الفقر... فجوة تتسع بين عالمين متداخلين

 

شبكة النبأ: تعتبر مشكلة الفقر من أهم واخطر المشاكل العالمية التي استفحلت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة، وبحسب بعض المصادر فان مفهوم الفقر يختلف باختلاف البلدان والثقافات والأزمنة ولا يوجد اتفاق دولي حول تعريف الفقر نظراً لتداخل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تشكل ذلك التعريف وتؤثر عليه، إلا أنه هناك اتفاق بوجود ارتباط بين الفقر ولإشباع من الحاجات الأساسية المادية أو غير المادية، وعليه فهناك اتفاق حول مفهوم الفقر على أنه حالة من الحرمان المادي الذي يترجم بانخفاض استهلاك الغذاء، كما ونوعا، وتدني الوضع الصحي والمستوى التعليمي والوضع السكني، والحرمان من السلع المعمرة والأصول المادية الأخرى، وفقدان الضمانات لمواجهة الحالات الصعبة كالمرض والإعاقة والبطالة وغيرها.

وتضم دائرة الفقر وبحسب بعض المصادر بلـيون فرد في العالم بعد الهند والتي يقل فيها دخل الفرد عن 600 دولار سنوياً، ومنهم 630 ملـيون في فقر شـديـد حيث متوسط دخل الفرد يقل عن 275 دولار سنوياً، وإذا اتسعت الدائرة وفقا لمعايير التنمية البشرية لشملت 2 مليار فرد من حجم السكان في العالم البالغ حوالي 6 مليار فرد، منهم مليار فرد غير قادرين على القراءة أو الكتابة، 1.5 مليار لا يحصلون علي مياه شرب نقية، وهناك طفل من كل ثلاثة يعاني من سوء التغذية، وهناك مليار فرد يعانون الجوع، وحوالي 13 مليون طفل في العالم يموتون سنوياً قبل اليوم الخامس من ميلادهم لسوء الرعاية أو سوء التغذية أو ضعف الحالة الصحية للطفل أو الأم نتيجة الفقر أو المرض.

وبحسب بعض التقارير الخاصة يعيش أكثر من ثلث الأشخاص الذين يكسبون أقل من 1,25 دولار في اليوم الواحد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقد ازدادت نسبة هؤلاء الأشخاص ثلاث مرات، على أدنى تقدير، في غضون 30 عاما، على ما جاء في تقرير صادر عن البنك الدولي. وفي العام 2010، كانت هذه المنطقة تضم 414 مليون شخص في حالة فقر مدقع من أصل 1,2 مليار شخص في هذه الحالة تم إحصاؤهم في العالم أجمع، أي أنها كانت تضم 34 % من هذه الفئة من الفقراء بحسب التقرير. وفي العام 1981، لم تكن هذه النسبة تتخطى 11 % وفق البنك الدولي.

وأضاف التقرير أن مداخيل أفقر الفقراء بقيت على حالها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ العام 1981، في حين أنها ارتفعت في أنحاء العالم أجمع. ولفتت المنظمة إلى أن هذه المنطقة هي المنطقة الوحيدة في العالم التي شهدت ارتفاعا متسارع الوتيرة ومتواصلا في عدد الفقراء منذ 30 عاما. وتضم الهند ثاني أكبر نسبة من الفقراء في العالم، مع 400 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر المدقع، بحسب البنك الدولي. بحسب فرانس برس.

أما الصين، فهي سارت في اتجاه معاكس لذلك السائد في القارة الإفريقية بدفع من النمو الاقتصادي المتواصل الذي شهدته، فانخفضت فيها نسبة الفقراء من 43 % في العام 1981 إلى 13 %. وبصورة إجمالية، يعيش 21 % من الفقراء تحت خط الفقر المدقع، علما ان هذه النسبة كانت تتخطى الخمسين في المئة في العام 1981. ويسعى جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي إلى تخفيض هذه النسبة إلى ما دون 3 % بحلول العام 2030. وهو صرح في بيان "لا يزال 1,2 مليار شخص يعيشون في حالة فقر مدقع ... وينبغي ان تحث هذه النسبة المجتمع الدولي على حشد قواه ومضاعفة الجهود الرامية إلى مكافحة الفقر".

معدلات الفقر في أمريكا

الى جانب ذلك أظهرت بيانات حكومية ان الأمريكيين الهنود والسكان الأصليين في ألاسكا سجلوا أعلى معدل للفقر في الولايات المتحدة بنسبة 27 في المئة خلال فترتي الركود والانتعاش الاقتصادي تلاهم الأمريكيون الأفارقة بنسبة 25.8 في المئة. وقال مكتب الإحصاءات الأمريكي في تقرير خاص عن الأعراق والفقر انه في الفترة من عام 2007 وحتى 2011 حصل 14.3 في المئة من سكان البلاد على دخول تحت خط الفقر. وحاليا يسجل خط الفقر وفقا لأرقام الحكومة الاتحادية 15510 دولارات لأسرة من زوجين فقط او 18123 دولارا لأم معيلة وطفليها. وحسب الإحصاء فإن نحو واحد بين كل اثنين من الأمريكيين الهنود في ولاية ساوث داكوتا يعاني من الفقر حيث تشهد الولاية أكبر معدل للفقر بين الأمريكيين الهنود بنسبة 48.3 في المئة. بحسب رويترز.

وفي ولايات ايوا ومين ومسيسبي وويسكونسن تجاوز المعدل بالنسبة للأمريكيين الأفارقة أكثر من 35 في المئة خلال الفترة بين عامي 2007 و2011 وهو ما يشير الى ان اكثر من شخص بين كل ثلاثة في تلك الولايات عانى من الفقر. واحتفلت معدلات الفقر بين الأمريكيين الآسيويين اختلافا كبيرا حيث سجل الفلبينيون اقل نسبة وكانت 5.8 في المئة مقارنة بالكوريين الذين وصلت معدلات الفقر بينهم الى 15 في المئة. وعلى وجه الإجمال كان معدل الفقر الوطني للآسيويين وهو 11.7 في المائة والبيض وهو 11.6 في المائة أقل من معدل الفقر الوطني العام.

اتساع الفجوة

في السياق ذاته حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المعنية بشؤون الدول المتقدمة من اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء بدرجة أكبر إذا استمرت الدول التي تعاني من نقص السيولة في خفض الرعاية الاجتماعية الحكومية. وقالت المنظمة التي تضم 33 دولة متقدمة في عضويتها في إطار نقاش عن التباين في مستويات الدخل في الدول المتقدمة إن الإنفاق على الرعاية الاجتماعية كان يحد من اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء التي ظهرت مع الأزمة المالية عامي 2008 و2009 لكن ذلك بدأ يتلاشى.

وأظهر تقرير أعدته المنظمة ومقرها باريس أنه باستبعاد التحويلات الاجتماعية والضرائب يكون الفارق بين الأغنياء والفقراء اتسع في السنوات الثلاث حتى 2010 بدرجة أكبر من ارتفاعه في 12 عاما سابقة على هذه الفترة. وأضاف التقرير "ومع استمرار الأزمة لاقتصادية وبخاصة أزمة الوظائف وهيمنة فكرة تقوية النظام المالي يتنامى خطر تأثر الفئات الهشة في المجتمع أكثر من غيرها مع ارتفاع تكلفة الأزمة." وحصل أغنى عشرة بالمئة في مجتمعات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على دخل يزيد 9.5 مثل دخل أفقر عشرة بالمئة في عام 2010 ارتفاعا من تسعة أمثال في 2007.

والفجوة الأكبر بين الأغنياء والفقراء كانت في تشيلي والمكسيك وتركيا والولايات المتحدة في حين كانت ايسلندا وسلوفانيا والنرويج والدنمرك من أكثر الدول عدالة في توزيع الدخل. وقال انخيل جوريا الأمين العام للمنظمة في بيان "هذه النتائج المقلقة تؤكد الحاجة لحماية الأكثر عرضة للخطر في المجتمع خاصة مع انتهاج الحكومات الإجراءات الضرورية للسيطرة على الإنفاق العام." وأضاف أن الحكومات يتعين عليها عدم تجاهل العدالة عند وضع سياساتها خاصة عند إصلاح النظام الضريبي.

ومع معاناة العديد من الدول المتقدمة من أثار إجراءات التقشف أصبحت عدالة توزيع الدخل قضية ساخنة خاصة بعد أن أظهرت دراسة أعدها البنك المركزي الأوروبي إن الأسر في العديد من دول جنوب منطقة اليورو أغني في المتوسط من سكان المنطقة بسبب ارتفاع معدلات تملك المنازل.

وأصبحت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية المدافعة منذ فترة طويلة عن إصلاحات السوق الحرة التي ينتقدها بعض اليساريين أكثر تأييدا للرعاية الاجتماعية التي تكفلها الدولة لقدرتها على تخفيف العبء في الأوقات الصعبة اقتصاديا. وقالت الدراسة إن عبئ الأزمة لم يوزع بشكل عادل. فالأسر الأكثر فقرا إما أنها فقدت نسبة أكبر من دخلها بسبب الركود أو استفادت بدرجة أقل من الانتعاش. وعانى الأطفال وصغار السن أكثر من كبار السن التي كانت دخولهم محصنة نوعا ما.

على صعيد متصل حثت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي حكومة انجولا على تضييق الفجوة الضخمة بين الأغنياء والفقراء على الرغم من إحراز تقدم لا بأس به منذ عام 2002 حين انتهت حرب اهلية دامت 27 عاما. وحققت انجولا ثاني اكبر دولة منتجة للنفط في افريقيا نموا سريعا منذ انتهاء الحرب لكن أحزاب المعارضة وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان تتهم الرئيس خوسيه ادواردو دوس سانتوس منذ فترة بأنه لا يبذل جهدا يذكر لمكافحة الفقر المنتشر على نطاق واسع.

وفي تصريحات أدلت بها بيلاي في العاصمة لواندا أشادت المفوضة السامية بالتقدم الذي أحرزته الحكومة على صعيد إعادة بناء البنية التحتية وإزالة آلاف الألغام. لكنها أضافت "هناك قضيتان لفتتا انتباهي دوما وهما التفاوت الضخم الذي نشأ بين الأغنياء والفقراء والأساليب القاسية أحيانا التي تستخدم في إجلاء الناس من أراض مخصصة للتنمية خاصة داخل لواندا وحولها."

وتقول حكومته إنها خفضت مستويات الفقر الى نحو 39 في المئة من السكان عام 2009 بعد أن كانت 68 في المئة في عام 2002 وإنها زادت الإنفاق العام في ميزانية هذا العام بأكثر من الربع للمساعدة في تحسين الظروف الاجتماعية. وقالت بيلاي إنها أكدت خلال اجتماع مع دوس سانتوس أهمية تقليص التباين في الثروات خلال السنوات الاربع او الخمس القادمة. بحسب رويترز.

وأضافت أن الرئيس ووزراءه اتفقوا معها على أن المشاكل لاتزال قائمة وأنهم أبدوا التزاما حقيقيا بحقوق الإنسان. لكنها أشارت الى أن على الحكومة التعامل مع الانتهاكات المزعومة وخاصة الانتهاكات الجنسية من قبل قوات الأمن ومسؤولي الحدود مع المهاجرات. وقالت بيلاي "خلال زيارتي لمعبر حدودي ناء في لوندا نورت بلغ إلى علمي أن الانتهاكات الجنسية مع المهاجرات لاتزال مستمرة وكذلك سرقة الممتلكات."

القضاء على الفقر

من جهة أخرى أقر مسؤولون ماليون من انحاء العالم هدف البنك الدولي بالقضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030 واكدوا ضرورة أن ينصب الاهتمام على ضمان استفادة الفقراء من النمو القوي والرخاء المتزايد في الدول النامية. وقال رئيس البنك الدولي جيم يونج "لأول مرة في التاريخ نلتزم بوضع هدف للقضاء على الفقر. لم يعد تحرير العالم من الفقر مجرد حلم بل حددنا مهلة نهائية للقضاء عليه."

ويرمي الهدف الموضوع لخفض نسبة من يعيشون في فقر مدقع إلى ثلاثة بالمئة على مستوى العالم ويستهدف أفقر 40 في المئة من سكان كل دولة نامية على حده. وتنمو الاقتصادات النامية بنحو ستة بالمئة سنويا وتنتشل في كل عام الملايين من الفقر ما يساعد في تكوين طبقة وسطى جديدة على مستوى العالم. وقالت لجنة التنمية "ندرك ان النمو الاقتصادي المستدام يحتاج للحد من التفاوت. والاستثمارات التي تهيئ فرصا لجميع المواطنين ودعم المساواة بين الجنسين هدف مهم في حد ذاته فضلا عن كونه جزءا لا يتجزأ من تحقيق الرخاء."

ويسعى الهدف الجديد لتوجيه أعمال البنك الدولي ويتزامن مع جهود الأمم المتحدة لوضع استراتيجية لمكافحة الفقر لما بعد عام 2015 تحل محل الأهداف الحالية. وأظهرت أحدث أرقام أصدرها البنك الدولي أن نسبة الفقر في العالم انخفضت إلى 21 بالمئة في 2010 من 43 بالمئة في 1990 ويتركز معظم الفقراء حاليا في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى وجنوب اسيا في حين نجحت الصين في خفض نسبة الفقر المدقع. بحسب رويترز.

وقال كيم إن الوزراء بحثوا التغيرات المناخية والحاجة لمزيد من الاستثمارات في الصحة والتعليم.

وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي إن أفضل فرصة لمكافحة الفقر المدقع في الفترة التي تسجل خلالها الاقتصادات النامية نموا قويا. وتابعت "التوقيت أهم شيء" مضيفة ان التعافي الاقتصادي العالمي يسير بسرعة كبيرة بفضل نمو قوي في اقتصادات ناشئة ونامية وقالت إن الصندوق سيعزز استشاراته للدول النامية بشان السياسات الخاصة بالموارد الطبيعية وتوفير فرص عمل وتطوير القطاع المالي ودعم السلع والاحتياجات الاساسية.

حياة الفقراء

في السياق ذاته يستعد براتيسلاف ستوكيوفيتش لإمضاء ليلة باردة اخرى داخل قبر في مدافن قديمة في نيس جنوب صربيا، حيث يقيم منذ عشر سنين. ويقيم هذا الرجل مع جار وحيد له يدعى الكسندر دييتش في هذه المقبرة المهجورة. ويقول "لم أسرق شيئا، ولم ادنس القبر الذي اقيم فيه، فقد كان مفتوحا عندما لجأت اليه".

وقبل عشر سنوات، توفي والد براتيسلاف البالغ من العمر اليوم اربعين عاما، من جراء حريق شب في منزلهما. ووجد الشاب نفسه من دون عمل ولا مأوى، ولم يجد من يساعده، فلم يكن أمامه خيار سوى اللجوء الى المقبرة. ويقول "لا أخاف من الموتى، ارواحهم هناك حيث يجب ان تكون، في الجنة او في الجحيم، أما رفاتهم فهي لا تؤذي أحدا". ويقيم براتيسلاف والى جانبه ثلاثة توابيت حديدية فيها رفات عائلة لا يزورها احد. ويقول "اتجنب فقط ان انظر كثيرا الى التوابيت".

اما الكسندر البالغ من العمر 53 عاما، فهو يسكن في المقبرة منذ عشرين عاما، وتحديدا في قبو شيدته في العام 1929 "انجيلينا فيزيليتش، الابنة البارة لامها ميلينيا". ويقتصر أثاث هذا الرجل وممتلكاته على بعض الاواني المملوءة بالماء العكر، وكومة من الحقائب البلاستيكية مع بقايا اطعمة وملابس بالية. وهو على غرار جاره لم يسبق له ان حصل على عمل.

ويقول براتيسلاف "تدربت على العمل في ورشات البناء، لكنني لم اعثر على عمل ابدا"، مستذكرا ايامه الاولى من دون مأوى في التسعينات بينما كانت البلاد تغرق في الحرب الدامية. وأدت العقوبات الدولية على بلغراد بسبب دورها في هذه النزاعات في يوغسلافيا السابقة، الى تفاقم ازمة المشردين. فقد خسر الاف الاشخاص وظائفهم وغرقوا في الفقر بينما كانت البلاد تشهد انهيارا اقتصاديا.

وبحسب الاحصاءات الرسمية، يعيش 7% من السكان البالغ عددهم 7,2 مليون تحت خط الفقر. وتضم البلاد 200 الف مشرد، بحسب دراسة اعدتها في العام 2012 منظمة غير حكومية محلية اسمها "هاوسينغ سنتر". ويعاني 22,5% من السكان من البطالة، في بلد يستقبل حوالى 300 الف نازح صربي هربوا من جحيم المعارك في اقاليم يوغسلافيا السابقة.

ويقتات "رجلا المقابر"، كما يسميهما السكان، بقايا الطعام المرمية في حاويات القمامة في الحي. وفي بعض الاحيان، يجلب جيرانهما لهما بعض الطعام والملابس القديمة، والقليل من المال احيانا. ويقول براتيسلاف انه يستحم في حمام عام، ويكلفه ذلك 180 دينارا (1,5 يورو). ويضيف "لكن الحمام يبعد مسافة ساعتين سيرا على الاقدام، وفي الشتاء اضطر الى ركوب الحافلة وهذا يكلفني 120 دينارا ايضا..الامر صعب".

وتضم 12 مدينة في البلاد مراكز لرعاية المشردين، لكن القدرة الاستيعابية لهذه المراكز لا ترقى الى مستوى الاحتياجات، بحسب ميرنا يوكيتش المتطوعة في مركز للمشردين في بلغراد. وتضيف "لدينا 300 سرير، لكن الاحتياجات اكبر من ذلك بثلاثة اضعاف". وتوضح ان أمثال بريتسلاف والكسندر ليسوا مشمولين اساسا في هذه الرعاية لأنهم لا يملكون اوراقا ثبوتية.

وتقول "انها حلقة مفرغة، انهما بحاجة الى اوراق ثبوتية كي يحصلا على المساعدة الاجتماعية، ولا يمكن الحصول على اوراق ثبوتية من دون وجود مكان اقامة". ويعيش الرجلان في مكان اقامتهما "بسلام"، فلا احد يزور المقبرة باستثناء بعض المدمنين بين الحين والآخر. ويسعى براتيسلاف دوما الى عدم اصابة المارين النادرين بالرعب "لأن رؤية انسان حي يخرج من القبر امر مروع".

الى جانب ذلك دخلت امرأة مسنة تبلغ من العمر 80 سنة في إضراب مفتوح عن الطعام بمدينة فاس وسط المغرب احتجاجا على معاشها الهزيل الذي لا يتجاوز 176 درهما في الشهر (16 يورو). وقال ابنها بنعيسى ان أمه "نقلت الى المستشفى في وضعية صحية متدهورة بعد أيام من الإضراب عن الطعام احتجاجا على مشاكلها الكثيرة". وأضاف بنعيسى ان سبب إلاضراب عن الطعام هو "طرد وكيل الملك في المدينة لأمي بعد تقدمها بشكاية إليه حول أوضاعها الاجتماعية".

وأوضح نجل الثمانينية المضربة ان "تصرف المسؤول أثار حفيظة امي التي تعد في عمر والدته فأحست أنه مس بكرامتها فقررت الإضراب عن الطعام، وهي تطالب اليوم بكرامتها وإنصافها". ويبلغ معاش فطوم الجزولي الموجودة حاليا في المستشفى 176 درهما، حسبما أفاد ابنها بنعيسى "ورثته عن والدي الذي اشتغل 20 سنة في القوات المسلحة الملكية، وستة أشهر و22 يوما مع الجيش الفرنسي".

من جهتها أوضحت حفيدة المضربة عن الطعام نبيلة أنكود ان جدتها "تقدمت بعدة شكايات الى الجهات المسؤولة من بينها مؤسسة الحسن الثاني للتضامن في الدار البيضاء المكلفة بالأرامل وذوي الحقوق، وكذلك وزارة العدل، وإحدى الأميرات، لكن لم تجد أي آذان صاغية". وأضافت ان جدتها "تطالب بالكرامة، فمن غير المعقول ان يكون معاش امرأة مثلها حملت السلاح وشاركت في المقاومة ضد الاستعمار، وهي ترفض رغم أن لها ثمانية بنات وولدا واحدا، ان تعيش بدون سكن وترتحل بينهم". وحسب الرسالة الموجهة لنائب وكيل الملك تقول فطوم "طرقت أبواب جميع المؤسسات لتسوية وضعيتي وتمكيني من الاستفادة من معاش تكميلي لكن دون جدوى".

من جانبه قال عبد المجيد المكني مسؤول اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في مدينة فاس "تلقينا الملف المتعلق بهذه السيدة، وهو ليس من اختصاص وكيل الملك وإنما إدارة الدفاع، وقد حولنا هذا الملف الى مصلحة الشؤون الاجتماعية في هذه الإدارة وقد وعدت بدراسته وتقديم جواب في أقرب الآجال". بحسب فرانس برس.

وصادقت الحكومة التي يقود تحالفها حزب العدالة والتنمية الإسلامي على رفع الحد الأدنى للمعاشات الى 1000 درهم مغربي (90 يورو)، لكن بنعيسى يقول ان "أمي لم تستفد نهائيا من هذا القرار، ولو استفادت لما دخلت في إضراب عن الطعام. وقال مصطفى الفلاحي محامي العجوز المضربة عن الطعام "هناك عدد من المحامين سيترافعون عن هذه السيدة بدون مقابل، وسنرفع دعوى قضائية ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/آيار/2013 - 9/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م