البدانة... وراثة ام داء ام افراط؟

 

شبكة النبأ: البدانة مشكلة عالمية يعاني منها الكثير من البشر في مختلف دول العالم، هي لا تقتصر على فئة عمرية محددة كما يقول بعض المتخصصين فهي تصيب الجميع، وتعرف البدانة بأنها زيادة وزن الجسم عن الوزن المثالي بأكثر من 20% ، إن البدانة التي يعاني منها الكثيرون ناتجة عادة عن انعدام الوعي الغذائي وزيادة كمية الطعام مع الإساءة في اختيار النوعية مع قلة في المجهود والحركة المبذولة ووزن الجسم الزائد مرتبط بالعديد من الأمراض المشاكل الصحية والنفسية.

وأسباب البدانة عديدة ومتنوعة أهمها العوامل الوراثية، الإفراط في تناول الطعام، اتباع عادات غذائية خاطئة، قلة النشاط والحركة، أمراض في الغدد الصماء، أو العلاج ببعض الأدوية.

وفي هذا الشأن ذكرت دراسة بريطانية أن زيادة الوزن مضرة بالقلب، حتى لدى النساء النحيفات. وأفادت الدراسة التي نشرت في دورية "بي إم سي ميديسن" الطبية بأنه مع كل زيادة 5 وحدات في مؤشر كتلة الجسم، يزداد خطر إصابة النساء بأمراض القلب بنسبة 23%، أي ما يعادل التقدم بالسن عامين ونصف. وتابع باحثون من جامعة أوكسفورد حالات مليون و200 ألف امرأة في إنكلترا واسكتلندا على مدى 10 سنوات.

ووجدوا أن خطر إصابتهنّ بداء شريان القلب التاجي لا يزداد مع تقدمهنّ في السن فحسب، بل أيضاً مع ارتفاع، ولو طفيف، في مؤشر كتلة الجسم. ويشار إلى أن مؤشر كتلة الجسم هو المقياس المتعارف عليه عالمياً لتمييز الوزن الزائد عن السمنة وعن النحافة، وهو عبارة عن العلاقة بين وزن الشخص وطوله، وقد حددت منظمة الصحة العالمية المؤشر الطبيعي بين 18.5 و25.

وأشاروا إلى أن واحدة من بين كل 11 امرأة من اللواتي يبلغ مؤشر كتلة جسمها 21، سيتم إدخالها إلى المستشفى أو ستتوفى جراء داء شريان القلب التاجي بين عمر الـ55 والـ74. غير أنهم أشاروا إلى أن خطر الوفاة بداء شريان القلب التاجي بين سني الـ55 والـ74 يزداد بشكل تصاعدي مع ارتفاع مؤشر كتلة الجسم، ليشمل امرأة من بين 6 من اللواتي يبلغ مؤشر كتلة جسمهنّ 34.

في السياق ذاته كشفت دراسة أميركية لفريق بحث في معمل النوم وعلم الأحياء بجامعة "كولورادو"، أن نقص النوم يؤدي إلى البدانة والإقبال على تناول الطعام، خاصة المواد السكرية، لدى الشباب والأطفال الذين ينامون أقل من سبع ساعات في اليوم. التجارب أجريت على مجموعة من المتطوعين، وضعوا في حجرة تحت المراقبة لتحديد استهلاك كل فرد للطاقة. وأظهرت المتابعة إقبال مجموعة البحث على تناول كميات كبيرة من الطعام بطريقة غير محددة، مثل الفاكهة والزبادي والمثلجات والشيبس، وزيادة إفراز هرمونات فتح الشهية لديهم.

الى جانب ذلك يقول المثل الأميركي الشائع "إن تفاحة واحدة في اليوم تبقيك بعيداً عن الطبيب"، ولكن يبدو أن هذا المثل لا ينطبق في حال كان شكلك كالتفاحة، فقد أظهرت دراسة جديدة أن الذين يعانون من السمنة في البطن عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بأمراض الكلى. وذكر موقع "لايف ساينس" أن باحثين في هولندا، أجروا دراسة شملت 315 رجلاً وامرأة، أظهرت أن الذين يكون عندهم معدل الخصر إلى الورك مرتفعاً، أي الذين يخزنون الدهون في البطن أكثر من الوركين (ما يشبه شكل التفاحة)، يرتفع عندهم ضغط الدم في الكليتين حتى إن كانوا لا يعانون من وزن زائد.

وعلى مرور الوقت، يُلحق ارتفاع ضغط الدم الضرر بالأوعية الدقيقة في الكليتين ما يحدّ من قدرتها على تصفية النفايات من الدم. وأظهرت الدراسة أن كل وحدة زيادة في معدل الخصر إلى الورك ترتبط بتراجع تدفق الدم في المصافي الأكثر دقة في الكلية بمعدل 4 مليلتر في الدقيقة. ونشرت الدراسة في دورية الجمعية الأميركية لطب الكلى.

إدمان الطعام

على صعيد متصل يستحيل على المرء الامتناع عن تناول الطعام، بالطبع، لكن الشيء الممكن هو العزوف عن الإفراط في تناوله وانقسمت آراء العلماء بشأن ما إذا كان الإدمان قد يسهم أم لا في زيادة السمنة عالميا. فهل يوجد بالفعل ما يعرف باسم إدمان الطعام، وإن كان موجودا بالفعل، كيف يمكن معالجته؟

يتسم تناول موضوع الإدمان، حال تناوله بجدية، بصعوبات بالغة، مثله كمثل مساعي من يرغب في الامتناع عن التدخين او المسكرات او حتى الكافيين. ولعلاج الإدمان، تستخدم أساليب جربت من قبل مثل الامتناع عن الذهاب الى الحانات لفترة، أو عدم تدخين السجائر في المنزل. وحتى في حالة تطبيق هذه الإجراءات، يعاني الناس دائما منها بل ويخفقون في تحقيق النتائج المرغوبة من وراء تطبيقها.

وفي الوقت الذي تواصل فيه معدلات السمنة ارتفاعها، بدأت الدوائر العلمية البحث عن مكامن التشابه بين الافراط في تناول الطعام والإدمان. ويمول الاتحاد الأوروبي مشروعا يطلق عليه (نيوروفاست NeuroFAST) يهدف الى تجميع أدلة على وجود صلات وتشابه. ويتناول الباحثون القضية بشيء من الحذر، فحتى الآن يوجد نمط واحد من الاضطراب المتعلق بتناول الطعام ويعتقد أن الإدمان يلعب دورا فيه، انه اضطراب الإفراط في تناول الطعام أو ما يطلق عليه (Binge Eating Disorder)، وهو عرض جانبي يسبب في العادة الإصابة بالسمنة.

فعلى الرغم من اننا نتجه الى التقليل من أهمية فكرة الإدمان وصلته بالغذاء، فإننا نجد ان الكثير منا يصف نفسه بمدمن للشيكولاتة ان اضطراب الإفراط في تناول الطعام لهو شيء يحكم قبضته على الناس بل ويستحوذ عليهم. هذا الاضطراب يسبب ضررا بدنيا ونفسيا ويصبح مأساة بمعنى الكلمة، مثلها مثل صنوف الإدمان الأخرى.

قال مايكل، وهو مثقف كان يعاني في السابق من الافراط في تناول الطعام، "من الصعب على الآخرين فهم ذلك، فكل واحد يفرط في تناول الطعام، انها تجربة صعبة تماما، انه ولع يومي دائم بشأن تناول الطعام. من جهة اخرى تقدم لويز شهادة مؤكدة تتعلق بادمان تناول الطعام في العمل. فضلا عن كونها عانت من مشكلة كبيرة تتعلق بتناول الكحوليات، وهي تفهم معنى الادمان اكثر من أي شئ آخر. وقالت "اعتقد ان الشيء الأكثر متعة هو التشابه في السلوك." وأضافت "بوصفي مدمنة للكحوليات كنت أذهب الى مختلف المتاجر غير المرخصة لشراء الكحول، وكنت أذهب أيضا الى مختلف الاكشاك لشراء الشيكولاتة." وقالت "كنت احضرها خلسة الى المنزل، اذ كنت لا أرغب في ان يراني احد، كنت اخفي الطعام، مثل زجاجات الكحول المخبأة، بل واخفي الفارغ."

وتقول نورا فولكاو، عالمة الاعصاب البارزة ورئيسة المعهد الوطني لمكافحة سوء استخدام العقاقير في الولايات المتحدة، إن هناك عوامل حيوية تكمن وراء ما وصفه مايكل ولويز. وتوصلت فولكاو الى أن الناقل العصبي الذي يطلق عليه دوبامين، المعروف ارتباطه بحدوث الادمان، يسلك نفس السلوك داخل المخ كسلوكه مع من يعانون من حالة إدمان شديدة للمخدرات ومع من يعانون من السمنة. وهذا بالنسبة لها عبارة عن دليل دامغ على إمكانية إدمان الغذاء، أو تناول الطعام.

ولا تحظى فكرة فولكاو على اتفاق من الجميع، اذ تقول جين اوجدين، استاذة الطب النفسي بجامعة ساري، ان توصيف الحالة بإدمان قد يؤثر سلبا على من يعانون من الافراط في تناول الطعام، اذ يزيل صبغة المسؤولية الشخصية ويعترض سبيل التعافي. وقالت "يقدم لنا عالم الادمان صورة قوية تفيد بعدم إحكام السيطرة في حالة حدوث رغبة داخل المخ تطلب أشياء بعينها مثل تناول المزيد من السكر او الشيكولاتة." لكن ان كان الغذاء أشبه بحالات الإدمان الأخرى، فعلينا ان نرصد تداخلا نظريا في تقديم العلاجات الناجحة.

ويهدف علاج الإدمان الى تحقيق حالة من الامتناع التام او الحد من الأضرار، على سبيل المثال وصف تناول عقار الميثادون (مخدر ومسكن) او تناول مضغات النيكوتين. ومما لاشك فيه أنه يستحيل على المرء الامتناع عن تناول الطعام، بالطبع، لكن الشيء الممكن هو العزوف عن الافراط في تناول الطعام. فبالنسبة لحالة لويز كان الامتناع عبارة عن تناول ثلاث وجبات صحية يوميا، مع عدم تناول القمح وكذلك الشيكولاتة. في حين كان الوضع بالنسبة لحالة مايكل هو وضع برنامج غذائي حدده الطبيب المتابع لحالته، فهو الذي يسمح له بما يتناوله من طعام.

وتتلاشى مخاطر إجراء الجراحة أمام المنافع الصحية التي تكمن وراء فقدان الوزن الزائد للجسم وتغالي أنواع العلاجات الأخرى في شدتها، فبالنسبة لحالة ادمان الكحوليات، تتبدل حالة الجسم ليصبح رافضا للكحوليات عن طريق وضع عقار يعرف باسم عقار انتابيوز (وهو اسم مرادف لثنائي السلفيرام Disulfiram) لعلاج الادمان الكحولي. وان حدث وامتص الجسم الكحول، يحدث رد فعل عكسي يأخذ شكل الغثيان. بحسب بي بي سي.

وبالمثل في حالة الافراط في تناول الطعام ، تتبدل حالة الجسم عن طريق إجراء جراحات السمنة التي تهدف إلى تقليل حجم المعدة. قد يبدو الامر قاسيا لكنه يحقق نتائج بالنسبة لبعض الاشخاص، حيث تتلاشى مخاطر إجراء الجراحة أمام المنافع الصحية التي تكمن وراء فقدان الوزن الزائد للجسم. بل تثمر النتيجة عن زيادة عمر الفرد دون الاصابة باعتلالات في القلب والحركة، كما يكون لتنظيم الغذاء أثره في تحسين جودة الحياة بالنسبة للافراد. إن العلاقة بين الغذاء والإدمان تتسم بالتعقيد الشديد، كما أننا مازلنا لا نفهم الكثير بشأنها.

الماء والطعام

من جانب اخر يُعد تناول الماء قبل الوجبات الأساسية من الوسائل الشائعة لتحقيق هدف إنقاص الوزن، غير أن هذه الوسيلة محل جدل كبير بين خبراء التغذية. وأوضح خبير التغذية الألماني ستيفان لوكس أنه غالباً ما يتبع الراغبون في إنقاص وزنهم هذه الطريقة، لتعزيز شعورهم بالشبع قبل البدء في تناول الطعام، ومن ثمّ تقل كميات الطعام التي يتناولونها بالوجبة التالية.

وأضاف لوكس، من الجامعة الألمانية للوقاية والإدارة الصحية بمدينة زاربروكين، أن الدراسات أثبتت أن تناول خمسمئة ميللتر تقريباً من الماء أو غيرها من المشروبات الخالية من السعرات الحرارية يمكن أن يعمل على تقليل امتصاص الجسم للسعرات الحرارية من الوجبة التالية بمعدل يصل إلى ستين سعرا حراريا في المتوسط.

وأوضح الخبير الألماني أنه بإتباع هذه النصيحة على مدار عام كامل يمكن أن فقد 21 ألف سعر حراري، أي ما يعادل نحو ثلاثة كيلوغرامات من وزن الجسم، مستدركاً "يجب الانتباه إلى أن إتباع هذه الطريقة لا يمثل الحل السحري لإنقاص الوزن، حيث يمكن أن تتسبب في حدوث نتائج عكسية, لأن تناول كميات كبيرة من الماء يسهل عملية الهضم ويزيد من سرعتها في المعدة, ومن ثم يمكن أن يشعر الإنسان بالجوع من جديد في وقت أسرع".

وأكد لوكس أنه لا يمكن إطلاق حكم عام وشامل في هذا الشأن، ولا يمكن لأي شخص تحديد جدوى هذه الطريقة إلا من خلال التجربة العملية ومراقبة شعوره واستجاباته الجسدية عند إتباعها.

وللحد من إمداد الجسم بالسعرات الحرارية على نحو أفضل، يوصي لوكس بالاستغناء عن الوجبات الخفيفة التي يتم تناولها بين الوجبات الأساسية كرقائق البطاطس المحمرة والشوكولاتة والمقرمشات.

كما ينصح الخبير الألماني بتناول الوجبات الأساسية بمعدل بطيء على نحو مقصود إلى أن يشعر المرء بإحساس الشبع الطبيعي وألا يحول انتباهه أثناء تناول الطعام إلى أي شيء آخر كمشاهدة التلفاز مثلاً، كي يدرك جيداً الكميات التي يتناولها وينتبه لمؤشرات الشبع، ومن ثم يمكن الحد من كمية السعرات الحرارية التي يتم تناولها على مدار اليوم بشكل واضح.

من جهة اخرى غالباً ما يُكتب على علب الطعام الموجودة في الأسواق قائمة بمحتويات العلبة من مواد غذائية مع مقدار الطاقة في كل مادة، لكن يبدو أن الرقم يختلف في حالتي الطعام النيئ أو المطبوخ، ففي تجربة أجريت على الفئران، وُجد أن الفئران التي أعطيت طعاماً مطبوخاً، كانت أكثر وزناً من الفئران التي أعطيت طعاما نيئاً. ويصرف الجسم كمية من الطاقة على عملية هضم الطعام كالطاقة اللازمة للمضغ وإنتاج العصارات الهاضمة وحركة الأمعاء، ولا تؤخذ هذه الكمية من الطاقة بالحسبان عند حساب عدد السعرات الحرارية، التي تحتويها أي مادة غذائية.

ويحتاج الطعام النيئ لطاقة هضم تزيد عن الطاقة اللازمة لهضم الطعام المطبوخ، تراوحت هذه الزيادة بين 10% و40% في التجربة التي أجريت على الفئران، بكلمة أخرى، يحرض الطعام النيء الجسم على حرق كمية أكبر من السعرات الحرارية. في حين بينت دراسة أخرى، أن هضم سندويش مكون من الخبز الأسمر مع الجبنة الصفراء يحتاج لحوالي 60 سعرة حرارية، أكثر من هضم سندويش مكون من الخبز الأبيض والجبنة الطرية، أي أن تغييراً بسيطا في طريقة اختيار الطعام مثل استخدام الخبز الأسمر أو الطعام النيء يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في الحفاظ على الوزن، وذلك عن طريق إجبار الجسم على صرف الطاقة لهضمه.

وجبات الأطفال

قالت جماعة استشارية تعنى بالشؤون الصحية إن الوجبات المخصصة للأطفال في معظم سلسلة المطاعم الأمريكية لا تتوفر فيها أبسط معايير التغذية السليمة. وقال "مركز العلوم للصالح العام" في تقريره بعنوان"وجبات الأطفال: السمنة على قائمة الطعام" إن نحو 97 في المائة من قرابة 3500 وجبة إطفال قام بتحليلها تفتقر لأبسط المعايير الغذائية.

وصرحت مارغو ووتان، رئيسة قسم سياسة التغذية بالمركز "بالنظر إلى أن طفلا واحداً من بين ثلاثة أطفال أمريكيين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن، فأنه من المدهش للغاية بأن أبرز سلسلة المطاعم لا تزال تقدم الوجبات القديمة ذاتها كالهمبرغر، وقطع الدجاج المقلية والمعجنات بالجبن والصودا." بحسب CNN.

ويحدد المركز نسبة السعرات الحرارية في الوجبة المثالية للطفل بأن لا تتعدى 430 سعرة في الوجبة الواحدة، و770 ميليغرام من الصوديوم. ومؤخراً شهدت معدلات البدانة بين أطفال أمريكا تراجعاً محدوداً، رغم الجهود الحثيثة التي تقوم بها السلطات لمكافحة الظاهرة المتفشية بين الأطفال والبالغين على حد سواء.

في السياق ذاته وجدت دراسة جديدة أن الأطفال الذين يتناولون الطعام بشكل متكرر خلال اليوم، هم أقل عرضة للوزن الزائد بنسبة 22% مقارنة بأقرانهم الذين يتناولون الوجبات التقليدية الثلاث. وذكر موقع "هلث داي نيوز" الأميركي، أن الباحثين بجامعة "هاروكوبيو" اليونانية وجدوا من خلال مراجعتهم لـ 11 دراسة، أن الأطفال، وخاصة الذكور منهم، الذين يتناولون أكثر من 3 وجبات يومياً يقل وزنهم عمّن يتناولون الوجبات الـ3 التقليدية أو أقل منها. وظهر أن هؤلاء الأطفال أقل عرضة للسمنة أو الوزن الزائد بنسبة 22% .

وشملت الدراسة قرابة 19 ألف طفل في سن تراوح بين العامين والـ9 أعوام، حيث قارن العلماء الأطفال الذين يتناولون ما يزيد عن 3 وجبات صغيرة يومية، مع آخرين يتناولون أقل من 3 وجبات في اليوم. وتبيّن أن الأطفال الذين يأكلون بشكل متكرر في اليوم هم أقل عرضة للوزن الزائد، وخاصة الذكور منهم.

آثار عكسية

في السياق ذاته يوجّه الوالدان لأطفالهما الكثير من الأوامر المتعلقة بالطعام، مثل تناول كل الطعام الذي في الطبق أمامك أو أنت اليوم محروم من الحلويات أو لن نسمح لك باللعب قبل أن تأكل؛ ظناً منهم أنهم يحافظون بذلك على نظام غذائي سليم لأطفالهم. وأظهرت دراسة قام بها مجموعة من العلماء أن بعضاً من هذه الأوامر لا يعود بالنفع على الأطفال، وأن تدخل الأهل بهذه الطريقة يترك آثاراً عكسية في بعض الأحيان.

وتبين أن الأطفال الذين مُنعوا من تناول أنواع معينة من الطعام يعانون من الوزن الزائد، وعلى العكس من ذلك، تبين أن الأطفال الذين تم إجبارهم على الأكل أو تناول كل ما في طبقهم كانوا أقرب للوزن الطبيعي. وبيَّنت الدراسات التي أجريت في هذا المجال أن ما بين 50 و60% من الأهل يطلبون من أبنائهم إكمال وجبتهم حتى آخر لقمة في الطبق، بينما يشجع 30 إلى 40% منهم أبناءهم على الاستمرار بالأكل حتى بعد إحساسهم بالشبع.

مثل هذا السلوك الذي يتبعه الأهل لإجبار أبنائهم على تناول الطعام نراه يتكرر بنسبة أعلى لدى أهالي الأطفال الذين يتمتعون بوزن طبيعي أو يعانون من نقص في الوزن، إلا أن مثل هذا السلوك ليس حكراً على هذه الفئة من الأهالي، فهو يتكرر أيضاً لدى أهالي الأطفال الذين يعانون زيادة في الوزن وإن كان بنسبة أقل أي أن الأهل يتصرفون بهذه الطريقة بغض النظر عن وزن الطفل.

كما تبين أن الآباء أكثر إلحاحاً من الأمهات، ويمارسون ضغطاً أكبر على أبنائهم وبناتهم لتناول الطعام، ولُوحظ أيضاً أن نصيب الأطفال الذكور من هذه الضغوط أكثر من الإناث لحثهم على تناول المزيد من الطعام. ويترك إجبار الطفل على تناول الأكل آثاره السلبية على الاستجابة الطبيعية للشعور بالجوع لديه، ما يؤدي إلى اضطرابات في تقبله للطعام وبالتالي لزيادة غير صحية في الوزن.

ووجدت الدراسة أيضاً أن منع أنواع محددة من الأطعمة عن الأطفال كانت ممارسة شائعة لدى الكثير من الأهالي لكلا الجنسين، وكانت النتيجة أنّ منع الطفل عن تناول نوع معين من الطعام يجعله أكثر اهتماماً به، ويجعله يتناول منه كميات أكبر كلما سنحت له الفرصة لذلك، وبالتالي يفضل ترك الأطفال يتناولون ما يرغبون من طعام لكن باعتدال.

وأخيراً قدم الباحثون نصيحة للأهل تقضي بمراقبة أوزان أبنائهم، والحرص على اتباع عادات غذائية صحيحة بدلاً من صبّ جلّ اهتمامهم بإنهاء الوجبة أو عدم تناول الحلويات والمأكولات الأخرى. كما أكد الباحثون على ضرورة تناول الأطفال وجباتهم مع العائلة، لأن ذلك يسهم في ترسيخ عادة اختيار الطعام الصحي. ويفضل الباحثون تشجيع المراهقين على القيام باختيار الأسلوب المناسب للحفاظ على أوزانهم بأنفسهم، وأن يهتم الأهل بتغيير العادات الغذائية عند الطفل عبر تحسين علاقته بالطعام وتناول حمية متوازنة.

5 نصائح

المواظبة على اتباع حمية غذائية بكل محاذيرها أمر شاق، ويحتاج لمقاومة النفس كثيراً، خاصة مع وجود الكثير من مغريات الطعام أمام نظرك طوال الوقت. وحتى لا تكوني عرضة لإفساد حميتك الغذائية سريعاً أمام أي إغراء، نقدم لك عدة حلول عملية لكيفية مقاومة ما تشتهيه نفسك، وما هي البدائل التي تفي بالغرض كما أنها تعد أطعمة عونا للحمية الغذائية.

ومن أكثر الأمور التي تفسد الحمية الغذائية، شعورك برغبة ملحة في تناول الحلوى، ما يجعلك تسرعين لتناول قالب شيكولاته أو قطعة جاتوه، وبعد التهامها تشعرين بالذنب. ومن هنا، ينصحك خبراء التغذية بمجرد شعورك بالرغبة في تناول الحلوى، بأكل حبات التوت أو الفاكهة المجففة أو ثمرة فاكهة، فجميع ما سبق ذكره، له نفس المذاق الحلو الذي تحتاجينه، ولكنها لا تكسب جسمك سعرات حرارية زائدة، بل إنها تمد جسمك بقيم غذائية. وحيث أن التوت والفواكه المجففة والفواكه الطازجة تساعد على تقوية المناعة في الجسم، لأنها أطعمة غنية بالفيتامينات ومضادة للأكسدة، كما أن الألياف والسليلوز يعملان على منحك احساساً بالشبع، ما يجعلك لا تلتهمين المزيد من الأطعمة، على عكس السكريات الأخرى التي تفتح شهيتك فتجعلك عرضة لتناول المزيد من الطعام. ويمكنك أيضا عند شعورك برغبة في تناول الحلوى، أن تشربي كوبا من الحليب خالي الدسم، مع مراعاة شرب الكوب ببطء حيث أن البروتين الذي يحتويه الكوب، يساعد على تقليل الرغبة الملحة في تناول الحلوى.

وتوجد بعض الخدع الذكية، التي تجعلك لا تتناولين المزيد من الطعام وفي ذات الوقت تكونين حصلتِ على مذاق الطعام الذي تريدينه. فعلى سبيل المثال، لو كنت ترغبين في طهي فطيرة التفاح التي تحتوي على 360 سعراً حرارياً، ما يساعد على زيادة وزنك دون شك، فيمكنك استبدال تلك الفطيرة بإحدى الخدع، وهي أن تضعي التفاح في الفرن مع إضافة القرفة من أعلاها، وبتلك الطريقة تكونين قد حصلت على نفس المذاق ولكن بـ90 سعراً حرارياً فقط.

وفي كثير من الأحيان، تشتهين تناول طعام دسم، وفي الأغلب سيكون طعاماً يحتوي على نسبة دهون عالية، فإذا شعرت بهذا مجددا، عليك بتناول جبن الصويا أو جبن التوفو. كما يمكنك استبدال كل من الكريمة ومعجون الطعام "الصوص" بمختلف أنواعها الدسمة، بإضافة التوفو أو جبن الصويا، فهما يحتويان على سعرات حرارية قليلة للغاية، وفي ذات الوقت تكونين قد تناولت وجبتك الدسمة التي طالما رغبت بها. كما يمكنك طهي أطباق الحلوى التي تشتهينها، مع إعدادها بحليب الصويا أو كريمة الصويا وتحليتها بمزجها بقطع الفواكه.

وإذا ما شعرت بميل في شهيتك لتناول طعام مالح، ما يجعلك دون أن تشعري تنقضي على المخلل أو أي من الأطعمة المالحة، ما يعمل على اختزان الماء داخل جسمك، فيكسبك قواما منتفخا، فعليك إذن تناول ثمرة موز أو حبات اللوز، فهذان يحتويان على البوتاسيوم، الذي يعمل بدوره على تقليل رغبتك في تناول طعام مالح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/آيار/2013 - 26/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م