تشير جميع الاخبار الواردة من انحاء مختلفة من العالم على أن معدلات
الطلاق في تزايد مطّرد، وان نسبها تزداد بمعدلات لافتة، وأحيانا مفزعة،
في بعض المجتمعات والدول، وهو الامر الذي دفع الكثير من الباحثين
والمختصين في المجال الاجتماعي والعائلي والنفسي لدراسة هذه الظاهرة
والبحث عن اسبابها وقراءة نتائجها التي لها من غير ادنى شك تداعيات
ونتائج خطيرة على مستقبل المجتمعات التي تُطل هذه الظاهرة برأسها فيها
على نحو كبير.
الدراسات الاجتماعية بدورها تؤكد ان من بين اهم اسباب الخلافات
والنزاعات بين الرجل والانثى هي عدم فهم مايريده كل منهما من الاخر،
ولذا تبقى العلاقة دون درجة الطموح ومستوى الحياة الزوجية المثالية.
فيصيب كل منهما احباط ناتج عن عدم حصول الرجل على مايريده من المرأة
وعدم مقدرة المرأة على ان تنال ماترغب ان يمنحه اياها الرجل.
وفي الجزء العاشر من " مقالات بحثية" سنتطرق لمايريده الرجل من
المرأة عموما وماتروم المرأة من الرجل تحقيقه لها، وهو مايمكن ان
نعتبره الاساس الذي من الممكن ان تقام عليه العلاقة الصحيحة بينهما
والتي تؤدي الى توفير بيئة مليئة بالتفاهم بين الزوجين ومناسبة وصالحة
لنمو الاطفال نفسيا.
يطرح الدكتور Emerson Eggerichs مؤلف كتاب " الحب والاحترام....."
و" لغة الحب والاحترام......" و" تجربة الحب والاحترام....... "
- Love & Respect: The Love She Most Desires; The Respect He
Desperately Needs
- The Language of Love and Respect: Cracking the Communication
Code with Your Mate
- The Love & Respect Experience: A Husband-Friendly Devotional
that Wives Truly Love
وهو قس سابق ومتخصص الان في العلاقات العائلية ويعمل منذ عام 1999
مع زوجته Sara على اقامة جولات في اماكن مختلفة من العالم يلقي فيها
محاضرات عن تنظيم وتطوير العلاقة بين الرجل والمرأة، يطرح نظرية تقول
بان" الحب هو اكبر محفز للمرأة في حياتها العاطفية وان الاحترام هو
المحفز الاقوى للرجل في تعامله مع المرأة "، فالانسان يحتاج الحب
والاحترام مثلما يحتاج الطعام والماء لكن بنسب تتفاوت من شخص لاخر
وتختلف ايضا بين المرأة والرجل.
وقد أكدت البحوث، ومن خلال استقراء مايجري في المشكلات الزوجية، على
ان الرجل غالبا مايتأثر حينما يشعر بعدم الاحترام، والزوجة تتاثر حينما
تشعر بعدم الحب، وهو مايقود الى النزاع والصراع وربما في نهاية المطاف
الى الطلاق، وقد سأل الدكتور Emerson Eggerichs حوالي 7000 شخصا السؤال
التالي:
حينما تكون في حالة نزاع مع شريك حياتك او شخص مهم بالنسبة لك هل
تشعر بعدم الحب او عدم الاحترام ؟
ماذا كانت النتيجة ؟
83% من الرجال قالوا انهم يشعرون بعدم الاحترام...
72% من النساء قالت انهن يشعرن بعدم الحب...
ماذا يعني هذا ؟
يعني ان اساس الخلافات والاختلافات بين الرجل والمرأة هي عدم منح
الرجل الاحترام التي ينتظره من المرأة، وعدم اعطاء الحب للمرأة التي
تتوقعه من قبل الرجل، ومع اننا نحتاج الحب والاحترام على حد سواء فان
الشعور يختلف اثناء النزاعات والصراعات، وهذه الفرق مثل اختلاف اللون
القرنفلي عن الازرق على حد تعبير الدكتور Eggerichs.
وفي سياق تأكيد نظريته، قام Eggerichs بدراسات اخرى لأكثر من 2000
علاقة زوجية خلال 20 سنة في مختبرات الحب في جامعة واشنطن ووجد بان "
هنالك نمط متسق في الزواج ازدهر على المدى الطويل وهم الازواج الذين
عشقوا نسائهم والزوجات اللواتي احترمن رجالهم" وهو استنتاج جاء ليؤكد
مرة اخرى حقيقة ان حاجة المرأة الاساسية هي الحب وحاجة الرجل الاساسية
هي الاحترام" كما تقول الباحثة وخبيرة العلاقات العاطفية ومفاهيم
السعادة ومؤلفة كتاب " عش حياة تحبها"،Susan Biali في مقالتها" نصيحة
في العلاقات.. الرجل يريد الاحترام والمراة تريد الحب ".
الدكتور Eggerichs يوفر في الندوات التي يقيمها معلومات ومهارات
ومعارف للازواج والمنفصلين والمطلقين وللافراد يجعلهم من خلالها
يتمكنون من معرفة كيف يحلون مشكلاتهم وكيفية التعامل مع ردود الفعل
السلبية وهي ماتسمى (the crazy cycle)، او يتعلمون كيف يحفزون بعضهم
البعض للاستجابة لحاجاتهم وهي دائرة (the energizing cycle)، وحتى من
يشعرون باليأس في علاقاتهم سوف يحصلون على فهم لكيفية التعامل مع عدم
اكتراث الشريك وعدم تفاعله معه وهي (the rewarded cycle ).
ويشير الكاتب Mark Gungor في مقالته " حاجة الرجل الكبيرة :
الاحترام" الى انه ليس بمفاجئ لنا أن نقول بان الرجال والنساء يريدون
اشياء مختلفة، فلا احد منهم يريد ان يتقمص دور الاخر، وهؤلاء الذين
يقضون وقتا لكي يجدوا مايريده او يحتاجه شريكهم منهم ويفعلون الشيء
الذي يجعلهم يحصلون على هذه الاشياء لديهم مقومات الزواج الناجح اكثر
من غيرهم.
ولذا تنصح الباحثة Susan Biali المرأة في علاقاتهم العاطفية بالقول
بان البطاقة الذي تمنحها للرجل في عيد الحب ليس ان تقول له اني احبك
ومتعلقة بك.. هذا جميل لكنه لايعني الشيء الكثير بالنسبة للرجل، نوع
الكارت الذي ينتظره الرجل ويرغب ان يراه أصدقائه هو ان تقول له " كم هي
تحترمه بعمق ومعجبه به وكم هي تقدر كل مايفعله لها، ولعائلتها".
فالرجل يشعر بالاحترام حينما تشكره المرأة على" عمله اليومي وعلى
التزامه تجاهها وتجاه العائلة، وحينما تساله عن احلامه، وتمتدح قراراته
الصائبة وتقدّر سلطته امام الاطفال وامام الاخرين، وتشكر نصائحه
ومعرفته وتستجيب له غالبا بطريقة جنسية" على حد تعبير الباحثة Biali.
والمرأة بالمقابل تشعر بالحب والعاطفة حينما يهتم الرجل بها ويجعلها
تشعر بانها محور اهتمامه وانها في باله دائما يتذكر ميلادها وتاريخ
زفافهما ويشعر بآلامها ويعاملها بطريقة شاعرية عاطفية يجعلها تشعر
بانوثتها وانها المرأة الوحيدة في حياته بل انها، وكما تؤكد الباحثة
Tamara McClintock استاذة علم النفس في جامعة كاليفورنيا تعشق ان يراعي
الرجل شعورها كما فصّلت ذلك في مقالها التي تتحدث فيه عن الفروق بين
الرجل والمرأة.
أحد المفكرين وهو الباحث Peter Gray نبهنا الى ان سمة الاحترام
لاتتعلق بالعلاقات العاطفية وكيفية التعامل بين الرجل والمرأة فحسب، بل
انها سمة ينبغي ان تكون اساس تعامل الابوين مع اطفالهم، اذ يحكي Gray
في مقالته " في العلاقات...الاحترام قد يكون اكثر اهمية من الحب " عن
تجربه ابوية معه ويقول" اذا سألتني هل كان والداك يحبانك فسوف اتوقف
وافكر بالجواب".
فالحب، وكما يشرح Gray " مصطلح ايجابي يستعمل للاشياء التي نشعر
بانجذابنا تجاهها وولعنا بها...فنحن نستطيع ان نحب الانسانية، بلدنا،
كلبنا، الاموال، الملابس، سيارتنا انفسنا، ازواجنا، اطفالنا، اما أنا
فلم " اعرف كيف انجذب نحوي والدي".
ولكنه في مقابل عدم شعوره بالحب التقليدي من قبل ابوي يؤكد ان هنالك
شيئا آخر اهم من الحب كان والداه يمنحانه اياه وهو الاحترام، فيقول "
لكن ما اعرفه هو ان والداي كانا يحترماني... فعندما ابدي رأياً يستمعان
اليّ وحينما يسألاني يستمعان لجوابي بجدية وكجزء من الاحترام ايضا كانا
يثقان بي"، وهي سمة قد يبدو انها تغيب عن الكثير من العوائل الذي نراهم
يحبون اطفالهم ولكنهم لايحترمونهم.
الاحترام والحب اللذان من المفروض ان يبديهما كل من الرجل والمرأة
تجاه بعضهما البعض تنفع بالطبع في الحالة الزوجية التي فيها قدر معين
من الحب او الفهم وتكتنفها المشكلات وتمر بها الازمات كحالة عرضية لسبب
ما، اما حالات الزواج الاخرى القائمة على اسس خاطئة او تفتقر لادنى
تفاهم او عاطفة او ثقافة فلا اظن ان هنالك املا في ان تكون لمثل هذه
النظريات الاثر الكبير في احداث تغيير فيها.
[email protected]
http://www.annabaa.org/news/maqalat/mohendalsmawoi.htm |