قيم التقدم: في شخصية السيد حسن الشيرازي

شبكة النبأ: يؤكد علماء النفس والاجتماع وغيرهم من المعنيين بدراسة الشخصية، أن هناك شخصيات تحمل في أعماقها عوامل وسمات وملكات التميّز عن سواها، لذلك فإن من اطلع عن كثب على شخصية الشهيد السيد حسن الشيرازي (رحمه الله)، لابد أنه عرف عن قرب تلك السمات والملكات التي جعلته إنموذجا للنجاح، والارادة والتبصر والطموح، والاعداد الدائم لمستقبل أفضل.

لقد تعددت عناصر وعوامل النجاح في شخصية الشهيد السيد حسن الشيرازي، مثل تعدد اهتماماته وانشغالاته في اكثر من محور ومجال، فهو مفكر ومثقف واديب وسياسي مقاوم للطغيان، وهو معلم ورجل دين وناقد من الطراز الرفيع، كما انه شاعر رافض ومتمرد لطالما فضح في قصائده الظلم والطاغوت، فضلا عن انشغالاته في الكون والتكوين البشري، وانتاجه المتواصل للفكر الخلاق، عبر وسائل ومسارات متعددة يطرح من خلالها كل ما يؤمن به، كالشعر والنقد والخطابة والفكر السياسي والنقدي وسواه.

وثمة عناصر لقيم التقدم نجدها حاضرة في تشكيل الشخصية النموذجية للشهيد السيد حسن الشيرازي، منها على سبيل المثال تعلقه الشديد بالمستقبل، وقراءته قراءة دقيقة، واستقراء القادم من الاحداث والظروف، بحس نقدي وفكري نافذ، وكان يتميز بحس التفاؤل وعدم الركون الى اليأس في اصعب الظروف وأشدها وطأة وظلما، إذ دائما هناك نافذة امل وضوء يطل منها الشهيد السيد حسن الشيرازي على المستقبل.

وهذه الميزة المهمة التي تربط بين استقراء المستقبل والتفاؤل، قادته الى قيمة مهمة من قيم التقدم ألا وهي، روح الانجاز التي كان يتحلى بها، فهو لم يكن يقبل بالتمني او يركن الى الاحلام الفارغة، انه كان يدعم الأحلام والامنيات بروح الانجاز الذي يتحقق كواقع قائم وملموس، وهكذا اصبحت لديه روح الانجاز قيمة من اهم قيم التقدم التي تدفع المجتمع الى امام.

كذلك كان يتحلى بروح النهضة، اذ سعى جادا ومخلصا الى طرح مشروعه النهضوي، عبر كتاباته الفكرية والادبية والسياسية والدينية والنقدية عموما، فضلا عن مؤلفاته الشعرية التي كانت تحمل رؤية فكرية خلاقة ورسالة انسانية رائعة، جعلت منه شخصية تنطوي على قيم تقدمية تصب في صالح الفرد والمجتمع بشكل عام، ومن القيم الاخرى المهمة التي تشكلت في شخصية السيد الشهيد حسن الشيرازي، هي روح التغيير التي كانت تشكل جانبا كبيرا من تفكيره وسلوكه، حيث كان دائم التفكير بمشاريع التغيير التي ترتفع بالواقع الى حال افضل، فعندما كان الطغيان يهيمن على صنع القرار، وادارة الحياة المدنية في المجتمعات الاسلامية التي كانت تتعرض للقمع والقتل والتشريد والتعذيب، كان الشهيد السيد حسن الشيرازي، يطرح مشاريع التغيير من اجل التقدم خطوات نحو الافضل.

ومن قيم التقدم المهمة التي كان يتحلى بها الشهيد الشيرازي، انه كان مقاوما للقهر السياسي والظلم بكل انواعه، أما سبل وطرائق المقاومة التي اتبعها في حياته، فهي كثيرة ومتنوعة، منها استخدامه للفكر والادب والخطابة، كي يوظف ذلك من اجل اظهار وتدعيم روح المقاومة لدى المسلمين والمظلومين عموما، كذلك لجوئه الى نظم الشعر المقاوم والمحتجّ على الطواغيت، فضلا عن دخوله في حقل السياسة، وفضح الانظمة السلطوية كقيادة حزب البعث في العراق، الامر الذي قاد الى اعتقاله وتعرضه لوسائل تعذيب بشعة يندى لها جبين الانسانية.

ومن القيم التي تنطوي عليها شخصية الشهيد السيد حسن الشيرازي، روح الابداع والتجديد الدائم، وقد ظهر ذلك في المجالات النظرية والتطبيقية التي كان يدخل فيها، حيث الابداع في الشعر والنقد والخطابة، وفي كل المجالات التي نشط فيها، كذلك كان يتحلى بروح الطموح التي لا تنضب، إذ يدفعه طموحه نحو الانجاز الافضل في جميع المجالات التي يطرقها، أو ينشط فيها، علما انه كان يتميز بروح التفاني عن الذات، ويفضل الاخر على نفسه، مختلفا بذلك عن بعض قادة اليوم الذين يفضلون انفسهم وذواتهم على الجميع.

وهكذا ونحن نعيش ذكرى استشهاد السيد الشهيد حسن الشيرازي، فإننا مطالبون بتمثل القيم التي كانت تترسخ بقوة في شخصيته، لأن قيم التقدم والتمسك بها، هي طريقنا الافضل والاسرع للنهوض ومواكبة العصر الراهن بمستجداته الكبيرة والمتلاحقة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/آيار/2013 - 20/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م