حرب البنوك الغربية... تطيح بما تبقى من شراكات اقتصادية

 

شبكة النبأ: تواجه العديد من بنوك العالم جملة من المشاكل والأزمات المالية والتي تفاقمت بشكل خطير بعد الأزمة المالية التي هزت الاقتصاد العالمي، وأطاحت بعدد كبير من البنوك والمؤسسات المالية العالمية، بسبب أزمة الرهون وفشل ملايين المقترضين من تسديد ديونهم للبنوك كما يقول بعض المتخصصين الذين أكدوا على ان أزمة السيولة المالية وعلى الرغم من التدخلات الحكومية للعديد من الدول لاتزال قائمة، خصوصا وان بعض الدول العظمى قد باشرت بوضع قوانين مصرفية، وفي هذا الشأن أبدى المفوض الأوروبي للخدمات المالية ميشال بارنييه أسفه للمشروع الذي قدمته مؤخرا السلطات الأميركية لتشديد القيود المفروضة على كبرى المصارف الأجنبية الموجودة في الولايات المتحدة. وقال بارنييه في نيويورك "من المحتمل ان تكون المصارف الدولية الكبرى تتسبب بمشاكل. مع ذلك، لست مقتنعا تماما بالمقاربة المقترحة" من جانب الولايات المتحدة،

وأضاف بارنييه وهو وزير خارجية فرنسا سابقا "يبدو لي ان (الاقتراح) يبتعد من التعاون بين الشركاء الدوليين، وهو تعاون يبدو لي ضروريا حتما". وأشار الى ان إطار الاتفاق الدولي بشأن المعايير المصرفية المعروف باسم "بال 3" والموقع عام 2009 يفترض انه كاف. وسأل "هل نحن بحاجة الى تدابير إضافية؟"، معتبرا ان المفوضية الأوروبية سيكون عليها "العمل مع الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) للوصول الى مقاربة متناسبة وتعاونية". بحسب فرنس برس.

ونشر الاحتياطي الفدرالي اواسط كانون الاول/ديسمبر مشروع مذكرة ترمي الى تعزيز المطالب القانونية المفروضة على المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية الأجنبية الموجودة في الولايات المتحدة، والتي تتجاوز الأصول المثبتة 50 مليار دولار على المستوى العالمي. ويقضي الهدف المعلن لهذا المشروع بالحد من المخاطر التي قد يواجهها النظام المالي الأميركي بسبب هذه المؤسسات، لكن أيضا فرض مساواة امام القانون المالي بين المصارف الأميركية وتلك الأجنبية التي تنافسها على أراضي الولايات المتحدة.

بسبب الإهمال

في السياق ذاته وافق اربعة عشر مصرفا اميركيا كبيرا متهمة بالإهمال في معالجة ملفات قروض عقارية تأخر اصحابها عن التسديد، على دفع عشرة مليارات دولار لوضع حد للقضية كما ذكرت صحيفتا نيويورك تايمز ووول ستريت جورنال استنادا الى مصادر مقربة من الملف. وسيدفع قسم من هذا المبلغ، اي حوالى 3,75 مليارات دولار، للأميركيين الذين طردوا من منازلهم في 2009 و2010. وستذهب ستة مليارات اخرى الى مقترضين تأخروا عن سداد دفعاتهم وهم مهددون لهذا السبب بخسارة منازلهم،. وكانت المصارف عرضت نفسها للملاحقة لانها عمدت في اوج ازمة الرهنيات العقارية، الى دراسة فردية لكل ملف على حده.

والعام الماضي، وافقت هذه المصارف على مراجعة مجمل ملفات الاقراض المتخلفة عن الدفع للفترة 2009-2010 عبر احالتها الى خبراء مستقلين. لكن تبين ان مدة هذا الاجراء طويلة وذات كلفة عالية تفوق المتوقع مما دفع بالمصارف الى البحث عن اتفاق بديل. بحسب فرنس برس.

وبين المصارف الموقعة ترد اكبر الاسماء في القطاع المالي الاميركي مثل جي بي مورغان تشيز وبنك اوف اميركا وسيتي غروب. وبحسب الصحف، فان الاتفاق الذي تم التفاوض عليه منذ اشهر، كاد يسقط عندما تقدم ممثلون عن البنك المركزي الاميركي في اخر لحظة بطلب تعويضات اضافية بقيمة 300 مليون دولار. وامام معارضة المصارف، انتهى الاحتياطي الفدرالي الاميركي بالعدول عن هذا الطلب. والعشرة مليارات دولار الواردة في الاتفاق تضاف للتو الى 25 مليارا وافقت خمسة بنوك كبيرة على دفعها في اطار اتفاق ودي مع ادارة باراك اوباما بشان فضيحة عقارية تكشفت اثناء ازمة الرهنيات العقارية.

تحت مجهر القضاء

على صعيد متصل أكدت صحيفة سونتاغتسايتوغ ان بنك ليئومي الإسرائيلي قد يكون المؤسسة المصرفية التالية التي يستهدفها القضاء الأميركي في التحقيق حول أرصدة غير معلنة لزبائن أميركيين في سويسرا. وبعد إدانة بنك "فيغلين اند كومباني" السويسري ، يتساءل الخبراء بالفعل عن البنك الذي سيشكل الهدف التالي للقضاء الأميركي، بحسب ما كتبت الصحيفة السويسرية الألمانية.

ويجري القضاء الأميركي تحقيقا واسعا ضد نحو عشر مؤسسات مصرفية مقرها في سويسرا ويشتبه في أنها ساعدت زبائنها على التهرب من الضريبة بواسطة حسابات في الخارج. ولبنك ليئومي، اكبر المصارف الإسرائيلية، فرع كبير في سويسرا مع مكاتب في زيوريخ وجنيف ولوغانو.

ونقلت الصحيفة عن بدرام بن-كوهين المحامي في قضايا الضريبة ومقره في لوس انجليس قوله "اعتقد ان بنك ليئومي هو الرقم واحد على اللائحة". وأضاف "يبدو ان دينامية العمل تشير الى ان امرا ما سيحصل قريبا". وأثناء نشر نتائجه للفصل الرابع، أعلن بنك ليئومي رصيدا بقيمة 340 مليون شيكل (70 مليون يورو) مخصصة لتغطية النفقات التي قد تنجم من التحقيق الذي تجريه السلطات الأميركية.

وفي إطار هذا التحقيق، حكم على بنك "فيغلين اند كومباني" في وقت سابق دفع غرامة بقيمة 57,8 مليون دولار على اثر اتفاق ابرم في مطلع العام مع مدعي ولاية نيويورك والسلطات الضرائبية الأميركية. وبنك "فيغلين اند كومباني" الذي اغرق نفسه بعيد ادانته، اقفل ابوابه نهائيا.

من جانب أخر دفع بنك HSBC، أحد أكبر البنوك العالمية، نحو 11.1 مليون دولار لرئيسه التنفيذي، ستيوارت جاليفر، خلال العام الماضي، رغم أن البنك لم يحقق الأهداف المتوقعة للأرباح خلال ذلك العام، الذي شهد سلسلة من "الفضائح المالية"، تتعلق أبرزها بعمليات غسيل أموال. واضطر البنك نفسه إلى سداد ما يقرب من 1.9 مليار دولار، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لتسوية ادعاءات من قبل السلطات الأمريكية بتورطه في أعمال غسل أموال، بالإضافة إلى 1.4 مليار لتعويض عملاء في المملكة المتحدة، عن عمليات بيع "غير مناسبة" لخدمات الحماية التأمينية، وبسبب فرض أسعار فائدة مركبة على المنتجات. بحسب CNN.

ودفعت سلسلة فضائح مماثلة، الرئيس التنفيذي لبنك "باركليز"، أنتوني جينكينز، إلى التنازل عن حصته في الأرباح التي حققها البنك خلال العام الفائت. وكان بنك HSBC قد أعلن أن الأرباح السنوية للعام 2012، والتي تبلغ 2.9 مليون دولار في حالة ستيوارت، سيتم سدادها على خمس سنوات، بدلاً من ثلاث سنوات كالمعتاد، ولن يتم دفع أي مستحقات قبل التوصل إلى تسوية مع السلطات الأمريكية. وتساوي مكافأة جاليفر للعام الماضي، ما يقارب أربع مرات راتبه الأساسي، وهو مستوى تحظره القواعد المقررة في الاتحاد الأوروبي.

فضيحة بنك أفغاني

على صعيد متصل قضت محكمة أفغانية بالسجن على 16 متهما من بين 22 اتهموا بالتورط في قضية احتيال مصرفية قدرت بعدة ملايين من الدولارات في حكم قد يفسر على انه التزام من الحكومة بمحاربة الفساد. وتسبب انهيار بنك كابول عام 2010 في أزمة مالية واضطرابات مدنية وسحب للودائع وهو ما أزعج مانحين أجانب وأحرج الحكومتين الأمريكية والأفغانية.

واتهم مؤسس البنك شير خان فرنود والمدير التنفيذي السابق حاجي خليل فيروزي بالاستيلاء على 810 ملايين دولار من إجمالي السرقة التي بلغت 935 مليون دولار وحكم على كل منهما بالسجن خمس سنوات. واعتبرت هذه القضية مؤشرا حساسا لمدى التزام الحكومة الأفغانية بإعادة الاستقرار الى الاقتصاد قبل انسحاب القوات الأجنبية وخفض محتمل للمساعدات الخارجية التي تقدر بمليارات الدولارات.

وأفلت شقيق الرئيس الأفغاني حامد كرزاي وشقيق نائبه محمد قاسم فهيم من عقوبة السجن في القضية وكانا من حملة الأسهم بفضل مرسوم رئاسي صدر العام الماضي حصن من يعيد الأموال من المحاكمة. وقال القاضي شمس الرحمن شمس الذي رأس محكمة خاصة للتحقيق في فضيحة بنك كابول "حكم على كل من فيروزي وفرنود بالسجن خمسة أعوام لسرقة أصول لبنك كابول بلغت 531 مليون دولار بالنسبة للاول و279 مليون دولار بالنسبة للثاني."

ووضعت الحكومة الأفغانية في ذلك الوقت خطة إنقاذ لأكبر بنوك أفغانستان عقب انهياره وأسست بنكا جديدا مملوكا للدولة باسم بنك كابول الجديد. وقال القاضي انه بالإضافة الى حكم السجن سيكون على فيروزي وفرنود اعادة المبالغ الى الحكومة بموجب القانون. وكان شمس قد توعد من قبل بالا يفلت احد من التحقيقات بغض النظر عن علاقاته برجال السياسة او الاقتصاد.

وفي العام الماضي قال محمود شقيق الرئيس انه أعاد 22 مليون دولار اما حاجي حسين شقيق نائب الرئيس فيزعم انه أعاد 18 مليونا. ونفى الاثنان ارتكاب اي مخالفات. وقال شمس ان هناك 14 رجلا آخرين صدرت عليهم إحكام بالسجن جميعهم أفغان باستثناء اثنين من الهنود.

وخلافا للافتراض السائد بأن معظم هذه الأموال انتهى به المطاف الى دبي أظهرت التحقيقات ان عشرة في المئة فقط هربت الى الخارج وأنفقت على شراء فيلات فاخرة. وتم استثمار باقي الاموال في أفغانستان في مشروعات تفاوتت بين منشأة لتخزين النفط وقناة تلفزيونية وشركة للغاز ومشروعات تنمية وافقت الحكومة على شراء بعضها.

بنك باركليز

الى جانب ذلك دفع بنك باركليز البريطاني مليون جنيه إسترليني (1.5 مليون دولار) لأكثر من 400 مصرفي في عام 2012 الذي شهد انكشاف فضيحة أطاحت برئيس البنك بوب دياموند. ووفقا لمعلومات جديدة تضمنها التقرير السنوي للبنك فان عدد العاملين الذين حصل كل منهم على مليون استرليني في 2012 بلغ 428 انخفاضا من 473 في 2011.

وقال البنك إن خمسة عمال حصل كل منهم على خمسة ملايين استرليني في 2012 إنخفاضا من 17 في 2011. وحصل 50 مصرفيا على ما بين 2.5 مليون وخمسة ملايين استرليني في حين حصل 373 مصرفيا على ما بين مليون و2.5 مليون استرليني. وتلقى انتوني جينكينز الرئيس التنفيذي للبنك مدفوعات بلغت 2.6 مليون استرليني بما في ذلك 1.8 مليون استرليني بعد ان أصبح رئيسا تنفيذيا. وقال جينكينز انه تخلى عن علاوته بعد عام صعب فرضت فيه على البنك غرامة مالية قدرها 450 مليون دولار عن التلاعب بأسعار فائدة الليبور مما دفع دياموند الرئيس التنفيذي السابق الي الاستقالة. بحسب رويترز.

وفي وقت لاحق قال رويال بنك اوف اسكتلند الذي تدعمه الحكومة إن 93 من العاملين بالبنك حصل كل منهم على أكثر من مليون استرليني في 2012 . وقال البنك الذي يملك دافعو الضرائب بالمملكة المتحدة حصة فيه تبلغ 82 بالمئة ان اجمالي المدفوعات التي حصل عليها كبار المديرين التنفيذيين بلغ 21 مليون استرليني بانخفاض قدره 16 بالمئة عن عام 2011 .

قواعد السيولة

في السياق ذاته وافقت لجنة بال للإشراف على المصارف تليين القواعد التي ستطبق في 2015 على المصارف الدولية في مجال السيولة من اجل مواجهة الازمات الكبرى. واعلنت لجنة الرقابة على المصارف التي تضم هيئات الرقابة الدولية في القطاع، انه تم توسيع نسبة تغطيتها بالسيولة التي يفترض ان تسمح للمؤسسات المصرفية بمواجهة أزمة حادة لثلاثين يوما.

ومجموعة الاصول التي سيكون بالإمكان امتلاكها باتت تشمل سندات واسهما شرط ان تكون المؤسسات التي اصدرتها مصنفة استثمارية من قبل وكالات التصنيف الائتماني وبعض انواع القروض المضمونة بتامين او رهن. ويستند المشروع في صيغته الاصلية الى اصول تعتبر اكثر امانا مثل السيولة وقروض الدولة. من جهة اخرى اعيد النظر في الجدول الزمني لتطبيق هذه النسبة.

وكما هو متوقع، فان هذه النسبة ستدخل حيز التطبيق في الاول من كانون الثاني/يناير 2015. وفي هذا التاريخ، لن يكون على المصارف مع ذلك ان تجمع سوى 60 بالمئة من المبالغ المطلوبة أصلا. وسيكون بالإمكان عندئذ زيادة حصة السيولة تدريجيا حتى نسبة 10 بالمئة سنويا لبلوغ نسبة 100 بالمئة بحدود 2019. ويهدف الإطار التنظيمي الجديد للمصارف الذي يطلق عليه اسم "بال 3"، الى تحسين السيولة لدى المصارف بما يسمح لها بمواجهة عمليات ضخ اموال كبيرة في زمن ازمة.

ويطالب هذا الإطار المصارف بان تحتفظ بما يكفي من اصول سهلة البيع لتمويل نشاطها طيلة ثلاثين يوما حتى ولو نضبت مصادر التمويل بالكامل. وهذا الإصلاح الذي ارتسم على اثر افلاس المؤسسة الاميركية ليمان براذرز التي اختنقت جراء اختفاء كل مواردها التمويلية اثار مع ذلك انتقادات حادة في الاوساط المالية. فقد اعلن عدد كبير من رجال المصارف ان المشروع في صيغته الاصلية سيمنع المصارف من ممارسة مهنتها وذلك عبر الحد من الاموال التي يمكن وضعها في التصرف لمنح قروض. واوضحت اللجنة انه تم تبني الصيغة الجديدة للإصلاح "بالإجماع". بحسب فرنس برس.

من جهتها، ذكرت غابرييلا سيريس المحللة لدى شركة اوريل بي جي سي للوساطة ان "هذا التليين طلبته عدة مصارف اوروبية كبرى كانت تعتبر ان التحديد الأصلي للنسبة ملزم جدا". ورات المحللة ان "هذا الامر ايجابي للمصارف التي كانت تواجه بعض الصعوبات في تطبيق هذه النسبة وخصوصا المصارف الفرنسية". ولفت تانغي لو ليبو المحلل في شركة الوساطة نفسها الى ان "القاعدة الاوسع للأصول لاحتساب النسبة نبأ سار".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 22/آيار/2013 - 11/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م