شبكة النبأ: ما زال الاستاذ ستار جبر
محيسن يستذكر تلك الأيام التي قضاها مع زملائه في المرحلة المتوسطة وهم
يرتقون سلم المدرسة يوميا ليتسابقوا للحصول على مقعد في المكتبة كي
يتصفحوا مطبوعا أو مجلة جديدة تخاطب عقول الشباب أو هواياتهم التي
يعشقونها اضافة الى الكتب والكراسات الصغيرة الحجم التي فتحت عقولهم
لأول مرة.
التدريسي ستار لم يلاحظ أي وجود لهذه المكتبة وهو يتجول في أروقة
مدرسة ولده في أحد اجتماعات أولياء الامور التي حضرها, الأمر الذي دفعه
الى سؤال أحد المعلمين عنها وعن غياب تلك الرفوف التي تسطر عليها أنواع
الكتب العلمية والتاريخية والأدبية اضافة الى القواميس، وكذلك الأطالس
التي يتجول معلم المادة بقلمه ما بين مدن العالم وبحارها على الخرائط.
غرفة مهجورة
الطالبة نورعبد العباس في الصف الثاني المتوسط من مدرسة الرقيم
عندما سألتها عن مكتبة المدرسة قالت: "لدينا في الطابق الارضي لبناية
المدرسة غرفة مهجورة كتبت عليها لافتة (المكتبة المدرسية) لم أدخلها
على الاطلاق منذ بداية الموسم الدراسي وهذا حال زميلاتي، فقد منعنا من
الدخول بسبب عدم أهليتها فهي خالية من الرفوف والتي خلت بدورها من
الكتب أضافة الى انعدام وجود المقاعد والطاولات الخاصة بالقراءة، كما
لا يوجد في المدرسة إلا مختبر واحد نرتاده أثناء حصص مادتي الأحياء
والكيمياء, لذلك طالبنا مدرسة مادة اللغة العربية أثناء حديثها عن
أهمية المطالعة الخارجية والقراءة التي تفتح لنا آفاقا واسعة من
الاطلاع والمعرفة، بأهمية أن تكون لدينا مكتبة في المدرسة فليس كل
الطالبات لديهن امكانية شراء الكتب الخارجية التي يكون سعر أصغر كتاب
لا يقل عن (5000) دينار".
ولم تختلف إجابة التلميذ عباس علاء في الصف السادس ابتدائي من مدرسة
ابن سينا، عندما سألته عن المكتبة المدرسية إذ قال: "أنا في هذه
المدرسة منذ الأول ابتدائي وها أنا في السادس الأن ولم أتذكر على
الاطلاق أني دخلت الى تلك الغرفة التي تسمى مكتبة المدرسة كما أننا لم
نطالب الادارة أو حتى مرشدتنا بأن ندخل الى تلك الغرفة لأننا نجهل ما
فيها وما هو دورها بالتحديد، فنحن فقط نكتفي بقراءة منهجنا الدراسي فقط
ولا نزيد عليه أو ننقص، وحتى مادة المطالعة والتعبير فلا نقوم نحن
بالتعبير عما تريده معلمة المادة الا بعد أن نستعين بوالدينا في البيت
للكتابة لنا وقتها نحفظ ما يكتبون عن ظهر قلب نتيجة لصعوبة هذه المادة
وصعوبة أن نكتب أي موضوع انشائي بسبب عدم وجود مكتبة في المدرسة نستقي
منها مصادرنا".
توسع على حساب المكتبة
مدرّس اللغة العربية رحيم غازي عباس من متوسطة القرطاس للبنين كان
له هذا الرأي: "لا يمكن انكار أهمية المكتبة المدرسية وخاصة لتلاميذ
الابتدائية كما أننا نستذكر دورها الفاعل منذ مراحل دراستنا المتوسطة
والاعدادية بل وحتى الجامعية،إذ كان اساتذتنا يجبرون الطالب على البحث
والاستقصاء عن المصادر بلهفة في تلك المكتبة لإقامة الأبحاث والنشرات
المدرسية ليكرّم الطالب عليها بدرجات عالية, ولكن في الوقت الحالي
ارتفعت بشكل كبير معدلات الطلبة وقلة المدارس وازدواجية الدوام الذي قد
يصل في بعض الإحيان الى ان يكون ثلاثياً وما يرادفه من تقليل وقت الدرس
وهذا بحد ذاته يشجع المعلم على استغلال الوقت داخل الصف بدلا من
الانتقال الى المكتبة، اضافة الى ان هذا الحال شجع إدارات مدارس كثيرة
على أن تزحف نحو استثمار جميع غرف المدرسة لتحولها الى صفوف دراسية رغم
أهمية وجود المكتبة والمختبر وغرفة للرياضة، وها نحن نشهد كثيراً من
اللجان التربوية التي تقوم بزياراتها لنا من أجل مطالبة الادارة
باستيعاب اكبر عدد من الطلبة على حساب كل من المكتبة والمختبر وقاعة
الحاسوب".
لا تعيينات لأمين المكتبة
فيما الاستاذ حيدر مهدي: "في الكثير من دول العالم تكاد أهمية
المكتبة المدرسية تكون بأهمية الصف الدراسي فهي تقع دائما في الطابق
الاول حتى تكون أمام أنظار الجميع لزيارتها يومياً، كما ان هذه
المكتبات لا تحتوي على الرفوف المليئة بالكتب والمراجع فقط بل نجد
أعدادا كبيرة من الافلام والاشرطة الصوتية وادوات العرض واجهزة الحاسوب
والوسائل الإيضاحية الاخرى التي قد يحتاجها المعلم وانا لا أنكر أننا
كإدارات وتدريسيين وحتى مديريات التربية لم نولِ هذا الموضوع الأهمية
الكافية بل حتى صفة (أمين المكتبة ) نجدها قد تلاشت من تعيينات وزارة
التربية.
مديرة مدرسة الابتدائية الست (اشواق الكريطي) لم تكتم سرّاً عندما
أوضحت أنها اصيبت بالحرج الكبير عند مطالبة مجموعة من الطلاب تخصيص
إحدى الغرف في المدرسة كي تكون مكتبة واستعدادهم الكامل بأن يقوموا
بجمع مبلغ من المال لتجهيزها بمجموعة من الكتب, كما قالت: "لا شك ان
المكتبة المدرسية تخدم الطالب والتدريسي بشكل كبير إذ ما تم الربط ما
بين المنهاج الدراسي والمكتبة بالنسبة للطالب وتخدم المعلم ايضا لأن
المعلم لا يمكنه الاكتفاء بما تعلمه بل يجب أن يطوّر من تطلعاته
وقراءاته كي يخدم العملية التعليمية خاصة أن الطالب يعتبر معلمه المصدر
الأكبر للمعلومات, ولا شك ان تغيير المنهاج المدرسي وخاصة مادة اللغة
العربية والتي أصبحت أصعب بكثير مما سبقه أصبح يتطلب الاهتمام بهذا
الموضوع من قبل الجميع سواء كانوا تدريسيين أو إدارة أو وزارة".
رأي مديرية التربية
الاستاذ كاظم الاسدي قال، حسب توجيهات وزارة التربية يجب ان تكون
لكل مدرسة سواء كانت ابتدائية أو متوسطة أو إعدادية مكتبة مدرسية خاصة
بها وأن تكون حصة المطالعة في مادة اللغة العربية حصرياً داخل المكتبة
وهذا من باب الاهتمام بالمكتبة وتفعيل دورها في المدرسة, حيث تقوم
الوزارة برفد هذه المكتبة بعدد كبير من الكتب والمعاجم والمصادر من
خلال قيام الوزارة بشراء هذه الكتب من المعارض السنوية التي تشترك بها
الوزارة وتوزعها بين المدارس سواء في بغداد أو المحافظات".
وبشأن تفعيل دور المكتبة من قبل ادارات المدارس، قال: "الخلل هنا
يقع على عاتق ادارات هذه المدارس والتدريسيين بل ان وزارة التربية
لديها مقترح الآن بتوزيع الصحف بشكل يومي بين المدارس ومكتباتها حتى
تكون على مقربة من المدرسين والطلاب للاطلاع عليها". |