نووي إيران... انفراجة مستعصية

 

شبكة النبأ: مازال السجال الطويل الامد بين ايران والغربيين ديناميكيا بشأن الملف النووي الإيراني المثير للجدل، بسبب إستراتيجية المماطلة السياسية ومعضلة فقدان الثقة بين الاطراف المتنازعة منذ سنوات عدة وحتى الان، فعلى الرغم من تكثيف الجهود الدولية لتسوية الخلاف من خلال المحادثات النووية بين ايران والقوى العالمية الكبرى الاونة في الأخيرة، من اجل التوصل لتسوية النزاع المستعصي الذي يتخذ أشكالا متعددة نتيجة استمرارية المراوغات السياسي وتزايد العقوبات الاقتصادية على ايران.

يرى معظم المحللين ان التحركات الدبلوماسية الدولية المكثفة خلال الاونة الاخيرة لم تنجح في فتح كوة او ردم فجوات انعدام الثقة بين الاطراف المتخاصمة التي تبقي الازمة النووية الإيرانية بعيدة عن اي مظاهر لانفراجة قريبة، لكن طرح محادثات النووية مؤخرا قد تفتح بوابة جديدة لحل للازمة النووية وتعطي امال كبيرة لإنهاء صراع أجندات متعددة المقاصد. إنهاء الجمود في النزاع المستمر منذ عشر سنوات بشأن برنامج طهران النووي أثناء المحادثات الأخيرة، مما يطيل أمد مواجهة يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى الكثير من المراقبين إن المباحثات المطولة لم تجسر هوة الخلافات بين الجانبين، وقد أصبح من الواضح أن موقف كل من طريف النزاع لا يزال بعيدا جدا عن الآخر، ينما يرى محللون آخرون ان في هذه المرحلة ما زالت عدة سيناريوهات محتملة، لكن الخبراء يستبعدون تهدئة مفاجئة للتوتر وكذلك حربا مفتوحة في الوقت القريب، كما توقع خبراء بهذا الشأن بأن ايران ستستخدم معدات اكثر تطورا في موقع نووي خلال الاونة المقلبة، مما سيفاقم من حدة الخلاف الشرس بين الخصوم حول برنامج إيران النووي بصورة متواترة.

وعلى الرغم من تلميحات صناع السياسة الإيرانيين إلى الحاجة لاتباع نهج مبتكر في التواصل مع القوى الغربية فإن توقيت الانتخابات ربما يملي ركودا لعدة اشهر اخرى في المحادثات النووية، كون ايران تنشغل في الوقت الراهن بصراع داخلي محتدم على السلطة على نحو يجعل احتمال توصلها إلى اتفاق مع القوى العالمية على سبل إنهاء خلافهما النووي أمرا غير مرجح.. فالخروج من هذا الصراع الذي يسبق الانتخابات سيكون الأولوية الأولى لنخبتها المنقسمة.

فمع إجراء الانتخابات الرئاسية في يونيو حزيران القادم قد لا تكون جولة المفاوضات القادمة أكثر من مجرد "محادثات" ليظل باب الدبلوماسية مفتوحا. ومن المنتظر أن تعرض القوى العالمية على طهران خلال المفاوضات تخفيف بعض العقوبات إن هي كبحت الأنشطة التي يمكن استخدامها في إنتاج سلاح نووي.

فيما يقول محللون ودبلوماسيون إن أي تحرك في النزاع المستمر منذ عقد سينتظر على الأرجح إلى ما بعد انتخابات الرئاسة المقررة في 14 يونيو ويصعب التكهن بالفائز بها، ورغم أن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي هو الذي يقرر السياسة النووية الإيرانية إلا أن القيادة المحافظة قد تسعى للتحرك بحذر قبل الانتخابات التي يتنافس فيها المحافظون مع مرشحين مستقلين.

ويرى بعض المحللين بأن موقف النظام يتذبذب بين الرغبة في مفاوضات حقيقية والرغبة في التعطيل لكسب الوقت. على الرغم من ان العقوبات مؤلمة... فإنها لا تحدث أثرا كافيا لتغيير وجهة نظر القيادة من القضية النووية. إنها ليست مؤلمة بدرجة تستحق تحمل ذل الرضوخ للضغوط بعد بناء البرنامج النووي على مدى سنوات والترويج له باعتباره عملا بطوليا.

وعليه تضفي المعطيات انفة الذكر بأن الملف النووي الإيراني يتراوح مكانه بسبب السيناريوهات المكررة نتيجة السياسات الجوفاء المتبعة للخروج من هذه الأزمة، وبالتالي تبقى قضية النووي الإيراني بلا تسوية جدية وقابلة لكل الاحتمالات.

فشل المحادثات

في سياق متصل اعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية فشل اجتماعها الثاني مع ايران بشان اتفاق يسمح لها بالتثبت من ان ايران سعت او لم تسع لتصنيع سلاح ذري، وقال كبير مفتشي الوكالة هيرمان نيكيرتس للصحافيين "لم نتمكن من حسم وثيقة مقاربة ممنهجة نتفاوض بشانها منذ عام ونصف عام"، واضاف البلجيكي ان "التزامنا من اجل حوار متواصل ثابت.

لكن يتعين علينا الاعتراف بان كل جهودنا لم تصل الى نتيجة حتى الان"، وتابع يقول "سنواصل محاولة العمل على ايصال هذه العملية الى خواتيمها. سيتم تحديد موعد لاجتماع جديد"، والمح السفير الايراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي اصغر سلطانية من جهته الى ان الاجتماع اتاح تحقيق بعض التقدم، وقال "لقد اجرينا محادثات مكثفة اليوم. وتم تقديم مقترحات من الجانبين"، واعلن سلطانية ايضا ان الطرفين "سيدرسان حاليا هذه المقترحات بعناية، واثناء اللقاء المقبل سنحصل على نتائج". بحسب رويترز.

واضاف ان "الهدف هو ردم الفجوات للوصول الى خلاصة بشان النص اثناء الاجتماع المقبل"، وتريد الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان تبرم اتفاقا مع ايران يسمح لها بالدخول بحرية الى مواقع ووثائق او افراد باستطاعتهم مساعدتها في التحقق مما اذا كان البلد حاول ام لا تطوير السلاح الذري.

ضغوط دولية

فيما تتعرض إيران لضغط دولي في اجتماعين منفصلين بشأن برنامجها النووي إلا أن الجمهورية الإسلامية تركز بشكل أكبر على انتخابات الرئاسة المقررة في يونيو حزيران ومن غير المتوقع احراز تقدم في الاجتماعين، وفي فيينا ستحث الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة مرة أخرى إيران على التوقف عن الممطالة في تحقيقات الوكالة حول أبحاث مشتبه بها اجرتها طهران بشأن قنبلة نووية. وتنفي طهران النية لتصنيع أسلحة نووية، وفي وقت لاحق في اسطنبول تلتقي كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي والتي تمثل القوى العالمية الست مع سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين وهو أيضا مرشح رئاسي لبحث مسعى دبلوماسي أوسع لحل النزاع الذي قد يفجر حربا جديدة في الشرق الأوسط.

والاجتماعان يمثلان مسارين دبلوماسيين مختلفين إلا أنهما مرتبطان لأنهما يركزان على الشكوك في سعي إيران لامتلاك قدرة على تصنيع أسلحة نووية متسترة وراء تصريحات بأن برنامجها النووي له أهداف مدنية. بحسب رويترز.

وقال مبعوث غربي إنه مع اقتراب الانتخابات "سيسعى الإيرانيون إلى تحقيق الاستقرار"، وقال الخبير الإيراني باقر معين ومقره لندن "الزعيم الأعلى الإيراني ليس وحده صاحب القرار... لا يمكن أن تتخذ إيران أي قرار نهائي الآن."

ايران يمكن تكون شريكا يعتمد عليه للغرب

من جهتها قالت ايران انها ستكون "شريكا يعتمد عليه" في الشرق الاوسط اذا اتبعت الدول الغربية اسلوبا أكثر تعاونا في المحادثات بشأن برنامجها النووي، وتقول القوى الغربية إن من بين أسباب التوتر مع ايران رفضها الاستجابة لدعوة الامم المتحدة إلى تقييد نشاطها النووي لضمان اقتصاره على الاغراض السلمية والتعاون مع مفتشي المنظمة الدولية في تحقيقاتهم.

وقال مندوب إيران في الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية في اجتماع في جنيف بشأن معاهدة حظر الانتشار النووي "ننصح الدول الغربية بتغيير نهجها من المواجهة الى التعاون. الفرصة ما زالت متاحة للتفاوض على تعاون استراتيجي طويل الامد مع ايران أقوى شريك مستقر يعتمد عليه في المنطقة."

ولم يذكر سلطانية أي تفاصيل محددة بشأن سبل تحرك ايران نحو الحوار بغرض التعاون مع الغرب الذي يطالب باجراءات ايرانية ملموسة لتبديد القلق الدولي من احتمال ان يكون غرض انشطتها النووية هو امتلاك وسائل صنع اسلحة نووية، وكان توماس كانتريمان رئيس الوفد الامريكي في محادثات معاهدة حظر الانتشار النووي قال ان البرنامج النووي الايراني يمثل أكبر خطر على مصداقية المعاهدة التي تهدف الى منع انتشار الاسلحة النووية.

وقال سلطانية ان ايران مصممة على متابعة "جميع المجالات المشروعة للتكنولوجيا النووية بما في ذلك دورة الوقود وتكنولوجيا التخصيب للاغراض السلمية على وجه الحصر" وتحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها ستعقد اجتماعا مع ايران يوم 15 مايو ايار بهدف تمكين مفتشيها من استئناف تحقيق متعثر في ابحاث مشتبه بها بشأن صنع قنبلة نووية. بحسب رويترز.

وقال سلطانية في اشارة واضحة الى اسرائيل التي لم تنضم الى معاهدة حظر الانتشار النووي ان "ايران تدفع ثمنا باهظا لعضويتها والتزامها الكامل بالمعاهدة" بينما آخرون لم ينضموا اليها يتمتعون باعفاء من أي تفتيش وعقوبات ويحصلون على تعاون نووي كامل من الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة وكندا.

وقال مندوب سوريا فيصل خباز حموي ان الترسانة النووية الاسرائيلية تزيد من التوتر في موقف متفجر بالفعل، ووجه دعوة الى الدول والاطراف وخاصة الدول النووية الى وقف تعاونها مع اسرائيل في تطوير قدراتها النووية وحظر تزويدها بالتكنولوجيا النووية. وتابع قائلا ان هذا يجب ان يساعد في تمهيد الطريق لاقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والاسلحة النووية في منطقة الشرق الاوسط.

إيران تتحرك لتسريع برنامجها النووي رغم العقوبات

في حين قال دبلوماسيون إن إيران تزيد عدد أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لتخصيب اليورانيوم التي يجري تركيبها في محطة نطنز بالرغم من تشديد العقوبات الدولية التي تستهدف كبح تقدمها النووي، وتحاول إيران منذ سنوات تطوير أجهزة طرد مركزي أكثر كفاءة من أجهزة (آي.آر-1) غير المنتظمة التي جرى تطويرها في السبعينات وتستخدمها الآن لكن استحداث أنواع جديدة تعطل بسبب العقبات الفنية وصعوبة الحصول على مكونات أساسية من الخارج.

واذا أمكن تركيب الأجهزة الجديدة وتشغيلها بنجاح فستمكن إيران من تسريع الأنشطة الذرية الحساسة التي تقول إنها من أجل توليد الطاقة لأغراض سلمية لكن الغرب يخشى أن تكون بهدف إنتاج قنابل ذرية، وقال دبلوماسي غربي "من الواضح أن إيران تستطيع تصنيعها. السؤال هو كم عددها وما هي حالتها."

ويؤكد النشر المقرر لجيل جديد من أجهزة الطرد المركزي رفض إيران الإذعان للضغوط لكبح برنامجها النووي وقد يزيد من تعقيدات الجهود الرامية لتجنب الانزلاق إلى حرب، وأعلنت إيران أوائل الشهر الماضي أنها ستقوم بتركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي متقدم. لكن الخبراء والدبلوماسيين قالوا إنه ليس واضحا ما إذا كان لديها القدرة والمواد اللازمة لتصنيع هذا العدد الكبير وتشغيله بسلاسة.

ورغم أن إيران لا تزال بعيدة عن العدد المستهدف إلا أن مصدرا دبلوماسيا قدر أنه جرى تركيب ما يتراوح بين 500 و600 جهاز طرد مركزي طراز (آي.آر-2 ام) واغلفة فارغة لاجهزة طرد مركزي في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم في وسط إيران، وأشار أحدث تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن ايران والذي صدر في فبراير شباط الماضي إلى أن عدد الأجهزة كان 180 جهازا قبل شهرين. وفي الوقت نفسه كان لدى إيران ما يزيد على 12 ألف جهاز طرد مركزي من الجيل القديم جرى تركيبها في نطنز لكن ليس كلها يخصب اليورانيوم.

وقال مبعوثان آخران في فييينا حيث مقر الوكالة إن عدد أجهزة الطرد المركزي (آي.آر- 2 ام) التي تم تركيبها يتزايد لكن ليست لديهم تفاصيل. ومن المتوقع أن يصدر تقرير الوكالة الدولية التالي عن إيران في مايو أيار القادم.

وقال الدبلوماسيان إنه لم يبدأ بعد تشغيل الأجهزة الجديدة لكن لا يزال من المحتمل أن تضيف الزيادة في عدد الأجهزة التي يجري تركيبها إلى انزعاج الغرب من التقدم الذي حدث في برنامج إيران النووي. بحسب رويترز.

وتوقع الخبير النووي مارك هيبس من معهد كارنيجي للأبحاث أن ما تستطيع إيران تصنيعه من أجهزة يعتمد على ما إذا كان لديها جميع المكونات والخامات التي تحتاجها. ومضى قائلا "من المحتمل أن يكونوا قد جمعوا مخزونا من هذه الأشياء"، وقال الخبير النووي في مركز أبحاث المعهد الدولي للدرسات الاستراتيجية إنه في حالة تركيب مئات من أجهزة الطرد المركزي الآن فإن ذلك "يشير إلى أن إيران حققت تقدما كبيرا في كل من السيطرة على التقنية والحصول على المواد الخام"، واستطرد قائلا "هذا التطور سيكون مصدر قلق كبير للدول المنزعجة من قدرة إيران المتنامية على إنتاج أسلحة نووية بسرعة"، وأضاف أن إيران ربما تمكنت من الحصول على معادن شديدة الصلابة لازمة لإنتاج أجهزة الطرد المركزي الجديدة بأعداد كبيرة من السوق السوداء. وكان يعتقد أن لديها نقص في هذه المعادن.

ايران لا تحتاج الى القنبلة النووية

من جانبه نفى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الذي يقوم بجولة في غرب افريقيا، رغبة ايران في حيازة القنبلة النووية، منتقدا الموقف "الاستعماري" للبلدان الغنية التي تستغل البلدان الفقيرة، ووصف الرئيس الايراني الذي زار بنين، الطاقة النووية، بأنها "نعمة الهية" تؤمن الكهرباء بسعر معقول، وقال الرئيس الايراني في كلمة القاها بجامعة بنين "يوجهون الى ايران التهم، على غرار كل البلدان التي تسعى الى الانعتاق سريعا من الهيمنة الحالية"، واضاف "لا نحتاج الى القنبلة النووية. في اي حال، ليست القنبلة النووية هي التي تهدد العالم، انما الاخلاق والثقافة الغربية الخالية من القيم".

فيما تتعثر المحادثات حول البرنامج النووي الايرانين والرئيس الايراني الذي وصل الى بنين، وغادر كوتونو متوجها الى النيجر، احد اوائل المنتجين العالميين لليورانيوم، وتحتاج ايران الى اليورانيوم لبرنامجها النووي، وانتقدت النيجر في الفترة الاخيرة، شراكة تاريخية "غير متوازنة على الاطلاق" مع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، التي تستثمر مجموعتها اريفا اليورانيوم في شمال البلاد منذ اكثر من 40 عاما.

ويرسل اليورانيوم النيجيري عبر موانىء بنين للتصدير، لكن وزير خارجية بنين شدد على ان مسألة اليورانيوم لن تطرح خلال زيارة الرئيس الايراني، وتقول سلطات بنين، ان المناقشات بين ايران وبنين تتمحور حول الزراعة والتعليم والطاقة، وفي تصريح ادلى به قبل مغادرته كوتونو، قال احمدي نجاد للصحافيين ان منجمي اليورانيوم اللذين دشنا في ايران "سيكفيان لتحقيق طموحات" بلاده، وفي الكلمة التي القاها في جامعة بنين، دان الرئيس الايراني "الفكر الاستعماري" للبلدان المتطورة التي تستغل البلدان الفقيرة، واضاف ان "الفكر الاستعماري لم يتلاش بعد، وحدها الطريقة تغيرت، لكن المنظومة ما زالت قائمة".

وشدد سمايلا على القول ان "اليورانيوم الذي نملكه هو بترولنا، سنبيعه لمن نشاء"، والعلاقات بين ايران والبلدان الافريقية ليست دائما مثالية، فقد أثر خلاف دبلوماسي في 2010 على العلاقات بين ايران ونيجيريا، اكبر البلدان الافريقية من حيث عدد السكان، والمنتج الاول للنفط في القارة، عندما احتجزت في مرفأ لاغوس سفينة آتية من ايران ومحملة بالاسلحة.

ايران تحتاج يورانيوم عالي التخصيب في المستقبل

الى نسب إلى رئيس هيئة الطاقة الذرية الايرانية فريدون عباسي دواني قوله ان ايران قد تحتاج في المستقبل الى يورانيوم عالي التخصيب كوقود لغواصات وسفن اخرى، ومن المرجح ان تزيد تصريحات عباسي دواني بواعث قلق الغرب بشأن طبيعة البرنامج النووي الايراني إذ ان تخصيب اليورانيوم لدرجة نقاء تزيد على 20 بالمئة هو خطوة فنية قريبة نسبيا من الوصول به الى مستوى التخصيب اللازم لصنع الاسلحة، ونقلت وكالة فارس للانباء عن عباسي دواني قوله "ليس لدينا خطط في الوقت الحالي للتخصيب فوق 20 بالمئة، "لكن في بعض الحالات ... مثل السفن والغواصات اذا احتاج باحثونا للبقاء لفترة اطول تحت سطح البحر فسيتعين علينا صنع محركات صغيرة يتطلب تصميمها وقودا مخصبا بنسبة تتراوح بين 45 و56 بالمئة"، واضاف "في هذه الحالة يحتمل ان نحتاج الى هذا الوقود."

وتخصب ايران اليورانيوم حاليا حتى نسبة تركيز تبلغ 3.5 في المئة من نظير اليورانيوم الانشطاري يو-235 التي تلائم محطات الطاقة النووية وكذلك حتى نسبة 20 بالمئة التي تقول انها لمفاعل ابحاث طبية في طهران.

ما الذي يمكن ان تكتشفه وكالة الطاقة الذرية في قاعدة بإيران؟

على صعيد ذو صلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للامم المتحدة التي تقوم بدور المخبر البريطاني شرلوك هولمز والتي تسعى الآن إلى الدخول إلى قاعدة إيرانية هامة تقول انها قادرة على رصد اي أثر ولو صغير لمادة نووية في الموقع مهما حاولت الدولة اخفاءه.

وخلال المحادثات ستضغط الوكالة مجددا على طهران حتى تسمح لمفتشيها بزيارة مجمع بارشين العسكري المترامي الاطراف. وهذا سيمكنهم من جلب عينات لتخضع لفحوص دقيقة في مختبر عالي التقنية تابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية قرب فيينا، ويتهم دبلوماسيون غربيون إيران بمحاولة تطهير موقع بارشين من اي أثر محتمل لاختبارات ذات صلة بتطوير اسلحة نووية وهو ما يثير شكوكا حول قدرة مفتشي الامم المتحدة على العثور على اي شيء حتى اذا سمح لهم بالدخول.

وتقول إيران إن قاعدة بارشين الواقعة جنوب شرقي العاصمة الإيرانية طهران هي قاعدة عسكرية تقليدية وتنفي مزاعم بانها أجرت ابحاثا متعلقة بالقنبلة النووية وتقول إن برنامجها النووي المتنازع عليه هو لتوليد الطاقة وأغراض سلمية أخرى.

ويقول خبراء انه رغم صعوبة العثور على ادلة الآن الا انه مازال ممكنا رصد اي اثر للمادة النووية من خلال استخدام معدات يمكنها فحص جسيمات أصغر عشرة الاف مرة من ذرة الرمل، وقال شتيفان فوجت وهو مسؤول رفيع في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الجسيمات التي يمكن ان تكشف عن الكثير لا يمكن ان تزال بشكل كامل من منشأة استخدمت فيها اليورانيوم. لكنه أكد انه يتحدث بشكل عام لا عن إيران او بارشين تحديدا، وقال فوجت الذي يرأس مختبر العينات البيئية التابع للوكالة الدولة للطاقة الذرية "لا يمكن التخلص منها بالتطهير. لا يمكن ان تخففها بدرجة تحول دون تمكننا من جمعها. المسألة مجرد مسألة وقت، "قد لا نعثر عليها في المرة الاولى التي نذهب فيها الى هناك. (لكن) كلما ذهبنا كلما زادت احتمالات عثورنا (على اثار) في ركن ما.. على مائدة ما.. في احدى انابيب الصرف."

وكان كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق اولي هاينونين قد صرح بأن اي محاولة من جانب إيران لتطهير بارشين من الادلة سيجعل مهمة الوكالة أكثر صعوبة لكن "التطهير الكامل صعب جدا ان يتحقق اذا استخدمت مادة نووية فعلا"، ومثل آخرين في مختبر العينات البيئية في زايبرزدورف خارج العاصمة النمساوية لا يسمح لفوجت بالحديث عن ايران او سوريا او اي قضية أخرى محددة جعلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طرفا اساسيا في الدبلوماسية النووية الدولية.

لكنه عبر عن ثقته في التقنيات المتطورة المتاحة لدى العلماء بما في ذلك جهاز ثمنه 3.8 مليون يورو (خمسة ملايين دولار) لدراسة الجسيمات الدقيقة، وقال فوجت مشبها مهمة التحقيق التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعمليات المخبر هولمز في القصص البوليسية الشهيرة "أنت تجري هنا وهناك باحثا عن الموضع الصحيح لتأخذ منه العينة ثم تبحث عن جسيمات متناهية الصغر وراءها قصص"، يوضع جهاز المقياس الطيفي الهندسي الثانوي للكتلة الايونية في مبنى مستقل بني له خصيصا وهو قادر على تحليل ما يتراوح بين 100 و150 عينة في العام بدلا مما يتراوح بين 30 و40 من قبل وهي عينات يجمعها العلماء من أنحاء العالم.

وقال فوجت وهو يعرض الجهاز "لدينا عدسة مكبرة جدا نرى جسيمات صغيرة للغاية. انه يفتح أبوابا جديدة تماما لما يمكن ان نراه وان نفسره"، وقام مجمع زايبرزدورف بدور تحقيقي هام خلال حرب الخليج الاولى في التسعينات حين منحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطات كبيرة لرصد أي أنشطة سرية بعد اكتشاف البرنامج النووي السري للعراق. بحسب رويترز.

وأنهى العراق برامجه للاسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية بأمر من الامم المتحدة. واستغلت الولايات المتحدة وبريطانيا شبهات عدم تعاون العراق مع المحققين الدوليين لتبرير غزو البلاد عام 2003، وأثبتت الوكالة قدرتها على العثور على الجسيمات حتى حين تحاول الدولة اخفاءها بكل جهدها. وجمعت جسيمات صغيرة لتخصيب اليوارنيوم في شركة كالاي اليكتريك في طهران عام 2003 على الرغم من ازالة طهران للمعدات وتجديد المنشأة جزئيا، وحتى تشحذ طاقاتها تقوم الان بتجديد مجمع زايبرزدورف. وفي اطار عملية تحديث تتكلف 81 مليون يورو (106 ملايين دولار) تبني الان مختبرا جديدا للمواد النووية ستفحص فيه عينات اليورانيوم والبلوتونيوم للتأكد تماما من ان الوكالة التابعة للامم المتحدة تعرف مصير كل المواد التي يمكن ان تستخدم في صنع قنابل.

لكن رغم اصرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية على انها منظمة تقنية تخدم كل اعضاء المنظمة الدولية وعددهم 159 دولة الا ان مراقبتها لبرنامج ايران النووي له تداعيات جيوسياسية، فهي تفتش بانتظام المنشآت النووية المعلنة لايران مثل موقعي نطنز وفوردو لتخصيب اليورانيوم لكنها فشلت حتى الان في اقناع طهران بالسماح لها باستئناف تحقيق معطل في أبحاث يشتبه ان لها صلة بالاسلحة النووية، وفي جولة عاشرة من المحادثات منذ اوائل عام 2012 يلتقي فريق من الوكالة يرأسه هرمان ناكيرتس بمسؤوليين إيرانيين في فيينا يوم 15 مايو ايار في مسعى للخروج من الازمة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/آيار/2013 - 12/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م