوفرة كبيرة في معروض السكر عالميا. ويجري تداول رطل السكر الخام في العقود الآجلة القياسية عند 16.80 سنت أمريكي أو أقل من نصف أعلى سعر بلغه السكر قبل عامين.

وقال هاري فيرهوفين الخبير في الاقتصاد السوداني بجامعة أكسفورد إن كنانة حققت أرباحا وهي إحدى الشركات الكبرى في السودان لكنها بعيدة جدا عن لعب دور عالمي كشركات السكر في البرازيل وتركيا.

وأضاف أن الشركة حصلت على مليارات في صورة دعم لكنها لم تصل إلى المكانة الواجبة وإنها ليست باللاعب الكبير أو العملاق. واعتبر الحكومة تقوض كفاءة القطاع بالتحكم في شركات السكر الكبرى وأنها تبعدها عن المنافسة وتدللها بالدعم.

ويرى محللون أن السوق تعاني من تشوهات لأن الحكومة تضمن للشركات بيع السكر بمثلي تكلفة إنتاجه تقريبا ما يفتح الباب أمام الفساد. ويقول معارضون إن صناعة السكر تحقق أرباحا كبيرة ولا يستفيد منها السودانيون وأغلبهم فقراء إلا بنذر يسير. وتقول كنانة التي تمتلك مقصفا ودار ضيافة راقيا إنها عينت أربعة آلاف عامل غير مدرب وتوفر لهم الرعاية الطبية المجانية.

لكن القرى المحطية بالمصنع ذات المباني الطينية والطرق غير الممهدة تشاطر بقية أنحاء السودان حياة الفقر. وتعاني هذه القرى من عدم وصول المياه إليها وتأتي العائلات لتملأ قوارير المياه من بحيرة صغيرة بالقرب من الطريق الواصل بين مصنع كنانة والخرطوم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 28/آيار/2013 - 17/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م