شبكة النبأ: تشهد تونس في الاونة
الاخيرة توترات حادة تصدرت المشهد السياسي الحديث بسبب تنمر الحركة
السلفية المتطرفة التي تهدد باشهار الحرب على الحكومة التونسية، التي
بدورها شددت لهجتها حيال المجموعات السلفية وخصوصاً المقاتلين المسلحين
الموالين للقاعدة والذين يطارد الجيش عشرات منهم في غرب البلاد عند
الحدود مع الجزائر.
وقد صعّد من أجواء التوتر والقلق التي تلف البلاد منذ مدة، تزايد
الهجمات وأعمال العنف التي تقودها عناصر سلفية مرتبطة بتنظيم القاعدة،
أدت الى وقوع عدد من الضحايا لقوات الامن التونسية، ليدفع هذا تطور
خطير غالبية الأوساط السياسية إلى التحذير من دخول تونس في اتون دوامة
الإرهاب المسلح، خصوصا وان تونس تعاني منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق
زين العابدين بن علي، وضعا أمنيا هشا سمح بصعود تيارات جهادية وانتشار
السلاح على نطاق واسع عبر ليبيا والجزائر وفي عدة مدن تونسية.
إذ يرى الكثير من المحللين ان اختلال الوضع الأمني بصعود السلفيين
المرتبطين بتنظيم القاعدة من خلال الدعوات والمناوشات بين الحكومة و
جماعة انصار الشريعة المتطرفة، يضع تونس في خطر حرب شرسة تفاقم من
الوضع الامني المتدهور خاصة في الاونة الاخيرة، تطرح إمكانية تحول تونس
إلى قاعدة ارتكاز للإرهاب الدولي.
فيما يرى بعض المراقبين انه يريد السلفيون في تونس دورا اكبر
للشريعة في تونس الجديدة وهو ما يزعج النخبة العلمانية التي تخشى من
قيامهم بفرض رؤيتهم مما يؤدي في النهاية الى تقويض الديمقراطية الوليدة
في البلاد.
فمنذ الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي العام
الماضي زاد التوتر الديني في تونس بسبب الخلاف على دور الاسلام في
الحكم والمجتمع، غير ان الخلاف بين السلفيين والنخبة الحاكمة وايضا
النخبة المحكومة سيشكل عقدة سياسية مجتمعية في تونس حالياً, وربما
سيكون وجود السلفيين خطرا جديدا قد يبدد منجزات الثورة.
لذا يرى معظم المراقبين للوضع السياسي في تونس انه بات ما بين هيمنة
الإسلاميين وتنمر السلفيين، فربما تعلن المعركة السياسية في تونس، عن
تحدي وصراع جديد يضع جميع اللاعبين الرئيسيين تحت وطأة المؤامرات في
الآونة المقبلة، مما اثار مخاوف كبيرة داخل الشعب التونسي من انزلاق
تونس في وحل الفوضى مجددا.
توتر متصاعد
في سياق متصل أغلقت قوات الامن والجيش التونسية مداخل مدينة
القيروان لمنع جماعة "انصار الشريعة" المتشددة من عقد مؤتمرها السنوي
في هذه المدينة التاريخية الواقعة في وسط غرب البلاد بعدما اصرت
الجماعة الموالية لتنظيم القاعدة على عقد مؤتمرها المحظور، مما ينذر
بمواجهة مفتوحة، وقد قال سامي الصيد المسؤول في تنظيم "انصار الشريعة"
لوكالة فرانس برس ان "التجمع سيتم" في استمرار لتحدي التنظيم للسلطات
وذلك بعد ان دعا الالاف من انصاره للاجتماع بالقيروان، غير ان صفحة
التنظيم على فيسبوك دعت انصارها الى ضبط النفس وعدم الرد على "استفزاز"
قوى الامن.
فيما نشرت السلطات تعزيزات امنية كبيرة على الطرقات المؤدية الى
مدينة القيروان (150 كلم جنوب العاصمة) لمنع المنتسبين الى "انصار
الشريعة" من الوصول الى المدينة. ويتولى عناصر الامن خصوصا تفتيش
سيارات الاجرة الجماعية التي تربط بين المدن، وحلقت مروحيات عسكرية في
اجواء مدينة القيروان فيما اقامت الشرطة حواجز في مدخل المدينة لتفتيش
السيارات، وشملت عمليات التفتيش خصوصا السلفيين الذين يسهل تمييزهم عبر
لحاهم الطويلة وملابسهم الافغانية الغريبة في تونس.
وأمام جامع عقبة ابن نافع (أول جامع يبنى في شمال افريقيا) حيث
يعتزم السلفيون اقامة مؤتمرهم، نشرت وحدات خاصة من قوات الامن التونسي،
واكدت صحافية في وكالة فرانس برس ووسائل اعلام تونسية ان السلطات نفذت
اعتقالات في القيروان ومدن تونسية اخرى.
ونشرت تيارات سلفية على صفحاتها في فيسبوك خارطة مدينة القيروان
ورسوما بيانية للحواجز الامنية التي اقامتها قوات الامن حول المدينة،
وللطرقات التي يمكن سلكها للوصول الى القيروان بدون المرور بهذه
الحواجز، وفي العاصمة تونس شرعت قوات الامن والجيش في تسيير دوريات
مكثفة خصوصا في أحياء شعبية فقيرة تعتبر معاقل لجماعة "انصار الشريعة"
التي لا تعترف بالقوانين الوضعية وتطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية في
تونس واقامة "دولة خلافة اسلامية"، وقد اعلنت وزارة الداخلية في بيان
قرارها منع مؤتمر انصار الشريعة "وذلك لما يمثله من خرق للقوانين
وتهديد للسلامة والنظام العام"، وأوضحت ان قرار المنع جاء "اثر اعلان
ما يسمى بأنصار الشريعة عقد تجمع بالساحات العامة بمدينة القيروان
(...) على خلاف القوانين المنظمة للتجمعات ولقانون الطوارئ، وفي تحد
صارخ لمؤسسات الدولة وتحريض ضدها وتهديد للأمن العام". بحسب فرانس برس.
وحذرت وزارة الداخلية في بيانها من أن "كل من يتعمد التطاول على
الدولة وأجهزتها أو يسعى إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار أو يعمد إلى
التحريض على العنف والكراهية سيتحمل مسؤوليته كاملة"، ونبهت الى ان "أي
محاولة للاعتداء على الأمنيين أو مقراتهم ستواجه بالشدة اللازمة وفي
إطار القانون"، وطمأنت "جميع المواطنين الى أقصى جاهزية قواتها الأمنية
بالتعاون مع قواتنا المسلحة، لحفظ سلامتهم وممتلكاتهم والتصدي لكل
مظاهر الفوضى وبث الفتنة في البلاد"، وقد اعلن سيف الدين الرايس الناطق
الرسمي باسم "انصار الشريعة" ان الجماعة ستعقد مؤتمرها السنوي في
القيروان وانها لن تطلب ترخيصا من وزارة الداخلية، وذلك في تحد للسلطات،
وحمل الرايس الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية الحاكمة
مسؤولية "أي قطرة دم قد تراق" في القيروان، داعيا مشجعي اندية كرة
القدم الكبيرة في تونس الى حضور مؤتمر الجماعة الذي اختارت له شعار "دولة
الاسلام نبنيها".
وبعد قرار وزارة الداخلية حظر المؤتمر دعت جماعة انصار الشريعة عبر
صفحتها الرسمية في فيسبوك "كافة الإخوة الى عدم الانجرار وراء
الاستفزازات وضبط النفس والتحلي بالصبر والالتزام بكل ما ينشر على
الصفحة الرسمية" للجماعة، ودعا الحزب انصار الشريعة الى "إعلان تأجيل
الملتقى مع تحميل السلطة المسؤولية كاملة أمام الله وأمام الرأي العام".
وأثارت خطب تحريضية ضد قوات الامن والجيش ألقاها سلفيون متشددون مؤخرا
في مساجد وخيمات دعوية غضب وزارة الداخلية التي قررت حظر الخيام
الدعوية غير الحاصلة على تراخيص من الوزارة، وتضمن بعض هذه الخطب
تكفيرا ل"الطواغيت" من عناصر الامن والجيش، ودعوات صريحة لقتلهم، وفي
الثاني من الشهر الحالي ذبح سلفيون متشددون ضابط شرطة في مدينة جبل
الجلود (جنوب العاصمة) وسرقوا أمواله.
وقد اعلن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية الحاكمة ان إمام
مسجد متطرفا أفتى لهؤلاء ب"ذبح" ضابط الشرطة وبنهب امواله، وأعلن وزير
الداخلية لطفي بن جدو الجمعة في تصريح لاذاعة "كلمة" التونسية الخاصة "لن
نسمح بالتهديد بالقتل ولا بالتحريض على القتل ولا بالتحريض على
الكراهية ولا بالسب ولا بالشتم ولا بنعتنا بالطواغيت".
وحذرت السفارات الاميركية والالمانية والفرنسية في تونس رعاياها من
التوجه الى القيروان نهاية هذا الاسبوع لاحتمال اندلاع مواجهات بين
السلفيين وقوات الامن، يذكر ان انصار الشريعة تاسست بعد الثورة التي
اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن
علي، وتلاحق الشرطة منذ اشهر مؤسس الجماعة "أبو عياض" المتهم بتدبير
هجوم استهدف في 14 أيلول/سبتمبر 2011 السفارة الاميركية في العاصمة
تونس شهد مقتل اربعة اشخاص واعتقال عشرات السلفيين المتشددين.
اشهار الحرب على الحكومة
على الصعيد نفسه هدد قيادي لجماعة سلفية في تونس باشهار الحرب على
الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، متهما اياها بانتهاج سياسة
مخالفة للاسلام كما افاد بيان نشرته الجماعة على الانترنت، واعلن سيف
الله بن حسين المدعو ابو عياض المطلوب من الشرطة في تونس منذ ايلول/سبتمبر
"اقول للشباب ان الذي يتمرون به انما هو امتحان وابتلاء به يعرف الصادق
من الكاذب والثابت على الحق من المدعي لذلك"، واضاف "انصحهم بعدم
التراجع والتفريط في المكتسبات التي حققناها وكل مجرد تفكير في التراجع
انما هو عنوان للهزيمة"، مؤكدا ان "ما هذه المرحلة الا بداية الطريق
وهي طريق شاقة ومتعبة ولا يثبت عليها الا الرجال"، وتابع في بيان نشر
على الصحفة الرسمية لجماعة انصار الشريعة "اخواني انتم اليوم تسطرون
بجهدكم وعرقكم تاريخ امتنا واني لاشد على ايديكم وادعوكم الى احتسابي
ما تلقونه من الطواغيت عند الله". بحسب فرانس برس.
واضاف ابو عياض "الى اولئك الطواغيت المسربلين بسربال الاسلام
والاسلام منه براء، اعلموا انكم اليوم صرتم ترتكبون من الحماقات ما
ينذر بانكم تستعجلون المعركة"، واضاف "لكم انكم والله لا تحاربون شبابا
وانما تحاربون دينا منصورا بنصر الله ولا يمكن لاية قوة في الارض مهما
بلغت ان تلحق به الهزيمة"، وتابع "فقط اذكركم ان شبابنا الذي اظهر من
البطولات في الذود على الاسلام في افغانستان والشيشان والبوسنة والعراق
الصومال والشام لن يتوانى ابدا في التضحية من اجل دينه في ارض القيروان"،
وقال "اياكم من التمادي في حماقاتكم. فان اميركا والغرب والجزائر
وتركيا وقطر التي تنتصرون بها لن تجديكم مناصرتهم شيئا اذا قوقعت
السيوف وارشيت السهام وضرب النصال بالنصال"، واكد ابو عياض "والله ان
ارواحنا ارخص من ان نحرص عليها اذا ما حورب ديننا وضيق على دعوتنا
(...) فالعقل العقل والتدبر التدبر قبل ان ينفرط العقد واني لا اراه
الا منفرطا"، وتنوي انصار الشريعة عقد مؤتمر سنوي في 19 ايار/مايو في
مدينة القيروان التاريخية بوسط تونس بينما تطالب وزارة الداخلية برخصة
مسبقة لكل نشاطات عامة للاحزاب والجمعيات.
وهدد وزير الداخلية لطفي بن جدو المستقل الذي لا ينتمي الى اي حزب،
بملاحقة "كل شخص يدعو الى القتل ويحرض على الحقد (...) وينصب خيمة دعوة"
ناصحا السلفيين بالتعقل "قبل ان ينفرط العقد رغم اني اراه منفرطا"، وفي
رد على ذلك اقسمت انصار الشريعة في منزل بورقيبة (شمال) على استبدال
العلم الوطني بعلم السلفيين في مقر وزارة الداخلية، كما ورد في تسجيل
فيديو بث على الانترنت، وفرقت قوات الأمن التونسية بالقوة السبت في حي
السيجومي الشعبي في العاصمة مئات السلفيين المتطرفين الذين حاولوا تحدي
قرار وزارة الداخلية منع نصب خيام دعوة غير مرخص لها في الساحات العامة.
تنمر التيار السلفي
من جهته كشف راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الاسلامي الذي يقود
الحكومة التونسية ان سلفيين متطرفين اغتالوا ضابط شرطة بناء على فتوى
من امامهم، واعلن الغنوشي في مؤتمر صحافي ان ضابط الشرطة قتل بضربات
سيف من اعضاء في هذه الحركة (السلفية الجهادية) بناء على فتوى اصدرها
امامهم، وكان عثر على جثة ضابط شرطة في بداية ايار/مايو في حي جبل
الجلود جنوب العاصمة التونسية وقالت وسائل اعلام ان القتيل ذبح، وكانت
وزارة الداخلية اعلنت في بيان العثور في جبل الجلود على جثة ضابط أمن
تحمل جروحا على مستوى الرقبة بواسطة آلة حادة. بحسب فرانس برس.
ونددت الوزارة بهذه الجريمة النكراء واعلنت اعتقال اثنين من القتلة
المفترضين دون الاشارة الى انتمائهما، وقال الغنوشي ان الضحية ذبح بسيف
وتم سلبه واختبا قتلته طوال الليل في مسجد الحي منددا بصمت الجماعات
السلفية الجهادية عن هذه الجريمة، وصعد الغنوشي لهجته ضد الجهاديين
المتطرفين المسؤولين عن العديد من اعمال العنف في العامين الاخيرين
بتونس، وشدد على انه مع الحوار مع السلفيين وغيرهم.. لكن عندما يتحول
الامر إلى عنف وزرع قنابل يصبح الحوار مع أجهزة الامن، في اشارة الى
مجموعات اسلامية متطرفة يطاردها الجيش والامن التونسي في غرب البلاد
قرب الحدود مع الجزائر.
حماية الحدود من تسلل السلفيين
الى ذلك نشرت قيادة الجيش الجزائري 8 كتائب قوات خاصة ومشاة ودرك،
تضم أكثـر من 6 آلاف عسكري على الحدود مع تونس لـ مواجهة احتمال تسلل
جماعات سلفية مسلحة عبر الحدود، وتعمل القوات البرية والجوية الجزائرية
المكلفة بمراقبة الحدود الشرقية مع تونس، بالتنسيق مع قيادة القوات
التونسية التي تطارد الجماعات السلفية المتشددة في منطقة القصرين في
غرب تونس.
وكشفت صحيفة "الخبر" في عددها الصادر الأربعاء أنه تقرر بعد زيارة
رئيس أركان الجيوش التونسية للجزائر، فتح خط اتصال مباشر بين قيادة
العمليات البرية والجوية الجزائرية في العاصمة الجزائر ونظيرتها في
تونس، لتفعيل عمليات مكافحة الإرهاب وتسريع تبادل المعلومات بصفة فورية
بين أجهزة أمن البلدين. بحسب وكالة الانباء الالمانية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مطلع القول إن الأمر كان محل اتفاق أثـناء
زيارة قائد أركان الجيوش التونسية لمقر وزارة الدفاع الجزائرية، وأدخلت
هيئة أركان الجيش الجزائري حيز التنفيذ مخططا أمنيا جديدا لتشديد
المراقبة على الحدود المشتركة مع تونس، ويتضمن المخطط مراقبة جوية
للحدود الشرقية حتى العمق التونسي، لمنع تسلل الجماعات المسلحة وتهريب
أسلحة عبر تونس من ليبيا إلى الجزائر، بالإضافة إلى تسلل عناصر إرهابية،
وكانت تقارير أمنية حذرت بحسب الصحيفة من تهريب كميات من الأسلحة
والذخائر من ليبيا إلى الجزائر عبر تونس.
تتظاهر ضد الارهاب
من جهة أخرى تظاهر مئات من عناصر الامن والمواطنين أمام مقر المجلس
الوطني التاسيسي (اعلى سلطة في البلاد) منددين ب"الارهاب" ومطالبين
باستصدار قوانين تجرم الاعتداء على الامنيين، وياتي هذا التحرك بعد
اصابة 16 من قوات الامن والجيش في انفجار ألغام زرعها مسلحون تابعون
لتنظيم القاعدة في جبل الشعانبي من ولاية القصرين (وسط غرب) على الحدود
مع الجزائر، وقتل ضابط شرطة في العاصمة تونس على يد سلفيين متطرفين.
وردد المتظاهرون شعارات مثل "تونس حرة والإرهاب على برا" ورفعوا
لافتات كتبوا عليها "كلنا نناصر الامن والجيش في حربهما ضد الإرهاب
الوهابي" و"ساندونا لنتصدى جميعا للعنف" و"نطالب بقانون لحماية
الامنيين ومقراتهم" و"من أجل إحداث صندوق تعويض لحوادث الشغل للأمنيين"
و"السلفية هي مصدر الارهاب والتكفير". بحسب فرانس برس.
ودعت الى تنظيم هذه التظاهرة نقابات الامن التونسية، ومنذ كانون
الاول/ديسمبر 2012 تتحصن مجموعتان مسلحتان تابعتان لتنظيم القاعدة في
جبل الشعانبي وجبال بولاية الكاف (شمال غرب)، وقتلت احدى المجموعتين في
10 كانون الاول/ديسمبر 2012 برصاص اطلق من سلاح كلاشينكوف عنصرا بجهاز
الحرس الوطني (الدرك) في قرية درناية بمنطقة فريانة من ولاية القصرين،
وفي الفترة ما بين 29 نيسان/أبريل الماضي و6 أيار/مايو الحالي انفجرت 4
ألغام زرعها المسلحون في جبل الشعانبي ما اسفر عن اصابة 10 من عناصر
الحرس الوطني (3 بترت ارجلهم وآخر أصيب بالعمى) و6 من الجيش (اثنان
بترت ارجلهما)، وقد أعلن وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو ان عناصر
المجموعتين "الارهابيتين" قدموا من مالي، وأوضح ان حوالي 20 شخصا بينهم
تونسيون وجزائريون، يتحصنون في جبل الشعانبي وأن نحو 11 آخرين لم يحدد
جنسياتهم يتحصنون في جبال الكاف، وذكر بانه تم منذ كانون الاول/ديسمبر
2012 اعتقال 39 شخصا من المرتبطين بالمجموعتين، ومطلع أيار/مايو الحالي
قتل سلفيون متطرفون ضابط شرطة في منطقة جبل الجلود جنوب العاصمة تونس.
وقالت "النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي" في بيان ان الضابط
تعرض لعملية "ذبح"، ومنذ الثورة التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير
2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قتل 19 من عناصر الامن
واصيب نحو 2500 بجروح بحسب احصائيات اعلنها نهاية نيسان/ابريل الماضي "اتحاد
نقابات قوات الامن"، وبحسب هذه الاحصائيات تم منذ الثورة إحراق وتخريب
707 مقرات امنية و629 سيارة امن والاعتداء على 462 مسكنا تابعة لعناصر
الامن، وتطالب نقابات الامن في تونس باستصدار قوانين جديدة تجرم
الاعتداء على عناصر الامن ومقراتهم ومساكنهم، ويبلغ عدد عناصر الامن في
تونس 65 ألفا بحسب إحصائيات اعلنتها وزارة الداخلية في 2012.
خطر تحول تونس إلى قاعدة للإرهاب الدولي
من جهته حذّر رئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي،
الذي يرأس حالياً حركة (نداء تونس) المعارضة، من إمكانية تحول تونس إلى
قاعدة ارتكاز للإرهاب الدولي، وانتقد السبسي بشدة التقليل من خطورة
الأحداث الجارية غرب البلاد، وذلك في إشارة إلى تصريحات راشد الغنوشي
رئيس حركة النهضة الإسلامية التي تقود الإئتلاف الحاكم في البلاد التي
اعتبر فيها أن ما يجري في جبل الشعانبي حالياً يشبه أحداث “الروحية”
التي شهدتها البلاد في العام 2011، وأوضح السبسي أن الجماعات المُسلّحة
المنتشرة في بلاده “تعمل وفق أجندة مُحددة،حيث بدأت أولاً بالتدريب، ثم
انتقلت إلى الجهوزية القتالية، وثالثاً تحوّلت إلى مرحلة التصفيات
الجسدية، وهو ما حصل في تونس″، وذلك في إشارة إلى اغتيال المعارض
اليساري شكري بلعيد في السادس من شباط/ فبراير الماضي. بحسب يونايتد
برس.
وأرجع تزايد نشاط “الجماعات الإرهابية” في تونس إلى ما وصفه
بـ”تراخي الدولة “، و”التشجيع على العنف الذي تمارسه بعض الأطراف
المقربة من الحزب الحاكم”، أي حركة النهضة الإسلامية، وذلك في إشارة
إلى رابطات حماية الثورة المثيرة للجدل.
واعتبر السبسي في كلمته أن الأخطر من ذلك هو أنه تم “اختيار تونس
لتكون مركزاً للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهذا اختيار ليس
بسيطاً، لأنه يجعل من تونس قاعدة ارتكاز للإرهاب الدولي”، وشدّد في هذا
السياق على أن قوات الأمن والجيش التونسية “قادرة على القيام بواجبها
للتصدي لهذا الخطر، وقد فعلت ذلك سابقاً، ولكن تبدو اليوم مُقيدة
ومغلولة الأيدي”، وتظاهر اليوم العشرات من ضباط وعناصر الأمن التونسي
أمام المجلس الوطني التأسيسي، تنديداً بالإرهاب، وللمطالبة بإبعاد
المؤسسة الأمنية عن التجاذبات السياسية، ودعا في المقابل إلى ضرورة
إحكام التنسيق مع الجانب الجزائري لدرء خطر الإرهاب، لافتاً إلى أن
المجموعة المسلحة المتمركزة حالياً في جبل الشعانبي تتألف من تونسيين
وجزائريين. |