مجالس المحافظات العراقية... إرث ثقيل وحاضر معقّد

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: انتهت مؤخرا دورة انتخابية جديدة لمجالس المحافظات، تم خلالها اختيار أعضاء جدد وقدماء لعضوية المجالس الجديدة في معظم محافظات العراق، باستثناء محافظتي الانبار ونينوى ومحافظات كردستان، وقد أفرزت الانتخابات الاخيرة جملة من المؤشرات تدل بوضوح على تدنّي إقبال الناخبين على صناديق الاقتراع، بسبب وصول الناخب الى حالة كبيرة من اليأس والتذمر والسخط المكبوت، فضلا عن انتشار حالة اللامبالاة ازاء ما يحدث في المشهد السياسي والاقتصادي والخدمي المتردي.

إنه واقع معقد، كما هو واضح للجميع، بسبب تلكّؤ المجالس السابقة في ادارتها للمحافظات، وهناك نواقص كثيرة رافقت عملها، ولعل أبرزها وأكثر إثارة للقلق والغرابة، إعادة نسب عالية من الميزانيات المخصصة للمحافظات الى خزينة الدولة، بحجة عدم القدرة على صرفها في مجالات الاعمار والحاجات الخدمية الاخرى، حيث تسود الاحياء السكنية الغنية والفقيرة على حد سواء، حالة من الفوضى الهائلة (مزابل واوساخ وحفريات وموجات غبارية على مدار الساعة) وكأن البلد معرض لعواصف ترابية مستمرة، الامر الذي يدل بوضوح على تقاعس المسؤولين السابقين في حكم وادارة المحافظات، وفي تأدية واجباتهم كما يجب، مع تحقيق نسب معينة للنجاح لدى بعض الحكومات المحلية، كما نلاحظ ذلك في مدينة العمارة والنجف ايضا الى حد ما.

إن كثيرا من اعضاء الحكومات السابقة اصبحوا اليوم خارج مناصبهم، بعد أن فشلوا في الصعود مرة اخرى، وهم الآن ينظرون بحسرة الى كراسيهم، ويسمعون تمام السمع ما يطلقهُ الناس عليهم من (تقريع)، بسبب عدم قيامهم بمسؤولياتهم كما يجب وهم في مناصبهم القيادية التي كانت تؤهلهم لتقديم الخدمات للناس، وهذا هو دورهم الحقيقي وليس الجلوس على الكرسي وعقد الصفقات المتبادلة (لتكوين النفس وضمان المستقبل الفردي والعائلي) كما يفكر بعضهم، إن ذاكرة الفقراء لا تنسى ابدا من يسيء إليهم، وأن الاسماء التي أساءت إليهم ستبقى محفورة الى الابد في ذاكرتهم، تتناقلها الاجيال جيلا بعد جيل، وهل نسيَ العراقيون أو سواهم من يسيء إليهم ويحرمهم من حقوقهم ويسرق ثرواتهم واموالهم؟ طبعا لن ينسى الناس المسؤولين الذين أساؤوا لهم وتسببوا في حرمانهم من ابسط حقوقهم.

وهكذا نلاحظ إن الارث ثقيل، ولكن هل سيستثمر المسؤولون الجدد في الحكومات المحلية أخطاء السابقين، وهل ستبقى أبوابهم مفتوحة للمواطن كما يُفترض بالمسؤول أن يفعل، أم أنهم سيغلقون أبوابهم وهواتفهم، وينشغلون بمصالحهم ؟ مثل بعض السابقين الذين اصبحوا خارج الكراسي والمناصب، تأكلهم الحسرة والخسران على ما مضى منهم، لأن هؤلاء لن يجدوا فرصة اخرى لتصحيح اخطائهم مع الشعب، وكل من يضر الشعب سيكون مصيره الخسارة والخذلان، كما يؤكد ذلك التاريخ والتجارب!.

فهل سيقوم أعضاء المجالس الجدد بواجباتهم ومهامهم كما يجب، وكما هو مطلوب منهم، أم انهم سيعيدون الكرّة والوقوع في الاخطاء نفسها التي وقع فيها السابقون؟، إن المطلوب من أعضاء المجالس الجديدة والحكومات المحلية التي سوف تتشكل قريبا، أن تعوض الناس عما لحقهم من اضرار جسيمة في قطاع الاعمار، والخدمات كافة لاسيما النقص الحاد في الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب، فضلا عن السعي في اقامة وبناء مشاريع الترفيه المختلفة، لعموم الناس وحسب فئاتهم العمرية (الاطفال والشباب وكبار السن)، لذلك لابد أن يتعلم أعضاء مجالس المحافظات الجديدة من اخطاء الاعضاء السابقين، لكي لا يخسروا ولا يكونوا تحت رحمة اللوم والنقمة والسخط.

أما الاستفادة من اخطاء السابقين، والنجاح في خدمة المواطنين، فهي تتطلب شخصية حازمة قانعة متوازنة زاهدة ومؤمنة، فضلا عن القيام بالخطوات الفعلية التي تؤكد تأدية المسؤولية كما ينبغي، لذا مطلوب من مجالس المحافظات الجديدة ما يلي:

- تعويض المواطنين عمّا لحق بهم من سوء ادارة للحكومات المحلية السابقة.

- فتح باب المسؤول على مصراعيه لجميع المواطنين، وتبليغ الاستعلامات والحماية بالتعامل الحسن والاخلاق الكريمة مع المراجعين.

- الاهتمام بالمواطن كما يهتم المسؤول بنفسه وذويه وصديقه وقريبه، اذا لم يفضله على هؤلاء جميعا، في التعامل وفي قضاء الحوائج.

- أن يستفيد الاعضاء الجدد من جميع الاخطاء التي وقع بها السابقون في الادارة والتنفيذ.

- أن تتحرك الحكومات المحلية الجديدة بقوة لمعالجة ظاهرة الحفريات، والمزابل والنفايات، ومعالجة موجات الغبار في الاحياء السكنية.

- ان يتم الشروع بتنفيذ المشاريع الخدمية ومنها الصحية والتعليمية فورا.

- أن تفتح الحكومات ابواب الاستثمار الداخلي والخارجي على مصراعيه واستنفاد الميزانية كاملة، ضمن ضوابط حازمة ورادعة تضمن حماية المال العام، وصرفه في المشاريع الحكومية الخدمية كما يجب.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/آيار/2013 - 7/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م